أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - وديع العبيدي - علم بلا أخلاق/ AMoral Science















المزيد.....



علم بلا أخلاق/ AMoral Science


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 6023 - 2018 / 10 / 14 - 22:38
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


(1)
لفظة (علم) ليست اختراعا اوربيا، في الصوت أو المعنى، وهي قديمة قدم الشرق. واقتناصها من قبل أوربا جزء من مشروع القرصنة الأوربية على كلّ العالم والتاريخ. وكان اقتناصه واحتكاره لها من النوع الذي صارت سمة احتكارية له من جهة، ومن جهة إعادة تسويقها وفرضها على البشرية، وجعل الأخيرة أسيرة له باسم العلم. فالعلم الأوربي – تقنيا- لا يختلف عن التوابل الهندية والشاي الصيني الذي قرصن عليه الانجليز وأعادوا تعليبه وتسويقه بماركة انجليزية حتى اليوم.
اشكالية الشرق العويصة هي (القطيعية والقطعية). والعبودية القطيعية في الشرق تقابل الدمقراطية الرأسمالية والأميركية/(دمقراطية العبيد)، أما القطعية فبدأت بالكهنوت وانتهت بالسلطة ومحتكري الثروة، أي (مآفيات القوة الخفية وأذرعها في البلدان). وكلّ ذلك باسم العلم والحضارة والعولمة والدمقراطية العكسية.
لفظة (علم)/(science)، صار لها معنى أكبر منها. لقد منحت دلالات وآفاق شمولية جزمية، تتجاوز واقعها المختبري وأفقها المحدود. وكثرة متكاثرة صارت لا تميز بين العلم وبين العلوم المركبة أو المتعالقة والمقارنة والتطبيقية. ولكن الأهم منه تلك الهالة العلوية المقدسة، والمتمنعة في ذاتها، حتى انتشرت احكام قطعية مستبدة جائزة: (هذا غير علمي، مخالف للشروط العلمية، مناقض للعلوم). وهل صحيح أن خلاف العلم هو (الجهل)، أو (التخلف) بالمعنى الأشمل.
من أحاجيج العلم اتصالها بالعقل، أو صدورها عن العقل وحده. وكانت سلطوية العقل أو مركزيته من عناوين التنوير والنيو-أنتيكا، رغم أن العقل والعقلانية كان معروفا ومرجعا للقدماء ومنهم الاغريق والمسلمون. ولكن النهضة الأوربية اضافت له بعدا جديدا، للانفصال عن الدين الشعبي والاساطير الدينية. العقل من لغة الفلسفة، والعلم خرج من الفلسفة واستبد بالعقل. واقع الحال ان علاقة العلم بالعقل ليست كلية أو دقيقة، ولا تتعدى منها غير اليتين: (خبرة متراكمة + اختبار متجدد). وهما يشغلال جزء دقيقا من امكانيات العقل، وثمة اشتغالات لا تحصى داخل الدماغ، ومن بينها الغيبيات والخرافات والاساطير المحكمة التي هي بدورها منتج عقلي في زمنه. هذا يعني اكذوبة مخالفة العلم للخرافة ومحاربتها لها، والتي تبقى قبل وبعد كل شيء، صراعا رأسماليا من أجل البقاء. وهكذا نشأت اقطاعية رأسمالية جديدة بعد القرن السادس عشر، تنافس الاقطاعية الكنسية، وتستحل دورها وأماكنها. وسيأتي في سياق هاته المداخلة سعي العلمانيين لتأسيس ديانة جديدة، يسودها انبياء وكهنة وقديسون من العلمانيين واللادينيين.
هل نكران العلم وما يوصف به وينسب له من شروط، دالة (همجية)، أو خروج على ملة المدنية. هل العلم الأوربي المقدس فضح خرافة (الالوهة) فعلا، لأن نيل ارمسترونغ [1930- 2012م] خرج الى الفضاء ولم يجد (الله) هناك!. هل هذا منطق علمي، هل هو حق!.. هل هزم العلم الالوهة ونسف الدين. طيب..!. إذا كان عقل الانسان قد أنكر العلم الالهي، فكيف يستسلم للعلم البشري ويقدسه. والأهم منه، لماذا ينبغي للبشرية تصديق ثلة بشرية بلدانية، ووضعها موضع طبقة الكهنوت العالمي!.
كل هاته الأسئلة وما وراءها لن يتاح لأحد، لأن ما يدعى علما حديثا انما فرض على البشرية قهرا وغصبا، من خلال القرصنة والعدوان والهيمنة والاحتلال والوصاية على بلاد الناس وعقولهم، ومعاملتهم معاملة الأطفال القاصرين أو البهائم، وهي النظرة المتصلة في يوم العولمة.
عملياهذا ما حصل، ونحن – المعاصرين- نشأنا على خرافات العلوم الأوربية الحديثة وأساطيرها الكولونيالية/ الامبريالية. حتى صار كل ما يقوله الأوربي هو الحق، وكل ما يسلك فيه أو يأمره هو المثال. نزعنا من جلود أبائنا وأقحمنا في جلود الغزاة، سفهنا ارث أجدادنا وتقمصنا خزعبلات العدو بشرطة التفوق العقلي والعرقي، وما زلنا نصارع ونعاني لمسح عقائدنا وقناعاتنا الوجودية وترديد عقائد وقناعات من وصفهم تراثنا بالضالين/(بل هم أضل سبيلا)!.
وما زلنا نزهو ونغلو في مناقشة الفكر الديني وتنفنيده بمنطق العلم!..
(2)
ها لقد انتصرنا. انتصر العقل على الخرافة، وانتصر الانسان على الغيبيات. وانتصر الغرب على الشرق، والوثنية على الايمان، والدخيل على الأهلين والمدنيات الكولونيالية الترقيعية على المدنيات العريقة والأصيلة!..
فرحنا بذلك زمانا هذا أمده. أقول هذا أمده، ثم بدأت القشور تتساقط، قشور العمى، مثل عميان أريحا. اكتشفنا/ (أكتشفت أنا شخصيا)، أننا كنا عميانا، بعد أربعين عاما من المطالعة والدراسة والاعجاب بالحضارة والفلسفة الغربية، أكتشفت أنني كنت أعمى، وبعد أربعين عاما، من عمر النبوة، بدأت القشور تتساقط، وصرت أنظر. من العبارات الأثيرة التي قالها عبدالله بم جحش لزملائه في الحبشة: [فقحنا وصأصأتم!]. وفي مقاربة يسوعية لذلك: [لو كنتم عميانا لأبصرتم، ولكنكم تقولون اننا نبصر، فأنتم عميان!]-(يو9: 41).
الغرب أعمى، وهؤلاء القراصنة الجلفون الذين احتكروا السلطة والهيمنة وربطوا البشرية بأنظمة وقوانين وسياسات، يتحكمون بها، ويفرضونها علينا بسبوبة التفوق والتقدم والقوة الوحشية، هؤلاء هم العميان، ونحن أعمتنا الذلة.. أعمتنا الاتكالية والطفيلية والانتهازية وكرهتنا لأنفسنا ولبعضنا، أعمتنا تقاليدنا العاطفية التي ما زالت توقر العدو الذميم بمثابة الضيف الكريم، الدخيل المقدم على أهل البيت والبلد!. نجوع ليأكل العدو وينتفخ.. نتذلل للدخيل لكي يتفاخر علينا ويشرئب بعنقه!. بينما نستبد ببعضنا وننتفخ حياء وكبرياء وعظمة، كما يقول النواب/(تنافحتم شرفا!.).
وعجبا لكبرياء أسلافنا.. ونحن محنيي الظهور لكلّ من هبّ ودبّ في الأرض، ممن يعتاش على جلودنا ودمائنا ونحن نبتسم بخجل ونخضع لهم!..
كان مشروع كروزن [1859- 1925م] حاكم الهند ونائب الملك، تحويل المنطقة العربية الى (هند بريطانية)، وتطبيق نفس السياسات مع السكان. لكن انجلتره يومها كانت تواجه تحديات في أماكن أخرى، شغلتها عن الأمر. اليوم يتسابق العرب إلى لندره، ويتفانون لتقليد الهنود، متخذين (هندستان) أسوة حسنة!.
عصر النهضة اراد تحرير عقل الانسان من اليقينية الدينية، ولم يهدف لاستبدالها بتلقينية يقينية جديدة باسم العلم. ولكن في واقع الحال هذا هو الحاصل. ليس من الجمهور العامي، وانما من زعماء الحداثة. فعندما انتهى أوغست كومت [1798- 1857م] من تسطير مجلداته الأربعة، صرم سنواته الأخيرة في تأسيس دين جديد على اسس مادية علمانية، يوافق المكتشفات والأفكار العلمية، ويضارع النظام الكنسي الكاثوليكي، فيكون هو النبي والرسول، ويتخذ من اسماء علماء ومفكرين حاشية القديسين على عدد أيام الكالندر، حسب الطراز المسيحي التقليدي. ويعلق ديورانت [1885- 1981م] على هاته التفصيلة، ان وقوعه في عشق أرملة ، نقله من مستوى العقل إلى مستوى الغريزة، وانتهى به وهم يحلم بالنبوة والدين الجديد يسود العالم.
وليس مصادفة أن ينتهي هربرت سبنسر [1820- 1903م] لنفس مصير كومت، ويموت محبطا قانطا من مشروعه، جازما ان المظاهر المادية والعقلية عاجزة عن اشباع الحاجات الانسانية، فعاد الى خانة الدين والكاثوليكية نادما، وختم موسوعته بالفصل الأول من أسفار التوراة.
كثير من العلماء والمفكرين، لم يخرجوا على أصل الدين أو ينكروا الايمان، ومن أبرزهم دارون [1809- 1882م] نفسه، الذي تعرض للتقويل والتأويل أكثر من غيره. وغالبا ما يتم تدوين التاريخ المعاصر تحت تأثير عقاقير العصبية والمغالاة والغرور والغرضية المسبقة، مما يقتضي القفز على الواقع، واختزال ما بين السطور، لايصال ما يريده الناقل، في أنصاف حقائق، أو حقائق مشوهة ومزورة.
ومن الأدبيات ما يضع الماركسية أو الشيوعية في مصاف الديانات، لرسوخ مبادئها الفكرية ورسوخ قناعاتها الجامدة وانتشارها في نصف بلدان العالم. وفضلا عن ادعياء النبوة ورسل الوحي الذين يظهرون ويختفون من وقت لآخر، ثمة ادعياء نبوة ورسالة في صفوف اللادينيين والعلمانيين، بل يستخدم تعبير (أنبياء العولمة) في أدبيات معينة كناية عن نقض الدين التقليدي. وهو يعبر عن دوامة المتاهة أو قلق الانسان المعاصر وحيرته، بعد اختلاط الحابل بالنابل في عالم بلا ملامح.
ما يلزمنا اليوم، للخروج من تخلفنا الحضاري الراهن، واختطاط طريقنا الخاص في الوجود والتقدم، هو التحرر من كهنوت العلوم والحداثة، على غرار ما عمله فولتير [1694- 1778م] في تحرير الدين من الكهنوت. ان مشكلة الناس عبر الزمن ليست (الدين) وليست (الحضارة)، وانما [الاقطاع] في كلّ أنواعه، الكهنوتي والثقافي والاقتصادي والسياسي، ممن قرصنوا على الأفكار والموروثات وسخرها لأغراضهم. وبغير ذلك لن يصار الى تحرير العقل والضمير والذات والارادة.
ومن أمثلة كهنوت العلوم والحداثة هو هربرت سبنسر الذي جعله بعضهم مؤسسا ورائدا لعلم الاجتماع. وما سبنسر الا فهلوي مدعي، وسيرته في متناول الجميع. ليس له في باب العقل ناقة ولا جمل، لم يذهب الى مدرسة، وما له في العلوم ومستحدثاتها. تعلم ثلاثة سنوات على يد عمه المتدين، مبادئ القراءة والكتابة وأوليات التعليم. مارس عدة اعمال مؤقتة وصغيرة لاجل القوت. وغير صحيح توصيفه بمهندس سكك، وهي من أواخر الأعمال قبل اصابته بمرض اقعده بقية عمره.
مرض في الأربعين، ولكنه عاش أربعين عاما أخرى، وهو يؤلف ويصنف، بمعونة سكرتاريا تحت ادارته. كانت تلك اللجنة تقوم بجمع وتلخيص ما يتعلق بالفلك أو البيولوجيا أو علم النفس، كلا في بابه، ثم يقدم لمدير المكتب، فيعلق هنا ويعدل هناك، ويضيف في مكان آخر، ليصدر مجلد جديد باسمه، وهو في ذلك متطفل على أفكار الآخرين، وسارق لجهود السكرتاريا تحت آمرته. وكان قد تأسس صندوق يتم تمويل بتبرعات المفكرين والمثقفين في زمانه، لتمويل معيشة سبنسر وعمله الموسوعي.
(3)
علم الاجتماع بالمناسبة، هو بمثابة (طفل يتيم) أو (لقيط) بين يوم وآخر، يظهر له أب مدع. وبعد غياب واغتراب في القرن العشرين، رافق شيوع الخطاب الأمريكي/(العولمة) في بلاد العرب، رواج مصطلح (أنثروبولوجيا)/|(ت 1) لتعويم مفاهيم الوطنية والقومية والانتماء والاستقلالية، قبل أن يتطور فجأة الى مصطلح ضبابي مزوق هو (علم الاجتماع)/(ت 2)، وذلك في اطار فوضى المسميات والمهيمنات القبلية والطائفية، لترسيخ مفاهيمها واستحلال مجالات الانتماء والوطنية والقومية.
ان ما يشيع اليوم في مجتعات الهزيمة والانحطاط المتلفعة بملاءات أمريكية، هو استعادة غبية للتاريخ حسب توصيف ماركس [1818- 1883م]، لما حصل وشاع في القرن العاشر، من وقوع الثقافة والعقلية العربية تحت سلطة العجم [اغريق/ بويه/سلاجقه ] وما تفتق عنه من استفحال مصطلح (شعوبية) و (مذهبية)؛ إلى تسخير العلوم الانثروبولوجية والاجتماعية والنظريات الالسنية المتأخرة، غب عشرة قرون منه، لتأصيل التجزئة وتفتيت النسيج المجتمعي الاسلامي وشرذمته لخانات ومرجعيات متورمة، استكمالا لمشروع هيمنة الأطراف على المراكز، واستحلال الهوامش محل المتون، وذلك بإفادة مباشرة من دعم وغطاء أميركي، بوصفها مابعد حداثة القرن العشرين.
ولذلك لا أعترف – شخصيا- باليباجات الرسمية والطروحات المنهجية* التي فرضتها الدعاية/ الثقافة الكولونيالية على ثقافاتنا البلدانية والثقافة العالمية عامة، وحملة اللهاث وتلقف المفاهيم والاصطلاحات الأمريكية التدميرية والمشوهة، لخدمة كل من المشروع الامبريالي لاستعباد العالم من جانب، وتنفيس التراكمات المحلية والاقليمية والعقد النسيجية المحلية في اطار وظيفي مزدوج.
ومن أثر ذلك عدم ظهور مفكر أو عالم في بلداننا ، إلا ويكون ذيليا طفيليا –لجهة ما- رغما عنه وعن بلده-. فيكون ابناء البلد أدوات عمياء لخطاب الغزو وغسيل الامخاخ، واستعبادها. وعندما تكون طبقة المثقفين والاكاديميين ذيلية غربية رخيصة، فماذا يبقى للمجتمع؟.. ولما تتجه اللائمة للسلطة السياسية؟.. ما خلا تزايد نسبة الاكاديمية العربية في صفوف الساسة والبرلمانات العولمية، وما استخلفته من ترويج الفساد وانحطاط الاخلاق ومشاعة التخلف ومراكز الشعوذة والعشوائية.
فهل استوعب الجيل الاكاديمي الطالع، الارث الاكاديمي والثقافي للقرن الماضي، وهل هو امتداد له أم قطعية واجتراء، وأين هو من مظنة/(شرق/ غرب) المرجعية؟.. ثمة اسماء معدودة من اصحاب الاطاريح للقرن الماضي، تراجعوا عن مضامينها، وتجاوزوها تماما، وذلك غب وقت طويل من استنفاد حاجتهم للوظيفة الاكاديمية، وتحررهم من سطوة المرجعيات الغربية الكولونيالية، فما هو موقف الاكاديما العربية والمسلمة الطالعة من المركزية الاكادمية والثقافية الامبريالية، أم حسبوا أن الولايات المتحدة ومنظومتها الوحشية دائمة أزلية؟.. وطمع بعض محاولات الاكادميين والمؤلفين المهاجرين برضا الغرب وتشجيعه، لا بأس!..
لكن المرجعية الثقافية والانسانية لأطاريح العرب والمسلمين هي شرقية وبيئية أصلا. والأولى بالكاتب معرفة أين يضع رأسه!. ان الذي جعل الغرب غربا، ومنح الفكر الغربي قوته وسطوته وأصالته، انما هي محليته ومرجعيته الوطنية والقومية/(المركزية الغربية). الفكر الانجليزي طافح بوطنيته وملكيته، والالماني يعتز بألمانيته، والفرنسي مدين لفرنسته، وأكثر من أولئك، تغالي أميركا في أمركة كتابها ومفكريها، واخضاعهم لنسيج الخطاب الأميركي القومي!.. فلماذا نفخر نحن بروح التبعية والتقليد الكولونيالي والامبريالي؟..
ان الرسالة الاخلاقية للمثقف هي مرجعيته الوطنية والقومية، ومن غيرها، لا تتأصل الشخصية/ الظاهرة الثقافية في طين الانسان. والثقافة العربية تعاني من اغتراب في واقعها المحلي، بسبب محاكاتها مرجعيات وأطر غير محلية، تارة بفعل التبعية الكولونيالية، وتارة لهاثا وراء الشهرة السريعة وأطماع العالمية. وأبرز مثال في هذا السياق، هو (أدونيس) الذي يعاني من اغتراب وتهميش متزايد، في العالم العربي كما في الغرب!. هل اصبح ادونيس [مواليد سوريا 1930م] أوربيا، هل نظر اليه الفرنسيون أو الانجليز كأحد أدبائهم، وفي نفس الوقت هو لم يكن اديبا عربيا أو سوريا، سعى الى الشهرة -(تصنيع ثقافي)- وانتهى الى الهامش، زوّر مرجعياته، وانتهى بلا بوصلة.
سلمان رشدي [مواليد مومباي/ الهند 1947م] أكثر شهرة وتقدما بين ادباء المهجر، عاش أكثر سني عمره في انجلتره، حصل على جوائز أدبية كبرى، منها وسام الفارس/(لقب سير)، ويحتل مكانة أثيرة في الأدب واللغة الانجليزية، ولكنه لا يجد نفسه في هذا الأدب. أعماله الأدبية تتعلق بخلفيته الثقافية الشرقية /(الهندية والمسلمة). وفي خطوة غير متوقعة، في ذروة مجده الانجليزي، ترك انجلتره/(2005م) وهاجر الى نيويورك!. هذا الهروب بين البلدان والثقافات، هو ترجمة لشعوره بالاغتراب وهروب منه، وبحث عن الذات والفكر المنتمي.
ان ادباء اليوم وأكادمييه، يحتاجون لدراسة شمولية عميقة، للظواهر والحياة الثقافية لبلدانهم ومحيطهم العربي والاسلامي، لكي لا يجتروا أخطاء سابقيهم، ويضيفوا لمضيعة التاريخ هدرا بشريا وفكريا.
(4)
عمل سبنسر ليس علميا، ولا فلسفيا. وانما عمل اداري يتناول تنسيق العلوم مع بعضها، وايجاد روابط موضوعاتية، تقود إلى نشأة علوم ومجالات علوم جديدة، كالربط بين البيولوجيا والكيمياء، بين علم النفس والفيزياء، والسياسة وعلم الاجتماع، الاقتصاد وعلم النفس؛ وبشكل يجمع العلوم في مخطط هيكلي، يوضح ماهية العلوم المحضة من جهة، وعلائق العلوم المقارنة من جهة أخرى.
هذا العمل التأطيري الموسوعي، جرى ربطه بالفلسفة، ولكن بمفهوم معاصر، مغاير لما سبقه. والفضل في هذا التصنيف والتأطير، ليس لسبنسر/(المدير التنفيذي للمشروع)، وانما لمواطنه فرنسس بيكون [1561- 1626م] الذي لم يعش طويلا، ولم تتوفر له الظروف التي تم توفيرها لسبنسر. توقف بيكون أمام سؤالين مهمين معرفيا، أولهما مصير الفلسفة ازاء النجاحات المذهلية لحركة العلوم والتكنولوجيا، بدء بالسماويات وليس انتهاء بالأرضيات وما دون الأرضيات من جيولوجيا وحفائر. وثايهما، ديمومة الفلسفة بمنحها اطارا وظيفيا، هو الاشراف على العلوم وتسيق ما بينها من روابط وانسجام. ان وظيفة الفلسفة بالنسبة للعلوم، هي وظيفة الدولة ازاء تنسيق قطاعات المجتمع لتحقيق المصلحة العامة!.
وظيفة الفلسفة هنا وظيفة ستراتيجية وليس ثانوية. ان مجالات الاشراف العام والروابط والمقارنة، لها أهميتان لا غنى عنهما، أولهما، تمحيص العلوم. ان فكرة علمية فيزيائية أو طبية قد تكون صحيحة كعلم بحت في مجالها، ولكن علميتها أو نجاعتها تتراجع إذا رصدت من منظور علم آخر، وقد استلزم هذا تدقيق وتمحيص كل منتج من أكثر من منظور، فالصح أن يكون صحيحا من كل الجهات والزوايا، وما لم يكن، يبقى في طور البحث والتجريب.
والأمر الثاني، فضلا عن توسيع قاعدة المعلومات والمشاركة البحثية، هو توفير النفقات والتكاليف في المشروع العلمي، فبدلا من تحمل جهة/ شخص واحد كل تبعات البحث ولوازمه من الألف إلى الياء. يستفيد المشروع من المعلومات الجاهزة والمتيسرة في مشروع، لاستكمال البحث من نقطة تالية/(ليس من نقطة الصفر مما يدخل في باب تكرار الجهود والتجارب السابقة، وما يترتب عليه من هدر في المكانيات والجهود والتكاليف).
ويساعد هذا بالنتيجة، في توثيق الصلات الادارية والعلمية بين مراكز البحوث والمختبرات والجامعات الاكادمية في مجالات البحث العلمي، على اساس التعاون والتكامل. فلا يقال ان الجامعة/ المركز الفلاني توصل الى (كذا)؛ وانما مجموعة البحث المشتركة المكونة من ومن.. شاركت في احراز النتيجة.
فرانسس بيكون لا يفضل هربرت سبنسر كثيرا. كلاهما بلا تحصيل اكاديمي، لم يذهبا لمدارس عامة أو خاصة. بيكون تعلم على يد والدته، وبعض المعلمين الخصوصيين في المنزل. ولم يكن سبنسر يحب الدراسة، وأقصى جهده ثلاث سنوات تعليم على يد عمّه، ويقال أنه لم يقرأ كتابا حتى آخره. وعمله الذي اشتهر به كان تنفيسا لاصابته بمرض يمنعه من العمل والحركة، ومن خلال معونة زملائه.
حياة بيكون تعرضت لتقلبات واضطرابات كثيرة، وذلك على خلفية ارتباطه العائلي ببلاط اليزابيث الاولى ودوائر الحكومة والبرلمان. فكانت ترفعه مرة لمركز محسود، وتعود تلقي به في قعر الوادي، أو رطوبة السجن. وبعدما نشأ في عائلة ارستقراطية عليا، مبتدئا حياته السياسية في الثالثة عشر من عمره سفيرا في باريس، صار يتمنى مع تقدم الايام حياة بسيطة مستقرة، وراتبا يكفيه مادة المعيشة، أفضل من بذخ الارستقراطية ووظائف الحكومة المتقلبة، جراء الازمات والصراعات والدسائس والاتهامات.
(5)
مثال تطبيقي: خرافة غزو الفضاء!..
بالنسبة لنا، لا يشكل الفضاء شيئا غير ما تضمنته ثقافاتنا الشعبية والتراثية؛ فكيف أزحنا قناعاتنا الموروثة جانبا، لتصديق (فذلكة وفهلوة) أميركانية. يقول جورج طرابيشي أنه في أحد ترجماته الفرنسية، كان (مأخوذا) بمفردة (مأخوذا). [الأخذ والمأخذة] التي تجعل الشخص (مأخوذا)-(حالة نفسية مثل فقدان السيطرة والتحكم الذاتي)، أي يكون في حالة تعطل العقل والوعي، ويقع تحت سطوة الغريزة والعاطفة. كلمة (مأخوذ) الطرابشية تترجم حالتنا الفكرية والعاطفية تجاه (حضارة الغرب الفائقة) وطرز معيشته وأفكاره.
أي أننا قبلنا الغرب ومنتجاته خارج ارادتنا وعقولنا وامكانيتنا، مسلوبين، أسرى. نصدق كلّ شيء، كل ما نسمعه أو نراه من الغرب، أو ما ينسب إليه. ولكن المفارقة ان نعيش داخل الغرب ونتقمص أفكاره وطرز معيشته وسلوكه، ولا نشعر بالأسى على أنفسنا وعليه. كل ما سمعناه وقرأناه عن المثالية والتفوق الغربي ونسبته للنظام والنظافة والانسانية والضمير تتهاوى عند الاختبار والملامسة، مستحيلة الى مجرد خرافات ودعايات مجانية، مؤطرة بهياكل رسمية وظاهراتية محكمة، لا وجود لها خارج عقولنا.
يقوم الغرب على أمرين: أولهما: (بزنس) اي منفعة تجارية محسومة، وثانيهما: تأكيد المرجعية والأولوية والتفوق. انه يسمعك، لكنه في النتيجة يعمل حسب مرجعيته الأولوية؛ انه يتعاطف معك، وعند العمل يستخدم الموضوع لمنفعته المادية المباشرة!. الغرب أيضا يقوم على اللغة، وظيفة اللغة هي الدعاية، وظيفة الدعاية تأكيد التفوق والقوة حسب نتشه، سواء القوة الناعمة الانجليزية، أو القوة الوحشية الأميركية!.
وهكذا يقف الغرب على ساقين: (المال والدعاية). أمران لم يخترعهما الغرب، وانما اقتنصهما من الشخصية العبرانية التي افتقدت [الأرض والدولة] واستعاضت عنهما بـ[المال والدعاية] لتأمين وجودها الستراتيجي المهيمن. ومن معطف الطبيعة العبرانية خرجت الشخصية الغربية في عصر النهضة، مقتنصة قائمتيها الرئيستين.
والكيان الغربي بدأ بالقرصنة خارج الحدود. القرصنة هي ملاحة تجارية ميكافيللية، اقتناص المال والثروة بأسرع وأرخص طريقة، والمتارة بها في شواطئ أخرى. القرصنة الملاحية هي بداية التكون الأوربي والأمريكي الحديث، وبداية الكولونيالية والامبريالية وأمراض الهيمنة والتفوق والابتزاز، التي تمرسها أميركا بكل وضوح في القرن الحادي والعشرين. وليس هنا مجال تفسير أسباب استسلام مجتمعاتنا الاناركية للجنس الأبيض المتفوق.
احساسنا بضآلتنا وعجزنا العقلي، هو الطابع البدهي ازاء عظمة الغرب وتفوق الانسان الغربي/(superman, big brother).
أين أصالتنا وايماننا وانتماؤنا لتراثنا وتاريخنا المجيد؟.. وإذا لم تكن لدينا مختبرات ومعامل تتداول علوم الفضاء وما وراء الفضاء، فلما نحشر أنفسنا في غير مكانها. بل أننا دفعنا ثمنا هائلا، لمجرد رغبة أو تهمة، امتلاك معمل ذري أو كيمياوي، فكيف نسلم رؤوسنا لخرافة غربية عن الفضاء.
رغم ذلك.. وصول الانسان للفضاء ونزوله على سطح القمر ، صار من القناعات التي تخذت صورة البديهة في أذهان كثيرين. وثمة كما من الاسانيد المادية والفيلمية المؤيدة لذلك، الى حد ان عدم تصديق ذلك يوصم بالتخلف. هاته اليقينية بالتفوق الأميركي هي اليوم عرضة لرياح الشكوك.
علوم الفضاء وصواريخه وسفنه ورجاله، لا تخضع لأولويات العلم، وانما هي جزء من (صراع القوة) و(التنافس العسكري) و(التلويح بالهراوة) بين طرفي الحرب الباردة. فالغرض والاطار عسكري سياسي، وليس علمي حقيقي. مجال الفضاء لا يخضع للعلم والعقل، وانما للحرب والغريزة/(الحرب نشاط غريزي)!. وما يصح في الحرب يصح في حرب الفضاء. فالكذب والخداع والبروباغندا والتدمير من خصائص الحرب التي لابد منها للتفوق والانتصار، وناسا من أجهزة البنتاغون والمخابرات، وكل شيء في خدمة الحرب!(*)
ومن ذلك قول روبرت سترينج مكنمارا[ 1916- 2009م ] وزير الدفاع الاميركي خلال [1961- 1968م] في تعليقه حول سباق الفضاء في الستينيات: [يجب أن ننتصر في هذا السباق بشتى السبل. وأية مناشدات تتعلق بالضمير والمبادئ الأخلاقية، سوف تعتبر خيانة!]
لكن هذا (الشك!) لا يدخل في مجال تفكيرنا. الشك مسألة عقلية صرفة، و(العقل) معطل تماما في خضم التبعية الكاملة لاسطورة التفوق الغربي. حتى هذا اليوم، لا يكاد أحد اتهام الغرب بشيء أو التشكيك في مصداقيته، حتى ينبري غير واحد للقول، (نظرية مؤامرة)!. أكثر منه، ان العربي والمسلم المأخوذ بسحر الغرب وتفوقه، لا يخالجه (شك) فيه. الواقع اننا لم ندرس ونتمعن تحت أي عنوان تعامل عرب القرن السابع عشر والثامن والعشرين مع الغرابوة الصليبيين، وهل تفاوضوا معهم أم وقع عليهم السحر، ولبثوا ساهمين.
في كل مفاوضات العرب مع الغرب، يتنازلون عن كل شيء، مقابل وعد بالحصول على شيء واحد سطحي. أنظر لحال كل بلد، وحال أهلها، مبلغ الاستخذاء والعدمية امام الآخر. ورحم الله الرّصافي القائل: (على ابناء جلدتهم أسود)!. ولكن ليس هذا المقصود بازدواجية علي الوردي [1913- 1995م] وهشام شرابي [1927- 2005م].
لماذا هذا الشعور بالنقص والهزيمة التاريخية أمام الغربي الامبريالي والرأسمالي؟.. هذا ما يجيب عنه حالة التبعية الطوعية وتقمص الآخر حدّ الذوبان!..
هذا يجعل العرب يواجهون معضلة تاريخية!.. لأن المثال الذي منحوا أنفسهم له، واعتبروه (مفتاح الجنان)، يتعرض للانهيار، فضائحه تتالى، ويفقد مكانته ومواقعه بنسق متسارع، وغير منظور تماما أيضا. ترى ما سر واقية الصدمات العربية، وفن تجاهل المواجهات والمواقف التاريخية، الذي يجعل مجتمعاتنا ونخبها، تعيش في ظل الخراب وتتعاطاه كأنه غير كائن!..
ان العرب لم يبدو موقفا ازاء سقوط الاشتراكية وانهيار موازين القوى العسكرية والفكرية.. ربما فسره بعضهم من منظور ديني بوصفه انتصارا للاسلام/(على اعتبار الاشتراكية الحادا، جاهلين أن (الاشتراكية) هي أصل الاسلام تحديدا).. جهل وميوعة وانتهازية أزاء سقوط أنظمة واجتياح امبريالي للمنطقة العربية.. تجاهل وميوعة ازاء مواقف وطروحات الأنجلو ميركان وفضائحهم السياسية وغير السياسية..
المبالغة في [التدين والكتابة] ابرز ظاهرتين لعرب اليوم. هذا العويل المطرد على اللغة والكتابة هل هو قرين فصام عن الواقع، والحياة في يوتوبيات هروبية!..
(6)
في العام (1969م) عرض برنامج (العلم للجميع)/[1960- 1994م] لمقدمه كامل الدباغ [1925- 2000م] في تلفزيون العراق أفلاما تصور هبوط أول انسان على سطح القمر، ومنذئذ جرى تضمين ذلك في الثقلفة الشعبية والاعلامية والمدرسية، ولا شك أن دراسات جامعية قد اعتمدت تلك البديهة التلقينية. في العام (2012م) مع وفاة نيل ارمسترونغ أول شخص سار على سطح القمر، اعلن علماء ناسا أنهم حتى اليوم لم يصلوا للقمر. وفي (2018م) وصف ديفيد كيليرنتير(مواليد 1955م)، الاستاذ في جامعة ييل، ومستشار ترامب للأمور العلمية والنقنية: الإعلان الأمريكي عن إنجاز مهمة أبولو في (20 يوليو 1969م) حول هبوط أمريكان على سطح القمر، (أكبر غش أمريكي) وأعظم خبر مختلق في تاريخ البشرية، وإن الأمريكان لم يطيروا إلى القمر أبدا!.
وكان علماء ناسا قد اعترفوا في العام(2012م): أنهم حتى اليوم.. لا يعرفون كيف يحمون المركبة الفضائية من الاشعاعات في حزام (فان آلن)، فكيف أمكنهم أن يطيروا إلى القمر ويصلوا إليه في ستينات القرن الماضي.. وكيف يمكن أن نصدق أن رجال الفضاء أخترقوه بألبسة واقية مصنوعة من رقائق الالمنيوم؟..
ويقول ديفيد كيليرنتر/(Geler nter) (مواليد 1955م) أن كل ما قيل عن نزول رواد فضاء أمريكيين على القمر، هو من نسج الخيال. وإذا كنا لم نصل بعد إلى القمر، فكيف نستطيع تنظيم بعثة الى المريخ في عام (2024م) ؟.. خرافة هبوط أبوللو على سطح القمر، هو تحريف لتاريخ البشرية، وخديعة أكبر من خديعة الاحتباس الحراري.!(*)
واقع الحال، ان تكذيب خبر هبوط البشر على القمر وتفنيده علميا ليس جديدا. ففي اعقاب شيوع الخبر الفيلمي كذبته الصحافة الأميركية ومنها (واشنطن بوست)، بينما تواصلت أشاعات رسمية حول استمرار الرحلات الى القمر. ويذكر انه في (يناير 1967م) - احتراق ثلاثة رواد فضاء سبق اعدادهم للتحليق حول القمر، على رأسهم فيرسو كريجو الذي كان انتقد المشروع، وقال ان ابولو مشروع فاشل. وفي نفس العام (1967م) شب حريق في ابولو واحد أودى بحياة خمسة أشخاص.
وفي (ابريل 1967م) قدم تومان فارول- كبير المفتشين في مشروع أبوللو تثريرا للكونغرس يؤكد عدم صلاحية المشروع للتحليق حول القمر، وبعد عرض تقريره امام الكونغرس، اغتيل في حادث سير. وفي عام (1976م) صدر كتاب [ًWe Never Went to the Monn, By: Bill Kaysing & Randy Reid].
وفي حوار تلفزيوني أجراه أليكس جونس مع ريموند تيغ المدير الفني في منظومة الملاحة لمركبة (أبولو ثلاثة عشر) الفضائية، قال تيغ: [لقد سئلت عن ذلك سابقا من قبل العديد من الناس. هل حقا حلقنا إلى القمر؟ وقد أجبت (نعم –أعتقد- أننا حلقنا. ولكني لا أستطيع أن أكون واثقا بشكل مطلق). ويكمن سبب ذلك فيما رأيته عندما عملت في المشروع. لو قارنا كل ذلك، لكنا متيقنين أننا حلقنا، ولكن في الوقت نفسه،- يمكن أن تفكر مثلي-، أننا ربما لم نحلق!].
لماذا تتطاير تصريحات وأخبار متناقضة حول موضوع علمي، ولماذا تنحشر الدولة والمخابرات في اخبار علمية وغير سياسية. هذا الأمر يخضع لعلم نفس الدعاية، أو تشويش ذهن المتلقي، فيختلط الكذب بالحقيقة ويتراجع الخبر والنشاط العقلي لمرتية أدنى، وعندها يتلقى الناس أي شيء بغير اجتهاد وتفكير. العويل على علم النفس في تسيير الناس هو من ادوات اجهزة المخابرات. والدولة المخابراتية هي الدولة الامنية، والدولة الأمنية هي الدولة الخائفة، الفاقدة للامان في أصله. والدولة الفاقدة للامن الذاتي هي احد أثنين أو كلاهما: نظام قائم على الاغتصاب والظلم، أو نظام قائم على الكذب والخداع!.
قد تحتاج الدولة اجراءات امنية وعسكرية مشددة في بداية عهد سياسي أو انقلاب نظام حكم. ولكن أن تستمر الدولة الأمنية بعد قرنين من ظهور الولايات المتحدة، فذلك يعني انها ما زالت مهزوزة القواعد ولا تحظى بالشعبية والقبول الذي تنقله وسائل الاعلام والدعاية الرسمية. وهذا يجعل سمات العظمة والتفوق وشرطي العالم والدمقراطية والرفاه منتجات دعائية مجانية لا أساس لها من الصحة، لتغشية عيون العالم. ولقد سفحت أميركا المليارات في سوق الدعاية والترويج الاعلامي وشراء المغردين والمطبلين لعظمتها الخاوية. وما الانترنت الا جزء من ادوات الدعاية والاعلان المجاني الخاضع لقوات الهواء أكثر من صلته بالحقيقة واعقل والاخلاق.
وقد قدمت قناة روسيا اليوم، مقابلة مع عالم الرياضيات والفيزياء الروسي الكساندر بوبوف، لتوضيح الجوانب التقنية لمشاريع الفضاء. ومما قاله بوبوف ان محركات الصواريخ الأمريكية/(ساتورن 5) غير قادرة على حمل الصاروخ للقشرة الأرضية، وقام بحساب سرعة انطلاق الصاروخ الامريكي، فكانت أقل من 1 كم/ ثانية، بينما سرعة الصاروخ المطلوبة لاختراق الفضاء هي (2.5)كم/ ثا. وهذا يعني ان ابولو 11 لم يخرج للفضاء، وانما سقط داخل الأرض في جزر (Azores- us- forces) وسط القاعدة العسكرية الاميركية هناك، والتي سبق تحديدها بعناية.
ويثبت مصدر آخر ان رواد ابولو 11 تم نقلهم من المركبة بمظلات جوية وطائرات وإعادتهم إلى الأرض، قبل سقوط الصاروخ في مياه (أزورس). ويؤكد تقرير علماء ناسا/(2012م) أن بدلات رواد الفضاء الألومنيومية غير كافية للوقاية من حرارة الغلاف الغازي العالية. بل أن تلك العقبة ما تزال لليوم كؤودة للأميركان. لكن بدلة الفضاء ليس العائق الوحيد للاميركان.
فالصواريخ الأميركية ثقيلة، يصل طولها الى (100م)، أي ما يعادل مبنى من (35) طابقا. وليس لديهم محركات تشغيل مكافئة لحملها بالقوة المطلوبة. ولذلك تتسبب في احتراقها وسقوطها داخل الأرض، ولحل المشكلة يشتري الأميركان محركات سوفيتية/ روسية لاطلاق الصواريخ. ولنا بذلك أن نستذكر الهالة الاسطورية لمنشأة (ناسا) وحجم ميزانيتها وتكاليف أبحاثها ومشاريعها وأقسامها المعقدة، والنظام المخابراتي المعقد لتوزيع أقسامها وادارة العاملين فيها، بحيث لا يكاد أحدهم يعرف الآخر، أو يبادلة التحية، ولا يسيمح لهم بقول كلمة عن عملهم ومكان عملهم، أو الاختلاط بالسكان أو الاعلام حتى الموت.
كل هذا التهويل والتعظيم والمبالغة والأسطرة، وظيفتها خدمة وتأصيل الكذبة الكبيرة التي تسوق صورة دولة وهمية خرافية في عيون البشرية. لكنها هالة اعلامية واسطورة هيوليودية خاوية من الداخل، ودكتاتورية وحشية من الداخل. بل ان العالم لا يكاد يعرف أو تنقل وسائل الاعلام شيئا عن أميركا غير تصريحات البيت الأبيض والمتعلقة غالبا بالسياسات الخارجية. وبعد افتضاح معدلات الاجرام والفوضى والفساد في عهدي بلير وأوباما، اتبع البلدان سياسة الستار الحديدي في الاعلام والدعاية، ويتم التركيز الامبريالي المؤدلج على فضائح البلدان التي يعادونها، فضلا عن نشر الاشاعات من قبل الامريكان، ونشر التقارير المسيئة لمهاجرين في الاعلام الأوربي اليميني.
الغرب اسطورة فعلا، بالمعنى البلاغي، لكنه اسطورة خاوية، حافلة بالأكاذيب والفساد ومعاداة البشرية!.
(7)
خرافة الفضاء.. بدء..
البداية كانت على يد فيرنر فون براون [1912- 1977م] : مهندس الماني ومنتج أول صاروخ ألماني، وأول صاروخ فضائي أميركي، مدير مشروع فضائي تم تنحيته (1970م) واحالته على المعاش، ثم اقالة صاروخه (ساتورن 5) من العمل. وهو من مواليد بلدة (ويرزيسك بولندة) عام (1912م) لأسرة أرستقراطية وهو الابن الأوسط بين ثلاث أبناء في اسرته. كان والده موظفا حكوميا، تدرج إلى وزير للزراعة في جمهورية فايمار [1919- 1933م].
في بداياته عمل في معمل سيارات ثم التحق بالجيش الألماني عام (1936م) حيث اظهر براعه في العمل على المحركات النفاثه. وفي (1937م) انتقل إلى (مشروع v-2 )، وفي (1940م) أصبح مدير المشروع، وبقي في منصبه حتى نهاية الحرب، حيث وقع في قبضة الجيش الأميركي مع (1600م) من زملائه ونقلوا الى الولايات المتحدة الأميركية مع (100) صاروخ من صنعه.
في عام (1946م) بدأ عمله الجديد في تطوير مشروع الفضاء الإمريكي، ويعدّ أبا مشروع الفضاء الأمريكي. وقد بقي في عمله حتى اقالته عام (1970م)، أي في العام التالي لفشل مشروع ابولو 11. في عام (1972م) أوقف العمل بصاروخ فرنون/(ساتورن 5). وفي عام (1977م) توفي متئثرا بورم في البنكرياس، حسب الاخبار.
نشر عن فون براون عمله على برنامج الصواريخ الألمانى المعروف باسم V2 والذي أطلق عليه صاروخ الانتقام ولكن هذا الصاروخ لم يحقق نجاح بالشكل الكافي في الحرب العالمية الثانية، وفي الولايات المتحدة جرى تطويره وتعديله ليصبح أول صاروخ يمكنه نقل أول رائد فضاء إلى القمر(!).
في (يناير 1969م) استلم رتشارد نيكسون [1913- 1994م] رئاسة البيت الأبيض، وكان مضطربا ازاء تقدم السوفيت في سباق الفضاء، فاقترح عليه مستشاره دونالد رامسفيلد [مواليد 1932م] تصوير فيلم عن الهبوط على سطح القمر كاجراء احتياطي، وفي حال تعثر ابولو يعرض الفيلم. كان نيكسون خائفا من افتضاح اللعبة، لكنه وافق بعد حين. في لندن يومذاك كان المخرج الامريكي ستاني كوبريك [1928- 1999م] ينتهي من فيلم (أوديسا)، وقرر رامسفيلد وهنري كسينجر [مواليد 1923م] الطيران الى لندن لمقابلة باتريك ومفاتحته بالأمر. رفض باترك ابتداء، لكنه وافق. قال له رامسفيلد: كل ما نريده منك ان تترك باب الاستديو مفتوحا في نهاية الاسبوع، ونحن نكمل العمل.
جرى اختيار أربعة أفراد من المخابرات الاميركية المركزية، لاستخدامهم في الفيلم، اثنين كممثلين، واثنين كفنيين. داخل الاستديو جرى اعداد سطح القمر. كان هناك مصدران للضوء. ولم يكن العمل خاليا من عيوب وفضائح فنية. في النهاية لم يعرض الفيلم كله، اقتطعت مشاهد محدودة وعرضت. يقول مصدر روسي، انهم اكتشفوا زيف الفيلم خلال دقيقتين فقط. وبينما كان ابولو ينطلق من الأرض، تم عرض الفيلم وتوزيعه في العالم. دون أن يعرف طاقم الفضاء بالأمر.
كان الاتفاق المسبق مع طاقم الفيلم أن يختفوا بعد اكمال المهمة. حصلوا على وثائق شخصية وأسماء جديدة وكثير من المال وتمويه أشكالهم، وانتشروا بحيث لا يعرفهم أحد. لكن نيكسون بقي مرتعبا من احتمال فتح أحدهم فمه. ورغم أنه حصل على فضيحة من مكان آخر، قادته للاستقالة أو العزل، فقد أمر الجيش الامريكي، للبحث عن اعضاء الفيلم وكل من يعرف بالأمر. وتم تصفية الجميع/(تقريبا) بطرق وحشية، وحيثما وجدوهم. أما ستانلي باترك فقد اعتزل الفن واختفى حتى وفاته/ (1999م) .
في العام (2002م) التقت التفزة الفرنسية الجنرال الاميركي السابق فرنون والترز [1917- 2002م] للتحدث في برنامج وثائقي، وكان نائبا لمدير المخابرات الأمريكية خلال [1972- 1976م] وله معلومات كاملة عن مشروع الفضاء الأمريكي، اقتنع والترز بازاحة ذلك السر عن صدره، واكمال الحديث في اليوم الثاني. في اليوم الثاني اشيع ان والترز مات بسكتة قلبية خلال الليل، رغم أن هيئته وصحته في التصوير الأول/ اليوم السابق، تظهره في كامل صحته. في العام (2016م) قدمت ناسا تقريرا يكشف الحقيقة بصورة رسمية لأول مرة، وفي (2018م) يؤكد ديفيد كيليرنتر مستشار الرئيس الأمريكي الحالي، أنه إذا كان الاميركان لم يصلوا بعد للقمر فكيف يصلون المريح عام (2024م). وهكذا تتوالى الفضائح والاكاذيب، بينما يتقدم صحفيان من (Space News) باسئلة لترامب حول مصير ناسا والفضاء التي كانت جزء من برنامجه الانتخابي.
وهكذا يستمر سيناريو التشويش والسخرية من الرأي العام، بعد زوال الخطر السوفيتي، وغياب المنافس الفضائي اللدود، ورحيل كثيرين من شهود أبولو، والغريب ان تستمر لغة الانتفاخ الأمريكي والتسلط على العالم بوصفها أكبر قوة عسكرية واقتصادية واعلامية، وبذلك يمكنها هز الهراوة والتهديد بالعقوبات في وجوه الجميع، دون حياء أو مراجعة من هزائمها الاخلاقية والعسكرية سواء في كوريا وفيتنام أو افغانستان والعراق، وتهربها من مواجهة الاتهامات الشعبية والأممية بانتهاك حقوق الانسان وارتكابها جرائم ضد الانسانية، من قنابل هيروشيما ونكازاكي/(6، 9 اوغست 1945م) حتى العراق ومسؤوليتها في الفوضى وافساد والخراب وفقدان الامن والنظام في قلب العالم.
ان فضيحة افلام وشعوذة ابولو وهبوط امريكان على سطح القمر، تكشف الكذب الهوليودي لأحداث نيويورك سبتمبر 2001م. علما ان خمسة من أركان ادارة نيكسون استخدمهم بوش الأول والثاني في ادارته التي أنتجت فيلم ناطحات نيويورك!.
ما هو موقف المشتغلين في قطاع العلوم وحاملي الالقاب العلمية بعد بلوغ العلوم حضيض الخرافة والادعاء.. وكيف تسلك المجتمعات والانظمة الخاضعة أو المتهددة من واشنطن، بعد افتضاح الفراغ الداخلي والمظهر الكاذب للتسلط الأمريكي..
تراجع واشنطن عن تهديد كوريا الى تهديد طهران، تراجعت عن تهديد طهران الى تهيد الرياض، وقبلها كانت تلوح بتهديد موسكو.. منتظرة ان يصدق أحد البلدان فرية التهديد كما صدقها صدام حسين ومعمر القذافي..
بكلمة واحدة.. لقد بلغت الولايات الامريكية أجلها، وهي تنتظر من يقودها من يضعها في الحفرة..
هل الانظمة والحكومات التي تغالي في اضطهاد مجتمعاتها وارتكاب حماقات هنا وهناك، ان تصحو وتتعرف المسؤولية التاريخية، للتوافق مع جيرانها والاتحاد المشرقي العالمي لموسكو وبكين ودلهي وطهران لنقل التاريخ للأمام، والتخلص من عصور الخنوع والعبودية..
ان لم يتحرك العالم اليوم، فأن الكرة ستكون في ملعب مختلف غدا، و..
ــــــــــــــــــــــــــــ
• (2012م): العام الذي توفي فيه نيل ارمسترونغ [1930- 2012م]/(25 اوغست 2012م)، وهو الطيار المزعوم نزوله على القمر كأول شخص عام (1969م).والاعتراف بعدم بلوغ القمر، في (2012م) يوافق أيضا انتهاء حقبة الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفيتي/(1989- 1991م) الذي كان أول من اخترق الغلاف الغازي عام (1960م)، مما جعله أكثر سبقا من القطب الأميركي، ولتجاوز تلك الاسبقية ورفع العار الأميركي تم تنضيد تلك الفرية التاريخية.
• أدورد سعيد في مقابلة معه قبل عام من وفاته (ان كل شيء في أميركا خاضع للدولة، وأن الطالب يتخرج في المدرسة الاميركية منتج كامل!). اجرى الحوار تشارلز جلاس/ https://www.youtube.com/watch?v=KzorBaplIFM
• قناة روسيا اليوم- رحلة في الذاكرة: / 21 مارس 2018م. خالد الراشد مع الكساندر بوبوف./ https://www.youtube.com/watch?v=rW6psz9uVqc
https://arabic.sputniknews.com/world/201708161025667126-
• www.akhbarak.net/articles/26017547



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عولمة بلا أخلاق/ AMoral Globalization
- ما قبل الكولونيالية..
- ما بعد الامبريالية..!
- من رأسمالية الدولة الى دكتاتورية الرأسمالية..
- عولمة.. فوضى ونفايات
- اكذب تضحك لك الدنيا!..
- عن اليتم والبصرة والشارع الوطني..
- القرصنة الثقافية وتهجين العقل
- المكان هو اليوتوبيا
- كاموك- رواية- (78- 84)- الاخيرة
- كاموك- رواية- (71- 77)
- كاموك- رواية- (64- 70)
- كاموك- رواية- (57- 63)
- كاموك- رواية- (50- 56)
- كاموك- رواية- (43- 49)
- كاموك- رواية- (36- 42)
- كاموك- رواية- (29- 35)
- كاموك- رواية- (22- 28)
- كاموك- رواية- (15 -21)
- كاموك- رواية- (8- 14)


المزيد.....




- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - وديع العبيدي - علم بلا أخلاق/ AMoral Science