أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - خجي وسيامند: الفصل السابع 2














المزيد.....

خجي وسيامند: الفصل السابع 2


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5974 - 2018 / 8 / 25 - 23:26
المحور: الادب والفن
    


" العديدُ من الهواجس انتابتكِ، مؤخراً. هل لهذا علاقة مع قرب سفرك؟ "
فاجأها بالسؤال، محدقاً في عينيها عن قرب، بينما كانت تنتظرُ جوابه. ابتدأت تقول له: " يا صغيري، إنك ما تنفكّ تراوغ.. ". إلا أنه أوقفها مستطرداً: " كما ذكرتِ بنفسك، فإنه شخص يُعتمد عليه وعلى الرغم من مثالبه. وأنا أحتاج لصديق خدوم، حصيف الفكر، للشروع في مشروع تجاريّ "
" وإذاً، أنتَ تنتوي الاستقرارَ في مراكش بصفة رجل أعمال؟ "، قاطعته بدَورها وليسَ دون ابتسامة ساخرة. حدج هيئتها المرحة في شيء من الانزعاج، قبل أن يدمدم: " وماذا اعتقدتِ، أنتِ؟ ". ربتت في حركة لطيفة على ظاهر كفه، المنعكس عليه ظلُ ساعةٍ ثمينة: " سيامند، لا تجعلني أشعر بالخجل لمصارحتك في هذا الخصوص؛ وهوَ أنني كنت أتصورك باقٍ هنا كي تبدد ما بقيَ من مال الميراث، غيرَ عابئ بأن تضير هذه أو تلك بعلاقة غرامية آنية "، أجابته للفور. ورغبت في الاستمرار بالكلام، حينَ انتبهت على غرّة إلى خلو المكان من روّاده. هنالك في الركن القصيّ، أين مدخل التراس، كان نادلٌ أسمر فارع الطول، متسمراً وعيناه يبرق بياضهما في العتمة مثل أحد الضواري وقد تضورَ جوعاً ويتحينُ قدومَ فريسة ما.
" الوقتُ غدا متأخراً للغاية، وسترافقني بالطبع إلى الشقة "، قالت لرفيق الليل وهيَ تتفقد حقيبة يدها. تناهض " سيامند " من مكانه مُلقياً نظرةً عابرة على مشهد الساحة الساهرة، ثم ما عتمَ أن مضى أمامها بخطواتٍ واسعة باتجاه مدخل التراس. فما لبث صوتُ النادل أن أصدى في أغوار الدرج الضيّق، وكان ما يزال يردد كلمات الشكر بالفرنسية.
" الله أعلم، يا صغيري، ما إذا كنتَ ستصبح رجل أعمال حقاً. فإنك مسرفٌ في كل شيء، حتى في البقشيش. وأخالُ أنه سيذهب إلى الولائم والحفلات، كل ما يُمكن أن تجنيه من تجارتك "، قالت له حالما لفظهما بابُ المقهى الجانبيّ، المفتوح على الجادة المظلمة. أجابها ضاحكاً مطوقاً جيدها بيده القوية: " لن أبدد حصتكِ المسجلة في وصيتي، فاطمئني بالاً! "
" من هذه الناحية، على الأقل، كان يُمكنني الثقة فيك لو أنك لستَ أفتى مني "
" لِمَ يُفترض برجل الأعمال أن يكون شحيحاً حريصاً، كي يحقق النجاحَ؟ "
" هذا شرط أساس، فيما إذا كان يود جمع رأسمال جيد لاستثمارات جديدة. أما لو كان سينتهي كاتباً أديباً، بعدما تنهار تجارته بسبب تبذيره، فلا ضيرَ أن يحسّ بمرارة الجوع والتشرد! ". سرعانَ ما وجدا نفسيهما وسط زحمة الساحة، وكانت ما تفتأ تستقبل المرتادين وكما لو أنّ الوقتَ مساءٌ.

***
" أرجو أنني لا أبدو مقتحماً لحياتك الخاصّة، ما لو سألتكِ عمن عرفتِهم من رجال قبل فرهاد؟ "، أخذها أيضاً سؤاله على حين غرّة. انتبهت عندئذٍ إلى أنهما يجتازان رصيفَ الشارع الرئيس، تماماً عند ذات العَرَصة، التي سبقَ واحتضنت أخويّ الشاب بعيدَ قليل من وصولهما إلى مراكش. قالت له، مشيرةً بيدها إلى تلك البقعة الموحشة، الغارقة في العتمة: " أتعلم، يا صغيري، بمَ أفكّرُ الآنَ؟ أنني وإياك هنالك، متمددان، بكل ما تحفل به نفسُ الشخص المتخلى عنه من يأس "
" وإذا بها، خدّوج، تنبثق من خلال عتمة المكان والنفس؛ أليسَ ختامُ المشهد، هوَ كذلك؟ "، ردّ في نوعٍ من التهكّم. ومع إدراكها أنّ ما تفوّهت به لا يعدو عن كونه حماقة، مضت " تينا " في تصوّرها وكأنما بهدف التهرّب من سؤاله الأول: " أو أنها الأخرى، زين، ما الفرق يا صغيري؟ على أيّ حال، هيَ تقيم غيرَ بعيد عن هذا المكان "
" ها أنتِ تراوغين بنفسك، يا صديقتي! ربما عليّ أن أعتذر، كوني تدخلت في خصوصياتك "
" لا، فيمَ الاعتذار؟ أما عن المراوغة، فإنك محقّ ولا مِراء "، قالتها وأضافت في الحال " ثمة ذكرى لا يرغبُ المرءُ استعادتها، كونها تجعله يحمر خجلاً. وثمة ذكرى، في الوسع أن تدرّ دمعه ". انتبه إلى تهدج صوتها، ولعلها كانت تبكي بالفعل. توقف إذاك كي يحتضنها بحنان، مردداً في لوعة وهوَ يقبل عينيها: " تينا، تينا.. أعتذر منك، يا أختي الحبيبة ".
في صالة الشقة، أشعلت كل ما وجد من شموع، ثم اتجهت إلى الحمّام كي تأخذ دُشاً وتغير ملابسها. لما عادت، رأت رأس ضيفها الشاب ملقى على صدره وقد ارتفع غطيطه خافتاً. دأبت تتأمله، مستعيدة في سحنته الحَسَنة الملامح تلكَ الذكرى المؤلمة، التي سفحت قبل دقائق العبرات على نطعها.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خجي وسيامند: الفصل السابع 1
- خجي وسيامند: الفصل السادس 5
- خجي وسيامند: الفصل السادس 4
- خجي وسيامند: الفصل السادس 3
- خجي وسيامند: الفصل السادس 2
- خجي وسيامند: الفصل السادس 1
- خجي وسيامند: الفصل الخامس 5
- خجي وسيامند: الفصل الخامس 4
- خجي وسيامند: الفصل الخامس 3
- خجي وسيامند: الفصل الخامس 2
- خجي وسيامند: الفصل الخامس 1
- خجي وسيامند: بقية الفصل الرابع
- خجي وسيامند: الفصل الرابع 3
- خجي وسيامند: الفصل الرابع 2
- خجي وسيامند: الفصل الرابع 1
- خجي وسيامند: الفصل الثالث 5
- خجي وسيامند: الفصل الثالث 4
- خجي وسيامند: الفصل الثالث 3
- خجي وسيامند: الفصل الثالث 2
- خجي وسيامند: الفصل الثالث 1


المزيد.....




- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - خجي وسيامند: الفصل السابع 2