أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عبد المجيد السخيري - سمير أمين: وحدة النضال الإيديولوجي والالتزام السياسي والانتاج العلمي في سيرة شيوعي أممي(3)















المزيد.....

سمير أمين: وحدة النضال الإيديولوجي والالتزام السياسي والانتاج العلمي في سيرة شيوعي أممي(3)


عبد المجيد السخيري

الحوار المتمدن-العدد: 5974 - 2018 / 8 / 25 - 23:23
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


الفكر الوحيد والتكيف مع تطور الرأسمالية

يعتبر الفكر الوحيد، الذي يسود المرحلة الراهنة من تطور الرأسمالية، تيارا في الفكر البرجوازي استطاع أن يتكيف يشكل فعال مع تحولات المرحلة ومقتضياتها. فهو يجد مرجعيته في نظام قائم تماما كما وجد "فكر وحيد" ارتبط بنظام حكم قائم طرح نفسه كبديل للرأسمالية، هو النظام السوفياتي، بينما يظل الفكر النقدي المعارض للرأسمالية إلى يومنا متعددا من حيث تياراته، طالما أن مرجعيته هي مشروع نظام حكم آخر هو في حكم الاحتمال، ما يجعله بالتالي خاضعا "لتطورات متنوعة"(نقد، 25). لقد انهار الفكر الوحيد الذي ارتبط بالتجرية السوفياتية، أو الاشتراكية القائمة بالفعل، مع انهيار نظامها الاقتصادي-السياسي، مفسحا في المجال لتعددية هائلة في رؤى نقد الرأسمالية، دون أن تظهر حتى اليوم بينها مشاريع بديل متماسك قادر على التبلور في شكل نظام فكري تعددي واضح المعالم لمواجهة التحدي الرأسمالي. وفي انتظار أن يحدث ذلك، يظل "الفكر البرجوازي الوحيد سائدا عالميا"، كما كان في الفترة الممتدة من بدايات القرن 19 إلى غاية الحرب العالمية الأولى من القرن الماضي، وقد نجح في أن يتكيف مع ظروف التوسع الرأسمالي متخذا "أشكالا خاصة بكل مرحلة من مراحل التطور العام للنظام"، في حين ظلت هذه الأشكال رغم خصوصياتها "متمحورة حول نواة ثابتة من المفاهيم والمناهج الأساسية"(نقد، 26). ولعل من الأشكال التي رأينا، شكل "نظرية الاقتصاد الخالص" و"الرأسمالية الخيالية"، أي شكل "الطوبى الرجعية" المتمحورة حول مفاهيم الحرية الفردية ذات الطابع الفوضوي اليميني، كما وصفها سمير أمين.
غير أن الفكر الوحيد للرأسمالية لم يتخذ دائما شكل خطاب طوباوي بعيد عن واقع الرأسمالية الفعلية، إذ أنه في مراحل أزمة نظامها كان هذا الفكر المهيمن يجنح إلى التخلي عن التنظير للنمط الخالص للرأسمالية، والاقتراب من الشكل الواقعي حين يضطر إلى الاعتراف بدور الدولة و"الطابع الاحتكاري السائد للسوق، وتحكم توزيع الملكية على نمط توزيع الدخل.."(نقد، 32). ومن ثم كان يجمع بين مبادئ السوق "الخالصة" ومقتضياتها، وبين "مقتضيات الحلول الاجتماعية التي يفرضها عمل الدولة وصراع الطبقات وفعالية الكتلة المهيمنة"( نقد، 33). ولذلك كلما دخل النظام في أزمة إلا وطاولته مفاعيلها ليضطر إلى البحث عن مخارج من أزمته المستفحلة، فيجدها مرة في الكينزية، ومرة في نوع من الليرالية الوطنية، ومرة ثالثة في الفاشية، وهكذا دواليك، ويتخلى بالتالي مرحليا عن "مقولات الفوضوية اليمينية ومفهومها للحرية الفردية"( نقد، 34). على أنه ينبغي التذكير بأن هذا التوجه ليس اختياريا بالنسبة بمنظري الفكر الوحيد الرأسمالي، لأن الاعتراف بدور الدولة ككيان يضمن تطبيق القانون الذي يحد من تجاوزات السوق هو في النهاية ثمرة صراع الطبقات الشعبية وتغيير موازين القوى الاجتماعية لصالحها في مراحل معينة من تطور الرأسمالية. فتحت ضغط التحولات الاجتماعية، ونضالات الطبقات العاملة وشعوب المستعمرات، تنازل الفكر الوحيد عن بعض معتقداته الخالصة، بل ولم تتردد تياراته من داخله في توجيه نقد لاذع لمسلماته وتعرية طاباويته والكوارث المترتبة عن تطبيقاته، طبعا دون أن تفلح في تجذير النقد بسبب الانغلاق في دائرة المسلمات المبدئية للفكر الليبرالي.

"ما بعد الحداثة"، المصاحب الإيديولوجي لليبرالية

إذا كنا لا نشاطر سمير حكمه المطلق على تقليعة "ما بعد الحداثة"، على الأقل لأن الانصاف يفرض علينا عدم تجاهل إسهام بعض ممن يحسبون عليها في بعض المجالات، كالفلسفة مثلا، بغير قليل من الأفكار المهمة وإثارة بعض الاشكالات حول مركزية"العقل" الغربي والاستعمار وغيرها من القضايا، فإننا لا يمكن إلا أن نقاسمه الرأي الذي يقول أن خطاب "ما بعد الحداثة" يدعو إلى الخضوع لليبرالية والتكيف مع واقع الرأسمالية، وذلك ما ينطبق بشكل خاص على الاتجاه السائد منه، وأن السفسطة التي روجتها في أوج انطلاقها تعكس بالفعل تخبط الفكر البرجوازي العالمي، وتتغذى من تراجعاته على أكثر من صعيد. إنها خلطة من "التحيزات الشائعة الناتجة عن الفوضى الخاصة بلحظات مثل تلك التي نمر منها، دون الاهتمام بإضفاء أي تماسك عام على الدعوات للشك في مفاهيم التقدم والعالمية"(الفيروس، 23)، ترفض رؤية حقيقة الأشياء في الأساس المادي لوجود النظام الرأسمالي وتحليل تناقضاته، والتساؤل حول طبيعته واختياراته، وتدعو بالمقابل إلى التكيف مع إيقاع سيره اليومي. وبدلا من تجذير النقد الجدي للنظام، تستهويها "الأفكار المحلية للعصر الليبرالي الأمريكي" التي تجد فيها بديلا عن ثقافة التنوير البرجوازي بعدما دخلت مرحلة التبرير في العصر الامبريالي للرأسمالية؛ وبدلا أيضا من تجاوز سقف العالمية البرجوازية، ترتمي في أحضان المشروع العولمي الامبريالي في صورته المتأمركة. ولعل سر ذلك يعود إلى انجذاب تيارات "ما بعد الحداثة" لمديح التنوع الموروث، الذي يتفق تماما مع توجه الامبريالية المعاصرة وفق تقاليد أمريكا الشمالية المتحالفة مع أشد الإيديولوجيات الطائفية رجعية؛ وهذا ما يصفه سمير بالتراجع "الثقافوي" الذي يعمد سادة النظام إلى تنشيطه والتلاعب به، فيما تعيد الشعوب المضطهدة استخدامه في أشكال مختلفة من الأصوليات الدينية والعرقية كإجابات مرتبكة تعكس المستوى الكبير من التدهور الذي بلغته الممارسة السياسية في عصرنا ببلدان الأطراف، وهو أشبه بما حدث في أحلك فترات تحول النظام في القرن الماضي حين صعدت الفاشيات من العمق الأوروبي(المركز).
إن خلطة "ما بعد الحداثة"، بتروجيها لفكرة أنه لا بديل للرأسمالية، تنقض الديمقراطية من الأساس، لأنها تستبعد "ضرروة الاختيار أو إمكانيته" بتعبير سمير، بدلا من إمكانية ووجود بدائل متعددة تقوم عليها الديمقراطية من حيث المبدأ. وهي في أحسن الأحوال تدعم ما يسميه سمير ب "الديمقراطية ذات المستوى المنخفض" التي تسمح بها الرأسمالية الشائخة كنوع من المكافئة لفكرة رشاد السوق، وهي تناسب اعتناق البرجوازية لنظم من القيم والسلوك تعكس تغيرا كبيرا في شكلها وتركيبتها، مثلما تجسّد بعض منه في بروز شخصيات سياسية ووصولها إلى الحكم، مثل "برلسكوني" في إيطاليا، و"والكر بوش" في الولايات المتحدة، و"ساركوزي" بفرنسا، على سبيل المثال لا الحصر، هي أقرب إلى نمط "رجال" المافيا منها إلى النموذج القديم الذي كان يقوم على شرف الانتماء إلى الطبقة، سواء من الاقتصاد أو السياسة.

الزواج الشرعي

رافق انتقال النظام الرأسمالي من مرحلة الازدهار، المتزامنة مع صعود دولة الرفاهية في الغرب، وسطوع نجم الدولة الوطنية في "العالم الثالث"، والسوفياتية في الشرق، في الفترة الفاصلة بين 1945 و1990، إلى مرحلة انهيار وتآكل هذه النماذج، ودخول النظام في مرحلة الأزمة الراهنة، زواج بين إيديولوجيا الليبرالية الجديدة المعولمة وخطاب "ما بعد الحداثة" الذي يتقاسم معها الايمان الأعمى بسيادة السوق في إدارة الاقتصاد. وبلغ الاندماج بين الخطابين ذروته في الولايات المتحدة، وهو ما يعكسه استبدال التسمية القديمة لما بعد الحداثة بتسمية جديدة هي "الحداثة الجديدة"، دلالة على الاندماج الناجح بين الخطابين والزواج الشرعي الموثق بينهما. وإذا كان صحيحا أن المناخ الذي انتعشت فيه فلسفة ما بعد الحداثة قد فتح مجالات جديدة للبحث، وارتياد مناطق مغمورة لم تتمكن منها |"الخطابات الكلية الكبرى" التي تحملها كل الأخطاء والفظاعات المقترفة في الماضي باسم العقل والعقلانية والتقدم وغيرها؛ وكان صحيحا أيضا أن هذا المناخ قد أوجد "فرضيات طليعية" ومناهج جديدة حققت تقدما ايجابيا على مستوى ارتياد مناطق غير مطروقة في البحث الاجتماعي والفلسفي، فإن ما يعاب عليها هو عجزها عن توليد نظريات متماسكة قادرة على تجسير فروع المعرفة والأبحاث الجزئية بسبب خوفها المرضي من الوقوع فيما تراه شر الخطاب الكلي. ولذلك ظلت خجولة في نقدها لمقولات ومفاهيم الاقتصاد السياسي المهيمن، وعاجزة عن مواجهة "السلطات والمؤسسات التي تحكم المجتمع فعليا"(نقد، 94). فنزعة التشكيك والريبة المبالغ فيهما، مع ما ينجم عنهما من اضطرابات في الفكر والوعي الملازم لمراحل الأزمات الكبرى، لا يمكن إلا أن يهيئ مناخا ملائما لبروز ترهات وانزلاقات رجعية لا تقل خطورة عن تلك التي شهدها العالم قبيل الحرب العالمية الثاني( الفاشية والنازية). إنها كفلسفة عامة، وبشكل خاص النزعة الثقافوية المكملة لشعاراتها الممجدة للخصوصيات كما برزت ولمعت في أعقاب ثورة 1968 بفرنسا، تقف عاجزة عن بلورة ايجابة صحيحة ومتكاملة على التحدى التاريخي الحقيقي الذي تمثله الرأسمالية،أي "إجابة ديمقراطية ذات مضمون اجتماعي تقدمي"(نقد، 100)، مكتفية بالدعوة إلى التكيف مع شروط التطور الراهن للرأسمالية والخضوع لقواني السوق "القدرية" كما رأينا، مساهمة بذلك في تعزيز هجوم الفوضوية اليمينية على الدولة ونشر وهم "التوصل إلى مجتمع قائم على الوفاق العام والمتحرر من الصراع الإيديولوجي"(نقد، 100). ومن هنا ولع عدد من فلاسفة ما بعد الحداثة بشعارات "نهاية الإيديولوجيا" و"نهاية التاريخ" وغيرها، والتشبت بأوهام رفض النظام القائم بالهروب إلى الماضي والاحتماء بالانتماءات ما قبل الحديثة.

(يتبع)

هامش
- سمير أمين، نقد روح العصر، ترجمة فهمية شرف الدين، الطبعة الأولى، 2003، بيروت، ANEP دارا الفارابي، ص: 26 . ( في النص باختصار: نقد، ورقم الصفحة).
-سمير أمين، الفيروس الليبرالي، الحرب الدائمة وأمركة العالم، ترجمة سعد الطويل، الطبعة الأولى، 2004، بيروت، ANEP دارا الفارابي( في النص باختصار: الفيروس، ورقم الصفحة).



#عبد_المجيد_السخيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سمير أمين: وحدة النضال الإيديولوجي والالتزام السياسي والانتا ...
- سمير أمين: وحدة النضال الإيديولوجي والالتزام السياسي والانتا ...
- ثورة 1917 العظمى: المجموع والباقي(3)
- ثورة 1917 العظمى: المجموع والباقي(2)
- ثورة 1917 العظمى: المجموع والباقي(1)
- الإضراب عن الطعام في سجون المغرب(2)
- قناع المثقف
- قصائد مقاتلة(2): الحرية ل-بول إيلوار-
- الإضراب عن الطعام في سجون المغرب(1)
- في انتظار الملك!
- تهويدة البصل
- المهرجانات الفنية بالمغرب: تمسرح السلطة والسيطرة الناعمة
- لجنة الحراك الشعبي آيت يطفت/إقليم الحسيمة: الملف المطلبي
- النظام المغربي يسخر البلطجية وأعوان السلطة لنسف الحراك الشعب ...
- كاهن المملكة
- لجنة الحراك الشعبي بآيت يطفت/بلاغ إلى الرأي العام الشعبي
- يسار الملك
- والآن ماذا سنفعل بدون كرة القدم؟
- دورات تكوينية في التواصل السايسي والترافع وميزانية النوع
- راهنية ماركس*


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- يروي ما رآه لحظة طعنه وما دار بذهنه وسط ...
- مصر.. سجال علاء مبارك ومصطفى بكري حول الاستيلاء على 75 طن ذه ...
- ابنة صدام حسين تنشر فيديو من زيارة لوالدها بذكرى -انتصار- ال ...
- -وول ستريت جورنال-: الأمريكيون يرمون نحو 68 مليون دولار في ا ...
- الثلوج تتساقط على مرتفعات صربيا والبوسنة
- محكمة تونسية تصدر حكمها على صحفي بارز (صورة)
- -بوليتيكو-: كبار ضباط الجيش الأوكراني يعتقدون أن الجبهة قد ت ...
- متطور وخفيف الوزن.. هواوي تكشف عن أحد أفضل الحواسب (فيديو)
- رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية -لا يعرف- من يقصف محطة زا ...
- أردوغان يحاول استعادة صورة المدافع عن الفلسطينيين


المزيد.....

- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة
- فريدريك إنجلس . باحثا وثوريا / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عبد المجيد السخيري - سمير أمين: وحدة النضال الإيديولوجي والالتزام السياسي والانتاج العلمي في سيرة شيوعي أممي(3)