|
السياحة في العراق اهمال البدائل المتاحة
فراس مهدي زوين
الحوار المتمدن-العدد: 6015 - 2018 / 10 / 6 - 00:57
المحور:
الادارة و الاقتصاد
ان المتابع للملف الاقتصادي والسياسي في العراق منذ عام 2003 ولغاية اليوم يمكن ان يؤشر الى ضعف البرامج الحكومية في دعم وتطوير القطاع السياحي بالرغم من أهميته الاقتصادية كبديل لا يستهان به عن الإيرادات النفطية، واهميته الإعلامية في نقل صورة عن واجهة مشرقة للبلد، الامر الذي يعكس عدم الالتفات لأهميته السياحة والافتقار لخطط وبرامح عمل لدعمه وتطويره. يمتلك العراق مجموعة من العوامل تجعله في مقدمة البلدان الجاذبة للسياحة بما يملكه من مقومات سياحية، تتمثل بالعمق التاريخي والحضاري، كأول حضارة عرفها الانسان بالإضافة الى التنوع الجغرافي، في المناخ والتضاريس الطبيعية من شماله حيث الجبال والشلالات وحتى جنوبه حيث الاهوار والمسطحات المائية، وكذلك يملك العراق بعداً دينياً يجعله بلد المزارات والمراقد المقدسة، وقد لا يوجد في العالم بلد اخر يمكن ان ينافسه في هذا الموضوع. ان هذه العوامل الثلاثة تشكل عناصر جذب انساني من كل بقاع الأرض اذا ما احسن استغلالها، فقد اشارت العديد من الاحصائيات ان عدد السُياح ارتفع من قرابة 1،5 مليون عام 2014 الى قرابة 3،5 مليون عام 2017 قَدُم معظمهم بعد التحسن والاستقرار الأمني الذي شهده البلد في فتراته الأخيرة، وان كانت نسبة كبيرة منهم قدموا ضمن حدود السياحة الدينية والتي غلباً ما تكون شحيحة في وارداتها في العراق تحديداً لأسباب تتعلق بفترة دخولهم وطبيعة المناسبات الدينية التي يدخلون لأحيائها، فالسياحة الدينية في العراق تختلف عنها في السعودية سواء في موسم الحج او العمرة فالحاج والمعتمر ينفق الكثير من الأموال لقاء السكن والمبيت والطعام والتنقل بينما السائح الديني في العراق والذين يتركز دخولهم البلد في فترة الزيارة الاربعينية للإمام الحسين على سبيل المثال لا ينفق ربع ما قد ينفقه لو كان في السعودية او سوريا او ايران لأسباب عديدة من اهمها الطبيعة المضيافة للمواطن العراقي وتجذر مفاهيم الجود والكرم في شخصيته وايمانه وتفضيله لجزاء الاخرة على الاجر الدنيوي. ان انحسار وتركز النشاط السياحي بالسياحة الدينية يعكس إهمال باقي جوانب السياحية (باستثناء إقليم كردستان)، فاذا تمكنت السياحة الدينية لوحدها من جذب 3،5 مليون سائح فان الاستثمار التام للقطاع السياحي ممكن ان يجذب اكثر من ضعف هذا الرقم، حيث تشير الكثير من الدراسات ان الاستثمار التام لملف السياحة يمكن من جذب 10 مليون سائح سنوياً، اي بما يكفي من تحقيق 10 ٪ من الموازنة العامة في الوقت الذي طمحت الحكومة من رفع الضرائب والرسوم الاخير (في قانون موازنة 2018) على تحقيق واردات تكفي لتمويل 10٪ من الموازنة ، أي ان واردات السياحة لوحدها يمكن ان تضاهي واردات كل الرسوم والضرائب والتعريفات الجمركية. ان السياحة في العراق لا تقل شئناً عن الكثير من الدول التي يعتمد اقتصادها كلياً على السياحة مثل مصر ولبنان وغيرها، ولكن العراقي ومع الأسف لم يستفد من هذا الواقع، وان الايرادات المالية التي توفرها السياحة في الوقت الحاضر ضعيفة وشحيحة، بالمقارنة مع ما يمكن ان يكون عليه الحال، حيث دعت لجنة السياحة في البرلمان العراقي عام 2017 الى فرض ضريبة على كل زائر تصل ل 50 دولار لكن مع ذلك لاتزال الواردات لا تكاد تذكر. وحتى مع تعدد الجهات الحكومية الراعية للواقع السياحي ووجود المعاهد والكليات المعنية بدارسة وتطوير الواقع السياحي، لكن لم تستغل أي من هذه الجهات والهيئات مثل وزارة الثقافة او الهيئة العامة للسياحة والاثار او لجنة السياحة البرلمانية او أي جهة أخرى الإمكانيات العراقية في التأسيس لمشاريع استثمارية سياحية يمكن ان ترفد الموازنات العامة بالبدائل المالية عن النفط وتحصن الاقتصاد العراقي من اخطار تقلبات أسعاره، بالضافة الى تطوير البنى التحتية للسياحة العراقية لاستيعاب اعداد كبيرة من السائحين من شأنه ان يخلق فرص عمل جديدة وينشط عملية التبادل التجاري والذي يمكن ان ينعكس ايجاباً على باقي القطاعات الاقتصادية، وكما لا يخفى على القارئ ضعف الجانب الإعلامي في تسليط الأضواء على العراق كمعلم من معالم السياحة العالمية وقصور السفارات والقنصليات العراقية في الخارج في التعريف بهذه المكانة والترويج للسياحة، فالعراق لم يستفد شيئاً من إضافة الاهوار الى لائحة التراث العالمي عام 2016 والذي نجح وقتها في خلق نوع من النشاط السياحي الداخلي على الأقل، لكن الجهات المسؤولة فشلت في الترويج له عالمياً واقليمياً، بالإضافة الى الإهمال في التعامل مع ملف الاهوار بشكل عام وكان من الممكن خلق انموذج موازي للواقع السياحي في إقليم كردستان حيث أصبحت مصايفه الى وجهة يقصدها مئات الالاف من العراقيين والأجانب كل عام حتى أصبحت أربيل عاصمة للسياحة العربية عام 2014 -2015 ولكن لم يتم التعامل مع الأهوار بصورة جدية، الامر الذي اودى الى ضياع فرصة ثمينة لتحقيق واردات مالية وتشغيل ايدي عاملة إضافية. ان الاهتمام بالسياحة وتطويرها يمكن ان يكون إضافة متميزة للواقع العراقي ليس من حيث زيادة الإيرادات المالية وخلق فرص العمل وتعزيز الواقع الاقتصادي فقط بل بما يمكن ان ينقله من صورة مشرقة عن العراق الذي طالما شوهته الصور السوداوية للدكتاتورية والإرهاب .
#فراس_مهدي_زوين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التنوع الاقتصادي وضرورة البدائل
-
البيئة الاستثمارية بين الواقع والطموح
-
ماء البصرة بين الترقيع والحل
-
البطالة في العراق ... بين مطالب المتظاهرين والحلول الآنية
-
ازمة المياه في العراق بين تجزئة الواقع والنظرة الشاملة
-
الليرة التركية بين مطرقة السياسة وسندان الاقتصاد
-
الموازنة العامة نفط الموظفينف
-
القطاع الخاص .. قيود الماضي واهمال الحاضر
المزيد.....
-
النقد الدولي يرفع توقعاته لاقتصاد روسيا
-
وزير الزراعة السوداني: الحرب أفقدتنا زراعة 10 ملايين فدان
-
إسرائيل تصادق على خطة بـ5 مليارات دولار لتطوير بلدات غلاف غز
...
-
نيوم السعودية تعرض أمام 500 من قادة الأعمال في الصين فرصا لل
...
-
إيطاليا تقدم تمويلات لتونس بنحو 112 مليون دولار
-
سلام: 10 مليارات دولار خسائر الاقتصاد اللبناني بسبب الحرب
-
معظم أسواق الخليج تواصل الهبوط.. وبورصة مصر ترتفع
-
صندوق النقد يحذر من تفاقم الدين العالمي بقيادة أميركا والصين
...
-
“شوف الأسعار الجديدة” سعر سبيكة الذهب btc اليوم وأسعار الذهب
...
-
مش عايز تشتري ذهب… اتفرج على أسعاره النهاردة هتغير رأيك.. سع
...
المزيد.....
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
-
جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال
...
/ الهادي هبَّاني
-
الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية
/ دلير زنكنة
-
تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى
...
/ سناء عبد القادر مصطفى
-
اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك
/ الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري
المزيد.....
|