أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - صلاح سليم علي - هنري لامنس وموقفه من القومية والدين في المشرق العربي















المزيد.....



هنري لامنس وموقفه من القومية والدين في المشرق العربي


صلاح سليم علي
(Salah Salim Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6026 - 2018 / 10 / 17 - 16:27
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


هنري لامنس وموقفه من القومية والدين في المشرق العربي

صلاح سليم علي

مقدمة:

خلت قرابة سنة مذ تطرقت لموضوع استشراقي كنت عنونته [يوليوس فلهاوزن وموقفه من ألأمويين والعباسيين]، وبدهي ان الإهتمام بفكرة لابد ان يتجاوز حدود مكان وزمان محددين بل ويجتاز جنس أدبي أومعرفي محدد الى أجناس ادبية ومعرفية عديدة، وذلك ينطبق على التوجهات القومية او فكرة القومية من منظور المستشرقين..وفي الوقت الذي لا أنوي فيه تتبع تلك الفكرة لدى المستشرقين كلهم لإتساع الموضوع وتشعباته وصعوباته وما يستلزم انجازه من جهد ووقت، على ما فيه من اهمية، أخال أن من الأنسب اسقاط الضوء عليه من خلال تناول عدد من المستشرقين او بالأحرى أكثرهم اهتماما بمعالجة التوجهات القومية او الفكر القومي في المشرق العربي ما يمهد في آخر المطاف الى تكوين فكرة عن الإستشراق والقومية العربية، ويشجع البحاثة للتصدي لهذه المسالة في أطروحة متخصصة تتناول الموضوع من جوانبه كلها...ولابد وانا بصدد تناول مستشرق آخر في المحور نفسه، أي "الإستشراق والقومية" من اقتباس ماذهبت اليه في مقدمتي لدراستي السابقة لموقف فلهاوزن من الأمويين والعباسيين نصا واضعا اياه بين ظفرين:(يختلف المستشرقون في تناولهم للتاريخ السياسي للإسلام. فمنهم من اتخذ جانب الحياد ومنهم من انحاز الى ذلك الطرف او ذاك في عرضه للتاريخ السياسي للإسلام انطلاقا من دوافع عنصرية او عقيدية او لمجرد هوى يدعوه الى تفضيل جماعة على أخرى او مذهب على آخر فكان من شان هذا التحيز السقوط في مبالغات غير مقبولة وتقديم طروحات وتاويلات غير صحيحة ..ويقع تحت هذه الطائلة العديد من المستشرقين اليهود كاجناس جولدتسيهرالذي بالغ في اضفاء ابعاد سياسية مقصودة لدى الأمويين، واسرائيل فريدلاندر الذي حاول ارجاع مذهب الشيعة إلى تاثير يهود اليمن في الحجاز وخيبر في الكوفة..ومن المسيحيين مونتيغومري واط، وهنري لامانس الذي بالغ في تمجيد الأمويين وبخاصة يزيد بن معاوية على نحو يتجافى مع الحقائق التاريخية..أزاء ذلك كله يقف فلهاوزن موقفا محايدا وموضوعيا في تناوله للتاريخ السياسي الإسلامي بدون اي تغليب للمبالغة او انجراف وراء الروايات المختلفة لعصر صدر الإسلام وحتى سقوط الدولة الأموية).. يلاحظ القاريء فيما اوردته في الإقتباس إشارتي الى هنري لامنس واضعا اياه في عداد المتحيزين في تمجيده للأمويين، وكان لابد لي من مراجعة تفصيلية ودقيقة لهذا المستشرق بغية تأكيد أو تصحيح او الغاء ماذهبت اليه في مقدمتي لمبحثي السابق توخيا للموضوعية والصدق وتوسعا في الفكرة نفسها وفي المنهج ذاته، على ذلك جاء المبحث الآتي في هنري لامنس وموقفه من القومية والدين..

تناول العديد من الكتاب المستشرق هنري لامنس موضوع الدراسة في اثناء حياته وبعد وفاته..حتى بات تدوين سيرته ضربا من التكرار، فقد كتب عنها الدكتور عبد الرحمن بدوي في موسوعته للمستشرقين، وتناولها خير الدين الزركلي في الأعلام، كما فصل فيها الأب لويس شيخو اليسوعي في المشرق، كما أورد تفاصيل سيرته ومنجزاته الأب فرديناند توتل في مقال تأبيني نشره في المشرق عام 1937، كما خصص له الكاتب نجيب العقيقي قرابة خمس صفحات في كتابه الموسوعي الممتاز [المستشرقون]، وافرد له المؤرخ السوري كمال صليبي فصلا عنونه "الوطن الملجأ" ضمن كتابه الموسوم [بيت بمنازل كثيرة: الكيان اللبناني بين التصور والواقع]،وكان كمال صليبي المؤرخ اللبناني الكبير قد خصص له فصلا عنوانه "الإسلام وسورية في كتابات هنري لامنس" ضمن دراسة آخرى له في كتاب عنوانه [مؤرخو الشرق الأوسط] الذي حرره برنارد لويس بالإشتراك مع مؤلف [تاريخ كامبرج للإسلام] بيترمالكولم هولت، كما تناولته سيرة وفكرا العديد من الأطروحات والدراسات الأكاديمية الحديثة وابرزها دراسة تيموثي لوثان [ بطل سورية، مؤرخ إسلامي من مدرسة المراجعة التاريخية: المستشرق اليسوعي هنري لامنس (1862- 1937)]..كما تناولة الكاتب المتخصص بالشؤون اللبنانية في جامعة إنديانا آشير كوفمان في دراسة رائدة عنوانها "هنري لامنس والقومية السورية"، وتناوله البحاثة ستاين كنوت في دراسة عنونها باسمه "هنري لامنس"، كما عرض سيرته واعماله الكاتب الألماني كارل هاينريش بيكر، وتحدث عنه الكاتب البلجيكي أوربين فيرمولين ضمن كتابه في سير أعلام بلجيكا..
وتناول كتاب [مجلة المشرق] التي كان يحررها منذ 1927 جوانب من سيرته وكتاباته في مقالاتهم التأبينية له بعيد وفاته عام 1937، الى جانب ما لايحصى من الإشارات اليه في الكتب والدراسات التي تناولت الإستشراق أو الإسلام أو سورية..

“وثمة دراسة حديثة أرجح انها أطروحة مطبوعة في كتاب عنوانها [صورة أصحاب الكساء بين تجني النص واستباحة الخطاب الإستشراقي: هنري لامنس نموذجا]، يبدو أن كاتبها شهيد كريم محمد الكعبي لم يألو جهدا في تدعيم وجهة نظره بالرجوع الى تفاصيل كثيرة تخص الإستشراق وأصوله وأهدافه وعلاقته بالتبشير والإستعمار، وكل ذلك في محاولة لدحض لامنس وتكذيبه فيما ذهب اليه من تمجيد للأمويين وكيل المديح لشعرائهم وولاتهم من جهة وذم للهاشميين وتعريض بهم..
وبدهي أن يحفز موقفه من الإسلام ونقده اللاذع لأهل البيت أزاء مدحه الأمويين ضغائن العديد من الكتاب والناقدين في المعسكرين الإسلامي والإسلامي الشيعي، فقد انتقده كرد علي بشدة: "إنّ لامنس ألف تاريخًا مختصرًا للشام لم يذكر فيه للإسلام ولا للعرب أو لمحمد من ثلاثة عشر قرنًا ونصف القرن فضيلة واحدة, ووصف العربي بأنّه ليس شجاعًا وأنّه على استعداد للنهب، كما تمدح الصليبيين وهم بشهادة المؤرخين من أهل الخبث والفجور" ، وحول اسهاماته في دائرة المعارف الإسلامية، عقب كرد علي: "إنّ لامنس نشر أخطاءه وأكاذيبه في دائرة المعارف الإسلامية, ومن عمله تحريف آيات القرآن, وحذف ما لا يروقه من كتب المسلمين وخلط الآيات القرآنية بأبيات الشعر، وجعل الأحاديث النبوية من كلام بعضهم، وإيراد الخرافات من كتب الوضاعين والقصاصين مدعيًا أنّها منقولة من كتب الثقات"..
وتلكم آراء يشترك في أكثرها مستشرقون كبار..
والأرجح انه اطلع على العديد من انتقادات المستشرقين له في اثناء حياته فقد كتب آرثر جفري عام 1926، " إن لامنس لم يقدم حتى الآن كتابه عن حياة محمد الذي سيكون مدويا عند ظهوره" وفي هذا التعليق إشارة تهكمية لأن كتاب لامنس الموعود حول سيرة النبي محمد لم يطبع إطلاقا وذلك لرفض الفاتيكان نشره لما قد يتسبب به من إحراج كبير للكنيسة والمسيحيين عموما وللفاتيكان بوجه خاص..
وانتقده كارل هاينريش بيكر بقوله" اشعر أن لامنس يخلط بين التاريخي وغير التاريخي في تصويره لحياة محمد"
وقد انتفده مؤرخ السيرة الدانماركي فانت بهل وكان معاصره بقوله: "لامنس الذي تثير ثقافته وحماسته اعجابنا، يفتقر غالبا الى الموضوعية التي ينبغي ان يتحلى بها المؤرخ النزيه"..
ووصف كاتب السيرة النبوية الشهير ماكسيم رودنسون لامنس كما يأتي: "يمتلك لامنس قدرة متميزة في التقاط الملامح الحيوية التي تنطوي عليها النصوص القديمة فضلا عن موهبته الأدبية التي يسرت له نقل افكاره لقارئيه.علاوة على انه مفعم بإزدراء مقدس للإسلام بسبب امجاده (الوهمية) ونبيه (الشبق)"
ويبدو ان وضع ماكسيم رودنسون للكلمتين بين ظفرين تأكيد منه انهما ليستا له بل للامنس..
كما وجه المستشرق الفرنسي الكبير لويس ماسنيون انتقادا الى لامنس بأنه: "يضلل قراءه بدراسته الساخرة والتدوينية لفاطمة"..فذكر في هذا الصدد "أن لامنس يخلط بين التاريخي والأسطوري في حياة محمد"
ولم يغب عن نولدكة المتخصص بتاريخ القرآن موقف لامنس فقال عنه: "ان الخطأ الرئيس للامنس هو أنه وبدونما سبب واضح يميل الى تعميم ملاحظات مفردة صحيحة، عمد آخرون الى ذكرها، ثم يقوم بتمديدها [مطها او تعميمها] جزافيا ثم يطرحها كمباديء"
وعرض به المستشرق السيري إميل درمنجم بقوله: "إنّ كتب لامنس قد شوهت محاسنها بما بدأ في تضاعيفها من كراهية الإسلام ورسوله وأنّه سلك إلى التاريخ طرقًا بالغ فيها بالنقد"..
وقد كتب المستشرق جوزيف شاخت المتخصص بالفقه والتشريع الإسلامي عن لامنس قائلا: "لقد قادني اهتمامي في البحث في الأحاديث المتصلة بالتشريع الى الإعجاب برؤيته النقدية حيثما لايخامرتلك الرؤية مزاجه وعواطفه..وعلى اية حال فإن رد الفعل المترتب على طروحاته أحادية الجانب يترتب عليها الإنصراف عن [ألا تعد جزءا من] النقد التاريخي"..
وقد انتقده المستشرق الألماني كارل هاينريش بيكر في مقال تفصيلي خصصه له على نحو يماثل النقد الإسلامي له بقوله: "ان شكوك لامنس على جسامتها لم ترحل في الواقع بعيدا بما فيه الكفاية ذلك انها تركته في حال من القناعة الحصرية بكل تلك الروايات التي جاءت على ذكرها المصادر الإسلامية التي تصور محمد وعائلته وسياساته في قالب سلبي حتى عندما تكون الدوافع والميول القائمة وراءها وتفسرها واضحة تمام الوضوح"..
وقد وجهت له انتقادات حديثة من كتاب آخرين كمؤلفة كتاب [الهاجرية] باتريشا كرون تناولت خلطا معلوماتيا فندته بالرجوع الى المصادر التي جاء بنفسه على ذكرها في سياق كتابه [مكة قبيل الهجرة]..




هنري لامنس في مهاده السوري:

ولد هنري لامنس في جنت [خنت] في بلجيكيا عام 1862 وتوفي في بيروت سنة 1937، وهو يسوعي بلجيكي ومستشرق،إنضم في سن الخامسة عشر لجماعة الآباء اليسوعيين في بيروت واستقر بعد ذلك في لبنان. درس اللغة العربية واللاتينية واليونانية ثماني سنوات. أول أعماله كانت قاموسا عربيا سنة 1889. أصدر [مجلة البشير] وأصبح بعد العديد من الرحلات في أوربا وتوسيمه كاهنا [أبا يسوعيا] مدرسا في كلية الدراسات الشرقية لجامعة القديس يوسف..وكان قد وصل بيروت وهو في الخامسة عشرة من عمره فاتخذ من لبنان الذي وصله في ربيع عام 1877،والذي كان جزءا من بلاد الشام التي تضم الى جانب سورية ولبنان، فلسطين والأردن وجزيرة ابن عمر والأسكندرونة، موطنا دائميا له على الرغم من ولادته ونشأته في بلجيكا..ولعله كان أصغر مبشر مسيحي يطأ المشرق إطلاقا..ويبدو من إرساله المبكر أن نية المشرفين على تدريبه في المدرسة الجزويتية [اليسوعية] الرسولية في تورنهاوت [مدينة فلمنكية تقع في شمالي بلجيكيا بالقرب من مدينة "انتفيرب" تشتهر بصناعة أوراق اللعب وبكثرة المدارس وبمعركة باسمها]، التبكير بإرساله الى المشرق بهدف تعلمه في مرحلة مبكرة للغاته وبيئته..وسرعان ما تحققت توقعات معلميه اليسوعيين فقد تمكن من الإستفادة من المدرسة الكاثوليكية في غزير [تقع قرية غزير في قضاء كسروان أحد أقضية محافظة جبل لبنان هذه المحافظة هي واحدة من ثمان محافظات يتشكل منها لبنان الإداري، و تبعد غزير 27 كلم عن بيروت العاصمة، وقد نشأ في غزير العديد من الأدباء والمشاهير كأديب اسحاق ويوسف الخال وبشير الشهابي الثاني] من تعلم اللغات اللاتينية واليونانية وتمكن من اللغة العربية بعد ثماني سنوات من دراستها حتى أدرك مستوى الكتابة في أساليبها بجزالة وضعته في مرقى واحد مع اساتذة متمرسين كالأب لويس شيخو اليسوعي وأنستانس ماري الكرملي..وعندما انتقلت المدرسة الكاثوليكية من غزير الى بيروت لتصبح جامعة القديس يوسف هناك، شرع بدراسة الفلسفة ليعين تدريسيا في الكلية نفسها ويقوم بتدريس اللغة العربية للمدة الممتدة من 1886 حتى 1891، وبدأ منذ عام 1907 بتدريس التاريخ الإسلامي في قسم الدراسات الشرقية في الجامعة نفسها..ثم ابتعث في أثناء الحرب العالمية الأولى الى الجامعات التي يديرها الآباء اليسوعيين في القاهرة والإسكندرية في مصر لتدريس المواضيع نفسها ويعود الى بيروت عام 1919، كما أمضى ردحا من الزمن في روما (1891-1893) ولوفان 1895، وفيينا 1896 ايضا ليرقى الى درجة أب يسوعي كامل الإعداد..كما تنقل كثيرا في مدن الشام وكتب عن جغرافيتها..وفي عام 1927 خلف الأب لويس شيخو في تحرير مجلة المشرق، وهي مجلة فصلية كان الآباء اليسوعيين يصدرونها في بيروت، وكان قبل ذلك في مسؤولية تحرير مجلة البشير التي تصدر باللغة العربية..وللامنس مراسلات كثيرة مع المستشرقين في عصره وابرزهم نولدكة وسنوك هرخرونيه وإكناس جولتسيهر وجوليوس فلهاوزن وغيرهم..وقد عاصر هنري لامنس خلال حياته في موطنه الجديد سورية في ملاذها اللبناني حوادث عديدة بالغة الأهمية منذ وصوله اليها عام 1877، بعيد تأسيس جامعة القديس يوسف الكاثوليكية بسنتين، ووفاته عام 1937، كسيطرة الإتحاديين على مقاليد الحكم العثماني و مذابح الأرمن فاحتلال جمال باشا السفاح يلاد الشام عام 1914، واعدامات العثمانيين للقوميين العرب في دمشق عام 1916 فانتهاء الحكم العثماني عام 1918، والإنتداب الفرنسي على سورية ولبنان والموصل عام 1920، فحوادث الثورة القومية السورية عام 1925، ولعل ابرز حوادث تلك الفترة تأسيس الحزب السوري القومي الإشتركي بقيادة انطون سعادة والقوميين العرب في سورية وتعيين اول رئيس للبنان تحت الإنتداب الفرنسي هو شارل دباس بناءا على توصية من لامنس نفسه..

ويختلف لامنس عن اقرانه من المستشرقين في كونه نشأ وتثقف في بيئة عربية فقد وصل لبنان وعمره 15 سنة مايسر عليه تعلم اللغة العربية واتقانها الى جانب اللغة الفرنسية التي كتب بها معظم كتبه ودراساته..هذا بالإضافة الى كونه مبشرا وتدريسيا وإداريا ناجحا..ولم تكن بيئة لبنان في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين لتختلف كثيرا عن البيئة الأوربية من حيث جمال الطبيعة وطبيعة المجتمع الماروني الذي حل فيه في قرية غزير..في لبنان او بالأحرى منطقة كسروان في جبل لبنان التي تبعد 23 كم فقط عن بيروت العاصمة..ويرتبط لبنان بعلاقات متينة وقديمة مع المراكز الكنسية في اوربا وبخاصة روما وفرنسا راعيتا البعثات التبشيرية في المشرق العربي وببريطانيا واميركا بصفتيهما راعيتا البعثات التبشيرية البروتستانتية في المشرق العربي كذلك..هذا علاوة على كون البلاد الشامية ومعها منطقتي الجزيرة والموصل مناطق مسيحية منذ العهود الأولى لإنتشار المسيحية في المشرق..حيث وفرت جبالها ملاذا وملجئا للمسيحيين المضطهدين من قبل الروم وللمسيحيين ممن وضعتهم معتقداتهم المذهبية على طرفي نقيض من اقرانهم المسيحيين في المذاهب الأخرى، وكان اللبنانيون من المذهب الماروني يقيمون علاقات مع الفاتيكان منذ القرون الوسطى كابراهيم الماروني الذي عمل مترجما للبابا اربان السابع عشر واسرة السمعاني وجبرائيل الصهيوني وميخائيل الغريزي وغيرهم، وقد تحولت اتصالات المارونين من روما الى فرنسا في القرن التاسع عشر حيث نشطت فرنسا في تشجيع وتمويل البعثات التبشيرية الكاثوليكية والدومنيكانية والكرملية واليسوعية وغيرها منافسة البعثات الأنجليكانية البروتستانتية التي سبقت قريناتها الكاثوليكية البابوية في نشاطاتها في المشرق العربي والشرق الأدنى..فقد سبقت البعثات البروتستانتية التبشير الكاثوليكي في لبنان بعشرين سنة وباشرت بتأسيس مدرسة تبشيرية باسم الكلية الإنجيلية السورية في بيروت والتي تحولت فيما بعد الى الجامعة الأميركية التي نافست جامعة القديس يوسف في نشاطاتها التبشيرية والنشرية والإجتماعية بل والسياسية ايضا..على ذلك فإن لامنس حل ونشأ وتعلم في بيئة مسيحية مشبعة بمدارس التبشير والتقاليد المسيحية..

الوجوه المتعددة لهنري لامنس:

يعد هنري لامنس واحدا من فئة نادرة من الأفراد الموهوبين متعددي الوجوه والمواهب فهو مستشرق ومؤرخ ومبشر وأديب ومدرس وإداري وسياسي في الوقت نفسه..وفي دراستنا لحياته الحافلة بالحوادث ونتاجه الغزير لابد ان نجدنا نروغ الى عده مستشرقا ومؤرخا ومدرسا أديبا في المقام الأول ثم تبشيريا وإداريا وسياسيا في المقام الثاني..فقد عاش في عصر استشراق بامتياز كون ابرز المستشرقين الكبار كانوا من مجايليه ممن تعامل معهم تلميذا واستاذا وصديقا حرص على مراسلتهم وقراءة ما تغيض بع قرائهم وتجود به اقلامهم..وكان مجايليه من المستشرقين يفضل استشراف المشرق من خلال مايؤثر عنه من كتب ومخطوطات نادرة يعالجها بادواته المعرفية ومنها اللغة العربية واللغات الشرقية الأخرى فيترجم وينقد ويجرح ويعدل ويقدم ويبوب ويهمش ويشرح وينتهي الينا بعمل كبير لمفكر او بلداني اسلامي أثير، بما يعين زملائه على تتبع ذلك المفكر او البلداني أو المؤرخ المسلم بلغة اوربية يفهمها الى جانب اللغة المشرقية فيتنقل بين المراجع والمصادر مما تشير اليها الهوامش والشروح متحققا من اسماء بذاتها او حوادث بعينها..مقارنا هذه المعلومة بتلك وتلك الإشارة بهذه..ومن هؤلاء على سبيل المثال لا الحصر تيودور نولدكة و ميخائيل دي خوية وجوليوس فولهاوزن..ومن المستشرقيسن من ارتأى الرحلة الى الشرق للتعرف عيانيا على ملامح الشرق في حياته وفنونه وثقافاته قبل تدوين مشاهداته ومعارفه في كتاباته ومدوناته ومن هؤلاء على سبيل المثال لاالحصر أرنست هيرزفيلد وواليس بج ولويس ماسنيون وأدورد ساخاووغيرهم، ومنهم من اختار التدريس في جامعات الشرق وبخاصة جامعات مصر في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين ومن هؤلاء على سبيل المثال لاالحصر نالينو واربري وجويدي الذي درس فيمن درس طه حسين، وغيرهم..وكان لامنس ممن درس في جامعة فؤاد الأول [القاهرة لاحقا]، ولامنس بصفته تبشيريا يعمل في بيئة مسيحية مؤاتية وفي جامعة حديثة التأسيس مع نخبة من الآباء اليسوعيين ممن اسس لتقاليد واعراف خاصة بالنهج اليسوعي والموسوعي في اهتماماته وتوجهاته كالأب لويس شيخو والأب فرديناند توتل والأب أنستانس الكرملي [كان مقيما في موطنه بغداد وله مراسلات عديدة وبحوث مشتركة أثيرة مع هنري لامنس]، وقد تضمن طلبته طائفة كبيرة من العلماء والأدباء ورجال الدين كالأب جان موريس فييه [مؤلف كتاب "نصارى الموصل"] واخصائي القانون الروماني بول هالفي والروائي توفيق يوسف عواد مؤلف رواية "الرغيف" وآخرين ممن شارك في تكوين النخب القومية السورية في العقود التالية للحرب العالمية الأولى.. هذا الى جانب قيام جامعة القديس يوسف بتخريج نخب من القادة تضمنت 7 رؤساء دولة لبنانيين، و11 وزير لبناني، و20 سياسي لبناني وغير لبناني ايضا..

وقد شارك لامنس بنشاطات جامعة القديس يوسف منذ نشأتهابصفةها مدرسة اكليركية [دينية] في قرية غزير أنشأها الاباء الجزويت [اليسوعيين] عام 1843، قبل انتقالها الى بيروت عام 1875، وفي عام 1892 تأسست كلية الدراسات الشرقية التي تضمنت اللغات الشرقية الى جانب الأدب العربي والتاريخ والجغرافية والآثار..وفي عام 1905 تم تاسيس المكتبة الشرقية الى جانب المكتبة العامة للكلية وبدأت باصدار مجلة منوعات كلية القديس يوسف التي تنشر الى جانب المقالات ومراجعات الكتب الأطروحات المقدمة في الكلية الشرقية ومحاضر مؤتمرات الإستشراق..وقد بدأت المكتبة الشرقية بنواة تتألف من 5000 كتاب مطبوع ومخطوط وكانت برئاسة الأب لويس شيخو منذ تأسيسها عام 1905 وحتى وفاته عام 1927..كما اتبعت الكلية الشرقية دوريتها منوعات الكلية الشرقية بمجلة المشرق التي اشرف على تحريرها الب لويس شيخو، وكانت تصدر باللغة العربية ..ولم يكن لامنس غائبا عن نشاطات الكلية واصداراتها فقد أشرف على وضع المناهج التدريسية للكلية للفترة 1897-1898،وشارك في عدد كبير من الدراسات في اصدارات المجلة فقد تضمن المجلد الأول من منوعات الكلية طدراسات في حكم الخليفة الأمةي معاوية الأول (1905) فقد بلغت اسهاماته 185 مقالة ودراسة في اللغة الفرنسية و 127 بين مقالة وكتاب في اللغة العربية، كما ساهم لدائرة المعارف الإسلامية ب80 مدخل [ تناولت مقالاته في دائرة المعارف الإسلامية اماكن جغرافية واسماء في التاريخ الإسلامي كفبائل عاملة وكلب ولخم وعذرة وحنين ومصعب بن الزبير وحجر بن عدي وبحدل وميسون ابنته وزوجة معاوية الكلبية وغير ذلك، ولم يكلف بالكتابة عن مواضيع واسماء حساسة كأهل البيت والنصيريون تفاديا لأفكاره المتطرفة وموقفه الهجومي]..

على ذلك تعد جامعة القديس يوسف في بيروت البيئة الأفضل لمستشرق وتبشيري وضع نصب عينيه دراسة تاريخ المنطقة وحضارتها ومجتمعها، ولاسيما عند لامنس الذي اتخذ من سورية في سواحلها الغربية موطنا دائميا له..فالجامعة تحتضن أبرز الآباء اليسوعيين في الشرق فضلا عن كونها مركزا للإستشراق وبؤرة لمحبي الثقافة الفرنسية [الفرانكوفونية] من المراونة واقرانهم المسيحيين المشارقة الذين شكلوا منذ منتصف القرن التاسع عشر إحدى مرتكزات النهضة القومية العربية وثقافة المهجر التي ضمت أسماء لامعة كبطرس البستاني وابراهيم اليازجي واحمد رضا وجرجي زيدان وامين الريحاني وجبران خليل جبران وغيرهم كثر، وكانت الدعوة القومية في بلاد الشام لاترتكز على الدين بقدر ارتكازها على اللغة العربية واحياء التراث العربي والسبب في ذلك كون معظم دعاتها كانوا من المسيحيين ومنهم من ورد اسمه في مضمار اسر معروفة كأسر اليازجي والبستاني والريحاني والمعلوف، وكانت جامعة القديس يوسف أحدى معالم النهضة العربية في لبنان والعالم العربي فقد تصدت للسياسات العثمانية والإتحادية وللحركة الماسونية. فكان سلطان اللغة لويس شيخو اليسوعي الذي ولد في ماردين العربية والتحق بمدرسة غزير وهو في الثامنة من عمره قبل التحاق لامنس بها بعشر سنوات يقاوم الحركة الماسونية ويسهم في دراسات اللغة العربية فيما يحرر ويكتب ويراسل من علماء الشرق والغرب، وهو الأساس في جلب الأقلام البغدادية والموصلية والبصرية للإسهام بالمشرق، وكان الأب لويس شيخو الأول في نشر الأعمال الموسوعية في الأدب العربي ك[مجاني الأدب في حدائق العرب] و[تاريخ الأدب العربي]..وهو بحكم نشأته في غزير بصحبة لامنس منذ صباهما وانتقالهما الى بيروت، شاطر الأخير اهتماماته بل عمل على توجيهها فقد تمثلت اولى كتابات لامنس بدراسات اللغة العربية والأدب العربي فكان لامنس يسعى الى الحفاظ على اللغة العربية في بنيتها الأصيلة تجنيبا لها عن الدخيل وحرصا منه لتفادي اختلاطها بالعامية، فقدم العديد من الدراسات اللسانية الأصيلة والمتعمقة منها مااشترك فيها مع الكرملي..

وقد قادته اهتماماته اللسانية والأدبية الى ميدان التاريخ، فقد كتب عام 1894 دراسة للشاعر الأموي الأخطل التغلبي عنونها:" صناجة الأمويين"، أعقبها بدراسة واسعة عنونها "دراسة في حكم الخليفة الأموي معاوية الأول" 1897-1898، ثم بدراسة مطولة تناول فيها حكم الخليفة الأموي يزيد الأول، كما كتب العديد من المقالات الموزعة في إصدارات جامعة القديس يوسف تناول فيها مواضيع تتصل بالأمويين كتاريخ الدولة الأموية في الشام، وقصائد الخليفة يزيد بن معاوية،و والي مصر الأموي قرة بن شريك، وزياد بن أبيه عامل العراق وقائد معاوية، والبادية والحيرة في عهد بني امية وغيرها كثير..وتجاوز ماكتبه عن خلافة يزيد الأول وحدها 500 صفحة..ويبدو أن اهتمامه بالأمويين كان في مضمار اهتمامه بتاريخ سورية وجغرافيتها وكل مايتصل بها، فقد كانت سورية موضوع دراسته وتدريسه وجل بحوثه ودراساته..حتى أنه سماها عباءة او ملاءة المسيح: "سورية عباءة المسيح".
.
لذا نراه يكرس وقته كله في البحث والكتابة عن سورية، وسورية في منظور لامنس تتجاوز حدود الدولة السورية الحالية لتشمل فلسطين ولبنان والأردن بل والسفوح الجنوبية لجبال طوروس والجزيرة الفراتية او جزيرة ابن عمر، اي سورية بحدودها الطبيعية والتاريخية حتى الهيمنة العثمانية وبعدها التركية..اما من الناحية الزمنية فنظره الى سورية يضعها في أصول الحضارة الإنسانية على قدم المساواة مع سومر، ويرى انها ملتقى قارات العالم وثقافاته وان الفينيقيين هم من اخترع الأبجدية وعولم التجارة وطور الفنون [تميز الفينيقيون بالنحت الدقيق على العاج وصناعة الأقمشة التي ورثتها للموصل وحلب اللتان برعتا فيها حتى القرن التاسع عشر]، فتتابعت مؤلفاته عن سورية إذ كتب
[ سورية: ملخص تاريخي] 1921، و [موجز تاريخ سورية ولبنان] 1932، [تسريح الأبصار فيما يحتوي لبنان من الآثار]، وهي مجموعة من الدراسات والمقالات جمعت في كتاب 1898، وقد الهمت رحلاته في سورية دراسات حقلية عديدة توزعت بين الجغرافيا والإثنوغرافيا والتاريخ والآثار والأديان فضلا عن اثارتها لحوارات عديدة بين المستشرقين واضرابهم، وبخاصة دراسته المعنونة "رحلة الى أنطاكية"..ويرى كوفمان ان لامنس واصل نهج أرنست رينان الذي لفت الإنتباه الى الدراسات الميدانية في فينيقيا (سورية قديما)، هذا الى جانب العديد من الدراسات والمحاضرات المكرسة لسورية تاريخا وجغرافيا وتكوينا حضاريا واجتماعيا منها على سبيل المثال لاالحصر: "سورية ورسالتها التاريخية" و "التطور التاريخي للجنسية السورية" وهما محاضرتان الأولى في القاهرة والثانية في الإسكندرية القاهما خلال اقامته في مصر في اثناء الحرب عامي 1915 و1919 على التوالي..فضلا عن مقالات نشرها في دوريات متفرقة ك "سورية وخطورة [أهمية] جغرافيتها" 1904، "نبذات عن الجغرافيا السورية" 1906، "المذكرات الجغرافية في الأقطار السورية" 1911، "مأدبا مدينة الفسيفساء" وغيرها كثير [ للإطلاع على مصنفات لامنس مراجعة منوعات جامعة القديس يوسف المجلد 21، الصفحات 340-355، وكذلك كتاب نجيب العقيقي "المستشرقون" الصفحات 1068-1072، مطبعة دار المعارف في مصر عام 1964]..

وقد أثرت أفكار لامنس حول سورية ولبنان في خلق جيل من الرواد والشعراء والمثقفين اللبنانيين من بين طلبته كالشاعر جاك تابت ورجل الأعمال والأديب موريس شهاب، فضلا عن ثلة من المثقفين اللبنانيين وبخاصة المراونة كبولس نجيم وشارل قرم وميشال شيحا [من اصل كلداني من العراق]،الذين ربطوا اصولهم في لبنان وسورية بالحضارة الفينيقية، وذلك على نقيض ماذهب اليه لامنس الذي شاطر في رأيه حول أصول المارونيين البلاذري قديما وكمال صليبي حديثا والقائل بأن المارونيين هاجروا الى لبنان وجبلها من وادي العاصي وأن اصولهم سورية في انحاء حمص وحماة..غير أن افكاره حول خصوصية الأمة السورية وفرادتها ومن ضمنها لبنان شجعت من جهة أخرى جيلا من المفكرين والكتاب والشعراء ممن ربط لبنان والساحل الشامي بأكمله بالفينيقيين بدءا بشارل قرم ووصولا الى سعيد عقل..كما اثرت أفكاره حول سورية في خلق حراك سياسي قومي تمثل بتاسيس أنطون سعادة للحزب القومي الإجتماعي السوري الداعي الى القومية السورية على اساس الحدود الطبيعية لسورية [الشام الكبرى]..
وتجدر الإشارة الى أن ميشيل عفلق قد تبنى فكرته عن موقف القومية من الدين من انطون سعادة في كتابه [الإسلام برسالتيه المسيحية والمحمدية]..
ولامشاحة ان ننوه في هذا الصدد الى الجانب الأدبي في فكر لامنس ونتاجه الثر فقد كتب عددا من القصص القصيرة في مجلة المشرق كرواية الشقيقتين وحبيس بحيرة قدس وخريدة لبنان التي اقتبس حبكتها الكاتب اللبناني الفرنسي جورج شحادة في مسرحيته [مهاجر بريسيان]، وترجمها من الفرنسية الشاعر أدونيس..

لامنس والفكرة القومية:

غالبا ما يجد البحاثة صعوبة كبيرة في تقويم كاتب كبير من طراز لامنس أو اضرابه من المستشرقين متعددي الوجوه والمواهب، ولاسيما أزاء مواقف خلافية وآيديولوجية تتصل بحوادث وشخصيات وقضايا محورية في تاريخ الأمة..ولعلنا نجد في أدبيات الإستشراق آراءا مبثوثة هنا وهناك تتصل بهذا المستشرق أو ذلك المؤرخ وذاك، كما في موسوعات المستشرقين لعبد الرحمن بدوي أو نجيب عقيقي أو لدى متخصصين كبار كأدور سعيد وابراهيم مدكور وزكي مبارك وانور الجندي ومحمود محمد شاكر وغيرهم كثير..غير أن الآراء في معظمها تعكس مرغوبية الناقد وانطباعاته على الأكثر..وهناك امثلة يسيرة عن تقويم ايجابي يصاحبه آخر سلبي في الوقت نفسه لمستشرق ما..وهذا في الواقع حظ لامنس الذي اصبح هدفا لهجوم الإسلاميين من كل حدب وصوب..لكن العلمانيين والقوميين السوريين خاصة له منهم موقف مختلف، فقد تناوله المؤرخ اللبناني الراحل كمال صليبي في فصلين كبيرين كما اسلفنا، جاء في مقدمة أحدهما ضمن كتابه [بيت بمنازل كثيرة: الكيان اللبناني بين التصور والواقع". الآتي: (كان عالما غزير الإنتاج، واسع الخيال، وواحدا من ابرز مستشرقي أيامه، إلا انه كثيرا ماكان يؤخذ عليه إطلاقه العنان للأحكام المسبقة والحدس في أبحاثه).

وهنا ننتقل الى الوجه السياسي لهنري لامنس، وهو في الواقع يتصل بل يعبر عن قناعاته الفكرية كما صممتها ثقافته الإستشراقية وقراءته للأدب والتاريخ العربيان..وهو بصفته سوريا لبنانيا بحكم التنشأة المبكرة وحس الأنتماء، لم يجد بدا من التفاعل مع الحوادث المهمة التي حدثت في أثناء حياته في لبنان ولاسيما الحوادث التي سبقت الحرب العالمية الأولى وتلتها كسيطرة الإتحاديون على لبنان عام 1914، وتفشي الطاعون والمجاعة في جبل لبنان بينما كان في القاهرة عام 1915، واعدام العثمانيون ل21 مواطن سوري ولبناني بتهمة العصيان وتاييد الثورة العربية، فانتهاء الحكم العثماني عام 1918 وتنصيب الإنكليز الأمير فيصل بن الحسين ملكا على سورية، فاحتلال فرنسا لسورية ولبنان ووضع سورية ولبنان تحت الإنتداب الفرنسي، ثم تبلور حركة قومية في سورية تمخضت عن اعلان الثورة على الإنتداب الفرنسي فاستقلال سورية عام 1936 اي قبل وفاة لامنس بسنة واحدة. وكان لامنس يتفاعل مع حوادث المنطقة فكتب عن ابن سعود والوهابيين وشريف مكة والثورة العربية وسكة حديد بغداد ومواضيع أخرى تخص سورية وكانت علاقته مع الجنرال غورو قائد الحملة الفرنسية على سورية قوية فقد الف كتابه [سورية: ملخص تاريخي] الذي ترجم الى اللغة الفرنسية بناءا على طلب من الفرنسيين الذين وجدوا في معرفته بسورية ولبنان،فيما يرى كمال صليبي، منجما غنيا لاينضب، ما جعلهم يعدونه فرنسيا ويمنحونه الجنسية الفرنسية..وقد عاصر لامنس بواكير الحركة القومية في اوج عنفوانها..وذلك لأن الظروف السياسية السابقة والمصاحبة للحرب على الصعيدين الدولي والأقليمي فضلا عن الصعيد الثقافي كانت كلها مؤاتية ومشجعة للنهضة القومية..

فمن الناحية الأقليمية كان العرب يتململون من الإستبداد التركي، وكانت النهضة التي ابتدأت في مصر وبلاد الشام في باكورة عطائها مع المفكرين في النخب العربية المستنيرة في القاهرة وبيروت وبغداد وحلب والموصل..وبينما كان العثمانيون يعملون السيف بالأرمن وغيرهم من مسيحيي المشرق، فتحت العواصم والمدن العربية أذرعها لإستقبال من هرب منهم وايوائهم..ومن الناحية الدولية وصلت حالة الإحتراب بين القوى الأوربية حد المواجهة المسلحة بين دول المحور التي تضم الدولة العثمانية وألمانيا وامبراطورية النمسا والمجر ومملكة بلغاريا من جهة، ودول الحلفاء التي تضم بريطانيا وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة من جهة ثانية..وكان الشرق الأوسط واحدا من المسارح الساخنة لتلك المواجهة لأنه كان تحت السيطرة العثمانية ما جعل الإنكليز والفرنسيين والروس يبحثون عن حلفاء لهم في المنطقة فوجدوا هؤلاء الحلفاء بالعرب من اتباع شريف مكة والأقليات المسيحية المضطهدة..فبدهي والحال هذه ان تشجع دول الحلفاء الحركات والتوجهات المناهضة للسيطرة العثمانية..وكانت القومية العربية أحدى تلك الحركات اللاتي لاقت دعما كبيرا من الأنكليز والفرنسيين..وكانت البعثات البروتستانتية الى جانب الآباء اليسوعيين يضطلعون بمهمة نشر الوعي القومي من خلال تثقيف النخب العربية المسيحية تحديدا لقيادة الحركة القومية فكانت الكلية الإنجيلية السورية التي تأسست عام 1866 واصبحت تعرف فيما بعد بالجامعة الأميركية في بيروت إحدى أكثر المؤسسات الثقافية أهمية في خلق وتثقيف النخب القومية، ويكفي ان نستعرض عددا من اسماء طلبتها لنتعرف على طبيعة الدعم الذي تلقته الحركة القومية العربية من بريطانيا واميركا فقد تضمنت قوائم الخريجين المبكرين فيها (فيليب حتي، أنيس فريحة، كمال صليبي، غسان تويني، وديع حداد، إبراهيم طوقان، جورج حبش، عمر ابو ريشة، قسطنطين زريق، والبطلة الفلسطينية ليلى خالد فضلا عن العراقيتين وداد القاضي وزهاء حديد)..

ولكن هل كان لامنس في دعوته القومية يسعى الى قومية عربية تعتمد المقومات التي دعى اليها القوميون العرب لاحقا من امثال ميشيل عفلق وصلاح الدين البيطار واضرابهما في القيادات البعثية في دمشق وبغداد، أو قومية عربية تعتمد التاريخ المشترك والعنصر واللغة كتلك التي دعى اليها لاحقا جمال عبد الناصر، ام هي قومية من نوع آخر..والجواب يكمن في رؤية لامنس نفسه وطريقته بالتفكير..فقوميته هي قومية مختلفة.. قومية سورية لاترتكز على وحدة العنصر أو اللغة بل على التقاليد الحضارية والجغرافيا، اي هي قومية فرنسية وليست المانية..فبينما استعار الإتحاديون الأتراك النمط الألماني فتمخصت سياساتهم عن الشوفينية المطلقة والإستبداد، استعار القوميون السوريون من طلبة لامنس فكرة القومية كما دعى اليها لامنس فشكلوا تحت لواء الحزب السوري الإجتماعي برئاسة أنطون سعادة تصورا لقومية تعتمد على الحب والأرض والتناغم الإجتماعي..إلا أن تجربة هذا الحزب لم يكتب لها النجاح فسرعان ما تآمر عليها زعماء اقليميون ضيقوا النظر في بيروت مع قيادة شوفينية في دمشق [تم تسليم انطون سعادة من قبل حسني الزعيم مخفورا ومقيدا الى السلطة اللبنانية على عهد رياض الصلح لينفذ فيه حكم الإعدام قي ليل 8 تموز 1949 وذلك بعد تصفية مقرات الحزب واغتيال قياداته]..فهل راح انطون سعادة ضحية الفكرة القومية التي دعى اليها لامنس؟
في الواقع لم تكن الفكرة القومية حتى بمعناها السوري، اي القومية السورية الممتدة على ارض سورية الطبيعية، وليدة تفكير لامنس وحده..فكما أسلفنا تمتد جذور الفكر القومي عميقا في تربة القرن التاسع عشر، وبدايات القرن العشرين..وهو لاريب كان قد اطلع على حركة النهضة واعلامها بل وشارك بها، واكثرهم مسيحيون فقد نشر نجيب عازوري كتابه في القومية العربية عام 1905 [نجيب عازوري:من رواد حركة النهضة تخرج بمعهد الدراسات العليا في باريس. عمل معاوناً لحاكم (متصرف) متصرفية القدس. دعا إلى استقلال سوريا عن الدولة العثمانية. الف كتاب (يقظة الامة العربية في اسيا التركية)] وقد ألفه بالفرنسية سنة 1905 لم يترجم الى اللغة العربية حتى سنة 1978مما يدل على طبيعة خمول النخب العربيةفي التفاعل مع قضايا امتهم.. وعازوري هو المفكر الوحيد في عصره دعا الى اقامة دولة عربية قومية يكون نظام الحكم فيها دستوريا يكون فيها الناس سواسية امام القانون ..وقد اسس في باريس جمعية "الوطن العربي " ودعا الى امة عربية تضم المسلمين والمسيحيين، وكان اول من حذر في كتاباته من الخطر الاستيطاني الصهيوني في فلسطين وقال ان مستقبل المنطقة يعتمد على نتائج الصراع العربي-الصهيوني]، وكانت دمشق وبيروت والقاهرة وبغداد وقبل عازوري بعقود مراكز اشعاع قومي عروبوي اتخذ من الشعر والأدب وتشكيل الجمعيات القومية واصدار المنشورات الوطنية وسائل للنضال ضد الإستبداد العثماني ومن ابرز الجمعيات القومية العربية المبكرة الجمعية السورية التي اسسها مسيحيون شاميون في غرتهم بطرس البستاني وناصيف اليازجي عام 1847، والجمعية السورية في بيروت التي تأسست عام 1868 وفي زعامتها سليم البستاني ومنيف الخوري فضلا عن الجمعية العربية السورية في دمشق وطرابلس وصيدا عام 1875، وكان مطلع قصيدة ابراهيم اليازجي "تنبهوا واستفيقوا ايها العرب" صرخة اليقظة القومية العربية التي غالبا ماتقرن بدعوة الكواكبي الى الثورة في كتابه [طبائع الإستبداد]..كل ذلك سبق ومهد للدعوات القومية المتزامنة مع وفود لامنس المشرق واتخاذه لبنان موطنا له، فجاءت استجابته للدعوات القومية في وقتها بدواعي روح العصر ومتطلبات التصدي للإستبداد العثماني تحت طائلة الإسلام [وقد استمرتشكيل جمعيات عربية مناهضة للسلطة وداعية الى التحرر حتى الحرب العالمية الأولى كجمعية العربية الفتاة عام 1909، والجمعية القحطانية عام 1910]..لكن دوافع شخصية كثيرة تتصل بتكوين لامنس الفكري والعقيدي والآيديولوجي كانت وراء موقفه من القومية العربية..فهو تبشيري كاثوليكي ومستشرق اوربي موطن مولده ونشأته الأولى بلجيكا، وولائه لفرنسا وروما في المقام الأول، وبقدر تعلق الأمر بثقافته فهي شمولية لكنها انتقائية..فهو لايرى سورية بلدا عربيا ولا حتى مستعربا وموقفه من لبنان أكثر تشددا ..إذ يرى ان سورية تفصلها عن الأمم المجاورة حدود طبيعية تتمثل بالصحراء التي تفصلها عن مصر وجزيرة العرب والفرات الذي يفصلها عن بلاد الرافدين وجبال طوروس التي تفصلها عن تركيا.أما البحر فيجعلها، في رأيه، مفتوحة على تاثيرات الغرب بدءا بالحضارة الهلينية والرومانية فالحروب الصليبية ..وقبلهما الوجود الفينيقي..وهي اي سورية ملتقى ثلاث قارات آسيا وافريقيا وأوربا ماجعل منها ملتقى التاثيرات الحضارية على الرغم من وحدتها الجغرافية والطبيعية. وهي بسبب موقعها وخيراتها كانت منذ العصور القديمة هدفا لغزوات الأمم الأجنبية إلا ان اهلها حافظوا على استمرارهم وخصائص جنسهم السوري المتميز عن الأجناس المحيطة بهم في آسيا وافريقيا..لكن سورية الداخل تتميز بتضاريس خاصة من الجبال والوديان والبوادي جعلت سكانها على حال من التنوع الأثني والعقيدي..فكانت جبالها اللبنانية ملجأ للجماعات العرقية الهاربة من الإضطهاد الديني والسياسي حيث لجأ المارونيون الى لبنان هربا من الإضطهاد البيزنطي، ولجأ اليها العلويون والأرمن هربا من ألإضطهاد التركي العثماني، وهكذا الحال مع الدروز والنصيرية..

وعلى الرغم من تحدث السوريين باللغة العربية، فإن لامنس لايرى في اللغة اساسا للقومية، فهم أي السوريين، في رأيه، متحدرون من اسلاف من غير العرب فينيقيين وأنباط وكنعانيين وآراميين وعرب واقليات أخرى، وأن القبائل العربية وفدت سورية بعد الفتح الإسلامي في القرن السابع للميلاد..وان الحكم الإسلامي تميز بالظلامية والتسلط والإستبداد..لكن لامنس ينفي تلك الصقات عن الأمويين الذين يراهم دولة مستنيرة سورية قبل ان تكون عربية..

ولايحتاج موقف لامنس من الأمويين لطويل حديث لوضوح الأسباب فالدولة الأموية تختلف عن الخلافة الراشدة في التعامل مع النصارى، فهي دولة مدنية ملكية وراثية بدلا من الشورى..أما إدارتها فقد اعتمدت التنظيمات السريانية والبيزنطية ..وكانت سورية نفسها وعاصمتها دمشق بلدا متعدد الأعراق والأديان والطوائف، وأكثرية سكانها نصارى، وكانت زوجة معاوية بن أبي سفيان ميسون بنت بحدل الكلبية نصرانية، وكذلك كان طبيب معاوية ووزير ماليته وشاعر بلاطه نصارى، وسوى ذلك فقد عيّن معاوية ابن آثال النصراني واليًا على حمص وهو تعيين منقطع النظير في تاريخ الدول الإسلامية، وقد لقب سكان سوريا معاوية "بالمستنير السمح" كما ذكر الطبري والمسعودي وهما من مصادر لامنس..

وعموما فقد أخذت المسيحية في العهد الأموي تكتسب طابعا اجتماعيا خاصا في القبائل التي كانت وبقت عليها، وبخاصة تلك التي هاجرت الى سورية واتخذتها موطنا لها اضافة الى سكانها [سكان سورية] المسيحيين اصلا..كما سمح الأمويون بالاحتفاظ بأغلب الكنائس القائمة ولم يمانعوا في ترميمها أو في بناء كنائس جديدة، وعلى الرغم من أنّ بعض عهود الصلح مع المدن المسيحية في أيام الراشدين نصّت على منع استحداث كنائس جديدة، إلا أن الأمويين لم يلتزموا بعهود الصلح تلك باستثناء مرحلة خلافة الراشدي الخامس عمر بن عبد العزيز.. وفي رواية الطبري أن خالد القسري والي العراق، كان يأمر بنفسه بإنشاء البيع والكنائس [يذكر البلاذري أنه أمر ببناء كنيستين واحدة بالكوفة نزولا عند طلب أمه المسيحية والأخرى في البصرة نزولا عند طلب مسيحييها]..

ولانعرف في هذا الشأن إن كان لامنس قد تاثر بشكل أو بآخر برأي يوليوس فلهاوزن بالدولة الأموية وعده أياها أكثر أصالة واقوى تعبيرا عن الروح السيادية العربية من الدولة العباسية..مع ذلك لم تكن القومية العربية صفة الحقها لامنس أو فلهاوزن على الأمويين..ولعلهما في راييهما ينتهجان نهجا اقرب لأبن خلدون وهيجل منه لأرنست رينان واضرابه من القوميين الفرنسيين..وهنا نقتبس كمال صليبي الذي يلخص موقف لامنس من القومية العربية في اعقاب الحرب العالمية الأولى بالنص المختصر الآتي:

(وكانت القومية العربية آنذاك [أواخر العقد الثاني من القرن العشرين]، تنتشر في بلاد الشام على نطاق واسع، وخصوصا بين المسلمين، وكان لامنس يرى أن هذه القومية، في اساسها، ليست أكثر من توضيب جديد للعصبية السياسية الإسلامية. وهو في هذا الرأي على اتفاق تام مع مسيحيي بيروت الذين كانوا يضغطون في ذلك الوقت باتجاه الإنفصال السياسي للبنان الكبير عن محيطه العربي)..

وقد تمثل جهد لامنس الفكري ودراساته المتتابعة لسورية وتاريخها وجغرافيتها وبضمنها لبنان وفلسطين والأردن، أي سورية الكبرى، على إخراجها من السياقين العربي والإسلامي، وهذا يفسر موقفه من الإسلام والنبي بل وأهل بيته من الهاشميين كلهم إذ لم يستثن أحدا منهم من هجومه ..وهنا لابد من ألإشارة الى أن لامنس في موقفه من محمد (ص) لم يختلف كثيرا عن موقف أسلافه من المستشرقين اللهم إلا بحدة الهجوم وتوسيع نطاقه ليشمل اهل البيت وعددا من الصحابة فتراه أمويا أكثر من الأمويين ومسيحيا أكثر من المسيح، بل وسوريا اكثر من السوريين أنفسهم، وهنا نعود للإقتباس من كمال صليبي قوله في نظر لامنس لسورية والسوريين:

(إن السوريين كشعب لهم وجود تاريخي يسبق بكثير وصول العرب، وأن لديهم كامل الإمكانية للتطور والتحول الى أمة قائمة بذاتها ومستقلة تمام الإستقلال عن محيطها العربي)..

وقصارى القول فإن هنري لامنس تفاعل مع بيئته وموطنه الجديد سورية الكبرى تفاعلا حيا مخلصا عكس انتماءا وجدانيا وحقيقيا لسورية وأهلها، وقد أثار بكتاباته عن سورية ولبنان وعيا قوميا خاصا بهما انعكس فيما بعد بسلسلة الحركات والتوجهات الفكرية القومية في سورية ولبنان بدءا من انطون سعادة وحسني الزعيم ووصولا وليس انتهاءا بالبعث في سورية والتوجهات القومية لدى مسيحيي لبنان ودروزه متمثلة بشخصيات وطنية عكستها سيرا مثيرة كسير جورج حبش وسعيد عقل وكمال جنبلاط واعطت للبنان شكله الحالي بلد الأرز والتفاح والأغاني..ما جعل منه حقا بطلا من ابطال سورية .كما عالجته بهذا العنوان احدى احدث الأطروحات العلمية التي تناولت سيرته ونتاجه وحياته..

وإني بمقدمتي التعريفية له هذه ماكنت سوى قارءا احاول ان انقل بأمانة جانبا يتصل بموطني العظيم بلاد مابين النهرين الممتدة من سفوح زاكروس وطوروس حتى البحرين الأبيض المتوسط وبحر العرب..والله والحقيقة التاريخية من وراء القصد..



#صلاح_سليم_علي (هاشتاغ)       Salah_Salim_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فتنة الملا سعيد البرزنجي من منظور الرحالة الأنكليز
- سعيد عقل بين الشعر والتاريخ والآيديولوجيا
- يوليوس فلهاوزن وموقفه من ألأمويين والعباسيين
- المثلث الآشوري
- الشعوبيون وتاثيرهم على تدوين التاريخ العربي
- سورية ارض الحروب الدائمة
- حليب اللوز: رحلة في قصيدة [وتريات ليلية] لمظفر النواب
- احتلال الموصل عام 1918- جرترود بيل/ترجمة صلاح سليم علي
- الهوية والإحتلال
- شخصيات خيالية في تراثنا الشعبي
- عقدة الضحية بين التكفير والعنف-أيران نموذجا-
- من أيمار الى لاهاي
- شهرزاد والدب
- الرحالة سفين أندرز هدين وصورة الموصل خلال الحرب العالمية الأ ...
- تحولات مردوخ
- العنكبوت والذباب
- الجثة والطوطم:قراءة في قصة ربطة الأرجوان لأنور عبد العزيز
- أنساب وذباب
- شخصية ابن الموصل في ضوء الأمثال الشعبية الموصلية
- أبراج الكبد والأميرة النائمة


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - صلاح سليم علي - هنري لامنس وموقفه من القومية والدين في المشرق العربي