أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - هل يمكن للحكومة العراقية التخلص من (تهمة) المحاصصة؟















المزيد.....

هل يمكن للحكومة العراقية التخلص من (تهمة) المحاصصة؟


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 5983 - 2018 / 9 / 3 - 15:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ سقوط حكم البعث الفاشي عام 2003، وتشكيل الحكومات العراقية المتعاقبة من كل مكونات الشعب العراقي، وعلى وفق ما تفرزه الانتخابات البرلمانية، وُصِفت هذه الحكومات بالمحاصصة الطائفية والعنصرية، وألقي اللوم في كل الأخطاء، والمساوئ، والفساد المستشري في مفاصل الدولة، على هذه المحاصصة "البغيضة".

والملاحظ أن جميع الكيانات السياسية، وقياداتها الحكيمة، و(غير الحكيمة)، تشتم المحاصصة في تصريحاتها وخطاباتها دون استثناء، ولكن في نفس الوقت، كل هؤلاء يصرون على حصتهم في السلطة والنفوذ.

وقد كتبتُ مراراً عن مشكلة المحاصصة، وعلى سبيل المثال مقال بعنوان: (حول إشكالية حكومة المشاركة أو المحاصصة)(1). وما جعلني أن أعود إلى هذا الموضوع الخطير، هو ما يجري الحديث في هذه الأيام ، وبعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي أجريت يوم 12 مايس/أيار 2018، وإقرار صحة نتائجها من قبل المحكمة الاتحادية، حيث تجددت المطالبات من جميع الجهات بتشكيل الحكومة الجديدة على أساس الكفاءة وليس المحاصصة.

والجدير بالذكر، أن الانتخابات الأخيرة – التي شابها تهم التزوير والخروق- أفرزت عن اختيار {232} نائباً جديداً من أصل 329 نائباً يشكلون البرلمان الجديد، أي ان نسبة التغيير هي {70.5%} عن البرلمان السابق(2). وهذا يعكس رغبة الشعب في التغيير وصحة الانتخابات، كذلك حجم الفاشلين في الانتخابات من النواب السابقين وعددهم 280 نائباً من مجموع 329 وقدرتهم في التأثير على الرأي العام في التشكيك بنزاهة الانتخابات وتضليل الرأي العام.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل حقاً يمكن أن تتخلص الحكومة الجديدة القادمة، وغيرها من الحكومات اللاحقة في المستقبل، من تهمة ولعنة المحاصصة؟

أعتقد أن وصف الحكومات العراقية المتعاقبة ما بعد صدام بالمحاصصة الطائفية لن يزول، لا في الحكومة الجديدة القادمة، ولا في أية حكومة في المستقبل المنظور، إلا إذا عاد حزب البعث للسلطة لا سامح الله، وهذا لا يعني اختفاء المحاصصة مع عودة حكم البعث، بل لأن البعث سيواجه كل من يتهمه بالمحاصصة بالإعدام في أحواض الأسيد، كما كان يفعل مع معارضيه. فالبعث كان محتكراً للسلطة، وكان يضم في تشكيل حكومته بعضاً من المكونات الأخرى للديكور فقط.

والاحتمال الآخر للتخلص من لعنة المحاصصة هو أن يتبوأ رئيس مجلس الوزراء شخص عربي سني. ولكن في هذه الحالة سيصف الناقمون عليه وعلى الديمقراطية بأنه سني صفوي، كما وصفوا من قبل الكثير من عقلاء اهل السنة الذين قرروا المشاركة في العملية السياسية و السلطة، بأنهم من سنة المالكي (نسبة إلى نوري المالكي، رئيس الوزراء السابق)، أو من أتباع إيران...إلى آخره من الاتهامات التسقيطية الباطلة، بل وحتى الجيش العرقي الجديد وصفوه بأنه الجيش الشيعي، والجيش الصفوي، وجيش المالكي..الخ.

فالشعب العراقي مكون من عدة مكونات دينية ومذهبية، سنة وشيعة ومسيحيين، وأيزيديين، وصابئة، كذلك من قوميات عديدة: عرب، وكرد وتركمان، آشوريين وكلدانيين...الخ، وكل من هذه الأثنيات والقوميات تنقسم إلى مختلف الأديان والمذاهب ، إضافة إلى انقسام كل مكون إلى كيانات سياسية بلغت نحو 400 تنظيم سياسي أو أكثر... وهكذا. لذلك فأية حكومة قادمة لا بد وأن يكون فيها سنة وشيعة وكرد وتركمان، ومن مختلف القوى السياسية، وحسب حجمها في البرلمان. ولا بد أن تكون هناك كيانات سياسية لم يحالفها الحظ في الفوز في الانتخابات، أو المشاركة في الحكومة، وهذه هي الديمقراطية. ولكن الجماعات التي فشلت في الانتخابات لا تريد أن تقر بفشلها كما هي الحال في الديمقراطيات الناضجة، بل تلجأ إلى اتهام الانتخابات بالتزييف، والحكومة بالمحاصصة، وفي هذه الحالة ليس بإمكان الحكومة منع الناس من وصفها بالمحاصصة كما يشاؤون.

كذلك يقر الدستور، أن تكون الحكومة تضم ممثلين عن جميع مكونات الشعب العراقي دون استثناء كنظام ديمقراطي ودولة المواطنة، لذلك لجأ أعداء الديمقراطية باختراع كلمة بذيئة مثل (المحاصصة) لتسقيط الديمقراطية في نظر الشعب. وقد نجحت اللعبة، وراح الناس يشتمون الديمقراطية، و ينعتونها بأسوأ الكلمات البذيئة، وبأنها جلبت علينا المحاصصة، وهي في الحقيقة أشبه بحكاية (ملابس الإمبراطور الجديدة)، للكاتب الدنيماركي هانس كريستيان أندرسن.

فالكرد لن يتنازلوا عن منصب رئاسة الجمهورية، والسنة لن يتنازلوا عن رئاسة البرلمان، والشيعة لن يتنازلوا عن المادة الدستورية التي تخول زعيم الكتلة البرلمانية الأكبر بتشكيل الحكومة. وطالما الشيعة يشكلون نحو 60% من الشعب، فكتحصيل حاصل هم يشكلون الكتلة الأكبر في البرلمان، ولذلك يتمسكون بهذه المادة الدستورية.
كذلك يبدو أن البعض تشابه عليهم تعبير المحاصصة، فاعتقدوا أن الحكومة غير المحاصصاتية تعني حكومة من مكون واحد!! وعلى سبيل المثال، عندما شكل مقتدى الصدر في العام الماضي أو قبله، لجنة من الخبراء لاختيار أعضاء مستقلين لتشكيل حكومة التكنوقراط، ضمت اللجنة شخصيات من مختلف مكونات الشعب، فعلق أحد الأخوة في مواقع التواصل الاجتماعي، أنه (ما سوينا شي، أشو هذه اللجنة هم بيها محاصصة!!). وعليه أعتقد أن لعنة المحاصصة ستبقى لاصقة بأية حكومة عراقية ما بعد 2003 ، وإلى أجل غير مسمّى، طالما فيها من كل مكونات الشعب العراقي، بينما مشاركة الجميع في هذه الحالة يجب أن تتلقى الترحيب، و في صالح الديمقراطية ودولة المواطنة وليس العكس.

يجب أن نفهم أن الشعب العراقي يتكون من عدة مكونات، ولا بد للحكومة الديمقراطية أن يشارك فيها ممثلون من مختلف الانتماءات وحسب ما تفرزه صناديق الاقتراع، وعليه فتعبير (المحاصصة) لا يمكن أن تختفي. ولا من أن أستشهد مرة أخرى بمقولة عالم الاجتماع الراحل علي الوردي في هذا الخصوص قبل أكثر من خمسين عاماً:
"إن الشعب العراقي منشق على نفسه، وفيه من الصراع القبلي والطائفي والقومي أكثر مما في أي شعب عربي آخر- باستثناء لبنان- وليس هناك من طريقة لعلاج هذا الانشقاق أجدى من تطبيق النظام الديمقراطي فيه، حيث يتاح لكل فئة منه أن تشارك في الحكم حسب نسبتها العددية. ينبغي لأهل العراق أن يعتبروا بتجاربهم الماضية، وهذا هو أوان الاعتبار! فهل من يسمع؟".

كما ويجب التوكيد هنا أن المقصود بالمشاركة كل حسب نسبتها العددية، المشاركة في المجلسين، البرلمان و الوزراء فقط، وليس تحويل الوزارة إلى إقطاعية للوزير ليملأها بأقربائه وأبناء عشيرته ومنتسبي حزبه، وإجراء التطهير المذهبي و الأثني. فهذه جريمة لا تغتفر. كذلك يحب التوكيد أن المنصب الوزاري هو منصب سياسي وليس منصب لصاحب اختصاص تكنوقراطي، كما يعتقد البعض أن حكومة التكنوقراط هي حكومة الملائكة خالية من أية مشاكل. فهذه نظرة سطحية وطوباوية ساذجة. إذ نرى الحكومات الغربية الديمقراطية العريقة تتشكل ليس من أصحاب الاختصاص، ففي العديد من هذه الدول تجد امرأة لم تخدم في الجيش يوماً واحداً، تتبوأ منصب وزارة الدفاع مثلاً، ونادراً أن تجد طبيباً يتبوأ منصب وزارة الصحة، لأن المنصب الوزاري هو منصب سياسي وإداري بحت، وحتى يتحمل حزب الوزير مسؤولية أخطائه وعدم كفاءته، فتشكيل الحكومة من تكنوقراط مستقلين مخالف لجوهر الديمقراطية، أي تفريغ الديمقراطية من مضمونها، ولكن في جميع الأحوال يكون الوزير محاطاً بعدد من الخبراء من أصحاب الاختصاص يستفيد من خبراتهم وكفاءاتهم في سير شؤون وزارته، ووفق برنامج الحكومة في إدارة شؤون الدولة وخدمة الشعب,
[email protected]
ـــــــــــ
روابط ذات صلة
1- حول إشكالية حكومة المشاركة أو المحاصصة
http://www.al-nnas.com/ARTICLE/KhHussen/29muh.htm

2- أرقام مهمة في انتخابات برلمان 2018
http://www.akhbaar.org/home/2018/6/244860.html



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا العراق أولاً؟
- التظاهرات التخريبية دائماً تبدأ بمطالب مشروعة!
- ومتى كان العراق مستقراً؟
- منجزات ثورة 14 تموز 1958*
- العراقيون ضحية مثالياتهم
- ذكاء العراقيين المدمر
- حول تحالف الشيوعي العراقي مع التيار الصدري الإسلامي
- حول قرار البرلمان لمعالجة تهمة تزوير الانتخابات
- المقاطعون انتصروا على أنفسهم!!
- في وداع المناضل عادل المراد
- لماذا يجب أن نقبل نتائج الانتخابات وإن بدت مخيبة لآمالنا؟
- نجاح الانتخابات انتصار للعراق الديمقراطي
- انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني، أسبابه وتداعياته
- مرة أخرى، لماذا نؤيد أمريكا في العراق ونعارضها في سوريا؟
- شيطنة العدو لتبرير إبادته
- تهمة الكيمياوي السوري ذريعة لتدمير المنطقة
- مّنْ المستفيد من معاداة أمريكا؟
- قانون شركة النفط الوطنية أكبر جريمة بحق الشعب العراقي
- علي الوردي وفالح عبد الجبار: هل فاق التلميذ أستاذه؟
- سلامة موسى.. داعية الحرية وفن الحياة


المزيد.....




- بالأرقام.. حصة كل دولة بحزمة المساعدات الأمريكية لإسرائيل وأ ...
- مصر تستعيد رأس تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني
- شابة تصادف -وحيد قرن البحر- شديد الندرة في المالديف
- -عقبة أمام حل الدولتين-.. بيلوسي تدعو نتنياهو للاستقالة
- من يقف وراء الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل في الجامعات الأمريك ...
- فلسطينيون يستهدفون قوات إسرائيلية في نابلس وقلقيلية ومستوطنو ...
- نتيجة صواريخ -حزب الله-.. انقطاع التيار الكهربائي عن مستوطنت ...
- ماهي منظومة -إس – 500- التي أعلن وزير الدفاع الروسي عن دخوله ...
- مستشار أمريكي سابق: المساعدة الجديدة من واشنطن ستطيل أمد إرا ...
- حزب الله: -استهدفنا مستوطنة -شوميرا- بعشرات صواريخ ‌‏الكاتيو ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - هل يمكن للحكومة العراقية التخلص من (تهمة) المحاصصة؟