أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد يوسف عطو - ظروف الفلاح في زمن المؤسسة الشيخية















المزيد.....

ظروف الفلاح في زمن المؤسسة الشيخية


وليد يوسف عطو

الحوار المتمدن-العدد: 6031 - 2018 / 10 / 22 - 18:46
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يؤكد الدكتور سلمان رشيد محمد الهلالي في تقديمه لكتاب المؤرخ والباحث حنا بطاطو:
( الشيخ والفلاح في العراق 1917 – 1958 )بان هنالك مبالغة في وصف دور بريطانيا في بعث العشائرية والنظم القبلية في المجتمع العراقي .فالبنية القبلية كانت ولا زالت فاعلة في المجتمع ,ولم تكن في دور الانهيار والتدهور كليا ...(لذا فان اعتماد الانكليز على سلطة القبيلة كان تحصيل حاصل لما هو السائد من البنى الاجتماعية التقليدية المستحكمة في المجتمع العراقي ).

ويضيف الدكتور سلمان رشيد محمد الهلالي بان السياسة البريطانية اعتمدت بشكل رئيس على القوى التقليدية المتضادة مع المجتمع المدني الحديث في العراق ,اي الاسرة والقبيلة التي اصبح البريطانيون يستغلونها ليس فقط في موازنة سلطة الملك فيصل وسياسته الليبرالية في بناء المجتمع الموحد وتعزيز وجود النخبة المثقفة والمتعلمة فحسب , وانما في محاربة القوى السياسية والاجتماعية الحديثة كالاحزاب مثلا .

تصاعدت مكاسب شيوخ القبائل في عهد الانتداب (1920 – 1932 )عندما سنت قوانين صبت في صالح الشيوخ على حساب الفلاحين , وقدمت باقتراح من الخبير البريطاني ( ارنست داوسن )الذي قدم تقريره عام 1931 حول مشكلة الاراضي الزراعية في العراق وهي قانون تسوية حقوق الاراضي رقم (50 )لسنة 1932 وقانون اللزمة رقم ( 51 )لسنة 1932 وقانون الحقوق وواجبات الزر اع رقم 28 لسنة 1933 والذي اعطى الحق القانوني للشيوخ في الاستيلاء على الاراضي التي كانت ملكا مشاعا للعشيرة وتسجيلها باسمائهم ,واعتبار الدين على ذمة الفلاح والسركال لمالك الارض او الشيخ دينا ممتازا يجب ان يسدد قبل العمل او الانتقال الى مزارع الاخرين .الامر الذي افرز ظاهرتين :

الاولى :تقدم علاقات الملكية الزراعية والتجارية على حساب علاقات القرابة , فاصبحت الملكية اساس التراتبية الاجتماعية وليس العشائرية.
الثانية: تحويل مالكي الاراضي والشيوخ الى طبقة اقطاعية ترتبط بعلاقات اقتصادية وسياسية مع اثرياء المدن وتجارها وكبار موظفي الدولة .

وقد شهدت الخمسينات تزايد اعداد السكان في المدن ونموالطبقة الوسطى نتج عن فقدان الشيوخ كثيرا من قاعدتهم الاجتماعية , حتى حسم الامر بالتغيير في 14 تموز 1958 واقرار قانون الاصلاح الزراعي رقم (30 )رغم اعتراضي على العجالة في تشريع وتطبيق القانون .

ان العراق دخل مرحلة نهاية الشيوخ قبل 14 تموز 1958 بفترة . فمن كان ابا وراعيا وحاميا للقبيلة ,اصبح طفيليا ومستغلا لها .فقد بدا يعتمد بشكل متزايد على الحوشية وهم شرطته المسلحة لفرض الطاعة والخضوع على افراد قبيلته .بدا النفور يعم علاقة القبيلة بالشيخ . تقول احدى اغاني قبيلة البو محمد :
(ارد اشرد لبغداد من هالعشيرة , لاتكسر المجبور ولا عدها غيرة ).يقول حنابطاطو ان رجال القبائل في العراق هم اما من اهل الابل او الاباعر , او اهل الغنم او الفلاحين , او انهم من سكان الاهوار وهم المعدان , اي مربو الجاموس .

ان الحدودالفاصلة بين هذه الجماعات السكانية ليست حاسمة , بل متداخلة ,حيث يمكن ان نجد من يربي الجاموس والاغنام معا .ينظر رجال الابل الى المجموعات الاخرى نظرة احتقار ولا يتزوجون منهم وهم يضعون انفسهم موضع القيادة . لذا فانه في حالات الائتلافات المختلطة بين القبائل البدوية والقبائل شبه المستقرة ,فان القبيلة التي تراس هذه الائتلافات تعود الى النظام الاجتماعي للصحراء او مايسمونهم (اهل الابل ).

لذا نجد عالم الاجتماع الدكتور علي الوردي يركز على ازدواج الشخصية للفرد العراقي بين البداوة والمدينة , بسبب ان الفلاحين كانوا اصحاب جذور بدوية قبل زمن قصير ,وان الثقافة البدوية تحفر عميقا في اعماق نفس الانسان العراقي في اللاوعي . ومن هنا جاء التطرف في سلوك الفردالعراقي وسلوك الكراهية والعنف .

ظروف حياة الفلاحين

تنتمي غالبية الفلاحين في جنوب العراق الى طبقة فقيرة من المزارعين كانت تدعى (الطوايف )حيث يعيشون عيشة الكفاف ويلبسون دشاديش ممزقة , وغذائهم قليل من التمر والعدس وقليل من الشعير او الرز واشياء اخرى .

لقد كان الرز يطلق عليه في العراق كلمة ( تمن )وهي من اصل صيني كما يذكر ذلك الباحث الراحل هادي العلوي في مؤلفاته , حيث ينقسم الرز طبقيا الى ثلاث اقسام:
اولا رز العنبر ذو الرائحة الفواحة , حبته بيضاء صغيرة , يباع للاغنياء فقط .المواطن العادي كان يستهلك الرز العادي المسمى ( نعيمة )وتكون حبته بيضاء , كبيرة وخشنة . اما شديدوا الفقر من طبقة الطوايف فيستهلكون اخشن نوع من الرز يسمى (الحويزاوي )والذي يصنع منه نوع كريه من الخبز .
كان الفلاح العراقي يصاب دوما بدودة الانكلستوما حيث تؤدي الى فقر الدم الحاد وتقلل القدرة على العمل ويصابون ايضا بامراض اخرى . عند مراجعة الفلاح للمستوصف او المستشفى الحكومي يتم فحصه واعطائه العلاج اللازم , لكنه يعود للعلاج في السنة التالية لاصابته بنفس المرض .

لقد كان على الفلاح ان يؤدي واجبا يعرف باسم ( العونة )اي المساعدة, وهو عمل سخرة في ارض الشيخ واراضي الموامنة والسادة .كما يستدعى لاصلاح السدود او تنظيف وكري القنوات المائية , او لحفر قنوات جديدة , وكل ذلك مجانا ,دون اجر . وكانت تستخدم طريقة تسمى ( الفزعة )وهي عمل الفلاح في مناسبات معينة مثل موسم الحصاد بصورة جماعية ومجانا . وقد ذكر العمل الاجباري في التقرير البريطاني لسنة 1926 الموجه الى عصبة الامم .

وكانت المراة الفلاحة تعاني من عبودية واستغلال اكثر من الرجل الفلاح .تتم تسوية النزاعات العشائرية عادة على حساب المراة حيث يجري اعطاؤها للاخرين كثمن في الفصول العشائرية ,اي تسوية النزاعات التي تتضمن اراقة الدماء .ففي لواء ( محافظة )العمارة عام 1930 تم اعطاء 125 امراة الى الخصوم في فصول عشائرية تعود الى 62 نزاعا عشائريا .

وفي بعض الحالات تمنح النساء على شكل دفعات متعددة خلال فترات زمنية معينة . وفي احدى الحالات تعطى اخر امراة بعد تسع سنوات من الفصل .واحيانا تدفع الماشية بدلا من المراة . وفي قضية اغواء لفتاة من عشيرة بني لام فرض على المتهم ان يتزوج الفتاة واعطاء اهلها امراتين واربع جواميس وبقرتين , اي ان المراة كانت بمرتبة الحيوان .

تعرف المراة التي تعطى للخصوم باسم الفصلية, وعادة مايعاملها زوجها باحتقار . كما تمنح المراة كهدية من والدها الى شخصية بارزة في القرية كوسيلة لكسب رضاه .ويسمى هذا بزواج ( الهبة) .كما يجري التعهد باعطائها كزوجة فيما يسمى ب ( زواج الوقف)حيث يجري التعهد باعطائها كزوجة لشخص وهي لاتزال طفلة .في جلسة لبرلمان بكر صدقي في سنة 1937 رو ى نائب من البصرة لزملائه لقاءجمعه مع جندي من الفلاحين ,حيث تطرق معه في الطريق الى الحديث عن موضوع الخدمة في الجيش واهمية الحياة العسكرية .

يقول وجدته ساخطا على عمله كجندي ( عمي , شنو وطن ! فانا لااملك كوخا اعيش فيه ,ولا احد يسمح لي برعي جاموستي حتى ولو في الاهوار ).البلد لايعطي الفلاح شيئا , فهو يقمعه او يهمله .ان فكرة انه مدين للبلد باي شيء هي فكرة سخيفة .فهو ليس لديه شعور بالانتماء الى العراق . انه يشعر بالغربة والاغتراب . ان انكار حقه في الحياة العادية يجعله غريبا عن شيخه وعشيرته ,ويقوض امكانية ارتباطه بالمجتمع .لذلك فان الضرر الذي سببه نظام الاراضي واستمرار سلطة الشيوخ على المجتمع عميق وبعيد الاثر.

من هنا شاهدنا وقرانا عن مساندة ودعم الجنود والمراتب والضباط ذوي الرتب الصغيرة المنتمين لمجتمع الفلاحين , اقول ساندوا الزعيم عبدالكريم قاسم وقانون الاصلاح الزراعي , رغم اعتراضي على طريقة تطبيقه. من هنا جاء التاييد الكاسح للزعيم عبدالكريم قاسم واحداث14تموز 1958 .



#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هجرات الفلاحين في العراق
- مائدة نزهت مطربة الغناء الراقي
- كاظم الساهر قيصر الاغنية والانسان
- تطور الموسيقى والاغنية العراقية
- القابلية على الاستعمار الخارجي والداخلي
- مصيدة الفئران السياسية
- كتابات على جدار الفكر والثقافة
- عادل الهاشمي شيخ النقاد الموسيقيين العراقيين
- غزو قيم الرثاثة للمجتمع العراقي
- ذاكرة العراق الفنية ومحاولة طمسها
- كشكوليات على جدار الحرية
- في انثروبولوجية الهوية
- ظاهرة الفاشية الثقافية
- صدام مهزوما رغم ضحكته المدوية
- صناعة البطل ومواصفاته
- صناعة الدكتاتور :صدام حسين نموذجا
- سلطة المثقف ومراكمة راسماله
- تساؤلات مثيرة حول احداث 14 تموز 1958
- انثرو بولوجيا السياسة
- تسليع الشعارات الثورية


المزيد.....




- شاهد حيلة الشرطة للقبض على لص يقود جرافة عملاقة على طريق سري ...
- جنوب إفريقيا.. مصرع 45 شخصا جراء سقوط حافلة من على جسر
- هل إسرائيل قادرة على شن حرب ضد حزب الله اللبناني عقب اجتياح ...
- تغير المناخ يؤثر على سرعة دوران الأرض وقد يؤدي إلى تغير ضبط ...
- العدل الدولية: على إسرائيل -ضمان مساعدة إنسانية عاجلة- لغزة ...
- زلزال بقوة 3.2 درجة شمالي الضفة الغربية
- بودولياك يؤكد في اعتراف مبطن ضلوع نظام كييف بالهجوم الإرهابي ...
- إعلام إسرائيلي: بعد 100 يوم من القتال في قطاع غزة لواء غولان ...
- صورة تظهر إغلاق مدخل مستوطنة كريات شمونة في شمال إسرائيل بال ...
- محكمة العدل الدولية: على إسرائيل -ضمان توفير مساعدة إنسانية ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد يوسف عطو - ظروف الفلاح في زمن المؤسسة الشيخية