أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جوزفين كوركيس البوتاني - الريشة السحرية















المزيد.....

الريشة السحرية


جوزفين كوركيس البوتاني

الحوار المتمدن-العدد: 6035 - 2018 / 10 / 26 - 02:18
المحور: الادب والفن
    


ـ قال بود
ماذا لو أرسمك ولو فكرت برسمك فكيف لي برسمكِ.
حزينة فرحة.غضبة شاردة.أم أترك للريشة حرية الأختيار.
قلت.له يمكنك رسمي كما تريد. ولكن ماذا لو أن تكون اللوحة مجازية.
مثلا أرسمني على شكل رمانة منفرطة.كما أنفرطوا أهل قريتي كل في جهة.وكل منا تدحرج في مكان عصي صعب الوصول إليه.آه هذه الصورة المجازية تحزنني لا أريدها إذن ماذا لو أنك رسمتني كأفعى ملتفة على جذع شجرة الجميز.و بوجه ملكة طردت بدهاء من مملكتها بعد هزيمة نكراء. وأجعل من عيناي سارحتان في البحث عن جواب حيرها قبل حتى أن تهزم هل القصة التي لفقوها وألصقوها بها. كانت صحيحة أي أنها خلف كل الخطايا التي على البسيطة ام هناك من قام بلصقها بها؟.لا لا تراجعت لأني أؤمن بأن الله يحاسب الكل دون أن يميز أحد عن الأخر.إذن ماذالو أنك رسمتني مثلا فراشة صفراء إلتصقت وجفت على نافذة بيت مهجور.أيضا هذه لا تشبهني. إذن ماذا لو أنك رسمتني وردة مبللة بالندى. مبللة بأمطارك الغزيرة.التي داهمتني فجأة كما تداهمنا الأمطار هنا فجأة.
أيضا هذا الرسم المجازي لم يرضيني.إذن ماذا لو أنك ترسمني أمرأة في النصف الأخير من أنوثتها وهي جالسة أمام النافذة بأنتظار طائرها الذي رحل إلى الجنوب.وعلى وجهي علامات الرضا وكمن تسلي نفسها بقص حكاية الأميرة التي أنقذها الفارس البار من فم تنين نتن وبعد أن أنقذها أهداها كجارية إلى حاكم المدينة لينال رضاه.ويذاع صيته على أنه فارس شجاع.الحاكم مات مسموما. وهي نجحت بالفرار. ومن يومها لم تعد تحلم بالفرسان.ولا تثق ببسالتهم.ولا تنسى أن ترسم حولها بقايا ضوء نهار في طريقه إلى الرحيل كما رحلت أجمل أيام العمر بطرفة حزن.وكل ما تبقيا لها هو حكاية الفارس والتنين الذي مات غدراً.أنتبهت غفلة وقلت عذراًلم أكن هنا.
قال وهو يتأملني بود سأرسمك رمانة منفرطة ووردة مبللة بالدمع وليس بالندى.أبتلعت ريقي بصعوبة وكادت الدمعة تبلل خدودي لولا أبتسامته التي تشرح النفس.و التي أنستني نفسي وأنستني النافذة والتنين وكل الفرسان الذين مروا بقصصي الخرافية.
ريشة سحرية
بريشتك السحرية لونت أيامي الرمادية.
بمنشارك الخفي بترت الجزء المعطوب مني.
وبذوقك الرفيع رتبت كل أشيائي المبعثرة.
هنا وهناك.
كما يرتب الصبي ألعابه بعد أن مل من اللعب.
بشكل عشوائي ذلك لأرضاء أمه التعبة.
غطيت جدراني الموحشة بلوحاتك الملغزة.
كأنها رسائل موجهة للأجيال القادمة.
ولا أخفي عليك.
وجودك بالقرب مني ذكرني بدولابي المغلق منذ سنين.
وها أنا أفتحه من جديد.وأحتار ماذا أرتدي لأرضي ذوقك الرفيع.
أقرأ الأنواء الجوية.وأعاين وجهي في المرآة.
أجده مشرقا.ومعك أسترد القلب عافيته.
حتى بالكاد تعرفت على نفسي.
وبرغم خطوط الزمن المرسومة بدقة.
أجدني زدت جمالا.
ها أنا معك أسترد ما سرقه اللص الذي نسميه نحن الوقت.
وتسميه أنت اللحظة الموثوقة.
3
(كنت يوما نحاتا).
ـسألته ماذا كنت تعمل قبل الحرب.
ـأجابها تقصدين قبل نشوب هذه الحروب التي لا نعرف متى ستنتهي.
يا سيدتي كنت نحاتا انحت على الصخور على المعادن على الخشب على الشمع.ونقشت التاريخ بيدي كما فعلوه الأجداد قبلي وكل ذلك ذهب هباءآ.يوم سقت إلى الجندية كأي مواطن صالح لخدمة الوطن. أقصد الحاكم الجديد كما تعلمين كل حاكم جاء ومعه حربا عليه أن يشنها وعلينا نحن أن نمجده في نصر مبين. وفي هذه الحرب رفضت السماء أن تسندني.لذا وذراعي الأيمن مبتور.وأصبت بالكآبة ومنعت نفسي من الأختلاط بالأهل والأحبة حتى ظهرت أرملة طيبة خسرت زوجها بنفس الحرب التي بترت ذراعي وأقنعتني بأن أرضى أن أكون زوجا لها وأبا صالحا لأبناءها على الأقل ستضمن بقائي على قيد الحياةلحين يكبروا أبناءها ووافقت.ولم أندم لأني حظيت بأمرأة رائعة وطلبت مني أن أجد مهنةلأستعد جزء بسيط من أنسانيتي وهنا قررت أن أعمل (مغسل للموتى )وأغلب أوقاتي أقضيه بين الموتى ومستودعات الجثث المجهولة في أغلب الأحيان أقوم بدفنها وأترحم بصلاة الموتى عليهم دون حتى أن أعرف من أي دين هم أو أي مذهب.تصوري من نحات ونقار خشب إلى (مغسل ودفان) لمن لا أهل لهم أو لنسميهم مجهولي الهوية.وعندما أمر بحالة كساد. تجدينني أتجول في المدينة.عارضا على المارة بضائعي مثل البخور والشموع وفي صدري دعوات زوجتي الأرملة.وبيني وبنيك أنها تجارة مربحة أما عن النحت فمنذ دخول رجال الدين المدفوع أجرهم سلفا منعوا النحت والرسم وحتى الغناءوالموسيقى كلها نسبت بأنها من أعمال الشيطان الرجيم.وأنا أعلم أبناء أرملتي فن النحت ولكن بالخفيا.. ثم سكت وهلة وبعدها سألها وأنت ماذا تعملين؟
ردت بأسى لا شيءأنا مجرد أمرأة فضولية تنبش في صدور الأخرين.
وماذا تستفادين من ذلك سألها مندهشا؟
لا شيء مجرد دردشة ودمعة أم فقدت وحيدها في الحرب التي فقدت به ذراعك.
أجبرهما الوجع على السكوت وتفرق دون حتى أن يودع كل الأخر.
4
(فنان غريب الأطوار)
ـسألني فنان بارع في رسم الوجوه هل لي برسم وجهك.
قلت خذ وجهي وأعطيني رشيتك.
رسم عريشة عنب متخمة بالعنب الأسود وحباته متناثرة هنا وهناك.
قلت محتجة من فضلك هل لك برسم وجهي.
رسم عنكبوتا بلون التراب.تحوك شبكتها على بركة ماء صافية.وهي تخزن فقاعات داخل شبكتها المتينة.
ـ أنتفضت غاضبة وقلت.
أنت قلت أنك رسام للوجوه المارة منذ سنين. ولا أحد يوما عارض رسمك المتقن وترسم المارة بأتقان إذن أين وجهي؟.لا أراه.وما بالك لماذا ترسمني بهذه الشكل.من فضلك أرسمني كما أرى وجهي في المرآة لا كما تراني ريشتك.عاد ورسمني من جديد هذه المرة رسم طائر أسود بجناح واحد و بمنقارطويل.و خاتم فضي معلقا على حافة منقاره. ثم عارضته بشدة هذه المرة وقلت لاهذه ليست أنا.لكنها تذكرني بأمرأة ألتقيتها مرة واحدة ولم أعد أتذكر أين.غمس ريشته بقدح الماءقائلاً أسف سيدتي المرأة التي تريدينها لم تعد موجودة سوى بمخيلتك. وهكذا لم أحصل على الصورة لكني اعطيته ثلاثين دولار. وقلت بأسى يمكنك الأحتفاظ بالصور.
ـأجاب أكيد لأنها كلها صور طبق الأصل منك.
شكرته في أعماقي لأنه عرفني على نفسي وكان على حق.وعندما أردت أن أترك له عشرة دولار تقديرا لريشته ونبل أخلاقه. رفضها
ـ قائلا لي يا سيدتي أنا فنان ولست تاجرا.
تركته ومضيت وكل رسوماته معقلة على جدران الذاكرة.
5
(نعم أحببتك)
أحببتك أيها الرسام.
أحببتك بتروِ.
أحببتك بأناة أمرأة أدمنت الوحدة.
أحببت يديك.وريشتك السحرية.
كيف ترسم الأشياء البسيطة. لتبهر القلب.قبل النظر.
لوحاتك لا تفارق مخيلتي تلازمني.
كما لازمني الحزن على مدار العمر.
أحببتك رغم أنف قلبي المحنط.
وأعترف.إن ريشتك تقضم ظهر الوحشة.
أحببتك رغم ما تبقى من تلك المرأة بالكاد يذكر.
أبهرتني أصابعك الطويلة. عندما ترسم تكون غائبة عن الوعي.
ولا زلت أذكر يوم طلبت مني أن ترسمني. من باب أنك تحبس الوجوه التي تعزها في لوحاتك.قلت دعيني أرسمك وأنت بكامل أناقتك.بقميصك المرقط وشعرك المرفوع.وبأقراطك الؤلؤية.ستبدين كسيدة قصر.أبتسمت لك يومها بود وقلت نعم سيدة قصر مهجور.مثل صاحبته.
حينها سالت كل دموعي المخزونة لسنين طويلة أمامك وبلا خجل.وتبعثر كل الكلام الذي كنت قد هيئته لك كما تتبعثر سلةالفاكهة سقطت من يد فلاحةوهي تعبر الساقية.
أحببتك كما تغرم فتاة صغيرة بظل أبن الجيران حتى دون أن تراه.
أحببتك كما تغرم المرأة المسجونة ببطل أي مسلسل تتابعه بملل.
أحببتك كما تغرم الممرضة.بمريضها وهي على اليقين التام بنهايته الوشيكة.
أحببتك لأنك ترسم كل ما تقع عينيك عليه.كأنك تحييه من جديد.
نعم أحببتك و أغفر لي لأني رفضت أن ترسمني.
كل ما في الأمر الوقت متأخر وأنت رسام بارع.
6
رسمت فراشة ملونة
حامت حولي ثم طارت بعيدا.
رسمت رغيف حار إلتهمه طفل جائع ثم ولى هاربا.
رسمت أمرأة بوجه شاحب وشعر مجعد.
غمزت لك بود ثم أخذت تعدو لتلحق بالطفل الجائع.
وفي طرفة عين أختفى الرغيف والطفل والمرأة.
كل هذا لن يحزنك بقدر ما أحزنك أحد لم يصدق
إن ريشتك سحرية لا ترسم ألا الأشياء الحية..!
7
رسمت بهلوانا
يسير على حبال بزهو ممزوج بالخوف.
رسمت حاوياَ
يخرج الحمائم والمناديل والأرانب من قبعته الرمادية.
لكنه فشل بأخراج الأمرأة التي صلبها بين أضلعه.
رسمت أمرأة ترقص على الجمر وهي تتلوى.
لاأعرف إن كانت تتلوى من الألم أم من النشوة.
رسمت طفل يحبو نحو باب موارب.
وهو يلاحق ضوءالشمس المنعكس على الباب.
رسمت لوحة وطن في قفص زجاجي في أحد متاحف العالم.
مكتوب تحته يرجى عدم اللمس.
وأنهيت رسوماتي المثيرة بنخلة باسقة.
جذوعها مقطوعة وتمورها مسروقة.
وتحتها أمرأة مسنة تراقب مغيب الشمس بوجع.



#جوزفين_كوركيس_البوتاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف حالك ياجار
- آه تذكرت
- نعمانة
- البديل
- غربة
- لحظات مكسورةالجزء السابع
- لحظات مكسورة الجزء السادس
- أحلام مخبئة في حقيبة سفر مهترئة
- مذكرات بول بريمر
- يوميات ورقة تحتضر
- طفلة شاطرلو شاخت
- رأيت ما رأيت
- لا نزر ولا هذر
- أمرأة بلهاء
- لساني حصاني
- المتباهي
- حوار الأديان ...
- أمي العزيزة....
- زوربا الأشوري ..
- رحلة موفقة


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جوزفين كوركيس البوتاني - الريشة السحرية