أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجد الشمري - بلزاك..(سكرتير) التاريخ! والكوميديا (البرجوازية) بين الادب والسياسة (3)















المزيد.....

بلزاك..(سكرتير) التاريخ! والكوميديا (البرجوازية) بين الادب والسياسة (3)


ماجد الشمري

الحوار المتمدن-العدد: 5981 - 2018 / 9 / 1 - 17:32
المحور: الادب والفن
    


كانت تحفة بلزاك الادبية " الكوميديا الانسانية " متخمة بعناصر الحياة المعتادة و المألوفة لطبقة البرجوازية الفرنسية و شرائحها المتعددة ، و كان الحب واحداً من تلك العناصر ، و التي تناولها بلزاك بشفافية و اعتدال دون مبالغة أو افراط غير ضروري . فعلى العكس من الادباء الذين كتبوا حول موضوعة العلاقات العاطفية ، و الحب بشكل رومانسي تقليدي : ليالي القمر ..نجوم الليل.. هدير البحر.. تنهدات الاحبة ، و العاطفة الجياشة لدى العشاق المغرمين. نجد بلزاك و بوعي باهر و واقعية باردة يقر بحاجز التفاوت الطبقي و التراتب الاجتماعي كعائق رئيسي و سد شاهق أمام علاقات الحب و التقارب بين الجنسين ، و صعوبة بل و ندرة تجاوزه و خرقه الطبقي . وأن الافراد من الجنسين يخضعون لقوانين الطبقات الاجتماعية سواء داخل الارستقراطية أو البرجوازية ، لا لقانون الحب و العواطف!. فالحب الذي يكسر الطبقة أو يخترقها كان هراءا و سخف ساذج بالنسبة اليه ، و لايتحقق قطعاً الا في الاحلام المثالية و الروايات الغرامية الرومانسية الساذجة . فالحب و العاطفة العشقية كانت هامشية أو مسألة ثانوية بالغة التفاهة في العرف الاجتماعي الطبقي الصارم و الحريص على نقاءه من التطفل الطبقي ، و الغاء الفوارق حتى في مجال الحب . صحيح ان بلزاك عالج ثيمة الحب في رواياته، و لكن قليلاً ، و بشخصيات فريدة و معدودة مثل : " حب اوجيني غرانده" و حب " بيريت" و " اوغوستين" و حب " جاستون" .و قد كان قمة في تصويره لهذه الحالات من الحب ، و عرضه للعاطفة الانسانية بأصدق تجلياتها و حضورها ، الا ان بلزاك : رجل العلم الطبيعي الادبي لم يقم وزناً. للاعراق الارستقراطية النقية ، و لا للقيم السامية المحلقة ، و لا للحب المثالي البري ، و دوافع السلوك المستقيمة . فشخصيات " الكوميديا الانسانية " سواء انحدرت من طبقات عليا نبيلة او برجوازية او من طبقات القاع الاجتماعي او كانت ذكية ماكرة او غبية ساذجة، فهي جميعاً و بشكل عام خضعت لمبضع "مشرط" الجراح العلمي العقلاني الذي لا يسمح لنفسه بأن يسرح مع الخيال المنفلت و هو يتعامل مع جسد حي . كانت خلفية بلزاك الفكرية و الدينية هي كهنوتية محض ، و عقيدته الدينية هذه هي سياسية عملية خالصة بقشرتها اللاهوتية . فقد كان واعياً و مقتنعاً بالعامل الديني كأديولوجيا متجذرة في المجتمعات ، و كان يدرك جيداً دور الدين و الكنيسة أجتماعياً و سياسياً و سايكولوجياً و ثقافياً . فقد كتب في عام 1832 يقول:" أليس الدين هو أقوى وسائل الحكم لأفهام الشعب على تحمل آلامه و عمله الشاق مدى الحياة ". و كتب أيضاً :" الله و الملك : هذان هما القانونان الوحيدان اللذان يوقفان الفئة الجاهلة من الشعب عن حدود الصبر و الاستسلام " و رغم الطابع الفظ و الرجعي في مايقوله بلزاك ، و هو كريه حقاً و غير مقبول و معادي للشعب ، و يشبه جداً ما قاله كازيمير بيرير بعد ثورة عمال النسيج في ليون و هو يخطب في الحشد العمالي :" ليعرف العمال ، ليس لهم من امل سوى الصبر و الاستسلام ". هذه الكلمات التي تتضمن الاعتراف بأن الطبقة الاخرى ( غير الجاهلة ) و التي لاتعرف بؤساً و آلام ، و التي ليس عليها ان تتجرع مرارة الصبر و عذاب الاستسلام و ذله - و السيد بلزاك ضمنها طبعاً!- تستطيع ان تعيش بدون حاجة لأوهام الدين ، فهو حاجة و ضرورة لتخدير العمال! ف " الدين هو رابطة جميع القوانين المحافظة التي تسمح للاغنياء بأن يعيشوا بهدوء ". - بعيداً عن ازعاج الرعاع!- و " الدين مرتبط بصورة لا انفصام فيها مع الملكية". هذه السخرية الفاضحة في رواية " دوقة لانجيز " تمر عبر قلم بلزاك تثبت بأنه كان ينظر للدين بموضوعية و عقلانية ، و يعرف دوره الكابح للجماهير المحرومة. أما ابطال و شخصيات بلزاك الايجابية في رواياته و هو معهم ايضاً ، فلا تنطلي عليهم و متحررين من شباك اللجم و الضبط الديني بقيودها هذه ، فهم شخصيات مرحلتهم الملحدة أو ضعف الايمان الديني و أفوله في عصر البرجوازية التي لاتؤمن بغير المال فهو الاله الجديد المجسد !.. في رواية " المطعم الاحمر " و عندما يكون على فكتورين أبنة تايلفر الوحيدة ان تتزوج دون دفع مهر ذلك الزواج مع ان مصدر اموال المهر هو من تلك الجرائم التي قام بها الاب ، ثم يبحث اباها عن وسيلة تكفير عم جرائمه ، فيفكر في التبرع للاعمال الخيرية الدينية ، لكنه يتراجع بسهولة و برود ، و ليطرح تلك الفكرة الغبية جانباً و هو يبرر ذلك قائلاً :" اننا نعيش قبل كل شيء في منتصف القرن التاسع عشر "! و كان تايلفر صادقاً ، فلم تعد البرجوازية تفرط بأموالها من اجل ترهات الدين و الاعمال الخيرية!. لو بحثنا في كل نتاج بلزاك الروائي فلن نجد اي مظهر أو سلوك يدل على الايمان الديني الحقيقي في تقواه و صدقه ، و تخلو رواياته من اي شخصية تقية في ممارسة العبادة فتصلي بحرارة و أيمان روحي من الاعماق. حتى في روايته " قسيس من تورز"، فقدسية الحياة الزوجية و عفتها لم تعد تبعث الاحترام أو تثير الاعجاب لدى اي فرد في عالم باتت فيه الحياة الروحية مبتذلة و سوقية ، و امراً مألوفاً و سائداً كنفاق اجتماعي يمارسه بأدعاء البر و الفاجر ، و ينعدم الفرق بينهما .. و أكثر من ذلك و أبعد يقدم بلزاك في رواياته : المسيحي الكاثوليكي كأنسان بليد و فاسد اذا توفرت الظروف ، في حين يجعل من الملحدان بيانشو و ديسبلان على النقيض تماماً فهما اشرف و أنبل شخصيات " الكوميديا الانسانية " . و ما لدى هيجو الرومانسي الذي يرفض استغلال الله من قبل الكهنوت ، و بذلك ينزه و يعترف بوجود الله و سموه ، لانجده لدى بلزاك ، بل العكس تماماً فهو ينفي هذا التمييز و يرفضه فليس من تناقض أو تنافر بين الايمان و سوء استغلاله ، فكلاهما يدعمان بعضهما ، و لا ايمان بدون استغلاله و توظيفه لمصلحة الكهنة . فبلزاك يقول : " لنعترف فيما بيننا ، فلو لم يكن الله موجوداً ، لكانت القوانين بالنسبة للمحتالين أمراً رائعاً " هذه العبارة الاخيرة هي من رواية " بيريت " المؤلمة و ماتعنيه بالضبط هو : ان الله على مايبدو هو اكتشاف مخفف من آلام ضحايا قانونية الاشياء التي تخدم في النهاية قضية واحدة فقط ، الا و هي اعطاء كل الحرية للمحتالين و حمايتهم!.
..........................................................................................................................
يتبع.
وعلى الاخاء نلتقي...



#ماجد_الشمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بلزاك..(سكرتير) التاريخ! والكوميديا (البرجوازية) بين الادب و ...
- بلزاك(سكرتير) التاريخ! والكوميديا (البرجوازية) بين الادب وال ...
- (الديستوبيون)....وعرض(الفارس)الانتخابي!
- (سورة)قريش..لاهوت التجارة وتجارة اللاهوت!.(7-الاخير)
- (سورة)قريش..لاهوت التجارة وتجارة اللاهوت!.(6)
- (سورة)قريش..لاهوت التجارة وتجارة اللاهوت!.(5)
- (سورة)قريش..لاهوت التجارة وتجارة اللاهوت!.(4)
- (سورة)قريش..لاهوت التجارة وتجارة اللاهوت!.(3)
- (سورة)قريش..لاهوت التجارة وتجارة اللاهوت!.(2)
- (سورة)قريش..لاهوت التجارة وتجارة اللاهوت!.(1)
- فيورباخ-ماركس-فرويد...والاغتراب/تداعيات اغتراب ذاتي خارج الن ...
- فيورباخ-ماركس-فرويد...والاغتراب/تداعيات اغتراب ذاتي خارج الن ...
- فيورباخ-ماركس-فرويد...والاغتراب/تداعيات اغتراب ذاتي خارج الن ...
- حول مقتل كيروف/الحقيقة السامة ولعبة تلفيق الاتهامات!!!
- رسالة لينين الى المؤتمر/ اضواء على الوقائع التاريخية الكاملة ...
- رسالة لينين الى المؤتمر/ اضواء على الوقائع التاريخية الكاملة ...
- فيورباخ-ماركس-فرويد...والاغتراب/تداعيات اغتراب ذاتي خارج الن ...
- فيورباخ-ماركس-فرويد...والاغتراب/تداعيات اغتراب ذاتي خارج الن ...
- فيورباخ-ماركس-فرويد...والاغتراب/تداعيات اغتراب ذاتي خارج الن ...
- فيورباخ-ماركس-فرويد...والاغتراب/تداعيات اغتراب ذاتي خارج الن ...


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجد الشمري - بلزاك..(سكرتير) التاريخ! والكوميديا (البرجوازية) بين الادب والسياسة (3)