أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميشيل زهرة - منعطفات حادة في الروح .!














المزيد.....

منعطفات حادة في الروح .!


ميشيل زهرة

الحوار المتمدن-العدد: 5990 - 2018 / 9 / 10 - 12:19
المحور: الادب والفن
    


حدثني ذاك الفتى قائلا : لست أدري لماذا تلتغي الأمهات ، في حضور الجدات ، في الدور الكبيرة للملاكين الصغار في القرى ، و الآباء أيضا في إدارة شؤون الدار ، يتحولون إلى أدوات طيعة ، حتى في تربية الأحفاد ، فلا الأمهات يستطعن معاقبة أولادهن على خطأ ما ، و لا الآباء ، أيضا . فما بالك لو كانت الجدة الحسناء ، و القوية الشخصية ، التي تزلزل الدار بحضورها عندما تغضب من أمر . و لست أدري لماذا كانت ، في الدار الكبيرة ، تصطف غرف الأبناء ، مع زوجاتهم ، على محيط الدار ذات المدخل العالي الذي تستطيع عربة مليئة بالحبوب الدخول منه ، إلى باحتة .. لن أنسى الغرفة الكبيرة ( المنزول ) قرب المدخل المخصصة لاستقبال الضيوف ، لأني عدت من المدرسة ، و أنا في العاشرة من عمري ، جائعا عطشا ، فلوحت بكيس كتبي القماشي كمقلاع ، و ورميته من باب غرفة الضيوف دون تقدير ، مني ، إذا كان في داخله ثمة ضيوف ..سمعت قرقعة حصلت من جراء فعلتي ، و لاحقتني بعدها الشتائم ، و الملامات ، و الأوامر أن أحضر حالا ، فنفذت على مضض خائفا من فعلة شنعاء قد حصلت من جراء رميتي الرعناء. و عندما وقفت في الباب بانكسار ، و خوف ، و أنا أفرك عيني اليمنى بيدي كعلامة اعتراف بالخطأ ، و شبه اعتذار ، شاهدت أبي ينظف جلباب أحد المشايخ من اندلاق ابريق الشاي ، الحار ، عليه ، و تحطم بعض الكؤوس على آخرين ، يلملمها جدي معتذرا بخجل من فعلة حفيده الشقي ..لكن تحولا ، لم يكن في الحسبان ، قد حصل بإيماءة من كبير المشايخ الذي اندلقت الشاي على خصيتيه ، و أنا أنتظر العقاب من أحدهم ..( دعوه رجاء لا تعاقبوه ..أليس هو من يحفظ العديد من القصائد ..؟؟ ) و عندما فتحت هذه النافذة ، لأبي و جدي ، كي يخرجا من الموقف المخجل ، تأملت خيرا ، إذ أن فرصتي جاءت كي أعبر عن ذاتي في العبء الثقيل الذي يحملوني إياه على مضض . فأمرني الجد أن أقبل أيدي المشايخ جميعا ، مع عبارة : لن تعاد ..لكل واحد منهم ..فسامحوني على فعلتي على أن ألقي لهم قصيدة صوفية ، أحفظها بصما ، من خمسين بيتا ، و نيف ، بصوت جهوري ، و أنا واقف . ففعلت ، فأثنى علي الجميع ، فأعطاني جدي فرنكين يومذاك ، و أضاف مفتخرا : يحفظ هذا الحفيد ألفين و خمسمئة بيت شعر عن ظهر قلب ..فباركني الشيخ الأكبر ، و قربني منه ، و وضع يده على رأسي و تلى بعض أدعية ، و عندما انتهى طلب جدي مني أن أقبل يده ثانية ، فلم أفعل لأني ظننت أن جدي قد نسي أني قبلتها حين دخلت ، فقام أبي بالواجب و قبل يده ، و جلست قرب جدي على طراحة من صوف سميكة ، أنتظر كي تتاح لي الفرصة كي أضع الفرنكين تحت الطراحة ، لأني رفضتهما ، و لست أدري السبب .. و عندما شعرت ألا حاجة لوجودي ، قلت لجدي أريد الذهاب إلى الجدة . و لكي لا أفوت لهم هذه الفرصة في إهانتي ، و أنا من يعرف مدى حب الجدة لي ، فقد دخلت على الجدة باكيا بكاء مريرا كي أزيد في حرارة عاطفتها ..و عندما علمت الجدة أنهم أذلوني ، بعد فعلتي ، و أخضعوني لتقبيل أياديهم جميعا ، و أعطوني فرنكين ، تركتهما تحت الطراحة ، صاحت بأعلى صوتها طالبة أبي على عجل ، فجاء و قد لاحظت في وجهه ندم ، و خوف ، و انسحاق في حضرة الجدة : ما الذي فعلتموه للصغير .؟؟ فلم تقتنع بأعذار أبي رغم الشواهد التي استشهد بها ..فشتمته الجدة ، و هي تضمني إلى صدرها ، و شتمت ذقون الحاضرين جميعا ، دون اعتبار لقداسة . و لم أفهم ما سرّ قوة الجدة في حضرة هؤولاء الناس ، و قالت عبارة : دعهم ينظفون أقفيتهم ..!!! تلك العبارة التي هزت القاع المقدس لذاكرتي ، رغم أني لم أفهم عمق معناها ، حتى سألت الجدة عنها بعد عامين من تلك الحادثة ، حين بدأ التمرد ينضج ، و تكتمل ملامحه ..فقالت لي : من ينظف قفاه .. المقصود فيها يا بني : ألا يترك قبحا خلفه كي يقال عنه بعد مضيه ..! فهمت بعد زمن ، إن للجدة سطوة عليهم جميعا ، و تفهمهم أكثر من أنفسهم ، و إن ثمة مواقف تدينهم في محكمة الجدة ، وإن لي من السند العظيم ، ما لم يستطع زلزلته حتى رجال الدين بكل جبروتهم ..و لا الجد ..و لا الأب في حضرة السيدة الجليلة جدتي . فرميت من ذاكرتي كل المحفوظات عن ظهر قلب ..و إذا سئلت عن قصيدة أن ألقيها ، أقول بلا خوف : نسيتها .
آآآآآه كم أراحت الجدة ذاكرتي التي كانت مثقلة بالمحفوظات .



#ميشيل_زهرة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبدو الأجدب عاشقا .!
- يغتال بابنيان من جديد .!
- كابوس .!
- لمن البقاء .؟؟
- هل هو اغتيال جديد لسوريا .؟؟
- صدى الذاكرة .!
- مذكرات صوص ..رحلة حضارة .!!
- مذكرا صوص ..!
- الفخّ .!!
- الشيخ نسيم .!
- البيتكوين ..العملة الرقمية العالمية .!
- القميص .!!
- نصّ بلا ضوابط .!
- الوحل .!!
- سقوط الحلم ..!
- الابداع جمعي ..!
- القبلة بوابة المدينة ..!!
- الأذن و اللسان .!
- النافذة الواحدة .!
- العقيدة ، و اغتيال روح النص ..!!!


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...
- عبر -المنتدى-.. جمال سليمان مشتاق للدراما السورية ويكشف عمّا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميشيل زهرة - منعطفات حادة في الروح .!