أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرحمن جاسم - القسر لا يدوم! -1-














المزيد.....

القسر لا يدوم! -1-


عبد الرحمن جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 1508 - 2006 / 4 / 2 - 05:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


البارحة كنت أزور صديقاً، ابتسم وهو يسرُ لي: "القسر لا يدوم". لم أتنبه لتلك العبارة إلا حينما عدت إلى غرفتي، جلست، أصخت سمعي إلى داخلي، كان يقول لي بلهجة الواثق، الفلسفة -سواء الاسلامية منها أو العامة- تنظر إلى الأمر سواء، الشدة لا تدوم، وعكس المنطق والمعتاد لا يستمر، فعكس الطبيعة واضح، واستمراره أمر محال. وعاد بي التفكير، كيف وصلنا إلى هنا، وكيف أن "القسر" الذي لا يدوم، قد دام إلى هذا الحد في بلادنا!

القصة كما بدأت: قسرٌ بأثوابٍ مختلفة:
قد يستغرب البعض حينما أرجع الأمر إلى المرحلة التي تلت وفاة الرسول(ص) مباشرةً، فتلك كانت بداية الفتيل المشتعل، وبداية القسر، فهل كان القسر آنذاك تراتبياً، أم أنه كان توجهاً اجتماعياً سيأخذ منحناه الزمني تباعاً. فمن صدر الإسلام، الذي انتهى سريعاً بكوارث (لا يمكننا أن ننسى رمي الكعبة بالمنجنيق، وقتل أحفاد رسول الله(ص)) إلى العصر الأموي، بكل ما حمله من تناقضاتِ شديدة الغرابة والتغريب، فرغم كل الفتوحات، ظهرت لأول مرة في التاريخ العربي-الإسلامي، صفة العرش
والكرسي، (وهذا أمرٌ آخر سنعود إليه في مقالة أخرى)، ذاك أن الممالك العربية السابقة (المناذرة والغساسنة) كانوا أمرآً آخراً وحالةً أخرى، أي أنهم كانوا أشبه بجمهوريات الموز في أميركا الجنوبية أوالجمهوريات الأفريقية، أي أنها ممالك بلا حولٍ ولا قوة وضعها الآخرون، لاستعمالها فحسب. وتطورت الأمور بشكلٍ تصاعدي مفاجئ، ووجد العرب/المسلمون آنذاك أنهم أمام احتمالات عديدة، وبلادٌ واسعة لاحتلالها والاستفادة منها، ولكي لا ندخل في سجال حول هدف المسلمين من تلك الفتوحات، فهل كان الهدف هو نشر الإسلام، أم الاستفادة من خيرات تلك البلاد؟ ذاك أمرٌ لا يعنينا ههنا، طالما أن القسر هو المقصود. فالقسر الذي لا يدوم، بدأ من تلك الأيام، وعلى كل الناس، فمن كانوا من غير الأمويين أو من غير المشايعين لهم، تعرضوا للقسر بشكلٍ مستمر، وللظلم، والقتل والتنكيل والتشريد، وليس هناك أبرز من قضية الإمام الحسين(ع)كدليلٍ على ما أقوله. وعانى الناس، وساد القسر، رغم كل ما حكته كتب التاريخ، والتأريخ عن العمران والبنيان وكل ذلك، وكان القسر على أناسٍ دون آخرين، وكما في حالتنا اليوم، كان البعض يحكمون، والآخرون يداسون كل يوم. وظهرت مرحلة المدينة/الحاضرة، العاصمة المركز، وهو أمرٌ كذلك لم يعرفه العرب، رغم ما كان لديهم من مدنٍ مهمة، لكنهم لم يكونوا قد عرفوا الامبراطوريات بعد، لذلك كان تحول "دمشق" المدينة المدهشة البعيدة إلى حدٍ ما عن شبه الجزيرة العربية -المختلفة بجوها وبطبيعتها كذلك- لكي تكون نقطة المركز في قلب الدولة الحديثة، وكان كل الأمر كما يتباهى الكثيرون بأن بلادنا لم تكن تحكم إلا من قبل حكامنا، أي أمير المؤمنين آنذاك -كما كان يلقبون وقتها- ولكن السؤال الذي يتأتى إلى الذهن، هل كنا فعلاً نحكم من قبل جهة حاكمةٍ عادلة؟ أو قد اختيرت من قبل الشعب المحكوم؟ ليس هناك من دليلٍ واحدٍ على ذلك، بل إن الشواهد كلها تشير إلى العكس، فالأموين مثلاً، حكموا بناءاً على التراتبية العائلية البحتة فحسب، والعشائرية الدقيقة، والقبلية الضيقة، دون أي مراعاةٍ لرأي الشعب أو العامة. لذا كان القسر عاماً، ولكنه لا يدوم!

العصر العباسي: وارتدى القسر لباساً أسود!
ومدت المرحلة الثانية يدها بسرعة، فرحل آخر الخلفاء/أمراء المؤمنين الأمويين ليأتي أول خليفةٍ عباسي، حاملاً لواء التغيير والتجديد، ولكنه كي يمهد للمرحلة التي يهوى رسمها، دعي بالسفاح، ويكفي أن ننظر للإسم كي نعرف أي نوعٍ من القسر كان سائداً أو كان سيسود. وعرف الكثيرون الرخاء، حتى ليقال بأن الرخاء/الفساد الذي عرفته البلاد آنذاك، وخصوصاً في بغداد (هنا أيضاً يشار أن العاصمة/المركز قد عادت لشبه الجزيرة العربية من جديد، وهو يمكننا أن نجد له العديد من التبريرات)، فقد بلغ أشده، حتى أن عدد القيان والجواري في تلك المدينة الغناء -حاضرة الدولة العباسية وعاصمتها الأشهر- بلغ ما تعداده نصف سكان المدينة. وهذا أمر يوضح لنا كيفية الحياة هناك آنذاك، ولكن كيف حال سكان جوار بغداد، وخارجها، وبعيداً عنها؟ هل كانوا أحياءَ أصلاً؟ هل كان هناك من يهتم إن كان القسر يتسلقهم. تساءلٌ آخر، هل كان الناس فعلاً يحكمون؟ سواء من داخل بغداد أو خارجها، وهل كان العباسيون مختلفين عن سابقيهم الأموين؟ وهل كانوا خارجين عن نطاق العائلة/العشيرة/ القبيلة الضيق؟ كالعادة الشواهد تشير بوضوح إلى صحة الأمر الحزين، كان العباسيون مثل الأموين بالضبط، هذا إن لم يكونوا أسوأ، من جهة التنكيل بخصومهم، أو نظام حكمهم العسكري الشديد البطش.
وعرف الكثيرون الازدهار، ولكن القسم الأكبر لم يعرف، ولم تمر عليه تلك الأيام، فمن عادى النظام لقي ما لاقاه المعارضون للنظام السابق، وهكذا دواليك، استمر القسر، وارتدى لوناً آخر هذه المرة، وتلونت بلادنا بألوان الدولة العباسية السوداء، حتى لكأنما صار الأسود لوناً متشابكاً للقسر والحزن سوياً. وتأرجح أحلام البسطاء، محاولين اعتنقاء أي ذرة أمل لتبعدهم عن ما يمرون به. وتأرجح القسر طويلاً ههنا، وتوسعت الدولة العباسية، وصارت امبراطورية بلا نهاية، تبدأ من أفريقيا لتنتهي عند حدود الهند أو ما أبعد من ذلك. ولكن ما يبدأ بسرعة، ينتهي بسرعةٍ كذلك، وكما يوضح عنوان المقال، كان أوان رحيل الدولة العباسية، ويمر هولاكو والمغول معه على بلادنا ليبدأ عصر جديد من عصور الدويلات والممالك والمماليك، وقسر جديد، وحزنٌ جديد.
يتبعّ!



#عبد_الرحمن_جاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رقص
- أنا وسحر وسحر
- الإرادة الأخيرة: نيتشه ونحن!
- حدثتني نهلة
- لنا عد الرحمن في عملها الجديد: -الموتى لا يكذبون-، عالم جديد ...
- كم يحتاج واحدنا إلى -غالا-
- لا تخاف أحداً؟ معذرةً؛ أنت كاذب
- لا تنزعج فأنت لا قيمة لك!
- حوار مع الفنانة العراقية سحر طه
- كم أتمنى أن أموت
- يومٌ عادي
- رحلة!
- كن صريحاً
- حب
- عن الأصدقاء والقداسة
- عن نزار قباني، وآسف أن أخيب أملكم
- عن السفسطائيين، عن أفلاطون وغداً
- عن محمود درويش: معرض الكتاب والكاتب النجم
- معذرة لكنني لست ديمقراطياً
- تفاءل


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرحمن جاسم - القسر لا يدوم! -1-