أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - سامي المالح - المكونات الصغيرة في خراب العراق















المزيد.....

المكونات الصغيرة في خراب العراق


سامي المالح

الحوار المتمدن-العدد: 6018 - 2018 / 10 / 9 - 01:37
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


واقع المكونات الصغيرة في خراب الوطن
تواصل العملية السياسية، عملية المحاصصة والتوافقات والاتفاقات الطائفية والقومية في العراق، بدفع الدولة الفاشلة الى المزيد من المهالك ودوامات التدخلات الخارجية، وتعرض المواطن للمزيد من الأذلال والحرمان من ابسط مقومات الحياة الكريمة، وتطوق حياته بشكل أقسى بالقلق والخوف والفساد والكذب والنفاق الديني والمزايدات الطائفية والقومية.
في أطار كل المآسي والاوجاع والكوارث التي عاشها الشعب العراقي، كانت حصة المكونات الصغيرة/ الأقليات الاثنية والدينية، هي حصة الأسد كما يقال. ذلك لأن العملية السياسية المشوهة التي انتجت دستورا مكبلا بالتمييز والشريعة والاستعلاء الديني والقومي والغزير بالتناقضات وعقد الصراع، لم توفر الأمن والاستقرار في البلد، ولم تكن مشروعا لبناء دولة المواطنة والقانون والمؤسسات، ولم تفلح في حماية المكونات الصغيرة المسالمة، التي تفتقد مستلزمات الدفاع عن النفس ومقاومة شهوات الفساد والتغيير الديمغرافي والنعرات العنصرية للقوى الطائفية والقومية المهيمنة بالمال الحرام المنهوب وبمسلحيها وميليشياتها وتوظيفها المناطقية والعشائرية والمؤسسات والمراكز الدينية.
من المعروف، وكما أثبتت تجارب الكثير من البلدان الديمقراطية المستقرة والمزدهرة، ان أقرار وممارسة حق المواطنة المتكافئة وضمان ممارسة الحقوق المشروعة للمكونات الصغيرة في البلدان والمجتمعات، مرهون بطبيعة النظام السياسي والاستقرار وتطور الديمقراطية و ترسيخ قيمها الأساسية (المواطنة المتكافئة، مساواة الكل في الحقوق والواجبات دون اي تمييز، التعايش والتضامن).
من أشد الكوارث والمصائب واكبرها تأثيرا التي تعرض لها العراق كوطن والعراقيين من كل الانتماءات، وكنتيجة طبيعية لفكر وسياسات وفساد قوى الاسلام السياسي والقوى القومية ونظام المحاصصة والفساد، هي أضعاف روح المواطنة وأسس التعايش بين المكونات العراقية من جهة وتغذية الروح الطائفية والتعصب المقيت وصراع الهويات من جهة اخرى.
أن ما تعرض له المسيحيون والايزيديون والتركمان والصابئة المندائيون والشبك والكاكائيون من الجرائم والاهوال، خلال الخمسة عشر عاما الماضية، نسف في الواقع قاعدة وأسس تواجدها التاريخي وتطلعها للعيش بأمان وسلام وكرامة وثقة بالمستقبل. ان النفاق والاكاذيب اليومية والتشدق بديمقراطية مزيفة لم تعد تنطلي على احد، فالاعمال والمواقف والسياسات على الارض في كل العراق، من البصرة الى زاخو، هي التي تحاصر واقع هذه المكونات وتدفعها للنزوح المعذب والهجرة القاتلة، وتحطم ثقتها بالسلطات والمؤسسات الفاسدة والاحزاب والقوى السياسية المنشغلة بالصراعات الانانية الضيقة وبضمان حصصها من جسد وثروات البلد.
لقد وصلت صلافة القوى الاسلامية والقومية في البلد الى حد الاستحواذ المباشر على ارادة شعوب هذه المكونات، والى الاستيلاء بشتى الطرق على اصواتها في الانتخابات المشوهة من خلال القوانين والتشريعات الجائرة، ومن خلال صناعة مجموعات من الاحزاب والتشكيلات الكارتونية الكاريكاتيرية الفاسدة المنتفعة المرتبطة والموالية لها. ففي بغداد مثلا نصبت وتوجت القوى الشيعية شيوخ وقادة ميليشيات للمسيحيين، وفي كردستان هناك أشخاص وعوائل ودكاكين واحزاب معروفة صنعتها احزاب السلطة وتغذيها منذ عقود من المال العام (لا تختلف كثيرا عن جحوش أيام زمان) وظيفتها الوحيدة المزايدة قوميا على شعبها المغلوب على امره وتمزيق اوصاله دون خجل او حياء.
قد يبدو المرء متطرفا، حينما يؤكد، انه لمن السذاجة التعويل على قوى العملية السياسية والانتخابات المشوهة ومفاوضات الكتل والاحزاب لتشكيل الحكومة، للأرتقاء الى مستوى المسؤولية ولاتخاذ المواقف الوطنية والبدأ بأصلاحات جذرية وتغيير جوهر وطبيعة العملية السياسية لتغدو عملية بناء واعمار وتربية وتعليم وصحة وخدمات وامن واستقرار وازدهار وتعايش ومستقبل واعد. في الواقع، ليس من الصعب ادراك وفهم ترابط عناصر معادلة الانتحار والمصير لهذه القوى، حيث ان هكذا أرتقاء وتغييرات وتطورات أن حصلت فأنها ستقضي حتما على كل هذه القوى، لان وجودها وأستأثارها بالسلطات ونهب البلد مقترن بشكل عضوي بطائفيتها وقوميتها وتوافق مصالحها ونفاقها وفسادها واستحواذها على المال الحرام ونهجها الاستراتيجي الثابت في القضاء على الحريات والمعرفة والامل والتطلع الى التغيير والتطور و تخليص الشعب من التجهيل والظلامية والاذلال.
ليس خافيا على احد، ان قوى المعارضة والمواجهة للعملية السياسية الفاسدة، القوى العاملة من أجل بناء دولة علمانية متحررة من أغلال الدين ومخالب رجال الدين، دولة مواطنة وقانون، هي للاسف قوى ضعيفة ومتفككة. أن احد مظاهر ضعف الحركة الديمقراطية والتحرك الجماهيري هو عدم الاهتمام الجدي بمشاكل المكونات الصغيرة والالتفات الى وتبني قضاياها والدفاع عن وجودها وحقوقها المشروعة. فرغم التحركات والمظاهرات والانتفاضات والتضحيات الغالية التي قدمها ويقدمها شباب اعزل، لاتزال الحركة الجماهيرية محدودة المدى والتأثير، ولقد اثبتت الايام والتجارب وآخرها في البصرة، بأنها لاتزال بأمس الحاجة الى تنظيم افضل ولتطوير الادوات والاساليب و الى برنامج واضح محرك جامع والى قيادة مخلصة شجاعة ثابتة وفية لتطلعات الملايين من المحرومين الفقراء من الاطفال والشباب والنساء المغيبين والمخدوعين.
لا يمكن ان نخدع انفسنا، فليل العراق طويل، وان الاقليات ستعاني المزيد والمزيد. عبثا تحاول احزاب هذه المكونات المشاركة في العملية السياسية والانتخابات وفي اعمال البرلمانات المتعاقبة ان تخدع نفسها وتخدع شعوبها. فهذه الاحزاب التي انتفعت واعتاشت على فتاة فساد القوى المهيمنة، لم ولن تفلح في ضمان ابسط الحقوق ومعالجة المشاكل المزمنة وتحقيق انجاز مهم يذكر لجماهيرها. ليس هذا الاقرار الموجع من باب التشاؤم والدعوة للاستسلام. كلا، أنه أقرار بواقع مر، واقع من الهام جدا استيعابه ومعرفة مكامنه، ومن ثم الانطلاق منه كما هو لأيجاد المخارج وتحديد المواقف ووضع الحلول والسياسات البديلة.
أن مصير المكونات الصغيرة ومستقبلها في العراق مرتبط بشكل وثيق بمدى نجاح جهود تنظيم وتطوير وانتصارمعارضة جماهيرية سياسية للعملية السياسية في البلد. فنضال هذه المكونات من اجل الحقوق القومية والحريات والمواطنة المتكافئة منذ اكثر من قرن كان نضالا وطنيا ورافدا أساسيا ومهما من روافد نضال الشعب العراقي من اجل الاستقلال والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وبناء دولة معاصرة مزدهرة. وفي هذه المرحلة المصيرية، حيث تتعرض هذه المكونات الى تهديد لنسف وجودها وقلعها من جذورها واضطرارها للهجرة والنزوح، على ابناء هذه المكونات ان تقف بثبات في ذات الخندق، مع القوى والحركات والفعاليات، التي لا بد لها ان تنمو وتكبر وتتجاوز ضعفها وتفككها، مع الجماهير في رفضها العملية السياسية والفساد والمحاصصة والطائفية، وتهيأتها للأرتقاء الى مستوى طرح برنامج واقعي بديل لبناء دولة معافية ناجحة في العراق، دولة قانون ومواطنة ودستور علماني يضمن حقوق وامن وكرامة الجميع دون أستثناء، من كلا الجنسين، من كل المكونات، صغيرها وكبيرها، من كل الاديان والاثنيات والطوائف والمناطق.



#سامي_المالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اولوف بالمه (Olof Palme) وآفاق الاشتراكية الديمقراطية
- وزيرة الخارجية السويدية في مواجهة السعودية - ليس عندي ما أخج ...
- لا لقانون الاحوال الشخصية الجعفري!
- بوح عن - هروب الموناليزا – بوح قيثارة-
- كنت في قلب الانفال – صور محفورة في الذاكرة
- في السليمانية حملة تستحق الدعم والتقدير
- جرائم التعصب والتطرف لن تهزم الديمقراطية في النروج
- تضامنا مع المنظمة الاثورية الديمقراطية وشعب سوريا المنتفض
- في خندق الجماهير وضد قمع مظاهراتها واحتجاجاتها
- في ذكرى اولوف بالمه - قادة يخلدهم اتاريخ وقادة تتقفهم مزبلته ...
- انحني احتراما لشباب ثوار يصنعون التاريخ
- مبارك، بن علي في انتظارك – تحية لشعوب تنتفض
- اطفال العرق - هل من يتذكركم؟!
- الانتخابات في السويد - من يحدد اتجاهات تطور البلد؟
- درس مانديلا البليغ يا قادة العراق
- اوقفوا قتل وتهجير المسيحيين في الموصل!


المزيد.....




- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- من اشتوكة آيت باها: التنظيم النقابي يقابله الطرد والشغل يقاب ...
- الرئيس الجزائري يستقبل زعيم جبهة البوليساريو (فيديو)
- طريق الشعب.. الفلاح العراقي وعيده الاغر
- تراجع 2000 جنيه.. سعر الارز اليوم الثلاثاء 16 أبريل 2024 في ...
- عيدنا بانتصار المقاومة.. ومازال الحراك الشعبي الأردني مستمرً ...
- قول في الثقافة والمثقف


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - سامي المالح - المكونات الصغيرة في خراب العراق