أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال الجزولي - الحَرَكِيُّون!














المزيد.....

الحَرَكِيُّون!


كمال الجزولي

الحوار المتمدن-العدد: 6008 - 2018 / 9 / 29 - 02:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حقَّ لحكومة الجَّزائر أن تجابه بالرَّفض الصَّارم دعوة الرَّئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لها، أثناء زيارته في ديسمبر 2017م، كي تفتح الأبواب، على مصاريعها، لعودة عناصر "الحركيِّين" إلى البلاد. و"الحركيُّون" هم الجَّزائريُّون الذين حاربوا في صفوف الجَّيش الفرنسـي ضـد ثورة التَّحـرير من أجل الاسـتقلال (1954م ـ 1962م)، والتي دخلت التَّاريخ باسم "ثورة المليون شهيد"، ثمَّ، عندما انتصرت الثَّورة، وأبرمت اتفاقيَّة "إيفيان" في 1962م، ما لبث نحو 60 ألفاً منهم أن غادروا إلى فرنسا، بطرق غير شرعيَّة، في خسَّة ونذالة، بمعيَّة، وتحت حماية، الجَّيش الاستعماري، والعناصر الفرنسيَّة التي كان يُطلق عليها "الأقدام السَّوداء"، وذلك حذر التَّعرُّض للانتقام، بينما بقي حوالي 80 ألفاً آخرين في الجزائر، فتعرضوا، بالفعل، للكثير من العمليَّات الانتقاميَّة.
منذ وصولهم إلى فرنسا، وحتَّى أواسط سبعينات القرن المنصرم، وُضع "الحركيُّون" وأسرهم، في مراكز لجوء وُصفت بـ "السُّجون المفتوحة"، في جنوب وشمال فرنسا، حيث ظلوا يقاسون شظف العيش، قبل أن تُغلق، عام 1974م، في ظلِّ ولاية ديستان، ويجري تحسين ظروف سكنهم شيئاً بنقلهم إلى شقق في بعض الأحياء الشَّعبيَّة. في ما عدا ذلك بقيت معاناة "الحركيِّين" على حالها، بل وتفاقمت، مع كرِّ مسبحة السِّنين، وتضاعفِ أعدادهم، خصوصاً من حيث أزمات الفقر، والبطالة، والعنصريَّة، وشُحِّ فرص العمل، في المؤسَّسات الحكوميَّة، كما في الشَّركات الخاصَّة.
على أن الواقع المزري الذي رزح "الحركيُّون" تحته لأكثر من نصف قرن منذ استقلال الجَّزائر، ظلَّ يشكِّل، دائماً، تحدِّياً كبيراً للحكومات الفرنسيَّة المتعاقبة، ويمثِّل، من ثمَّ، على بؤسه، ولنفس هذه الأسباب، وضعيَّة انتخابيَّة جاذبة نحو "الحركيِّين"، خصوصاً بالنِّسبة للمتنافسين على كرسي الإيليزيه، كما حدث، بالأخصِّ، مع الرؤساء جيسكار ديستان، وجاك شيراك، ونيكولا ساركوزي، وفرانسوا هولاند، مثلما ظلَّ يحدث، مؤخَّراً، مع الرَّئيس الحالي إيمانويل ماكرون! إذ لم تخلُ الحملة الانتخابيَّة لأيٍّ منهم، أو برنامجه السِّياسي، أو الاقتصادي، أو الاجتماعي، من وعود، أو قرارات، أو إجراءات، على نحو أو آخر، بتحسين ظروف حياة "الحركيِّين"، أو تعويضهم ماليَّاً، أو إصدار قوانين في صالحهم، أو اتخاذ قرارات لازمة لمقابلة مطالبهم باعتراف الدَّولة، اعترافاً رسميَّاً كاملاً، بهم، وبـ "الأدوار" التي" لعبوها"، وبـ "فضلهـم"، عمـوماً، على فرنسـا، خـلال الثَّورة الجَّزائريَّة. فلئن كان شيراك، مثلاً، قد قرَّر، في 2003م، تخصيص يوم وطني لتكريم "الحركيِّين"، وأكَّد ساركوزي، رسميَّاً، في 2012م، عدم وجود أيِّ سبب يبرِّر تخلي فرنسا عنهم، مثلما اعترف هولاند، مباشرة، في 2016م، بكامل مسؤوليَّة الدَّولة الفرنسيَّة عن الانتقامات التي تعرَّض لها مَن بقي منهم بالجَّزائر، بعد رحيل القوَّات الاستعماريَّة عام 1962م، وقدَّم ديستان وشيراك الكثير من الخدمات لهم، واعتُبر شيراك، بالذَّات، أكثر من استجاب لمطالبهم بـ "الإنصاف"، وإن لم تبلغ استجابته، في نظرهم، مستوى "تضحياتهم"، حيث ما يزال أهمُّ ما يهمُّ أجيالهم الجَّديدة التَّعويضات الماديَّة أكثر من المعنويَّة، فإن الرَّئيس الحالي ماكرون قد ضمَّن حملته الانتخابيَّة، عام 2017م، تعهُّدات قويَّة بكفالتهم و"إنصافهم". غير أنه فعل ذلك، عند دخوله الإيليزيه، بطريقة مختلفة عن سابقيْه، حيث سعى، في ما وضح، لاصطياد أكثر من عصفور بحجر واحد. فقد حاول الوفاء بوعوده الانتخابيَّة، لكن بكلفة زهيدة، وذلك عن طريق إرجاعهم إلى وطنهم الأم الجَّزائر، حيث يكون هذا الوطن، لا فرنسا، هو المسؤول، مباشرة، عن كفالتهم، لولا أن الحكومة الجَّزائريَّة رفضت أن تعينه في هذا المسعى! ولعلَّ أقوى تعبيرات ذلك الرَّفض، وأكثرها وضوحاً، ومباشرة، وحدَّة، ما صرَّح به وزير المجاهدين وقدماء المحاربين الطيب زيتوني، والذي كنَّا أشرنا، في مقالة سلفت، إلى ترحيبه باعتراف ماكرون الاعتذاري، أواسط سبتمبر المنصرم، عن "نظام التَّعذيب" الذي افترعته بلاده في الجَّزائر، إبان حرب التَّحرير، والذي راح ضحيَّته موريس أودان، عضو الحزب الشِّيوعي الجَّزائري ذو الأصل الفرنسي، والمناضل، وقتها، في صفوف الثَّورة الجَّزائريَّة. فقد اعتبر زيتوني أن "التاريخ قد حسم قدَر الحركيِّين"، قاطعاً بأنَّهم قد "اختاروا موقعهم"، وبأن "الذين خانوا وطنهم لا يحقُّ لهم أن يعودوا إليه"!
تجدر الإشارة إلى أن هذا الرَّفض لا يشمل أولاد "الحركيِّين" بشكل مباشر، وإن كان يشملهم بشكل غير مباشر، حيث لن تستطيع الحكومة، مهما سنَّت من القوانين، ومهما اتَّخذت من الإجراءات، أن تضمن حسن معاملة الجَّزائريِّين لهم كمواطنين كاملي المواطنة، أو ألا يُنظر إليهم بنوع من الاحتقار، فتلك مشاعر لا تملك الحكومة، بطبيعة الحال، أن تتحكَّم فيها!
أخيراً، أعلن ماكرون، خلال سبتمبر الجاري (2018م)، عن قرارات ماديَّة مهمَّة لصالح "الحركيِّين"، من بينها تخصيص ميزانيَّة تبلغ 40 مليون يورو، على مدى الأربع سنوات القادمة، لمساعدتهم وأولادهم. فإذا كان من المشكوك فيه أن تفي هذه الميزانيَّة بالغرض منها، فمن المؤكَّد أن الرَّجل قد يئس، في ما يبدو، من تحقيق خطته الأصليَّة بتعليق المسؤوليَّة بشأنهم على عنق دولة الجَّزائر!

***



#كمال_الجزولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كمال الجزولي: عَبُودُ يُهْدِي غُرْدُونَ وَكِتْشِنَرَ بَاقَات ...
- الشِّيُوعِي مُورِيسْ أُودَانْ بَيْنَ فِرِنْسيَّةِ المِيلادِ ...
- كرري: 120 عاماً
- إنتهت اللعبة Game Over
- توريت: 63 عاماً
- مِنَصَّتَانِ .. وإِرْهَابٌ وَاحِد!
- الخَلِيْلُ: زَهْرُ الكَلامِ، نَعْنَاعُ النَّغَمِ، ورَيْحَانُ ...
- مِن هُمُومِ المَتَاعِبِ الفِقْهُوفِكْريَّةِ مَعَ التَّطَرُّف
- المدخل لعودة الاستعمار
- هُدهُدْ: نُقُوشٌ عَلَى ذَاكِرةِ الفَقْد!
- الشيوعيون السودانيون وقضية الدين
- العَدَالَةُ الانْتِقَالِيَّةُ والجَّنَائِيَّةُ الدَّوْلِيَّة ...
- صَفْحَتَانِ مِنْ دَفْتَرِ القَرْنِ الأَفْرِيقِي!
- ورقةٌ مستعادةٌ من رزنامةٍ قديمة: سيكو Sicko
- قبل أحمد سعيد .. وبعده!
- حوار الميدان والجريدة مع كمال الجزولي
- تعميم صحفي
- سُونَاتَات قَدِيمَة (شعر)
- ورقةٌ مستعادةٌ من رُزنامة قديمة: الحَاكِميَّة بَيْنَ القَضَا ...
- ورقةٌ مستعادةٌ من رُزنامة قديمة وَجَاءَ يَوْمُ شُكْرِهِ!


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال الجزولي - الحَرَكِيُّون!