أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سعيد رمضان على - مدخل الى سيناء - جزء تاسع















المزيد.....

مدخل الى سيناء - جزء تاسع


سعيد رمضان على

الحوار المتمدن-العدد: 5972 - 2018 / 8 / 23 - 16:15
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


10
سيناء إثناء الحملة الفرنسية
اتجهت أطماع نابليون إلى غزو مصر عقب انتصاراته في حروب إيطاليا ، و يقول وهو يمهد للحملة الفرنسية. ( ، " علينا أن نسيطر على مصر وأن نحفر قناة بين البحرين المتوسط والأحمر، لكي ننزل بالإنجليز الهزيمة " ) (10)
لكن هزيمة الإنجليز كانت تعنى إن تكون مصر قاعدة عسكرية يصل منها إلى أملاك بريطانيا في الهند وأملاك الإمبراطورية العثمانية أيضا .. مما يعنى إحلال إمبراطورية فرنسية محل إمبراطوريات أخرى .
وصل الفرنسيين غرب الإسكندرية يوم 2 يوليو سنة 1798 م احتلوها في نفس اليوم ثم بدأ الزحف للقاهرة عن طريق دمنهور وتم احتلال رشيد في 6 يوليو ، وقد تقابل الفرنسيين بجيش المماليك قريبا من شبراخيت يوم 13 يوليو سنة 1798 م ، هزم المماليك في الموقعة فرجع مراد بك إلى القاهرة وقد تقابل الجيشان ثانيا في إمبابة وهزم جيش مراد بك مرة أخرى في هذه المعركة الفاصلة في 21 يوليو سنة 1798م
وبعد هروب مراد بك إبراهيم بك استطاع نابليون بونابرت دخول القاهرة في 24 يوليو سنة 1798 .
وبالسيطرة على القاهرة تكون الحملة الفرنسية قد بدأت في وضع حدا فاصلاً في تاريخ مصر الحديث ، لقد تركت الحملة أثرها الواضح علي وضع مصر في بؤر الاهتمام الأوربية ، كما كان لها آثارها علي المجتمع المصري ، فقد رافق الحملة علماء في شتى فروع العلم بلغوا أكثر من 150 عالما و 2000 متخصص من تقنيين وفنانين وكيميائيين وأطباء ,
أن جهود هؤلاء العلماء في تغطية جميع أرض مصر من شمالها إلى جنوبها ورصد وتسجيل كل أمور الحياة فيها ، لم ينتج فقط كتاب وصف مصر ، بل نقل مصر نقلة حضارية وثقافية كبرى ، رغم أن مضمون الحملة الفرنسية هو الاحتلال لا التنوير وهو ما ينبغي التأكيد عليه ، فهؤلاء العلماء حضروا خصيصا من اجل الإمبراطورية الفرنسية ، التي تم التخطيط لأقامتها بالسيطرة على مصر أولا لتكون نقطة الوثوب على أملاك انجلترا وتركيا .
أن التأكيد على أن المضمون هو الاحتلال لا التنوير ، يؤكده واقع أن عمليات التنوير عندما تتم فهي تتم عبر تبادل ثقافي ، يستهدف اكتساب خبرات وتعليم في جامعات ومشاريع ترجمة ، لا عبر حملة عسكرية تستهدف نهب خيرات الوطن واستغلاله .
وخلال سنوات قليلة قضتها الحملة في مصر , وقعت بسيناء معارك بين القوات العثمانية والفرنسية , كانت بداية الاتصال بين الحملة وسيناء في إطار الأطماع التوسعية لنابليون عقب دخوله مصر ، فقد كان يطمح في فتح الشام ، ومن ثم كان لابد من استطلاع مناطق الحدود مع الشام ،( فأرسل الجنرال لوجرانج في 23 ديسمبر 1798 لاستطلاع ساحل سيناء الواقع علي البحر المتوسط ، كما أمره بإنشاء نقطة حصينة في قطية) (11) بالقرب من الحدود الشامية ، لكن علي ما يبدو أن لوجرانج تعرض لغارات العرب في سيناء ، لكن رغم هذه الغارات والمطر الشديد الذي واجهه هذا الجنرال فقد أتم ما أمره به قائده علي أكمل وجه ، وأبلغ بونابرت في 17 يناير 1799 أنه تم بناء النقطة الحصينة في قطية ، فجعلها نابليون محطة عسكرية ونقطة تجمع واستراحة لقواته .
وخلال الاستعدادات الفرنسية للحملة علي سوريا تم البحث عن الجمال اللازمة لحمل المؤن والذخائر ، واستطاعوا الحصول علي عدد كبير منها من قبيلة الترابين, كما قاموا بعدد كبير من الدواب من القاهرة والمناطق المحيطة بها وعلى الجانب الآخر كانت التقارير تصل إلي بونابرت ، حول تحركات جيوش المماليك الذين فروا إلي الشام والعثمانيين وتجمعهم بشكل متزايد في العريش ، داخل الحدود المصرية، حيث كان أحمد باشا الجزار يستعد للهجوم علي القوات الفرنسية في مصر .
ووصل عدد كبير من فرقة الجنرال رينيه إلي قطية في الأيام الأولي من شهر فبراير 1799 ، ثم غادرها في 11 فبراير متوجها إلي العريش بهدف الاستيلاء عليها بناء علي أوامر من بونابرت ، كما وصل كليبر بفرقته في اليوم نفسه حيث تولي قيادة القوات الفرنسية المتجهة إلي العريش ، وبعد يومين ونصف وصلت تلك القوات إلي المساعيد التي تبعد عن العريش بمسافة خمسة أميال ونصف الميل
استولت الدهشة علي رينيه عند وصوله العريش بعد زحف شاق في 8 فبراير 1799، لأنه وجد معسكرا كبيرا حصنا منيعا (قلعة العريش) وكان هذا المعسكر يتألف من 600 فارس من العرب والترك والمماليك، ونحو 1200 من المشاة الألبانيين الذين أرسلهم الجزار ، أما الحصن فيقع شمال غرب العريش، فهو بناء حجري مربع يقوم علي أبراج مثمنة أسواره ترتفع 30 قدما ، كما كانت الممرات داخل المدينة محاطة بالبيوت الصغيرة مما زاد صعوبات رينيه .
( وكانت بيوت العريش مبنية بالطوب النيئ ذات أسوار عالية ، وشوارعها عريضة ومستقيمة ، لكن في الحي القديم للمدينة كانت المسافات بين البيوت صغيرة والشوارع ضيقة،) (12) وهذا الوضع شكل عقبة أمام القوات الفرنسية ، وأي قوة تحاول الاستيلاء علي العريش عن طريق المغامرة في الدخول إلي داخل المدينة بشوارعها الضيقة ، فإنها ستتكبد خسائر فادحة ، وحينما وصل بونابرت إلي العريش في 17 يناير 1799 وجد المدينة لم تسقط بعد في أيدي قواته ، فلم يحسب نابليون حسابا للمسافة الطويلة التي سيقطعها في صحراء سيناء ، حتى أن عددا من جنود كليبر " أقدموا علي الانتحار" بسبب ما لاقوه من طول المسافة ووعورتها حتى العريش , وأول عمل قام به هو هو الاستيلاء علي العريش التي دافع عنها أهلها، لكن مصيرهم كان السيف ، وصلت قوات كليبر إلي العريش في 14 يناير 1799 فانضم بقواته إلي قوات رينيه ، وعانت قوات رينيه من الجوع لأن العريش لم تملك ماتقدمه للفرنسيين ، فهي لم تتعد في ذلك الوقت كونها بلدة صغيرة تقع بين البحر والصحراء ، لكن رغم هذا حاصر رينيه وكليبر الحصن وكان الأمل ضعيفا في تسليمه قبل أن يصل المدد من الجنود والمدفعية ، وفي ليلة 14 ـ 15 فبراير 1799 ، قاد رينيه أربع كتائب في هجوم مباغت علي المعسكر العثماني الذي كان تعداد قواته حوالي 1800 جندي ، وتمكن من مباغتة الجنود العثمانيين النيام فقتلوهم بالسلاح الأبيض، وكانوا يقتلون حتى وصل عدد القتلى ما بين 400 ـ 500 من المماليك وعدد من الكشاف ، وأسر حوالي 900 رجل ، بينما لم يفقد الفرنسيون سوي ثلاثة رجال
وفى 18 فبراير 1799 وافق قائد الحصن إبراهيم نظام بك علي تسليمه شريطة أن يسمح له وللحامية بمغادرة الحصن بسلاحهم ، لكن رفض بونابرت هذا الشرط واقترح عليه تسليم الحصن أولاً بعدها سيعطيهم سلاحهم ومتاعهم بدون إهانة ، بل ونقلهم إلي مصر حيث يمكنهم ركوب البحر لأي بلد رغبوا، لكن القائد العثماني رفض هذا العرض لأنه يعلم أن مصر محاصرة ، ولما يأس نابليون من طول المفاوضات والحصار ، قرر ضرب الحصن بالمدافع بشكل متواصل ، فأحدث ثغرة في الأسوار ، ثم تسلل بعض الجنود الفرنسيين إلي أحد أبراج الحصن لكن بلغت خسائر الفرنسيين في ذلك اليوم حوالي 21 من رجال المدفعية و17 من رجال البنادق ، و350 من المشاة لكن في اليوم التالي اضطرت القوات المحاصرة إلي التسليم ، بعد خروجهم حملوا الكثير منهم علي الانضمام إلي الجيش الفرنسي ، ووجد الفرنسيون في الحصن من المؤن ما يسد جوعهم .
وصلت الأنباء إلي القاهرة تفيد باستيلاء الفرنسيين علي قلعة العريش ، و"طاف رجل من أتباع الشرطة ، ينادي في الأسواق " أن الفرنساوية ملكوا قلعة العريش وأسروا عدة من المماليك ، وفي غدا يعملون شنكا ويضربون مدافع ، فإذا سمعتم ذلك فلا تفزعوا "
وغادر جيش نابليون العريش في 12 فبراير ووصل الشيخ زويد بعد مسيرة يومين ، حيث قادهم دليلهم من البدو إلي طريق أبعد إلي الجنوب من الطريق الشمالي المعتاد ، بهدف توريطهم في الرمال ، ولم يواجههم الجيش العثماني طوال هذه المسافة ، حتى وصلوا إلي عكا فحاصر جيش نابليون المدينة ، لكنه فشل في اقتحامها لمناعة الأسوار كما ساعدت الإمدادات التي تلقاها الجزار من الأسطول البريطاني في البحر المتوسط في صمود القلعة
نتج عن فشل الاستيلاء على عكا إلى عودة نابليون بجنوده إلي العريش في 2 يونيو ، وكانت خسارته في يافا وعكا حطمت معنويات جنوده كما مات الكثير منهم بسبب الطاعون ، وفي 3 يونيو 1799 غادر نابليون العريش إلي القاهرة تاركا حامية لقلعة العريش قوامها 500 جندي
واستعدت القوات العثمانية للزحف برا علي مصر بعد فشل حملتها علي أبي قير ، ولما كان موقف الحملة في مصر قد بدأ يتأزم نتيجة عدم وجود حماية بحرية بعد تحطيم أسطولهم في معركة أبي قير البحرية ، ونتيجة للمقاومة الشعبية المصرية التي تواجهها الحملة ، اضطر كليبر إلي عقد مفاوضات مع سيدني سميث للتوصل إلي طريقة ما تضمن له ولقواته الرجوع إلي فرنسا بسلام ، فتم توقيع معاهدة العريش الأولي في 3 ديسمبر 1799. ولم تدم هذه المعاهدة طويلاً ، حيث خرق العثمانيون هذه المعاهدة باجتياحهم للعريش في30 ديسمبر من العام نفسه .
وبعد مفاوضات بين الجانبين الفرنسي والعثماني تم التوقيع علي معاهدة العريش في 24 يناير 1800 ( وقعها عن الجانب العثماني مصطفي رشيد أفندي الدفتردار ، ومصطفي راسخ أفندي رئيس الكتاب نيابة عن الصدر الأعظم ، وعن القائد العام للجيش الفرنسي كل من الجنرال ديزيه والمسيو بوسليج، ولم يوقع عليها أحد من الحكومة اأنجليزية .) (13)
وبذلك انتهت أحداث الحملة الفرنسية علي مصر وكانت سيناء خلالها مسرحا لأحداث ذلك الصراع الفرنسي العثماني في مصر . حيث تعرضت العريش للتدمير بمدافع القوات الفرنسية ، كما قتل الكثير من أهلها نتيجة استبسالهم في الدفاع عن أرضهم ، وهوأستبسال أعجب القوات الفرنسية نفسها .
وعلى الرغم من سيطرة الفرنسيين على مصر إلا أن الاحتلال الفرنسي لم يستمر أكثر من ثلاث سنوات بسبب قوة المقاومة المصرية إلى جانب اتفاق إنجلترا وتركيا على إخراج فرنسا من مصر .



#سعيد_رمضان_على (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدخل الى سيناء - جزء سادس
- مدخل الى سيناء - جزء سابع
- مدخل الى سيناء - جزء ثامن
- مدخل الى سيناء - جزء خامس
- مدخل الى سيناء - جزء رابع
- مدخل الى سيناء - جزء اول
- مدخل الى سيناء - جزء ثان
- مدخل الى سيناء - جزء ثالث
- إنسانية - العرض- وإشكاليات الحاضر
- ديابولوس
- قراءة في قصة - العرض-
- مذكرات ضابط أمن
- نظرة على الفن
- كلهم أبنائي - نقد
- زبد الليل - نقد
- السفينة - نقد
- الشقراء أم الثلاث
- حكاية (( ليلة حزن في قصر الوالي )
- - ملكوتية -
- رواد الفن التشكيلى فى فلسطين - الجزء السادس


المزيد.....




- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سعيد رمضان على - مدخل الى سيناء - جزء تاسع