أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين محمود التلاوي - الذي صعد إلى القمر














المزيد.....

الذي صعد إلى القمر


حسين محمود التلاوي
(Hussein Mahmoud Talawy)


الحوار المتمدن-العدد: 6030 - 2018 / 10 / 21 - 20:38
المحور: الادب والفن
    


شعر "لام" فجأة بالرغبة في الصعود إلى القمر؛ فلم ينتظر كثيرًا، واتجه إلى الحظيرة ليستقل أحد أحصنته المجنحة، وينطلق به صاعدًا إلى القمر.
لم تستغرق الرحلة سوى دقائق وصل بعدها إلى سطح القمر. وهناك وجد مجموعة من سكان القمر في انتظاره، بل ساعدوه كذلك على أن ينزل من على صهوة جواده، وقادوه إلى أحد القصور الذهبية الفاخرة التي تكثر على سطح القمر. وعندما دخل القصر، وجد نفسه في قاعة فسيحة تبلغ نصف مساحة ملعب كرة قدم، وفي نهايتها جلس على عرش ذهبي رجل تبدو عليه سمات الحكمة والوقار.
وعندما رآه الرجل، لم ينتظر إلى أن يصل "لام" إلى العرش بصحبة مرافقيه، بل سارع بالنزول من على العرش، وذهب إليه، وصافحه بحرارة، قبل أن يقول: "مرحبًا بك على سطح القمر".
اندهش "لام" من هذا الاستقبال الحار، لكنه قال مبتسمًا في مودة: "شكرا لك على هذا الاستقبال الحافل".
وأشار الرجل شبيه الحكماء إلى مرافقي "لام" بيده أن ينصرفوا؛ فانصرفوا، وبقي الرجل و"لام" بمفردهما في القاعة. نظر الرجل إلى "لام" مبتسمًا، فبادله الأخير الابتسام، قبل أن يبدأ الرجل ومن خلفه "لام" في السير في القاعة نحو باب جانبي فتحه الرجل، ودخل منه مشيرًا إلى "لام" بأن يتبعه؛ فدخل "لام" ليجد نفسه أمام حمام سباحة كبير تحيطه الأشجار المزهرة من ثلاثة جوانب عدا الجانب المقابل للباب فكان أمامه مقاعد متناثرة، جلس الرجل و"لام" على اثنين منها، وقال الرجل متسائلًا: "هل كانت رحلتك سهلة؟".
أجابه "لام": "كانت شديدة السهولة".
فعاد الرجل يسأله: "ألم تجد أية مشقة في الوصول؟!".
قال "لام" في حماس: "على العكس، كانت الوصول شديد السهولة؛ فكل ما جرى هو أنني شعرت بالرغبة في الذهاب إلى القمر، فاستقللت حصاني المجنح، وتوجهت إلى القمر، ووصلت". وصمت قبل أن يضيف: "ووصلت بكل سهولة".
فسأله الرجل: "ألم تخف من كل ما قالوه عن ضرورة الوصول بصاروخ، ومشكلات التنفس، وغير ذلك؟!".
أجابه "لام": "بالتأكيد، كانت كل هذه الأمور في ذهني، ولكنني بمجرد أن رغبت في ذلك، وصلت!!".
فتابع الرجل أسئلته قائلًا: "ولماذا لم تفعل ذلك من قبل؟!".
عاد "لام" يجيبه قائلًا: "لست أدري، ولكنني بمجرد أن رغبت في ذلك فعلًا، وصلت".
ابتسم الرجل، وربت على ركبة "لام" في مودة، قبل أن يسأله: "ومن المؤكد أنك تريد أن تبقى هنا".
سارع "لام" بالقول: "بكل تأكيد"، وأضاف في حماس شديد: "أريد أن أبقى".
فسأله الرجل: "ولماذا تريد أن تبقى؟!".
قال "لام": "لست أدري.. لكن الهواء هنا نقي، وكذلك الحياة شديدة السهولة مثلما رأيت قبل أن أهبط بحصاني"، ولوح بذراعيه في الهواء، وهو يقول: "كذلك فإن الوصول إلى هنا من الأرض سهل للغاية؛ فيمكنني أن أزور الأرض وقتما أريد، وأعود سريعًا"، وتابع قائلًا: "الحياة هنا أشبه بالحلم".
فقال الرجل في هدوء، وقد علت وجهه ابتسامة خفيفة: "ولكن هذا حلم بالفعل!".
عقد "لام" حاجبيه في استفهام قائلًا: "حلم؟! كيف؟! إنني أكلمك الآن، وأنت موجود أمامي".
لكن الرجل شبيه الحكماء عاد يقول في تأكيد: "صدقني، إنه حلم"، ثم قال في شيء من السخرية: "هل تصدق فعلًا أن بإمكانك الصعود إلى سطح القمر؟! وبحصان مجنح؟!".
وقبل أن يحر "لام" جوابًا، تابع الرجل قائلًا في تساؤل: "قل لي، هل تمتلك فعلًا حظيرة للخيول المجنحة؟!".
قال "لام": "كلا".
وقبل أن يضيف أي شيء، قال الرجل وهو يشدد على حروف كلماته: "إذن هو حلم".
نهض "لام" من مكانه، وقال في عصبية: "وليكن... ليكن حلمًا، ولكنني أريد أن أبقى".
قال الرجل، وهو يجذب "لام" ليجلسه ثانيةً: "ولكنك سوف تستيقظ منه في لحظة ما. ما الفائدة إذن من البقاء؟!".
قال "لام" في إصرار: "سوف أبقى حتى أستيقظ".
قال الرجل: "ولكنك قد تعلق هنا، وتبقى نائمًا لا تستمتع بالحلم كما ينبغي، ولا تعود إلى حياتك".
لكن "لام" قال في الإصرار نفسه: "لن أعلق... سوف أستمتع بالحياة هنا".
لكن الرجل قال في لهجة بدا منها الإخلاص: "صدقني سوف تستيقظ في لحظة ما؛ فاستيقظ الآن؛ لأنك كلما تماديت في الحلم، سوف يكون الألم أشد عندما تستيقظ".
نظر "لام" في سخط إلى الرجل قبل أن يقول في ضيق: "لماذا تريد أن تفسد الأمر عليَّ؟!".
لم يفقد الرجل هدوءه وهو يقول: "لا أريد أن أفسد الأمر، بل على العكس... لا أريده أن يزداد سوءًا".
هنا نهض "لام"، وقال في نفاد صبر: "كلا... لن يزداد سوءًا".
وذهب ناحية الباب الذي دخلا منه، وقال: "سوف أخرج الآن، وأعيش الحياة التي أتمناها، وسوف أعيشها... فمثلما صعدت إلى القمر عندما شئت، سوف أعيش الحياة التي أرغب فيها عندما أشاء".
لكن الرجل قال: "لن تستطيع أن تفتح الباب"، وأضاف: "تقول إنك سوف تعيش الحياة التي تتمناها... لماذا لا تستيقظ وتحاول أن تعيشها في الواقع، بدلًا من أن تعيشها في الحلم؟!".
دفعه "لام" في عنف، وهو يقول: "لن تمنعني من الخروج، ولا تقل مجددًا إنه حلم".
سقط الرجل على مقعده إثر الدفعة، لكنه لم يفقد هدوءه وإن تسلل الأسف إلى صوته، وهو يقول: "لن تستطيع أن تفتح الباب... وسوف تستيقظ في لحظة ما".
نظر إليه "لام" في سخط، وكاد يذهب إليه ليضربه، لكنه قرر في النهاية أن يوجه طاقته لفتح الباب الذي كان فعلًا عصيًّا على الفتح؛ فراح يمسك بقبضة الباب ويهزها في عنف قائلًا: "سوف أفتحه، ولن أستيقظ"، وأخذ يردد هذه العبارة وهو يغمض عينيه في إصرار على فتح الباب.
وفي النهاية عندما لم يجد أية استجابة من الباب لجهوده، قرر أن يضربه بكتفه. ولكي يحدد موقعه بدقة، فتح عينيه ثانية ليجد نفسه ممدًا على فراشه في غرفته، وقد اكتسى وجهه عرقًا، وهو يلهث بشدة.
******



#حسين_محمود_التلاوي (هاشتاغ)       Hussein_Mahmoud_Talawy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبر الهاتف (ما قبل الزمن المحمول)
- فتاة المطر
- من هنا... وهناك...
- رؤى... خماسية شديدة القصر
- حكاية ثورة: ليس على سبيل التأريخ ولا التحليل... (2) الشباب.. ...
- حكاية ثورة: ليس على سبيل التأريخ ولا التحليل... (1) لماذا ال ...
- المشهد المصري: إنهم يأكلون البطيخ...
- المصريون... حياة الحد الأدنى
- الإيمان الهش... على سبيل النقد لأحد روافد الإلحاد (3)
- الإيمان الهش... على سبيل النقد لأحد روافد الإلحاد (2)
- الإيمان الهش... على سبيل النقد لأحد روافد الإلحاد (1)
- شفيق يترشح للرئاسة... مرشح ل-الفلول- في انتخابات الدم
- عندما مات النهار...
- وضربوهم وهم يصلون... في بئر العبد
- طبق من ورق العنب
- أمطار...
- جمهورية العبيد
- عبد الحليم... صوت مصر إذ يخفت وسط صخب الانفتاح...
- مصر... هل تسير على الخطى الروسية؟!
- الكاتب الذي طار في الهواء...


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين محمود التلاوي - الذي صعد إلى القمر