أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مظهر محمد صالح - ماسح المدخنة














المزيد.....

ماسح المدخنة


مظهر محمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 6012 - 2018 / 10 / 3 - 00:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ماسح المدخنة

مظهر محمد صالح

ارتخت عيني امام منقل الفحم، الذي كان الدخان هو الوجود الوحيد الذي علا ازيز النار المشتعلة ،لابحث عن صاحب مطعمنا القديم ،مطعم الرصيف، فوجدته خلف ستار من اللهب مازال يقارع الحياة ويكابد من اجل البقاء،ولم تترك له كهولته الا الشيب، الذي اشرق عليه وتخطاه بيسر كالشمس والقمر وهو يتقلب على شغف العيش بعد ان احمرت عيناه والتهمته زرقة باهتة قلبت اخاديد وجهه وهي تصد حرارة النارعنه عبر زمن شديد العبثية. قلت له،وهو منهمك يتفحص بقايا قوته الخفية، وهو يقلب قطع اللحم على سحابات الدخان،من اين تحصل ياعم على الفحم ؟ اجابني بأْلم مغلف بالحزن الانساني، انها من تلك الجذوع المعمرة الهابطة جذورها في ارض احتضنتها بعد ان جرى اقتلاعها،ولم تشفع لها اظافرها التي انتشبت في عمق الارض، هاربة الى مجاهيل القاع،وهي مندفعة تعانق التحدي وتكابد الالم وقت اقتلاعها. قلت في سري،انه الصراع مع الطبيعة وان الانفلات في معرفة الضرورات(العلة والنتيجة) يجعلنا ان نحيل غاباتنا الى ميدان معركة لا تخلف سوى اكوام من الفحم الاسود في لعبة الطمع اسمها القطع الجائر ،وهي من لعب الفناء لمظاهر استقرار الطبيعة بعد ان فقد البشر توازنهم وهم يسعون الى حفنة من المال! غادرت مطعم الرصيف،وانا اتذكر تاريخ الثورة الصناعية،يوم كتب الشاعر البريطاني (وليم بليك)قصيدته الشهيرة(ماسح المدخنة) متناولاً ظاهرة تشغيل الاطفال الصغار في انكلترا في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر،ممن هم بعمر الرابعة والخامسة، ووصف طريقة استخدامهم كادوات عمل رخيصة بانزالهم في عمق مداخن المعامل ومداخن المنازل لصغر حجمهم وتسخيرهم لتنظيفها من مقذوفات دخان الفحم المحترق وازالة بقاياه المتراكمة من على الجدران الداخلية في اعماق تلك الاعمدة السوداء المظلمة،وكيف كان يتعرض أولئك الاطفال الصغار الى الموت الداهم والفقدان السريع، لينتهوا في احضان الملائكة!!. انها قصائد الفحم يوم اصطبغ اولئك الصغار باللون الاسود ليتاح استعبادهم وتحويلهم الى فئة الرقيق البشري الداكن حيث ابتدأت العبودية فجر تاريخها بالميل الى الجنس الاسود! لم تنته العبودية بشكلها القديم بعد ان تحول البشراليوم الى اشباه رقيق تقني،ولم ينته الطلب على الفحم الطبيعي هو الآخر. اذ مازال الفحم، الذي يبلغ انتاجه نحو 7مليارات طن سنوياً،و يتم تحصيله حاليا وبنسبة 60 بالمئة عن طريق حفر المناجم الارضية،هو المصدر المهم لتوليد الطاقة في العالم والذي يقدر نحو 27 بالمئة من حاجة العالم الى الطاقة. وهو ياتي بعد النفط مباشرة في سد احتياجات سكان الارض الى مصادرها حيث يسد النفط حاليا حوالي36بالمئة من حاجة سكان الارض الى مصادر الطاقة. ختاما،لم تختلف حيرة صاحب مطعمنا الذي يكابد من على رصيف محلتنا وهو يقضي آواخر حياته بين دخان منقلته الغاضب،والبديل المفقود لمستقبله،وبين ماكابده (كيفن رود) رئيس وزراء استراليا قبل سنوات،إذ مازالت بلاده تتصدر الاولوية منذ العام 1797 في تعدين الفحم وتصديره. فقد اختلط على الاخير الامر،وهو في حيرة بين اقناع المنظمات المدافعة عن حقوق البيئة في بلاده وهي تطالب بوضع قيد على انتاج الفحم المصدر وبين اتحادات المنتجين التي تدفع بها الارباح وفرص البيع الى مايحقق توسيع المداخن ومضاعفة اعدادها حول العالم. فالدائرتان،بين الرجلين،متداخلتان في حيرتهما ولاتفصل بينهما عبر البحار سوى مساحات خريطة جيولوجية محفورة مغطاة بركام المداخن ومخلفات الدخان.



#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوت في قلب السوق..!
- غلطة واقعية في هارفرد...!!
- عمتي و الملك
- الصراع السلمي لرأس المال:الفارس الأبيض
- تدخل الدولة في خلق السوق:-بوسكو - انموذجاً
- رصيف شارع المتنبي :قبضة اليد وأنامل الرحمة
- غرائب اقتصادية:الجنس الأسود والرجل الأبيض
- الصندوق السيادي الغاطس وضمانات التنمية الاقتصادية : العراق ا ...
- متلازمة الاحتياطيات الأجنبية وتمويل التجارة الخارجية في العر ...
- متلازمة الاحتياطيات الأجنبية وتمويل التجارة الخارجية في العر ...
- متلازمة الاحتياطيات الأجنبية وتمويل التجارة الخارجية في العر ...
- النار الأزلية !
- عجلة اليسار الاقتصادي ويمينه
- شجرة العسل..!
- ادارة مخاطر الموازنة العامة :تقييم المصدة المالية للعراق/الج ...
- ادارة مخاطر الموازنة العامة :تقييم المصدة المالية للعراق/الج ...
- ادارة مخاطر الموازنة العامة :تقييم المصدة المالية للعراق/الج ...
- مقايضة الديون بالطبيعة
- بنك الفقراء ...بنك الشغيلة
- الأرواح الحياتية:من سلوكيات المدرسة الكنزية في الاقتصاد


المزيد.....




- لعلها -المرة الأولى بالتاريخ-.. فيديو رفع أذان المغرب بمنزل ...
- مصدر سوري: غارات إسرائيلية على حلب تسفر عن سقوط ضحايا عسكريي ...
- المرصد: ارتفاع حصيلة -الضربات الإسرائيلية- على سوريا إلى 42 ...
- سقوط قتلى وجرحى جرّاء الغارات الجوية الإسرائيلية بالقرب من م ...
- خبراء ألمان: نشر أحادي لقوات في أوكرانيا لن يجعل الناتو طرفا ...
- خبراء روس ينشرون مشاهد لمكونات صاروخ -ستورم شادو- بريطاني فر ...
- كم تستغرق وتكلف إعادة بناء الجسر المنهار في بالتيمور؟
- -بكرة هموت-.. 30 ثانية تشعل السوشيال ميديا وتنتهي بجثة -رحاب ...
- الهنود الحمر ووحش بحيرة شامبلين الغامض!
- مسلمو روسيا يقيمون الصلاة أمام مجمع -كروكوس- على أرواح ضحايا ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مظهر محمد صالح - ماسح المدخنة