أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - وفاء البوعيسي - الأنوثة من الطبيعة إلى الثقافة














المزيد.....

الأنوثة من الطبيعة إلى الثقافة


وفاء البوعيسي

الحوار المتمدن-العدد: 6023 - 2018 / 10 / 14 - 03:57
المحور: ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
    


تأخرت المرأة عن موعدها بقرون، للتعبير عن نفسها وذلك لأسباب تاريخية، وقد كان الرجال طوال فترة غيابها، يفكرون كيف يجب أن يبدو حضورها، كانوا يمارسون تحزيراتهم الخاصة حول طبيعتها، وهل هي ذات عاقلة ولها كيان مستقل مثلهم، أم مجرد كائن بيولوجي جميل للتلذذ به، وحين استقر رأيهم على أنها كائن بيولوجي، استبعدوا منه كل ما يُعتقد بأنه يخص الرجال، كالعضلات والعقل والقوة، والتعبير، وأسرفوا في تعميق ما قرروا أنه جذاب، للحصول على أنوثة خالصة النقاوة دائمة الجاذبية.
هذه الأفكار الأولية حول المرأة، تحوّلت بعد فترة إلى عقد اجتماعي غير مكتوب، تَوَافق عليه زعماء المجاميع الذكورية، من رؤساء القبائل، وكهنة المعابد، وأباء الفتيات، وأرباب المهن، ومُلاّك الأموال، وقد صمد هذا العقد عبر التاريخ، وخضع لتعديلات متعاقبة من طرفٍ واحدٍ دائماً، لتنقية الأنوثة مما يُعتقد أنها شوائب تَشينُها، ففي الصين كانت تُشد كواحل البنات إلى عمود البيت، لثني الساقين حتى تمنح مشيتهن تمايلاً وغنجاً يعجب الرجال، وفي اليابان جرى حشر أقدام الطفلات في أحذية ضيقة لسنوات متتالية، حتى تنبعج القدم وتتقلص، وبهذا تحتفظ بقياس صغير مهما تقدمت المرأة بالعمر، هذا لأن الثقافة السائدة وقتها، كانت تعتقد بأن المرأة اليابانية ليست بحاجة لأن تمشي مسافات بعيدة عن بيتها، وبما تتطلبه خدمة زوجها وأولادها فقط، وبأوروبا في القرون الوسطى، كانت الفتاة تُجبر على ارتداء مِشد للخصر ليل نهار، يضغط على أعضاء جسدها الداخلية حتى تتراكم على بعضها، ليأخذ قوامها مع الزمن شكل ثمرة الكمثرى، ولا يهم بعد ذلك مقدار الألم الذي ينجم عن ذلك، ومخاطر الضغط المتتالي على الأمعاء والقفص الصدري، وفي بورما وتايلاند، تُجبر الطفلات على وضع حلقات نحاسية حول الرقبة، لتستطيل أعناقهن أكثر من المعتاد، إذ يضغط ثقل الحلقات وصلابتها على عظام الترقوة حتى تغور للأسفل، ويشرأب العنق للأعلى، وتظل الرقبة محاطةً بالحلقات طوال العمر ولا يمكن نزعها حتى لا تموت صاحبته، أما في موريتانيا، فتُجبر النساء على تناول الكثير من الطعام المشبّع بالدهون، بغرض تسمينهن للعريس قسراً، وذلك دون اكتراث بعواقب ذلك على صحة المرأة من تراكم الشحوم والكوليسترول، فالمهم هو إرضاء تبدلات مزاج الرجال في الجمال الأنثوي.
وبهذا القرن التعس، سنرى أن الدُمى المتشابهة في المحال التجارية (المانيكان)، قد خرجت من الفيترينا إلى كثير من عواصم العالم، لتستعمل موادَّ جماليةً مستعارة، كالرموش، والأظافر، وخصلات شعر صناعي، وتاتو بدل الحاجبين، وعدسات ملونة، وسيليكون في مناطق الصدر والأرداف، وعقاقير لتكبير الشفاه وطرد التجاعيد، ومستحضرات تسمير وتشقير البشرة، ورغم تورد خديها الدائم، فإنها شاحبة هزيلة وكأنها مصابة بأنيميا، لكنها تجد الطاقة لتلهث خلف ما تتطلبه صرعات الموضة، لإرضاء المستهلك (الرجل) للمرأة ومشتقاتها.
إن الهوس بالمكياج والنحافة وعمليات التجميل، لم يعد منذ مدة سلوكاً فردياً لبعض المترفات، بل تحوّل إلى ظاهرة وثيقة الصلة بالمتغيرات الثقافية، التي رافقت تنامي القيم الرأسمالية، وصناعات الجمال التي تتحكم في الإنتاج الثقافي وتوجّه مساراته وقضاياه، وتكرّس جهودها لإنتاج امرأة ضحلة، نحيفة، مثيرة، عصرية المظهر، لأن قانون العرض والطلب على المرأة في سوق الزواج والتوظيف والإعلان، يعتمد على الظفر بالمرأة الجميلة والمطواعة، حتى تسطّحت شخصيتها وأهملت قضاياها الإنسانية.

وفاء البوعيسي



#وفاء_البوعيسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الرجل الشرقي حر؟!
- المسلمون والأمن المائي
- في السعودية الثورة بالمقلوب
- كلام في الذكورية (2)
- كلام في الذكورية (1)
- إلى مدينة نرجسية اسمها بنغازي
- ما أُخذ بالقوة يُسترد أسرع بالسلام
- الهولوكوست الفلسطيني
- لماذا يعارض الليبيون حقي في التعبير؟!
- كيف نُنهي الإرتزاق بالإسلام؟!
- نظرة في الشذوذ الجنسي
- الإقطاع الإلهي في أورشليم
- خديجة تكشف أزمة الإسلام
- محمد ينقلب على خديجة
- مفاهيم سيئة السمعة (6) الإسلام صالح لكل زمان ومكان الجزء الث ...
- مفاهيم سيئة السمعة (6) الإسلام صالح لكل زمان ومكان الجزء الث ...
- مفاهيم سيئة السُمعة (5) الإسلام صالح لكل زمان ومكان
- مفاهيم سيئة السُمعة (6) الإسلام صالح لكل زمان ومكان
- مفاهيم سيئة السمعة (5) الإسلام هو الحل
- مفاهيم سيئة السمعة (4) الإسلام السياسي


المزيد.....




- بي بي سي عربي تزور عائلة الطفلة السودانية التي اغتصبت في مصر ...
- هذه الدول العربية تتصدر نسبة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوي ...
- “لولو العيوطة” تردد قناة وناسة نايل سات الجديد 2024 للاستماع ...
- شرطة الكويت تضبط امرأة هندية بعد سنوات من التخفي
- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...
- هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟


المزيد.....

- جدلية الحياة والشهادة في شعر سعيدة المنبهي / الصديق كبوري
- إشكاليّة -الضّرب- بين العقل والنّقل / إيمان كاسي موسى
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- الناجيات باجنحة منكسرة / خالد تعلو القائدي
- بارين أيقونة الزيتونBarîn gerdena zeytûnê / ريبر هبون، ومجموعة شاعرات وشعراء
- كلام الناس، وكلام الواقع... أية علاقة؟.. بقلم محمد الحنفي / محمد الحنفي
- ظاهرة التحرش..انتكاك لجسد مصر / فتحى سيد فرج
- المرأة والمتغيرات العصرية الجديدة في منطقتنا العربية ؟ / مريم نجمه
- مناظرة أبي سعد السيرافي النحوي ومتّى بن يونس المنطقي ببغداد ... / محمد الإحسايني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - وفاء البوعيسي - الأنوثة من الطبيعة إلى الثقافة