أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد أحمد أبو النواعير - بين الاستراتيجيا والتكتيك، صلح الإمام الحسن ع - رؤية سياسية معاصرة















المزيد.....

بين الاستراتيجيا والتكتيك، صلح الإمام الحسن ع - رؤية سياسية معاصرة


محمد أحمد أبو النواعير
(Mohammed Ahmed Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6027 - 2018 / 10 / 18 - 20:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بين الاستراتيجيا والتكتيك، صلح الإمام الحسن ع - رؤية سياسية معاصرة
محمد أبو النواعير*
تُعتبر حياة الإمام الحسن ابن علي ابن أبي طالب عليهما السلام، محورا مهما ومفصليا في تراتبية المشروع السماوي, الذي أراد تثبيت أسس الدين الإسلامي, وترسيخه كوعي جماعي, ووعي ثقافي مجتمعي، لذا نجد أن مقدار حملة التشويه والتضليل التي رافقت هذا الإمام، في حياته, وبعد استشهاده، أخذت منحى مألوفا في أدبيات الصراع الخالدة بين مشروع الإغواء الشيطاني, ومشروع النصرة الإلهية.
الصلح الذي أقيم بين الإمام الحسن عليه السلام, ومعاوية ابن أبي سفيان, كان يحمل في ظاهره قراءات إختصت بوعي وثقافة وأدبيات أهل ذاك الزمان, لذا جاء التقييم لهذا الصلح في ذلك الزمن تقييما سلبيا آنيا, إتخذ من المنهج العمودي مسارا له, في زمان لم تتوفر فيه كثيرا، أدوات وأطر التفكير الأفقي الذي يخترق حاجز الزمان والمكان, أو ما بات يعرف في زماننا الحاضر (التفكير السياسي الاستراتيجي).
تشير إيرن ساندرز في كتابها (Strategic Thinking and the New Science)، إلى ان العالم مكون من أنساق ديناميكية غير خطية، وهذه الأنساق وإن كانت تبدو في حالة فوضى، إلا أن هناك نظاما يحكمها (أي هيكلا معينا)، والذي يجب فهمه للتحكم بالواقع وتغييره, وهذا يفرض على أي صاحب مشروع استراتيجي أن يبتعد عن ثلاثة أمور : 1- النظر لمعطيات الحدث من خلال رؤى بسيطة وثابتة للسبب والنتيجة بظرفها الآني, والتي تكون ناتجة عن إطار أو نسق ثقافي واجتماعي يتحكم بأدوات تفكير أهل أي زمان ومكان. 2- الاعتقاد بإمكانية تقييد أو تحييد كافة المتغيرات الموجودة في موقف معين, وهذا الخطأ في تقييم المواقف نابع من فكرة بشرية محدود مفادها إمكانية تحقيق المعرفة الكاملة، لكل المتغيرات الموجودة في موقف معين وضرورة التعاطي معها بموجب تلك المعرفة (المحدودة). 3- ضرورة التخلي عن رؤية ضرورة الالتزام بالأطر الفكرية المحدودة, والتي تكون عادة في الحالة البشرية, نابعة من عوامل منها التنشئة الاجتماعية، العادات والتقاليد التربوية والأعراف المتحكمة بمفهوم الوعي والثقافة, والتي تقود كلها لأطر فكرية تجمد في إطار ذاك النسق ببعده الزماني والمكاني.
إذا أردنا أن نقرأ صلح الإمام الحسن, بحسب ضوابط التفكير الإستراتيجي البعيد الأمد, والذي يتحرك عادة بأطر ومساحات, يصعب على أهل ذاك الزمان معرفة مواردها, نجد أن صلح الإمام الحسن عليه السلام, جاء كخطوة ولبنة أولى لتحطيم المشروع الأموي, بل كان هو المهيأ والمشرعن لقيام ثورة الإمام الحسين عليه السلام, وعشرات الثورات التي قامت بعد ثورة الإمام الحسين, للإطاحة بمنظومة الحكم الأموي التي أريد لها أن تستمر, وتكون كسرطان هدم محترف لأسس وأعمدة الدين الإسلامي, حيث أن صلح الإمام كان يعني أن يكون معاوية خليفة للمسلمين, بشروط, وكانت أهم هذه الشروط هو شرط انتقال الخلافة من معاوية إلى الإمام الحسن أو أخيه الحسين بعد وفاة معاوية, أي انتقال شرعية قيادة الأمة من عهدة معاوية .
الإمام عليه السلام كان يعلم جيدا بأن معاوية سيخلف وينقض, وهذا هو مطلب الإمام ! وهذه هي الضربة القاصمة, لأن نقض العهد من قبل الإنسان العادي هو مرفوض وبشدة شرعا وذوقا, فكيف والحال أن نقض العهد سيكون من قبل مدعي الخلافة الإسلامية, وفي نفس الوقت إن قبول معاوية بهذا الشرط, معناه التأسيس لعدم شرعية أي من الحكام الأموين الذين جاؤوا من بعده, لذا كان المبرر الشرعي والقانوني لثورة الإمام الحسين عليه السلام حاضرا عند خروجه للثورة ضد الحاكم الغير شرعي يزيد (بإقرار معاوية الذي قبل شروط الصلح), بل وأن ذلك أسس لشرعية كل الثورات والانتفاضات التي قامت بعد ثورة الإمام الحسين عليه السلام، حيث بقي الحكم الأموي مرتبكا في أركان شرعيته, وهنا حقق الإمام الحسن بعده الإستراتيجي في هذه الخطوة.
إن مفهوم الشرعية في الحكم، تعتبر من أهم وأعمق المفاهيم والإشكالات التي تطرق لها الفكر السياسي البشري خلال التأريخ, فضرب شرعية وجود ممثلين للدين على سدة الخلافة, إنما يعني ابتعاد الكثير من المسلمين عن هذا الخط, وعدم ثقتهم بما كان يصدر منه أحكام دينية بعيدة عن الإسلام ومشوهة له، وهذا هو الهدف الأهم لدى الإمام الحسن, إذ أنه لو لم يعقد معاهدة الصلح و(يفرض) هذه الشروط على معاوية, لكانت عملية تسليم الخلافة أمر عادي, يمر خلال التأريخ, دون أن يتمكن من فضح المنهج الأموي المعادي للدين, والهادم لأسس الإسلام.
إذن، سلب الشرعية، سيقود إلى تهيئة المبرر الديني والقانوني للقيام بثورات، تقود بالنتيجة إلى جو إعلامي مفعم بفضح الإنحراف الذي سيحصل بشكل مستمر، ويقود أيضا إلى ابتعاد الوعي الإسلامي عن الخط الأموي، والبحث عن الخط الذي يمثل الإسلام والدين الصحيح، وهذه ضربة استراتيجية حكيمة من قبل الإمام، وجهت لأسس الدولة الأموية، وهدمت مشروعهم على الأمد البعيد، وما كان لها أن تكون, لولا وقوع الصلح, وفرض شروطه !
على الصعيد التكتيكي، كان صلح الإمام الحسن عليه السلام يحمل في طياته مناورة مهمة، الهدف منها هو إفساح المجال (ولو كان ببعد زمني يمتد لعقود أبعد من مقدار حياة الإمام عليه السلام) لإعادة هيكلة الوعي الإسلامي، من خلال إفساح المجال لدعاة الدين الأصيل، أن يقوموا بواجبهم في تبيان أسس هذا الدين العظيم, وتثبيت أركانه، لأن أقطاب المكر الأموي كانوا يعلمون جيدا، أن إشغال أي مشروع جديد بحروب مستمرة, إنما يعني هدم لأسس هذا المشروع (الأسس التثقيفية, والإجتماعية, والفكرية, والسياسية, والإقتصادية)، خاصة وأننا نعلم أن الرسالة الإسلامية، قد حوصرت بحروب مفروضة عليها منذ زمن النبي ص إلى إنتهاء عهد الإمام علي عليه السلام، فكان صلح الإمام الحسن عليه السلام، ضربة موجعة لهذا المخطط، خاصة وأنه عليه السلام كان يعلم جيدا أن مرحلة أخيه الإمام الحسين عليه السلام, ستكون مرحلة سيف وجهاد، فأراد أن يعطي فسحة راحة للجمهور المسلم، ويعطي مجال لأن تهيء الثقافة الإسلامية النفوس لثورة الإمام الحسين عليه السلام, ولعشرات الثورات التي أتت بعدها, فكان صلح الإمام الحسن عليه السلام, سِلمٌ بين سيفين !
الهدف التكتيكي الآخر الذي عمد إلى تحقيقه الإمام الحسن عليه السلام في صلحه مع معاوية, هو إشغال الفكر الأموي الدخيل على الدين الجديد، بالحكم وشواغله ومؤامراته، فإشغال معاوية والجهاز الأموي بمنغصات الحكم، والبحث عن سبل تثبيته، أعطى للدين الإسلامي وحملته فسحة من المجال والتنفس، لكي يثبتوا دعائمه, بينما لو إستمرت الحروب في عهد الإمام الحسن، لبقي العداء موجها مركزا نحو الدين، ومحاولة إيجاد أفضل السبل من أجل تهديمه، وتحطيم صورة أئمته ورجالاته في نفوس الناس, كما فعل معاوية بسن سنة سب الإمام علي عليه السلام، فإشغال الماكنة الأموية بالحكم، أفسح المجال واسعا لحملة الدين ودعاته، أن يفضحوا بني أمية ومشروعهم، وأن يكونوا قوة معارضة (لا قوة منافسة)، ولكي يتمكنوا من نشر الدين الإسلامي الصحيح بسماحته لا بعدوانية دين بني أمية .
فكان من بني أمية داعش, وكانت منا المرجعية الرشيدة ..
*دكتوراه في النظرية السياسية/ المدرس السلوكية الأمريكية المعاصرة في السياسة.



#محمد_أحمد_أبو_النواعير (هاشتاغ)       Mohammed_Ahmed_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انبثاق الحكومة العراقية الجديدة بين صراع المناهج وصراع المصا ...
- بين ستانلي ميلغرام وأحزاب الاعتدال في العراق- من سيطرة السلط ...
- الثورة في العراق بين الجوع والتضليل والفوضى
- الانتخابات العراقية 2018, فلسفة نجاح غير منظور بالعين المجرد ...
- قيم الفرد العراقي بين الزهد والجكسارة !
- (كُلَّهُم) لغة العقل الذي انهارت أعمدته! نقطة راس سطر.
- نقطة راس سطر. مواطن غير واعي = سياسي فاسد.
- السياسة, لعبة من صنع المواطن
- تيار الحكمة وميزان المواطنة الصحيحة
- تدني المستوى الثقافي, بين ضعف الأدوات التعليمية, ورداءة المن ...
- في تهويد القدس, ما لنا, وما علينا!
- عمار الحكيم وتفكك الاستبداد الحزبي- تيار الحكمة أنموذجا
- الفعل السياسي في تيار الحكمة - بين مفهومي الثورة والأصالة
- مقاييس الشرف في العراق, بين الرجل والمرأة. وجهة نظر سلوكية
- مكافحة العنف ضد المرأة- حقوقٌ تؤخذ, أم تُعطى؟
- توماس كون، بين -المجلس الأعلى- و -تيار الحكمة-
- التسوية الوطنية كفلسفة لحل النزاعات (الأطر النظرية)
- ماذا لو لم نكن دولة نفطية !
- العبادي: إنِّي أخيرُ نفسي , بين الوطنية والحزبية!!
- المرجعية الدينية, وحرفة العمل الوظيفي الحكومي!


المزيد.....




- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد أحمد أبو النواعير - بين الاستراتيجيا والتكتيك، صلح الإمام الحسن ع - رؤية سياسية معاصرة