أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عامر حميو - ليلة المعاطف الرئاسية رواية جيل المستقبل التي لا تلتفت للجيل المحبط .















المزيد.....

ليلة المعاطف الرئاسية رواية جيل المستقبل التي لا تلتفت للجيل المحبط .


عامر حميو

الحوار المتمدن-العدد: 5990 - 2018 / 9 / 10 - 06:46
المحور: الادب والفن
    


تسير أحداث رواية ليلة المعاطف الرئاسية، للباحث والروائي محمد غازي الأخرس الصادرة عن دار الحكمة لندن 2018 وبعدد صفحاتها 235 صفحة، بخطين لا يمكن لنا بأي حال من الأحوال أن نقول عنهما بالمتوازيين، بقدر ما نستنتج أن أولهما يورث أسباب نشأة الآخر.
ففي الخط الأول(السبب) نجد الجنرال( كان عسكرياً فعلاً برتبة جنرال، يرتدي معطفاً رئاسياً طويلاً مبطناً بالفرو، يضع على عينيه نظارات شمسية غريبة الشكل....الخ...هو ربما يتجاوز الستين، أسمر بوجه طويل ذي حنك متقدم وأنف شاقولي...إلى أخر الصفحة حيث يستغرق وصف الجنرال ) ص5 من الرواية، يقابله شخص يقترح الراوي العليم لهذا الخط تسمية له منذ الأسطر الأولى للرواية( فوجئ شخص في الرابعة والثلاثين من عمره، سنسميه القارئ مؤقتاً، بدبابة تقف في باب داره)ص5 ليأخذنا هذا الجنرال والقارئ إلى متاهات أحداث غرائبية تمتد لسنوات قمع ما شهد لها مثيل في بلد مثلما شهد لها العراق، لكن الجنرال والقاري يطلعانا عليها من خلال ليلة واحدة فقط يستعرضان بها حفلات القتل بآلات الحرب مرة، ومرة بحفلات الإعدام تحت مسميات التخاذل والخيانة والتواطؤ وباسم صفحة الغدر والخيانة، وبها تستحضر كل أرواح المغدورين لكن بأفواه تأكل التراب ووجوهها مشوهة الملامح، وبافتراض مزعوم، لضرورات فنية تخص المتن السردي، يفترض بها الراوي قيام السلطة بمشروع، سرقته المخابرات العراقية آنذاك من دول المعسكر الشرقي المفكك حديثا، والتي بدورها حصلت عليه من شاب الماني التجأ إلى الاتحاد السوفيتي أبان حكم ستالين، وكان بحوزته البيانات الرئيسة لجهد النازية بإبراز الجنس الآري، كجنس متفوق على البشرية ويستحق التعظيم، لكن استقرار المشروع في العراق يقدح في ذهن الخبراء فكرة أن يطوروا المشروع ليجتثوا بوادر التخاذل في النفس البشرية، حتى لا يعود ثمة شخص عراقي يتخاذل عن الاقدام لنصرة الساتر الأول ويصيبه الخوف من الموت دفاعا عنه، وأكاد أجزم أن وقع الأحداث في الخط الأول سيترتب عليه شعوراً عدميا ًعند الاجيال القريبة من الأحداث الحالية لتاريخ العراق، وسيوّلد لديها مزيداً من الخيبة والخذلان، لكنه ( وهنا ميزته المهمة) سيدفع قارئه بعد عقود من الزمن لأن يرجع لينبش التاريخ زمن الثمانينيات وما تلاه ليعرف: ماذا جرى من تعسف وقمع في بلد أسمه العراق؟!.وتلك ميزة رائعة تحسب للمنجز، وتتغاضى عما يخلفه وقعه الحالي على جيل من الشباب هو بمجمله جيل محبط بما آلت له الأوضاع في بلده، قبل أن يقرأ الرواية ويتأثر بها.
وفي الخط الثاني (النتيجة) نجد (عوّاد) مدير المدرسة المتقاعد (كان الأستاذ عواد مديرنا في مدرسة البواسل الابتدائية الأشهر في حي الشعب، مدرسة بطابق واحد مبنية بطراز ستيني، قرابة ثلاثين صفاً مرصوفاً إلى جانبي الإدارة)ص 29 و(كثيرون سألوه عن سر نجاحه وثباته في وظيفته سبعة عشر عاما، في المدرسة نفسها، وبالوتيرة الناجحة ذاتها، وكان جوابه بسيطاً: إنها الصرامة والخيال الإداري)ص30 و(تلك الصرامة جعلت منه، بمرور السنين، أمثولة حيكت حولها القصص والخرافات)ص32 كأن فيه إشارة مضمرة برمزية إلى نشأة الجنرال المختبرية، فهو (عيناه ذابلتان ولم يتوقف عن عصرهما بمنديل صغير يحمله بيده) ص10 والجنرال ( أدار الجنرال عتلة صغيرة أسفل نظارته فنزلت دماء غزيرة.....إلى أن يقول ...ثم خلع النظارة فبدت عيناه حمراوين مبلولتين بالدماء. تناول منشفة صفراء فيها رسم ضفدع قافز ومسح عينيه)ص38. وفي الخط الثاني ذاته يرافق المدير الراوي المتكلم لليلة كاملة، يسبران فيها غور بغداد وعنفها الطائفي أبان الاحتلال الأمريكي لها، فمدير المدرسة المتقاعد يستدعي طالبه القديم ليرافقه في عملية البحث عن أولاده الثلاثة طيلة ليلة كاملة، نتيجة اختطافهم من قبل جماعة مسلحة تهدد بقتلهم إن لم تُدفع فدية عنهم يشترط أن يكون المدير (والدهم ) هو من يقوم بتسليمها واستلام أولاده، وأثناء مرافقته لمدير مدرسته نكتشف أن الطالب سينطبق عليه في نهاية الرواية قول الشاعر بلند الحيدري:
( أنا القاتل والقتيل...أنا الجرح والسكين) .
لأنه سيتحد مع القارئ ويكون راوياً متكلماً لأحداث الرواية (قرأت الشاهدة المكتوبة بقلم الماجك : هنا يرقد القارئ ...هنا يرقد الكاتب)ص234.
و:
(- هلو سيرجنت، قلت له بتودد.
- ولك يا سيرجنت أبو الهوا...انزل خل افتشك، آني الجنرال كوكز آمر المعسكر).ص229
و:
(تقبلها يا رب القتلى المكاريد، أبي يعدم كمتخاذل ثم يختطف جسده ليكون أباً للجنرال كوكز، تقبلها يا رب القتلة المناويك؟)ص197.
وإزاء كل ذلك يبقى حاضراً في ذهن كل قارئ عرف محمد غازي الأخرس باحثاً قبل أن يكون روائياً:
أين الباحث محمد غازي الأخرس فيما جاء بمتنه السردي؟ وهل ظهر شيء من ذلك في رواية ليلة المعاطف الرئاسية؟
والجواب على ذلك : نعم. ظهر محمد غازي الأخرس باحثاً ينبش في الظواهر وعللها واضحاً جلياً، وفي الخط الثاني تحديداً، خط المدير المتقاعد عواد وطالبه سائق البطة والكاتب، فالأخير يروي قائلاً( ينتشر هؤلاء المجرمون في المناطق الفقيرة والعشوائيات بكثرة، ولامجال للاستغراب أبداً، أينما عشعش الفقر فقست بيوض الاجرام، وحيثما شاع الجهل ولدت أغرب الظواهر بين المسحوقين)ص92 و(الفقر بيئة مثالية، ليس لولادة الجماعات المتمردة فقط، بل لولادة المشوهين خلقيا والمنبوذين والناقمين حتى على أهلهم وأنفسهم)ص93 و( تستطيع في هذه البيئة رؤية أحدهم وهو لا يتورع عن خطف جاره وحبسه في غرفة، ولكنه حين يحين وقت الصلاة يمكن أن يصلي مستريح الضمير. يصلي ويتقرب إلى الله ويدعوه أن يغفر له كل شيء ما عدا خطفه لجاره، هذا المجرم نفسه يمكن أن يبالغ في توزيع الصدقات في رمضان، ومع هذا يستطيع أن يقتل دون أن يرف له جفن. إنه مجرم معقد سيكولوجيا)ص93. ويتكرر الأمر في ص91 و ص108 وص123 وص182 وفي صفحات كثيرة أخرى لا أريد ذكرها أو ذكر مقتطفات منها حتى لا أحرم قارئ الرواية متعة مطالعتها.
وستبقى قراءتي لرواية ليلة المعاطف الرئاسية قراءة انطباعية، تعتمد على وعي قد يكون قاصراً في فهم محتواها، ويختلف عن قراءة وعي آخر يرتقي لمستواها.



#عامر_حميو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرواية الواقعية ونقود أهل الكهف
- خرابة وجذع شجرة ووليد غزالة وحيد
- رائحة المعطف
- عندما تصبح الرواية مُدوَّنة لحلم طال انتظاره
- ( حكايات البلبل الفتّان بين جرأة الطرح وخجل التجنيس الأدبي)
- منعطف الرشيد رواية عالم صاخب بالحياة لقاع مدينة اسمها بغداد.
- رواية عصير أحمر لشذى سلمان...رومانسية موجعة.
- استنطاق الشخصية الروائية ومحاكمتها لقارئها عند إسماعيل فهد إ ...
- (ذاتية العنوان وفلسفة المتن القصصي في أريج أفكاري لفلاح العي ...
- الحكواتي والروائي
- السيدة التي جعلت في بهار إشكالية إقحام وفبركة


المزيد.....




- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عامر حميو - ليلة المعاطف الرئاسية رواية جيل المستقبل التي لا تلتفت للجيل المحبط .