أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمار ابراهيم عزت - محنة أبو علاّكَة بين المسرح والواقع















المزيد.....

محنة أبو علاّكَة بين المسرح والواقع


عمار ابراهيم عزت

الحوار المتمدن-العدد: 6030 - 2018 / 10 / 21 - 14:08
المحور: الادب والفن
    


(قراءة انطباعية لمسرحية "أبو علاكة" بطولة الفنان علي المطوع)
لا يقرأ الفن والأدب بأعين الطارئين على الثقافة ولا يحجم بسلطة سياسية او اجتماعية او دينية تفرض أيديولوجياتها على المشهد الثقافي ، فقد ولى الزمن الذي تحاكم فيه الأعمال الإبداعية برؤى انطباعية تعتمد على معيارية خارج عن فضاء العمل ومكوناته ، لذا أقول ان" أبو علّاكَة "الشخصية العراقية الأصيلة بذاكرتها الجامعة ما بين حقبتين حقبة ما قبل التغيير وما بعده – تعيش محنتين محنتها داخل العمل المسرحي ومحنتها خارجه .ولدعم هذا الافتراض علينا الولوج الى تقنيات العمل المسرحي الذي اعتمد على ديكور بسيط من مكتب فوقه باقات زهور واريكتين لجلوس المراجعين مع لافتة صغيرة معلقة على خلفية المسرح تحتوي على ايقونة كتابية تتمثل بعبارة " حزب الدبة " وايقونة صورية تتضمن رمزين (الدب وقنينة الغاز "الدَبّة "كما تسمى باللغة الدارجة ) ،فضلا عن صورتين لبرلمانية شابة .
يصرح منذ بداية العمل المسرحي إن عنصر المكان هو استعلامات مكتب النائبة وإن الزمان هو الزمن الحاضر، وإن ثيمة النص المركزية تحاكي أزمة واقع فقد معاييره فانهارت منظومته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية والأخلاقية ويمكننا القول الإنسانية بشكل عام.
يتفوق العنصر الانثوي على العنصر الذكري فعدد الشخصيات الانثوية أربعة مقابل اثنين الا إن هذا التفوق لا يمنح تمايز نوعيا للأنثى كجنس مقابل الذكر بقدر ما هو تفوق عددي لم يوظف لغاية أبعد من ذلك، وربما في الحد الأدنى مارس بعدا اشهاريا للترويج الى العمل من خلال انتقاء ممثلات بمواصفات شكلية تحظى بقبول الجمهور واعجابه.
يقدم العمل شخصياته بتراتبية مألوفة حيث لا تقحم الشخصية الجديدة الى العمل الا بعد ان تستكمل الشخصية الأولى سماتها وتعالقها مع الشخصيات الأخرى، فضلا عن توضيح دورها داخل الفضاء المسرحي. إذ يمكننا القول إن للمسرحية حكاية قدمت من خلال ست حكايات منفصلة لعينات اجتماعية متباينة حاكت بشكل غير مبالغ فيه شخصيات واقعية، وبذلك يمكننا النظر الى عالم المسرحية بعلاقاته كعالم موازٍ الى عالمنا واقصد المجتمع العراقي وارهاصاته.
تقنيا وظفت المسرحية معظم أنواع الحوار: (دايلوك، مونولوج، مناجاة، حوار مباشر مع الجمهور، حوار بواسطة مكبر الصوت الذي ينقل أصوات الشخصيات خارج خشبة المسرح، هلم جرا). أسهمت أنواع الحوارات اسهاما كبيرا في تقديم الحدث مقارنة بالأداء التمثيلي، فلم تعول المسرحية على الحركة أو على الايماءات الجسدية المعبرة الا في تمفصلات معينة وغالبا ما تكون في المشاهد الكوميدية التي كسرت رتابة تلقي العمل في بعده الجاد ان لم نقل التراجيدي كونه يستعرض أزمة واقع كما أشرنا سلفا.
لقد استثمرت المسرحية الإيقاع والشعر الشعبي والغناء كتقنية فاعلة في رسم الحدث أولا، وفي التناغم مع ذائقة التلقي العامة، فضلا عن الترفيه بغية زج المشاهد للتفاعل والمشاركة والاندماج مع العمل الادبي. تقدم هذه الفواصل الغنائية اما من خلال الشخصية او من خلال تسجيل صوتي معد سلفا.
اما في المستوى الدلالي:
فإننا نعلم ان لكل عمل فني رسالة، ورسالة مسرحية " أبو علاكة " هي محنة مواطن يحمل كمّا ً لا بأس به من الثوابت، كما ويحتفظ بهوية لا يتنازل عنها رغم حاجة الى عمل وبالتالي الى مادة. حيث يعد رفضه لخلع العقال " الرمز التراثي " استجابة الى طلب البرلمانية الفاقدة للهوية القومية والوطنية، تجسيدا حقيقيا لتلك الهوية فضلا عن زيّه العربي. يدعم (أبو علّاكة) قضيته ووجوده من خلال عدة استرجاعات تعقد حالة مقارنة بين الماضي والحاضر هدفها استحضار منظومة القيم المغيبة في واقعنا المعاصر فضلا عن انتقاده الساخر لمحنة الوطن بين حقبتين: قبل وما بعد سقوط الصنم.
اما " العلّاكَة " التي يحملها في حزامه فقد ظلت لغزا محيرا لزوجته التي وصل بها الفضول الى التبليغ عن زوجها بأنه يحمل فيها حزاما ناسفا. اتضح في نهاية المطاف ان ما يحمله هو "هاجس الوطن " ممثلا بعلم عراقي يحمله في " العلّاكة " بوصفه رمز أسهم في دفع العمل الادبي الى خاتمته التي جمعت كل الاطياف تحت خيمة هذا العلم بوصفه غاية ووسيلة لضمان وجودنا وبقائنا وهوية وطنية لا تقايض بأي ثمن.
إن استخدام اللغة العامية ترك اثرا فاعلا على مستوى التلقي حيث تتباين انفعالات الجمهور تبعا للمواقف الدرامية من بداية العمل وحتى خاتمته، علما ان العمل عبارة عن فصل واحد بمشهد وحيد.
اما ما وراء الرسالة المعلنة على مستوى الأداء فان الصراع ينشأ من التباين الطبقي حد التضاد بين شريحتين من شرائح المجتمع وهما " طبقة السياسيين المترفة والمتمتعة بامتيازات كما في شخصية البرلمانية وأختها التي تمثل حالة الترف حد السذاجة، وشريحة المواطن المغيبة والمحرومة من أدني حقوقها في وطن ثري.
وما اللافتة المعلقة " حزب الدبة " الا إشارة واضحة لنقد واضح الدلالة لأحزاب ما بعد السقوط التي اعتمدت الخطاب المضلل في اقناع الناس وايهامهم، اما الدَبّة أو الدُبّة فلهما دلالة تداولية معروفة في الوسط العراقي تستخدم بشكل شائع بمعنى " الكذب والخداع ".
ما نخلص اليه ، إن مسرحية " أبو علاكة " عمل جادة انجز على شكل كوميديا ساخرة لواقع مأزوم ، يقف عند مفاصل وطنية وقومية مفصلية ذات خطاب منتج لواقع مغاير لواقعنا المرير، أما حالة التشويه التي ابتليت به المسرحية من خلال الطارئين على المشهد الثقافي فأنها قد عكست وجها قبيحا لمدينة الناصرية عاصمة الثقافة وينبوع المبدعين ، كما انعكس على النص المسرحي وذلك من خلال تلك الإضافات الحوارية التي تطرقت الى حالة التشوية وأيضا من خلال ربط العمل بأبعاد مقحمة على النص مثل قضية سبايكر والشهداء وغيرها، وأصنف هذا الهجوم من خلال تصنيف الفئات التي هاجمت العمل .
الأول: السياسي الذي يخشى جرأة عمل كهذا ويعده فضحا صارخا لممارسة السياسيين اللاأخلاقية.
الثاني: الإعلامي وهو البوق الذي يسوق ذلك الخطاب بصوته النشاز المسيء للواقع الثقافي.
وكلاهما يمرر خطابه من خلال الاتكاء على خطابات وطنية وقومية مضللة أقصت العمل المسرحي وضللت الشارع مما أدى الى عزوف المواطنين من التواصل مع العمل وتواجد القليل في صالة العرض.



#عمار_ابراهيم_عزت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جمالية التجريد وضبابية التلقي
- سلطة التقويض وتقويض السلطة
- مغارة الجنس ومعاول الرغبة
- الكتابة عند خط المحنة
- رواية شرايين رمادية بمسوييها الحكائي والخطابي
- هكذا سأكتبك يا عراق
- السفارة وسط العمارة
- أحلام معطلة


المزيد.....




- روسيا.. جمهورية القرم تخطط لتدشين أكبر استوديو سينمائي في جن ...
- من معالم القدس.. تعرّف على مقام رابعة العدوية
- القضاء العراقي يوقف عرض مسلسل -عالم الست وهيبة- المثير للجدل ...
- “اعتمد رسميا”… جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024/1445 للش ...
- كونشيرتو الكَمان لمَندِلسون الذي ألهَم الرَحابِنة
- التهافت على الضلال
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في ...
- جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا ...
- مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمار ابراهيم عزت - محنة أبو علاّكَة بين المسرح والواقع