أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصناعة والزراعة - مظهر محمد صالح - شجرة البرتقال المغتربة














المزيد.....

شجرة البرتقال المغتربة


مظهر محمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 6013 - 2018 / 10 / 4 - 03:50
المحور: الصناعة والزراعة
    


شجرة البرتقال المغتربة
مظهر محمد صالح

على مشارف حديقتي الصغيرة،صَمتَ ذلك البستاني الذي جالت اعينه حائرة وتصلبت حواسه التي لفها الابهام في سبات مع الزمن اللحظي ولم تتكفل حالته بالكشف عن فطرته على الرغم من براءتها،وهو يتطلع صباحا الى كأس من عصير البرتقال، المنتج في مزارع هي ليست من بساتين بلادي، حيث اعتلى الكأس الطاولة وهو ينظر إليه بعين لم تعد ترى الا مايكدر صفوها،وانتابه اسى مكتوم والم دفين.قلت له ماذا دهاك ايها الرجل؟
اجابني، بعد ان انقلب لونه العادي الى لون يشبه لون البرتقال في صفرته: لقد هجرت بساتين برتقال رافدينا ثمارها بعد ان جفت مياهها وحزنت تربتها ودفنت نفسها في رمال غريبة وهي عالقة بينها ،فهي ليست من الاحياء وليست من الجماد وانما من صنع ايدينا!!.قلت له كيف عرفت تفاصيل ذلك؟....اجابني نحن امة تفهم من لون قدحك قبل ان تقرأ ما في داخله!!
ذكرني الامر بشجرة البرتقال الوحيدة التي افتقدتها في حديقتي الصغيرة والتي جف جذعها هي الاخرى وذبلت اوراقها مع فقدان احلام الماضي ..... وانا في حزن لا اريد ان اخسر فيه الحاضر والمستقبل في اناء لم يترع بالماء من بعد!
قلت في سري، انه منذ فجر الزراعة وعلى مدار السنوات الاحدى عشر الف الاخيرة وحتى آخر مطعم للوجبات السريعة على غرار (ماكدونالد) اوغيره،استمرت قصة الغذاء كواحدة من مفارقات الصراع الاقتفي هذا الفضاء الاقتصادي الكوني المتقلب! واستيقظت ذاكرتي الوسطى في الحال من سباتها، لتخبرني بان شجرة البرتقال قد هاجرت منذ اربعة قرون بساتينها في منطقة غرب حوض المتوسط قبل مشرقه مع الهجرات الاسبانية والبرتغالية، لتستقرفي نهايات جنوب غرب العالم،بعد ان انتعل اولئك المهاجرون اديم الارض ليزرعوا شجرة البرتقال في ارض اسمها البرازيل.وكانت عواقب اعمالهم هي حصد الخير الوافر.قلت وكيف؟؟اجابت في هذه المرة ذاكرتي العليا مستيقظة هي الاخرى، لتخبرني انها قصة الزراعة في عالم متحرك على الدوام.... فعندما ازدهر انتاج البرتقال على سواحل فلوريدا في الولايات المتحدة خلال المئة عام الاخيرة،كان الشعار الشعبي المرفوع و منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي،يلوح: بإن افطاراً من دون عصير البرتقال يعني نهارا من دون شمس مشرقة! اذ هيمنت وقتها فلوريدا والبرازيل على تجارة عصائر البرتقال في اسواق العالم وبورصة الغذاء الدولية.
كما ازدهرت صناعة العصائر منذ ثلاثينيات القرن الماضي مع التقدم الصناعي الهائل الذي وفر المواد الصناعية الحافظة ومخازن التبريد لهذا المنتج.
أخذت البرازيل، مع تسخيرها لذلك العرض الوافر من اراضيها الخصبة والعمل الرخيص، تقود اليوم بنفسها عجلة انتاج البرتقال وعصائره في اسواق العالم.
اذ تنتج هذه البلاد الناطقة بالبرتغالية!! في الوقت الحاضر حوالي 27 بالمئة من برتقال العالم وهي تهيمن لوحدها على 53 بالمئة من حصة السوق العالمية لعصائر البرتقال ومركزاته. واللافت ان مزارع مدينة سانت باولو تنفرد لوحدها، مهيمنةً على انتاج وتجارة البرتقال وعصائره ومركزاته وبنسبة 98 بالمئة من بين مناطق البرازيل كلها.
فبالرغم من الكساد الذي اصاب اقتصادات العالم واسواقه منذ ايلول عام 2008 والذي دشنته الازمة المالية الدولية،فقد اشرت سوق عصائر البرتقال على خلاف سوق المال العالمية زيادة في اسعاره بلغت 45 بالمئة ،ما اضاف جواً من السعادة على الرابحين في بورصة الغذاء في العالم، ليسعدوا بافطارهم الصباحي الذي اضحى خاصاً مشرقا و برتقالي المزاج جداً في هذه المرة!!
تقدمت البرازيل بخطى واسعة وهي تستعد لاضافة 90 مليون هكتارمن خارج غاباتها المطرية في الامازون الى اراضيها الزراعية القائمة والتي تقدربحوالي 60 مليون هكتار،في حين تراجعت فلوريدا وهي تبني متاجر بيع الاغذية العملاقة على اراضي بساتين برتقالها نفسها.
اما بساتين برتقال بلادي التي يمتد عمرها الى اكثر من اربعة آلاف عام ، فهي مازالت تتأرجح تحت قبضة العطش، في وقت يلتهم التملح والتصحر قرابة 83 بالمئة من اراضي الرافدين القابلة للزراعة. وعلى غرار فلوريدا! فقد تهالك اهلنا على بساتين برتقالهم ليسكنوا في جذوراشجارها اليابسة ويقيموا مدنهم الجافة عليها وهي مازالت تنتظر من آمالنا ومسراتنا اسمدة لتربتها ....ولكن لم تجد يداً تسقيها اوعينا تبكيها وهي صامدة للملمات و ترى في اليأس قوة!!!



#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماسح المدخنة
- حوت في قلب السوق..!
- غلطة واقعية في هارفرد...!!
- عمتي و الملك
- الصراع السلمي لرأس المال:الفارس الأبيض
- تدخل الدولة في خلق السوق:-بوسكو - انموذجاً
- رصيف شارع المتنبي :قبضة اليد وأنامل الرحمة
- غرائب اقتصادية:الجنس الأسود والرجل الأبيض
- الصندوق السيادي الغاطس وضمانات التنمية الاقتصادية : العراق ا ...
- متلازمة الاحتياطيات الأجنبية وتمويل التجارة الخارجية في العر ...
- متلازمة الاحتياطيات الأجنبية وتمويل التجارة الخارجية في العر ...
- متلازمة الاحتياطيات الأجنبية وتمويل التجارة الخارجية في العر ...
- النار الأزلية !
- عجلة اليسار الاقتصادي ويمينه
- شجرة العسل..!
- ادارة مخاطر الموازنة العامة :تقييم المصدة المالية للعراق/الج ...
- ادارة مخاطر الموازنة العامة :تقييم المصدة المالية للعراق/الج ...
- ادارة مخاطر الموازنة العامة :تقييم المصدة المالية للعراق/الج ...
- مقايضة الديون بالطبيعة
- بنك الفقراء ...بنك الشغيلة


المزيد.....




- الرئيس الصيني يستقبل المستشار الألماني في بكين
- آبل تمتثل للضغوطات وتلغي مصطلح -برعاية الدولة- في إشعار أمني ...
- ترتيب فقدان الحواس عند الاحتضار
- باحث صيني عوقب لتجاربه الجينية على الأطفال يفتتح 3 مختبرات ج ...
- روسيا.. تدريب الذكاء الاصطناعي للكشف عن تضيق الشرايين الدماغ ...
- Meta تختبر الذكاء الاصطناعي في -إنستغرام-
- أخرجوا القوات الأمريكية من العراق وسوريا!
- لماذا سرّب بايدن مكالمة نتنياهو؟
- الولايات المتحدة غير مستعدة لمشاركة إسرائيل في هجوم واسع الن ...
- -لن تكون هناك حاجة لاقتحام أوديسا وخاركوف- تغيير جذري في الع ...


المزيد.....

- كيف استفادت روسيا من العقوبات الاقتصادية الأمريكية لصالح تطو ... / سناء عبد القادر مصطفى
- مشروع الجزيرة والرأسمالية الطفيلية الإسلامية الرثة (رطاس) / صديق عبد الهادي
- الديمغرافية التاريخية: دراسة حالة المغرب الوطاسي. / فخرالدين القاسمي
- التغذية والغذاء خلال الفترة الوطاسية: مباحث في المجتمع والفل ... / فخرالدين القاسمي
- الاقتصاد الزراعي المصري: دراسات في التطور الاقتصادي- الجزء ا ... / محمد مدحت مصطفى
- الاقتصاد الزراعي المصري: دراسات في التطور الاقتصادي-الجزء ال ... / محمد مدحت مصطفى
- مراجعة في بحوث نحل العسل ومنتجاته في العراق / منتصر الحسناوي
- حتمية التصنيع في مصر / إلهامي الميرغني
- تبادل حرّ أم تبادل لا متكافئ : -إتّفاق التّبادل الحرّ الشّام ... / عبدالله بنسعد
- تطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة، الطريقة الرشيدة للتنمية ا ... / احمد موكرياني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصناعة والزراعة - مظهر محمد صالح - شجرة البرتقال المغتربة