أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نضال نعيسة - ما أحلى الرجوع إليه؟














المزيد.....

ما أحلى الرجوع إليه؟


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1507 - 2006 / 4 / 1 - 12:38
المحور: حقوق الانسان
    


وصل الاستفشار السلطوي، وعرض العضلات، والتحدي والبطولة، والهجوم المعاكس للأمن السوري ذروة أخرى باعتقال الصديق والكاتب محمد غانم، من أهالي وسكان مدينة الرقة الفراتية السورية. وهو مدرس، وقاص، وإعلامي، وكان يدير بنجاح موقع سوريون الإليكتروني. كما أنه ربّ أسرة مؤلفة من عدة أطفال، واحتفل قبل أشهر قليلة، بدخول ابنه البكر كلية الطب البشري، وكم كانت فرحته عارمة بذاك الإنجاز العائلي الرائع الذي حققه برغم ظروف الإفقار، والتعتير، والحصار. ولا نملك سوى أن نهنئ هؤلاء الأبطال الأشاوس، والمغاوير الصناديد، الذين حققوا هذا النصر الوطني، والفتح العسكري الخالد باعتقال العزّل، وأرباب الأسر المنكوبة التي رزحت تحت نير أنظمة لا تراعي حرمة، ولا تأبه أبدا لكرامة الإنسان.

وتوحي كل تلك الأنباء والقصص المؤلمة، والمحزنة عن اعتقالات، وملاحقات، ومحاكمات، وتوقيفات، بالجملة، والمفرق، و"دوكما"، تجري في سوريا هذه الأيام لمختلف نشطاء المجتمع المدني، والمدافعين عن حقوق الإنسان، وصحفيين، وكتاب، بحسم قاطع، وربما نهائي، لكل خيارات السلطة، ورسالة عريضة بعودة قوية للخيار الأمني، الذي أشيع سابقا عن تحجيم دوره، ولجم اندفاعاته، وقصر مهمته على القضايا المتعلقة بدحر الإمبريالية العالمية، والصهيونية الغاشمة.

وقد أضحت هذه الأنباء بفعل تكاثرها، وتواترها اليومي، أشياء عادية ليس فيها من دهشة، أو إثارة، وأصبحت تشكل، بالتالي، المادة الإعلامية الأولى التي تواجه أي متتبع عادي للشأن السوري. وإذ هي على هذا الشكل من السفور، والكمية، والعلنية الكيدية أحيانا، فهي تحمل على الاعتقاد الجازم، بأن كل ما أطلق من وعود، وتعهدات قد ذهبت هباءً، وأدراج الرياح. كما تحفل الكثير من النشرات والبيانات الصادرة عن منظمات حقوقية سورية، وإقليمية بكل ما يدّعم تلك الأنباء، التي اتخذت من المعالجة الأمنية وسيلة وحيدة، وأداة يتيمة للتصدي لكل أنواع الحراك السياسي، والمجتمعي، والثقافي الذي يعتمل تحت السطح.

إعادة الاعتبار، واللجوء، ومن جديد، لتجربة سالفة بكل ما فيها من حمولات ثقيلة، وممارسات، ونتائج وخيمة أقصت المجتمع المدني كلية عن المشاركة في القرار السياسي، وعطلت قواه الفاعلة، وتركت آثارا سلبية مدمرة على شرائح متعددة، وغير محددة من الناس، ومهدت الطريق، وأفسحت المجال لاحقا لقوى النهب المافيوزية المنظمة للفتك بالاقتصاد الوطني وتركه جثة هامدة بلا حراك. ناهيك لما كان لتلك التجربة من منعكسات سلبية خطيرة على الصعيد الاجتماعي، والمتمثل بالآلام العائلية، وتفكك الأسر، وتفريق الشمل، وتغييب العائل الوحيد، وبث اليأس، وخلق روح الإحباط، والرغبة في الانتقام، الذي يراكم شعورا عاما يهدد بانفجارات مستقبلية، على غرار ما حصل في الكثير من الأنظمة ذات الطبيعة المماثلة. كما يُعد، وفي ظل متغيرات إقليمية جوهرية، فشلا في مواكبة، وتلبية استحقاقات هذه المتغيرات، وانصياعا طوعيا لكل إفرازات تلك التجربة، وتبنيها، والدفاع عنها، واصطفافا نهائيا في موقع مضاد للتطلعات الديمقراطية، والشعبية الوطنية. كما يؤكد على إهمال، بل وانعدام الخيارات الاخرى، والوسائل البديلة، والتي بُشر بها مطولا عبر سيل خطابي إعلامي عرمرم، لم يبق منه، في الحقيقة، سوى صدى خفيف وخجول، بعد أن كان قرعا لطبول إصلاحية صاخبة، ذابت في وحشة التحولات المثيرة، والانعطافات السياسية الكبرى التي واجهت مسيرة نظام بدأ يتآكل باستمرار.

ولقد أوصل سابقا، "تغول" الأجهزة الأمنية، وتفردها بالقرار، وتحللها من شتى أنواع الرقابة والسيطرة، وعدم خضوعها لأي توجيه وإشراف عام من قبل المؤسسات الدستورية والقانونية والشرعية، إلى ما هو عليه الحال من تأزم وعزلة خارجية، وإساءة بالغة لمصالح الوطن، وطلاق بائن ما بين الشعب والنظام، وإلى مأزق إقليمي ودولي محكم الإغلاق. ويلاحظ من السياق، للمتتبع للتطورات على الساحة، أنه، وبالرغم من ازدياد حدة اللجوء للحل الأمني، فإنه لم يقابل شعبيا، بذاك النوع من الخوف، والخضوع، والنكوص المأمول والاستسلام. وعلى العكس من ذلك تماما، فإن الحراك الاجتماعي والسياسي كان يزداد طردا مع شدة "الحراك" الأمني، مشيا على المبدأ العلمي الفيزيائي القائل بأن رد الفعل، هو حتما بحجم وقوة الفعل ذاته. وبأن الناس لم يعد لديها ما تخسره بعد الآن، بعد أن خسرت كل شيء، والأهم فرصها القليلة، والنادرة في حياة حرة وكريمة، وكل أمل أيضا في التغير والإصلاح. وهذا يعني أن تلك الفورات الأمنية المتعاقبة لم تحدث هدفها المطلوب في تمويت الرغبة الجماهيرية الكامنة بالانعتاق، وبث الرعب في النفوس، وهذا ما يزيد في إحراج النظام إقليميا، ودوليا، ويعتبر تنصلا من كافة وعوده بتحقيق انفراج ما.

ربما كان هذا حلا مؤقتا، وراهنا، يبعث رسائله المعهودة بالتخويف والترهيب، واستعراض العضلات، وإظهار الثقة المهتزة التي تزيدها اهتزازا هذه الممارسات، ويحمل للبعض رسائل وهمية من الاطمئنان، لكنه بكل الأحوال، ومهما حقق من أغراض آنية، فليس هو بالتأكيد، الخيار الأفضل، ولا طوق النجاة لمن يواجه احتمالات الغرق، في عباب هذه البحار الهائجة المائجة عاتية الأمواج. ومن يشرب الآن نخب الانتصار الزائف، وتسري في أوصاله قشعريرة النشوة العابرة، وزهو الغرور المخادع، و يفضل الترنم بأغنية نجاة "ما أحلى الرجوع إليه" للمضارب الأمنية المغلقة مرة أخرى، فإنه، لا بد سيردد، يوما، مع نزار، بعد أن تصله الأمواج العاتيات، "إني أغرق"، وأغرق في بحر الحماقات السياسية.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- د.العريضي:أية صورة ستتحسن بعد الآن؟
- مؤتمر اللمّة العربية
- أسرار المعارضة السورية
- الجهاد في سبيل الله
- سوريا: عودة الحرس القديم
- وفاء سلطان:لبوة الشرق، وأسطورة التحدي والإقدام
- فيلسوف من هذا الزمان
- عيد الأمومة: عيد الحب والعطاء
- الصحوة الإسلامية
- المعارضة الذكورية
- أدب السجون
- اختطاف أحمد سعدات
- المشرحة
- سمر يزبك:تكريم المرأة على الطريقة السورية
- أحزاب العرب الكوميدية
- إلى ظبية فراتية
- تحررالمرأة بين الواقع والأحلام
- الاعتقال هو الحل
- أنا سوري آه يا... شحاري
- الحراك المذهبي والسنيّة والشيعيّة السياسية


المزيد.....




- الأمم المتحدة: 800 ألف نسمة بمدينة الفاشر السودانية في خطر ش ...
- -خطر شديد ومباشر-.. الأمم المتحدة تحذر من خطر ظهور -جبهة جدي ...
- إيران تصف الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ب ...
- إسرائيل: 276 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة وصلت إلى قطاع غزة ...
- مفوضية اللاجئين تطالب قبرص بالالتزام بالقانون في تعاملها مع ...
- لإغاثة السكان.. الإمارات أول دولة تنجح في الوصول لخان يونس
- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نضال نعيسة - ما أحلى الرجوع إليه؟