أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - تطور نظام البوليس السياسى فى مصر















المزيد.....

تطور نظام البوليس السياسى فى مصر


رياض حسن محرم

الحوار المتمدن-العدد: 6003 - 2018 / 9 / 24 - 04:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قبل هزيمة الثورة العرابية وإحتلال الإنجليز لمصر كانت مصر ولاية تابعة للباب العالى والدولة العثمانية، فى هذا العهد كان يوجد فى المدن الرئيسية وخاصة فى القاهرة والأسكندرية فى مديرية الأمن ضابط يسمى "مأمور الضبط" ويتبعه عدد من المخبرين بملابس مدنية، كان تركيزه الأساسى ينصب على الجاليات الأجنبية وبيوت الدعارة وضبط الأسواق، وشاع الفساد داخل هذه المنظومة، يقول أحد المفتشين الأتراك فى تقرير له "معظم المخبرين في مصر هم في الحقيقه مجرمون سابقون و بالتالي مشكوك تماما في كلامهم. مأموري الضبط في مصر ليس لديهم موارد كافيه و النظام كله لا يعمل"، وفى نهايات القرن التاسع عشر برزت تنظيمات قومية ودينية بعضها يتبنى العنف، وكان الحادث الذى هزّ أركان النظام هو قيام أحد المتعصبين القوميين هو "إبراهيم ناصف الوردانى" فى 20 فبراير 1910 بإطلاق النار على رئيس الوزراء "بطرس باشا غالى" فأرداه قتيلا، هذا الحادث الذى أحدث هزّة عنيفة داخل السلطة البريطانية ودفعها الى التخلص من نظام مأمور الضبط والعمل على إستحداث نظام بديل.
تقرر تكوين مكتب رئيسى للقيام بنظام الإستخبارات والتجسس على الحركات السرية المناهضة للسلطة وتقديم تقارير دورية بحالة الأمن والتحذير من أى مخاطر محتملة على النظام، فى القاهرة كان مأمور الأمن وقتها هو "جورج هارفى باشا" الذى يحكم العاصمة، وهو من إختار ضابط من أصل شامى مشهور بالشدة والقسوة إسمه "جورج فيليبيدس" ليشغل رئيس مكتب المباحث، ضم هذا المكتب إليه مأمورى الضبط والمخبرين "الذين شغلوا أفراد المراقبة والمتابعة والقبض" فى المكتب، وتم تعيين أعداد إضافية من المخبرين، وتوسعت مهامه وإمتدت لكتابة التقارير عن الموظفين المرشحين لوظائف عمومية.
بدأ المكتب فى تحقيق بعض النجاحات الهامة، حين كشف عن بقية أعضاء الخلية التى خططت ونفذت إغتيال بطرس باشا غالى، والكشف عن خلية تخطط لإغتيال اللورد كتشنر "المندوب السامى البريطانى" فى 2012، وإكتشف فى 2014 مجموعة أخرى تخطط لإغتيال الخديوى "عباس حلمى الثانى"، ولكن حزب العمال البريطانى نشر تقارير عن إستخدام رجال المكب لأساليب تعذيب وحشية لإنتزاع الإعترافات، ما وضع هذا المكتب فى دائرة الإتهام، فى تلك الأثناء بدأت تحدث بعض الضغائن ضد رئيس المكتب "بصفته الغير بريطانية" من ضابط أيرلندى هو "توماس راسل" الذى إحتج أن يكتب شخص غير إنجليزى تقارير عن الضباط الإنجليز، وأنه يتلقى رشاوى من المتهمين الأثرياء حتى يحمّل التهم لبعض المجرمين الصغار المسجلين، الأمر الذى إنتهى الى القبض على فليبيديس وتحويله للمحاكمة، وانتهت المحكمة الى الحكم عليه بالسجن 5 سنوات بالإضافة الى غرامة مالية كبيرة.
إذدادت أهمية هذا المكتب كثيرا خاصة أثناء الحرب العالمية الأولى وحاجة بريطانيا الماسة الى إستقرار الأوضاع فى مصر، وتحديدا لأن الإنجليز كانوا فى حرب مع تركيا دولة الخلافة، وما يمكن أن يسبب إحتقانا مضاعفا لدى المصريين بأغلبيتم المسلمة، وبعد إقصاء فيليبيديس من رئاسة المكتب والحكم بسجنه، تم تعيين البكباشى "جوزيف ماكفرسون" الذى كان يشغل وظيفة مراقب بوزارة المعارف، رئيسا للمكتب وذلك لإتقانه للغة العربية (واللهجة المصرية)، واستطاع هذا الضابط الإنجليزى أن يهدإ من غضب النخبة المصرية على وعد بلفور وزير الخارجية البريطانى لإقامة وطن قومى لليهود على أرض فلسطين، فى مواجهة التحريض التركى بقيادة جمال باشا فى سوريا.
إعتمد ماكفرسون على تعدد مصادر معلوماته (خاصة أنه لم يكن يثق فى المخبرين)، وذلك من خلال تجنيد شبكة واسعة من المرشدين، شمل بينهم بعض المتسولين والباعة الجائلين وعمال المقاعى والعربجية، هذا النمط الذى صنعه الإحتلال يختلف جذريا عن بعض أشكال المخابرات التى نشأت فى مواجهة الإحتلال كمعظم المخابرات الغربية والكى جى بى فى روسيا السوفيتية وحتى الموساد الإسرائيلى.
أثناء الحرب العالمية الأولى بلغ ضغط الإنجليزعلى المصريين منتهاه "وخاصة الفلاحين"بطريقة لم يشهدها حتى نظام الرق اليونانى، فكان نظام السخرة "السلطة كما أطلق عيها الفلاحين"، وخطف شباب الريف من حقولهم وقراهم، وتغييبهم فى أعمال حقيرة لخدمة الجيش الإنجليزى وحلفائهم، هذا بالإضافة الى عربدة جنود الإحتلال فى شوارع المدن وإعتدائهم على المصريين والمصريات، وفرض أشد القوانين المعادية لحرية الصحافة وللحريات عامة، (ربما ذلك يفسر درجة العنف الغير مسبوقة من المصريين ضد جنود الإحتلال أثناء ثورة 1919)، كان ذلك يحتاج الى قبضة حديدية وفرها لهم جهاز أمن سياسى بالغ القوة والعنف.
خطأ ماكفرسون الأساسى أنه لم يتوقع تلك المشاركة الواسعة للفلاحين فى ثورة 1919 ولا فى درجة العنف العالية التى أظهروها حيث عمدوا الى قطع طرق المواصلات وخلع قضبان السكك الحديدية ومهاجمة أى سفن للإحتلال أو الحكومة تبحر فى نهر النيل، وأمام هذا الفشل إضطر ماكفرسون للإستقالة بعد شهر واحد من إندلاع الثورة، فى مايو 1919، وتم تعيين الضابط "جيلبرت كلايتون" بدلا منه، فى تلك الأثناء عمل حزب الوفد بواسطة قيادته الميدانية "عبد الرحمن فهمى" على تشكيل منظمة اليد السوداء "جماعة الإنتقام" التى عملت على إغتيال الضباط الإنجليز والمصريين المتواطئين فى قتل الثوار، وإستطاغ كلايتون من خلال ضابط بوليس مصرى هو "سليم زكى" من زرع عملاء داخل هذا التنظيم، وتمكن من الإيقاع بمعظم الخلايا النشطة.
وبعد الهدوء النسبى للأوضاع لجأ الإنجليز الى إعادة هيكلة الداخلية وذلك بتكوين إدارة مركزية للمباحث بالوزارة يكون رئيسها مساعدا للوزير وتم تعيين الضابط الإنجليزى " تشالرز فردريك رايدر" فى هذا المنصب عام 1920، الذى أعاد صياغة عمل الجهاز وأصدر تقريرا أسبوعيا يتضمن تحليل البرقيات وملخص عن التحركات العمالية والطلابية ودور العبادة وملخص بأهم ما تنشرته الصحف وأجهزة الإعلام وغيرها، وبصدور تصريح 28 فبراير 1922 الذى أعطى لمصر إستقلالا صوريا، أدى ذلك الى تدهور الأوضاع الأمنية "بدلا من إستقرارها" لرفض المصريين لهذا الإستقال المزعوم، وفى هذه الأثناء تم إغتيال مساعد حكمدار العاصمة الإنجليزى، بعدها تدخل رئيس الوزراء "عدلى يكن" وقرر نقل حكمدار الأسكندرية "جوردون إنجرام" الى القلم المخصوص "المباحث" بالوزارة، كما قرر رفع ميزانية القسم بالوزارة، وفى 19 نوفمبر 1924 حدثت الضربة الكبرى باغتيال السردار "لى ستاك" قائد الجيش المصرى وحاكم السودان، لتثور ثائرة الإنجليز مطالبين بتعويضات وبانسحاب الجيش المصرى من السودان، وتخفيض حصة المياه المصرية من النيل، وأمام كل هذا لم يكن أمام سعد زغلول الاّ إستقالة الوزارة.
أصدر "على زيوار" (رئيس الوزراء الجديد) قرارا بحل جهاز الأمن السياسى بمحافظة القاهرة لتهدئة الإنجليز، وحاول القلم المخصوص الوصول لقتلة السردار دون جدوى، الى أن حدثت مفاجأه، من خلال شخص إسمه "محمد نجيب الهلباوى" الذى كان فى صفوف الثوار وتم سجنه لمدة 9 سنوات، بعدها تم تجنيده للأمن وكلف باختراق صفوف الثوار "لثقتهم فيه" ومحاولة البحث عن قتلة السردار، وبالفعل تمكّن العميل من إختراق المجموعة التى قتلت السردار وتسليمهم للبوليس.
شهدت نهاية العشرينات وثلاثينات القرن الماضى نشأة التنظيمات الراديكالية مثال جماعة الإخوان المسلمين وحركة مصر الفتاة والحلقة الثانية من الحركة الشيوعية، كما شهدت أيضا توقيع إتفاقية 1936، التى حصلت مصر بموجبها على استقلال نسبى، وفى ضوء تلك المعاهدة تم تحقيق درجة من الهدوء فى الداخل المصرى، وجاءت الحرب العالمية الثانية لتحقق درجة من النمو الإقتصادى والنشاط الصناعى نتيجة حاجة جيوش الحلفاء لمن يضمن لهم الغذاء والسكن والترفيه.
فى سنة 1945 قررت الحكومة المصرية تشكيل جهاز مخابرات شمل عدة أقسام، وكانت هناك أكثر من واقعة تبين التنافس بين الجهازين "المخابرات والمباحث" أدت الى إفساد بعض القضايا المهمة، ويبقى لجهاز الأمن السياسى فى مصر دورا محوريا فى تثبيت دعائم النظام، والعمل على مواجهة حركة المعارضة للسلطة أيا كان مصدرها.



#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حركة الطلاب المصريين فى السبعينات
- عن فيلم -تراب الماس- .. وفساد المجتمع.
- حسين عبد الرازق.. مناضل حتى الرمق الأخير
- على العطفى .. آخر الجواسيس قبل كامب ديفيد
- مؤامرة غزة .. الباب الملكى لصفقة القرن
- 5 سنوات على فض رابعة والنهضة..وما زال الحدث مستمرا
- الدور الوطنى لليونانيين فى مصر
- مبادرة غير مدروسة
- ثنائية العسكر والإخوان
- الديموقراطية والإستبداد فى ظل سلطة العسكر
- مدارس الكادر .. فى تاريخ الحركة الشيوعية المصرية
- السلطة تدفع الطبقة الوسطى سريعا الى الهاوية
- دلالات فوز حركة النهضة فى تونس
- الجانب الصوفى فى حياة خالد محيى الدين
- الحشاشون والإخوان المسلمين .. بين البنّا والصبّاح
- ذكرى صلاح حسين..شهيد الحركة الوطنية المصرية
- بهدوء ...مصر قبل 1952
- ما أشبه البارحة بالليلة !!
- فيسبوك مصرى .. المسخ الجديد
- تدهور أوضاع الحريات وأزمة الديموقراطية فى مصر


المزيد.....




- جبريل في بلا قيود:الغرب تجاهل السودان بسبب تسيسه للوضع الإنس ...
- العلاقات بين إيران وإسرائيل: من -السر المعلن- في زمن الشاه إ ...
- إيرانيون يملأون شوارع طهران ويرددون -الموت لإسرائيل- بعد ساع ...
- شاهد: الإسرائيليون خائفون من نشوب حرب كبرى في المنطقة
- هل تلقيح السحب هو سبب فيضانات دبي؟ DW تتحقق
- الخارجية الروسية: انهيار الولايات المتحدة لم يعد أمرا مستحيل ...
- لأول مرة .. يريفان وباكو تتفقان على ترسيم الحدود في شمال شرق ...
- ستولتنبرغ: أوكرانيا تمتلك الحق بضرب أهداف خارج أراضيها
- فضائح متتالية في البرلمان البريطاني تهز ثقة الناخبين في المم ...
- قتيلان في اقتحام القوات الإسرائيلية مخيم نور شمس في طولكرم ش ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - تطور نظام البوليس السياسى فى مصر