أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - محمد الموسوي - أنقذوا الشعب العراقي من محنته بعد ثلاثة سنوات من الاحتلال















المزيد.....


أنقذوا الشعب العراقي من محنته بعد ثلاثة سنوات من الاحتلال


محمد الموسوي

الحوار المتمدن-العدد: 1511 - 2006 / 4 / 5 - 01:06
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


أود أن ابـدأ بمـا أشار إليه الكـاتب المســرحي هـارولـد بينتـر في كلمـته التي ألقيت إثناء تسـلمـه جـائزة نـوبـل للآداب في ديسمبر عام 2005 إلى الحـرب على العـراق قـائلا:
كان غزو العراق فعلا من أفعال قطاع الطرق، كان فعلا واضحا من إرهاب الدولة، اظهر الاحتقار المطلق لفكرة القانون الدولي. كان الغزو عملا عسكريا عشوائيا استند إلى أكوام من الأكاذيب واسـتغلال وتلاعب بالإعلام وبالتالي بالرأي العام والناس، فعلا قصد منه تعزيز سيطرة أمريكا العسكرية والاقتصادية علي الشرق الأوسط ،ومحاولين تسـويق أنفسهم كمحررين ذلك بعد أن فشلت كل المبررات الاخري في وقت إنها لم تكن سـوى عملية اسـتخدام مـفرط للقوة العسكرية المسئولة عن قتل وتشويه ألاف الآلاف من الناس الأبرياء. لقد جلبنا التعذيب والقنابل الانشطارية ـ اليورانيوم المنضب، وأشكالا لا تحصي من التعذيب، الفقر، والتخلف والموت للشعب العراقي وأسميناه جلب الحرية والديمقراطية للشرق الأوسط .
ثـم يتسـاءل الكـاتب كم تحتاج لان تقتل كي تعتبر مجرم حرب وسفاحا؟ مئة ألف شخص، أكثر من كاف، هذا ما فكرت به. وعليه، انه من العدالة بمكان تقديم بوش وبلير لمحكمة جرائم الحرب الدولية.

إن الحديث بعـد ثلاثـة أعوام من الغـزو أصبح أكثر تشاؤما ويأسـا ويتميـز بمـزيد مـن الألم والحـزن علـى مـا ألت إليه أوضاع البلـد مـن دمـار وانهـيـار متـواصـل يزداد بوتـيرة رهـيبة يعجـز المـواطن العـراقـي أمامها إلا أن يعيش في حـالة مـن الخـوف والرعب مفتقـدا ابسـط مسـتلزمـات الحياة الطبيعـية وفي مـقـدمـتهـا غيـاب الأمن ومشـاهـد القتـل اليـومـي الذي وصـل درجـات وحشـية وبشـعة ولا يعـرف المـواطـن العـراقـي متى سـيكون هـو وعـائلتـه من ضـحايـاه .

إن دعـوتي لإنقاذ العـراق موجـهـة بالأساس إلى العـراقييـن والـى قـواهـم السـياسـية العـراقية والتي فشـلت جمـيعـهـا وبـدون استثنـاء فشـلا ذريعـا فـي أن يكـونوا بمسـتوى المسـؤولية واثبـت معـظمـهـم تفضـيل منـافعـه الشـخصـية إضافة إلى تورط الكثـيريـن مـنهـم فـي أعمال النهـب والفسـاد إلى جـانب إدارة الاحـتلال منذ زمـن كـارنـر وبريمـر ولحـين إدارة السـفير الأمريكي الحـالي زلمـأي خـليل زاد . إن مـن المؤسـف انه بالرغـم مـن الخلاص من حكم صـدام القمعي الفـاسـد أن تسـتمر أعمال النهـب والسـرقة والغش والكذب والاحتيال والفسـاد و دون وجـود أية بـوادر حقيقية للتصـدي أو محـاولة إصلاح الأوضاع النفسـية والأمراض الاجتمـاعية وظـواهـر التخلف المـزمـنة.

أتساءل اليـوم هـل كـان هـذا مـا نتمنـاه او نتوقـعه بعـد سـقوط نظـام صـدام الذي عأنينا منه واغترب الملايين بسـببه ، وبعـد أن أتثبت السـنوات الثلاثـة المنصـرمـة مـا كـان يحـذر منـة الكثير من الوطنييـن العـراقيين المعـارضـين للحـرب والغـزو كوسـيلة لإسقاط نظـام صـدام ... أليس مـن المؤسـف حقـا انـه بالرغـم مـن تـدمير العراق وتحطـيم بنيانـه وكيـانه كدولـة وكمؤسـسـات وتثبيـت الاحتلال دوليـا عقب الغـزو حيث لم تعـد خـافية النوايـا الأمريكية في تدمير العراق وتمـزيقـه خـدمة للمخططات الصـهيونية وضـمن مشـروع شـرق أوسطهم الكبيـر ، نجـد العـراقييـن المـروجـين للحـرب مـازالوا يكـررون مـزاعمـهـم عـن تحـرير العـراق ومـا سـتحققـه أمريكا مـن ديمقـراطية وجنة مـوعـودة ، في الوقت الـذي سـقطت فيـه ومـنذ فـترة كـل أكاذيب وتبـريـرات الحـرب وفـي مـقدمتـهـا أكذوبة أسـلحـة الدمـار الشـامـل، تلك الأسلحة التي زود صـدام بهـا مـن الغـرب وسـبق أن استخدمها صـدام في حـربه ضـد إيران وفـي حـلبجـه وفي الاهـوار ومـدن الجـنوب.

لنعـود ألان إلى مـا يجـري حـاليا وخـاصـة خـلال السـنة المنصـرمـة حيث تضـاعفت جـرائم القتـل والاختطـاف مـن قبل عصـابات إرهابية مسـلحة تقتل العراقيين من شـتى الطـوائف والأقليات الدينية لتعرضـهم للتعـذيب ولتقطع رؤوسـهـم بهـمـجية ، فـي وقت تتطـاير فيه الاتهـامـات المتبادلـة بين شـتى الجمـاعـات المتخندقـة خلف متـاريس الطـائفية وأصبحت الحكومـة وأجهزتها مـا يبـدو طـرفـا مبـاشـرا فيهـا. كمـا تصـاعدت الحمـلات العسـكرية الأمريكية التـي تهـاجـم المـدن العـراقية وتقصـفهـا بالطـائـرات لتقـتـل العشـرات من المدنيين الأبرياء و لا يمـر يـوم دون اكتشـاف عشـرات الجثث مـن الشـهـداء و تسـتمـر انفجارات السـيارات المـفخـخـة فـي وقت فـي وقت فشـلت فيه القـوائم السـياسـية فـي تشـكيل حكـومـة عـراقيـة جـديـدة رغـم مـرور أكثر مـن ثلاثـة أشهر منذ الانتخـابات التي جـرت فـي 15 كـانـون الأول المـاضـي.

عـرضـت القـناة الرابعـة للتلفـزيون البريطـاني قبل أسبوعين برنامجـا عن العـراق بعنوان "البلايـيـن المفقـودة" وسـجلت الكـاميرا مـا سـببه الغـزو والاحتلال مـن مـآسـي ودمـار للمؤسـسـات والبنى التحتية حيث نشـاهـد مثلا ورغـم مـرور ثلاثـة سـنوات على الحـرب مسـتشـفيات مـدمـرة تغيب عنهـا الأجهزة والأدوية مـمـا يؤدي الى وفـاة المـرضـى بـدون مـبرر يضـاف إلى ذلك معـانـاة المواطـن وملايين العـاطلين مـن غيـاب ابسـط خـدمـات المــاء والكهـربـاء لتضـاف إليها هـذا العـام شـحة الغـاز والنفـط والبنزيـن. كمـا عـرض البرنـامج قيـام إدارة بريمـر فـي الأسابيع الأخيرة بصـرف أكثر مـن بليـونـيـن دولار نقلت كنقـود بالطـائرات واختفـت وكمـا هـو معـروف فـقـد أشارت تحقيقـات الكـونكـرس الأمريكي إلى اختفـاء أكثر مـن ثمـانية بلايـين دولار مـن امـوال نفـط العراق إثناء إدارة بـريـمـر ولا يعـرف مصـيرهـا لحـد ألان. هـذا ويحتل العـراق مـرتبة متقـدمـة بين الدول الأكثر فسـادا فـي العـالم وفي لـم يتجـاوز مـا صـرف على إعادة الأعمار فـي العـراق أكثر مـن 2% مـن المـيزانية التي خصصـت لهـذا الغـرض.امـا النفط العـراقي فقـد ظلت كميات إنتاجه مجهولة بسـبب عدم وضع عدادات لقياس الإنتاج النفطي مما فتح الباب علي مصاريعه للاختلاس والتهريب علي مدي السنوات الثلاث الماضية.

لقـد أصيبت الحـياة فـي العـراق بالشـلـل وخـاصـة فـي بغـداد نسـبب الخـوف وفقـدان الأمن واسـتمـرار القتل عـلى الهـوية والـذي تصـاعـد بشـدة مـنذ انفجـار مـرقـد الإمامين العسـكريين (ع) فـي سـامـراء في 22 شـباط المـاضـي كمـا ان هناك عمـليـات تهجيـر وهجـرة داخلية تتعـرض لهـا الأقليات المـذهـبية مـن مناطقـهم التي ظـلوا متعـايشـين فـيهـا لمئـات السـنين ، وهـي عملية تطهـير مـذهبي تجـري بغيـاب حكـم القـانون وبتهـديدات القتل التي تنفـذهـا العصـابات التكفيرية والمليشـيات المسـلحـة ، وهنـا ينبغي أن نتساءل هـل أن فـي العـراق عمـلية ديمقـراطية في وقت نجـد غياب السـلطة وسـيطرة العصـابات والمليشـيات المسـلحـة على الشـارع بل وحـتى على المـدارس والمسـتشـفيات والجامعـات في وقت تنشـر التقارير أرقاما مرعبة تقـدر عـدد الضـحـايا مـن العـراقيين بمـائة وخمسـين ألف شـهيد قتلوا على أيـدي قـوات الاحتلال و العصـابات المسـلحة التي تنتحـل بعضـهـا مسـميات المقـاومـة المسـلحة فـي وقت اتفقت فيه معظـم القـوى السـياسـية العـراقية عـلى تسـمية جـرائم قتل العـراقيين بالإرهاب ، ومنهـا جـرائم اسـتشـهـاد المئات مـن أساتذة الجامـعـات والأطباء والمهنيين الآخرين والتي يجب تمييزهـا عـن أعمال المقـاومة المسـلحة المشـروعة الموجهة ضد قـوات الاحتلال

تحـاول بعض الأوساط ترديـد مـزاعـم المحـافظين الجـدد عـن ارتكـاب أخطاء فـي العـراق فـي حين أن التحليل الموضـوعي يرينـا أن السـياسـة الأمريكية في العـراق مـدروسـة ومخطط لهـا بـدقـة رغـم أنها لـم تأتي بالنتائج التي كـانوا يطمـحـون لهـا مـمـا أجبرهم عـلى إجراء تعديـلات عليهـا إثناء تطبيقهـا بسـبب رفض الكثـير مـن جـوانبهـا حتى مـن المتعـاونين معهـا ، وتسـتهدف سـياسـتهم إبقاء العـراق فـي حـالة مـن التفـرقـة والتمـزق لتبقى القـوات الأمريكية والسـفارة الأمريكية متحكمـة بشـؤون العـراق، كمـا تسـتهـدف سـياسـتهـم تشـديد قبضـتهـم على العـراق الـى جـانب السـعي لتقليل خسـائرهـم العسـكرية بسـبب الضغط داخـل أمريكا وكمـا يشـير المحللين فان الإدارة الأمريكية معنية بالدرجـة الأولى بحـل المشـكلة الأمريكية في العـراق وليس بحـل المشـكلة العراقية، وقـد يكـون ذلك احـد أسباب محـاولتهـا للتوصـل إلى صـفقـة مـع إيران للهيمنـة والسـيطـرة ومـواصـلة التدخـل في الشـؤون العـراقية ، وممـا يثيـر التسـاؤل دعـم بعض السـياسـيين العـراقيـين والدعـوة لتلك المفـاوضـات الثنـائية ، في يجب أن يكـون العـراق هـو الطـرف الأساسي في مثل هـذه المفـاوضـات بـل والأجدر ان تكـون مفـاوضـات أوسع تشـترك فيه كـافة دول الجـوار إلى جـانب الأمم المـتحـدة والاتحـاد الأوربي إن كـان الهـدف فعـلا هـو مسـاعـدة العـراق للخـروج مـن مـحـنتـه الراهـنة.

لنعـود قليلا إلى التاريخ للتذكـير بالـدور الأمريكي فـي تشـجيع الحـروب الأهلية وتشـكيل فـرق المـوت في العـديد مـن دول أمريكا اللاتـينـية مـنذ خمـسـينات القـرن المـاضـي فـي دول مثـل نيكاراغوا وشـيلـي والسـلفـادور وخـاصـة دور السـفير الأمريكي السـابق فـي بغـداد ورئيس مجلس الأمن القـومي الأمريكي الحـالي (نيكـروبونته) وتخصـصـه بإدارة تلكم الحـروب القـذرة ودوره فـي تجنيد مـرتزقـة وفـرة مـوت مأجورة للمـخـابـرات الأمريكية ، وكـل ذلك يدعـونـا ان لا نسـتبعـد دور أمريكا فـي أعمال القتل والإرهاب الجـارية فـي العـراق فالمعـروف قيـام بريمـر وحـكومـة علاوي بالسـماح لاختراق الآلاف من عناصر الأمن وأيتام صـدام للأجهزة الحـالية كمـا صـدرت مؤخـرا تصـريحـات تشـير إلى وجـود تشـكيلات مـن الحـرس الوطني العـراقي (وليس مسـتبعدا حتى مـن أجهزة الشـرطـة) تخضع لأوامر الأمريكان الذين يدفعـون لهـم ولا يأتمرون بأوامر الحكـومـة العـراقـية . أليس مـن المنطق إذا أن نثـير احتمـال أن تكون المخـابرات الأمريكية وبإشراف السـفير الأمريكي السـابق قـد وظـفت بعض تلك البلايين المـختفية لتجنيد وتشـكيل فـرق ومجـاميع إرهابية تقـوم بقـتل العـراقيين جنبـا إلى جنـب مـع العصـابات التكفيرية وعصـابات بقـايا البعث ومطايا صـدام والميليشـيات المسـلحة لغرض إشعال الحـرب الأهلية التي فشـلوا لإشعالها لحـد ألان.


لازال هنـاك مـن يتحفنـا بادعاء أن للعـراق سـيادة في وقت تجـاوز فيه عـدد قـوات الاحتلال الأمريكية لوحـدهـا ال160 ألف جندي إضافة لمرتزقـة الجيوش السـرية الخـاصـة التي يجـري تجنيدهـا عبر الشـركـات الأمريكية والبريطـانية الخـاصـة وبعقـود بمئـات الملايين من الدولارات، لقد نشـرت صـحيفة السـنداي تيمـز اللندنية دراسـة في أكتوبر المـاضي بعنوان "صـناعـة القـتل – حقـيـقـة جيش المـرتزقـة في العـراق –" أشارت فيه إلى أن هنـاك أكثر مـن خمسـين شـركة أجنبية أمنية مجـازة للعمـل فـي العـراق إذ لـم يعـد باسـتطـاعة أمريكا إدارة الحـرب دون الاسـتعـانة بالمقاولين الخـاصين (المـرتزقـة) والـذيـن يقـدر عـددهـم بمـرتزق واحـد مقـابل كـل خمسـين جندي أي بمـا يزيد على ثلاثين ألف مرتزق بأقل تقـديـر وهـؤلاء قتلـة مـأجـورين يحصـلون عـلى رواتب خيالية وهـم يمـارسـون جـرائمـهم في سـيارات مـدنية ويسـتلـمـون أوامرهم مـن القـوات الأمريكية ولا يخضـعون لأية محـاسـبة ، وأشارت الصحيفة كمثال إلى عقـد واحـد منح من، قبل وزارة الدفـاع الأمريكية بمبلغ 293 مليـون دولار.

لقد اعترفـت وزيرة الخـارجية الأمريكية أثناء زيارتهـا إلى بريطـانيا في ابريل الحـالي بأن أمريكا ارتكبت ألاف الأخطاء التكتيكية فـي العـراق (كـذا بهـذه السـهولة) وهي طبعـا لا تعترف بالخطأ الأساسي وهـو جـريمـة ارتكـاب حـرب عـدوانية غـير شـرعية ، كمـا إنها تعـرض المسـالة بطـريقة عنصـرية مـهينة ومسـتهترة بأرواح ودمـاء العـراقيين الذين اسـتشـهـد أكثر مـن مـائة ألف منهـم بسـبب تلك "ألأخطاء" وهـي لـم تذكـر لنـا بالضـبط كم ألف هـو عـدد تلك الأخطاء ، هـل هـو إلفين مثلا ام خمسـة ألاف وكـذلك تجـاهلت الآثار الكـارثية لتلك الأخطاء ولمـاذا لـم تجـري محـاسـبة أي من المسئولين الأمريكيين عـن تلك الجـرائـم لان مـن الخطـأ تسـميتهـا بخطـاء بسـبب نتائجهـا الكـارثية المـدمـرة ، كمـا لا ينبغي أن ننسـى بان الأهداف الإستراتيجية الأمريكية في المـنطـقة هـي ابعـد مـن ومـوثق فـي مشـروع الشـرق الأوسط الكـبيـر بهـدف محـاولة فـرض الهيمنة على المنطقة ودعـم انفـراد إسرائيل بالقدرة النووية.

إن مـاكنة دعـاية الاحتلال الأمريكي وأبواقها مـن المـرتزقـة والمأجـورين العـراقيين والعـرب الذين دفعت أمريكا لهـم ألاف الدولارات تحـاول بكـل الوسـائل أن تنسـينا أكاذيب ومـزاعـم امتلاك العـراق لأسلحة الدمـار الشـامـل وقدرته المـزعـومـة عـلى تهـديد الغـرب خلال 45 دقـيقـة وكذلك أكاذيب ارتبـاط حـكم صـدام بإحداث الحـادي عشـر مـن سـبتمبـر وطبعـا علينـا أن ننسـى جـرائم تعذيب السـجناء في أبو غـريب وبـوكـا. وفي الوقت الذي تعتـرف أمريكا بأخطائها نجـد بعـض المثقفـين العـراقـيين الذين أيدوا الحـرب وطالبوا بهـا و طبـلوا وزمـروا لهـا مـا زالـوا يرفضـون الاعتراف بمـا اقترفته أمريكا فـي العـراق مـن جـرائـم ومـا سـببـته مـن مآسـي ودمـار.

تأتي فـي مـقـدمـة الأهداف الحقـيقـية لحـرب بـوش الاسـتباقـية خطـتهـم فـي السـيطرة عـلى مـخـزون النفـط العـراقـي والذي يعتبـر احـد مصـادر الطـاقة العـالمـية الرئيسـية ، إضافة إلى ضـمـان أمـن إسرائيل ، أما بالنسـبة إلى تـواجـد قـوات الاحـتلال فـهـو جـزء مـن المشـكلة وليس الحـل كمـا أظهرت تجـربة السـنوات الثلاثـة المـاضـية حيث ازدادت الفـوضى وتفـاقـم الإرهاب ، فـي وقت تشـير الاسـتفتاءات إلى أن 80% مـن العـراقيين يطـالبون بإنهاء الاحتلال ورحيل القـوات الأجنبية ، فـي وقت تتشـبث الحـكومـة بهـا وتطـالب ببقـائهـا بذريعـة ضـعف وعـدم قـدرة القـوات العـراقية مـن حـفظ الأمن ، ولكـن أيـن هـو الأمن فـي وقت تتصـاعـد فيـه عمـليـات الذبـح والقـتل والإرهاب ، وإذا كـان لا بـد مـن وجـود قـوات أجنبية فلمـاذا لا يدرس البرلمـان فـي أول جلسـة لـه تقـديم طـلب للأمم المـتحـدة لجلب قـوات حفـظ سـلام دوليـة وفـق جـدول زمـني مـحـدد بـدل قـوات الغـزو الحـالية المسـمـاة بقـوات مـتعـددة الجنسـيات والتي لا تخضـع لسـلطة أو إدارة الحـكومـة العـراقية والتي تقتل وتهين هـي ومـرتزقتهـا المواطـن العـراقي فـي كـل سـاعة.

لقـد تعـاقبت في السـلطـة منـذ أن غـادر بريمـر فـي تمـوز 2004 ولحـد ألان حكـومـتين موقنتين برئاسـة أيـاد علآوي ومـن ثـم إبراهيم الاشـيقـر وقـد فشلت الحـكومتيـن فشـلا ذريعـا فـي ادارة أمور البلـد او التصـدي لإعمال القتل والإرهاب او معـالجـة أمور البلـد أو تلبيـة حـاجيات البشـر او إنصاف مئـات الآلاف مـن ضـحـايا نظـام صـدام او وضـع حـد لأعمال الفسـاد والنهـب والتخـريب بل بالعكس شـارك الكثير مـن مسئولي هاتين الحـكومتين فـي أعمال الفسـاد والإثراء الغـير المشـروع واعتمـدوا المحسـوبية والطـائفـية والعشـائـرية واسـتمرت المعـاناة عـلى جمـيع الأصعدة.

إن على المـرء أن يتسـاءل عمـا إذا كـانت حكـومـة الوحـدة الوطنية هـي الحـل الصـائب لازمة العـراق الحـالية خـاصـة وانـه ليس مـن المتوقـع ان تختلف كثيـرا عـن المحـاصـصـة البغيضـة التي شـكلت الأساس لحـد ألان للتشـكيلتين الحكومتين ، في حين ان مـن صـفات مـمـارسـة الديمـقراطية هـو وجـود حـكومـة قـوية الأجانب معـارضـة فعـالة تراقب أداء الحكومـة، إلى جـانب السـلطة التشـريعية والقضـائية وسـلطة الصـحافة والإعلام الرابعـة، أما إذا شـاركت كـل الكتل السـياسـية في الحكـومـة فمـعنى ذلك غياب المـراقبة ومـواصـلة إعداد الطبخـات مـن قبل بعض الأنفار في الغرف المغلقـة ضـمن أسلوب تقسـيم الكـعكـة والغنـائم بعـيدا عـن هـمـوم الشـعب ومطالبيه.

وأخيرا فليس هـذا هـو العـراق الذي تمنيناه او كـان طمـوحـنا بعـد أربعة عـقـود مـن المعـاناة والقمـع والاضـطهـاد وينبغي أن تلام قـيادات القـوى الوطنية والسـياسـية العـراقية التي سـلمت مقـاليد أمورها بيد الأجنبي المـحتل الذي لـم يعـد بحـاجـة الى إخفاء إدارته للعملية السـياسـية حيث يديـر السـفير الأمريكي زلمـأي اجتمـاعاتهـم وهـا هي كونديليزا رايس تتوجـه مـن جديد مع جـاك سـترو الى بغـداد لتوبيخ أولائك المسئولين بعـد ان عجزوا طـوال ثلاثة أشهر ونصـف مـن اختيار رئيسـا للوزراء أو تشـكيل حـكومـة ويبدو أن العملية تخضـع لصـراعات ومناوشـات بعيدة كـل البعـد عـن أي حـرص على أرواح العـراقيـين او أي إدراك لخطـورة المـرحـلة الكـارثية.

أود أن اختتـم المقـالة بنفس التسـاؤلات التي مـا تزال واردة والتي ختمت بهـا ما كتبته قـبل عـام و بنفس المناسـبة ولكـن لاشـك بنسـبة تفـاؤل اقـل بكـثير ألان وخيبة أمل على ضـياع عـام آخر تدهـورت فيه الأمور بدل أن تتقـدم والأسئلة هـي

-هـل سـيتمكن العـراق السـير فـي طـريق التنمية والسـيادة الحقيقية على ثرواته الوطنية ، ام سـتواصـل الشـركـات الأمريكية والأجنبية نهب ثرواتـه واسـتنزاف اقتصـاده
- هـل سـيتمـكن العـراق مـن إقامة مجـتمـع ديمـقراطي تسـوده العـدالة وسـيادة القـانـون وحمـاية حقوق الإنسان ودعم منظمـات المـجتمع المـدني
- هـل سـينجح العـراقيون فـي معـالجة الإمراض المستعصية المتمثلة بالفسـاد والرشـوة والمحسـوبية وتطبيق مبادئ تعتمـد الكفاءة والنزاهـة
- هـل سـيكون العراقيون مـوحـدي الصـفوف لمواجهـة الاحتلال وتثبيت مـوعـد لانسـحاب حقيقي كـامل وشـامل يلغي القـواعـد التي يقوم الأمريكان بزرعـهـا في العـراق
ـ متى سـوف تبدأ إجراءات إنصاف ضحايا النظـام السـابق وإرجاع حقوقـهـم
- متى ستتم معالجة اختراقات الأجهزة الأمنية والجيش والشـرطة من اجل توفير الأمن والتصدي لجرائم الذبح والقتل والاختطـاف والإرهاب
- متى سوف يتـم العمـل عـلى كشـف مصـادر الإثراء الغير مشـروع لأزلام النظـام السـابق وبعض أزلام الوضـع الحالي وتطبيق مبدأ "مـن أيـن لك هـذا" واسـترجـاع خيرات العـراق المنهـوبة والكشـف والمطـالبة بالمليـارات المهـربة خـارج العـراق.
- هـل سـيتم وضـع حـد للمحاصصـات الطـائفية والعـرقية ومبدأ التوافقـات واسـتبدالهـا بمبادئ النزاهـة والكفـاءة ليشـغل الشـخص المناسـب الموقـع المناسـب



#محمد_الموسوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حيرة الناخب العراقي
- مسودة الدستور ..... بعض الملاحظات
- إخفاقات و-انجـازات- حكـومـة أيــاد علآوي الراحلة
- حصـيلة عـامين مـن الاحتلال وسـقوط نظـام صـدام البعثي
- العـدالة بالمحـاســبة ... فالمصـارحة ... فالحوار
- الانتخــابات العـراقية ......مـالهــا ومـا عليهــا
- يا أبناء النجف ... أنقذوا آثار مدينتكم القديمة
- هل يتمكن النواب البريطانيون من انهاء حمـاقة العراق
- لمـاذا يبقى الدم العراقي رخيصـا ؟
- حصيلة مزرية لعام و ربع من الاحتلال
- يوم سـعيد في بغداد
- عن- السيـادة - والسـلطة في الثلاثين من حزيران
- لا تهدمـوا سـجن أبو غريب
- الجـلبي و عـلاوي وجـهـان -لعمـالة- واحـدة
- حول -عودة-البعث الثالثة


المزيد.....




- استهداف أصفهان تحديدا -رسالة محسوبة- إلى إيران.. توضيح من جن ...
- هي الأضخم في العالم... بدء الاقتراع في الانتخابات العامة في ...
- بولندا تطلق مقاتلاتها بسبب -نشاط الطيران الروسي بعيد المدى- ...
- بريطانيا.. إدانة مسلح أطلق النار في شارع مزدحم (فيديو)
- على خلفية التصعيد في المنطقة.. اتصال هاتفي بين وزيري خارجية ...
- -رأسنا مرفوع-.. نائبة في الكنيست تلمح إلى هجوم إسرائيل على إ ...
- هواوي تكشف عن أفضل هواتفها الذكية (فيديو)
- مواد دقيقة في البيئة المحيطة يمكن أن تتسلل إلى أدمغتنا وأعضا ...
- خبراء: الذكاء الاصطناعي يسرع عمليات البحث عن الهجمات السيبرا ...
- علماء الوراثة الروس يثبتون العلاقة الجينية بين شعوب القوقاز ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - محمد الموسوي - أنقذوا الشعب العراقي من محنته بعد ثلاثة سنوات من الاحتلال