أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نادية خلوف - التنمّر السّوري














المزيد.....

التنمّر السّوري


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 5971 - 2018 / 8 / 22 - 14:58
المحور: المجتمع المدني
    


ابتكر السّوريون كلمة شبّيح، وابتكر المصريون كلمة بلطجي، الكلمتان تعبّران عن الإنسان المتنمّر، أو المجموعات المتنمّرة .
التّنّمر ظاهرة عالميّة ليس لها علاج إلا في التّصدي للمتنمّر بشكل مباشر إن كان فرداً، وهذا في المجتمعات المدنية.
أودّ أن أكتب عن التّنمر السّوري الذي فاق التنمّر العربي ولو أنّه يشابهه.
أن يتنمّر الحاكم على الشّعب فهو أمر وارد في التّاريخ فقد تنمّر هتلر، وستالين في العصر الحديث الذي نعرف عنه بعض الأمور، تنمّر جميع الحكام العرب على شعوبهم إلا بشار الأسد فهو لا زال يعتقد أنّه يقوم بواجبه الوطني، وهو مقتنع بذلك فموضوع الضّمير هو خلق لشيء قد لا يكون موجوداً مثل الحبّ، والأمل، لكنّنا نخلق حالات الحب والأمل، يحتاج الأمر إلى تدريب بوعي أو دون وعي على الالتزام بقيم الحياة، ولست بصدد دراسة وضع بشّار النفسي، لكنّه لم يتلق التربية الأولى بشكل سليم، ولم يدرّب نفسه على خلق ضمير، لذا فإنّ ما يقوم به وفق وجهة نظره طبيعيّ، لأنّ البشر -كالجراثيم-حسب رأيه.
أعود إلى التنمّر عند البشر، وليس عند الحكّام فهم ليسوا بشراً "جميعهم يقولون أنهم من نسل الآلهة"
قمت اليوم بزيارة المقبرة في المدينة التي أعيش فيها، ووضعت باقة ورد على الحائط القصير الذي يفصلها عن الشّارع، رأيت عمال النّظافة ، وأشجار التّفاح ، ومنظر الجمال. سألت سكّان المقبرة عن الظّلم، ولم يجبني أحد إلا قبر عتيق قال : أنّ الظّلم سوف يستمرّ مادام هناك من يقبله.
عدت بذهني إلى الماضي حيث كنت أناقش المسؤول الحزبي -الذي يعرف ما لا أعرفه، والذي عمل فقط كمسؤول حزبي له مرتب ينفق منه منذ شبابه أي أنه عاطل عن العمل-لكنّني صعقت بجوابه وصمتّ، ولا زلت أبحث عن جواب. قال لي بالحرف الواحد:" حرصك على تلك الأمور يشبه من يلقي بصخرة فوق وجه ابنه النّائم كي يقتل الذّبابة التي تحطّ عليه، وضحك المجتمعون لأنّ المسؤول قال نكتة " وهذا كان من جملة الأسباب التي تركت العمل السياسي من أجلها، ومن أهمّ الأسباب هو أنّني اكتشفت أنّني لست معنيّة بالسياسة لأنّني أحب الأدب، وكونك حزبي في سورية تعني عبوديتك الفكريّة. لم يكن ذلك المسؤول هو المتنمّر الوحيد، فقد تنمّرت عليّ معلّمة عندما كنت في الصّف الثامن. استدعتني وقالت لي: "من أنت حتى تتحدثين عني، ألا تعرفين حسبي ونسبي" كانت المعلمة تعمل بالوكالة وهي من مدينتي، ومع أنّني لم أذكر اسمها في مكان خاص أو عام ، لكنّها تجنّت عليّ، وتركت ندبة في ذاكرتي.
نحن-البسطاء- أو ما يسمى الشّعب السّوري لم نتصدّ للتنمّر، فقد كان أعضاء الأحزاب جميعاً-من حقّكم ألا تعمموا أما أنا فإنّني أتحدث عما شهدته-خرافاً في عهدة المسؤولين الحزبيين، وإن أثرت أي حوار مع المسؤول قد تصل إلى حد الموت المدني، ويطلق عليك اسم جاسوس. في كل حزب قلة من المتنمرين والقاعدة بأجمعها متنمّر عليها، وقد يأتي متنمّر أقوى يكسر المتنمّر الأصغر، وهذا ما فعله حافظ الأسد مع رفاقه الذين قتلوا ظلماً، لكنّهم بدورهم لم يتورّعوا عن الظّلم.
إذا كنت أمتنّ لمعلماتي في المرحلة الابتدائية، وكنّ جميعهنّ من مدينة حماه . هنّ من شجعنني على الكتابة والقراءة، وممارسة الحريّة الفكريّة، كنّ يستمعن لي ويثنين عليّ، وقد افتقدتهم عندما أصبحت في الإعدادية، ويبدو أن ذلك الجيل من المعلّمين قد انقرض. نحن الأجيال التّالية تلقينا العنف، ومارسناه أيضاً.
في كلّ جلسة عائليّة وجدت متنمّراً يستولي على منصب رفيع في الجلسة، يوزع نصائحه هنا وهناك وله أنصار مزيفون. في كل جلسة حزبية كان هناك متنمّر، في كلّ تجمّع عمل كان هناك متنمّر. هل يمكنني محاربة الجميع؟ بالطبع لا، فللمتنمّر دائماً حاشية تسانده.
لقد استولى المتنمرون ومن جميع الطّوائف والأحزاب على المناصب، ربما لا تكون مناصب سياسية، لكنها فنيّة أو أدبية، وعندما حاصرهم متنمّر أكبر أرغموا بطريقة ما على تغيير الجهة، وهنا أقصد أنهم توجهوا إلى المعارضة-السياسية- التي تمنحهم ما فقدوه ، والمعارضة السياسية فيها هيئات ولجان وتتلقى الدّعم، وحتى أن لها حكومة . لذا لم يتغيّر الأمرعليهم. بقي المتنمّر كما هو فقط نقل سجلّ إقامته .
المتنمرون ليسوا بسطاء، وليسوا مغفلين. بل نحن-الشعب، أو أعضاء التجمعات والأحزاب من هم البسطاء بمن فينا السّجناء الذين أمضوا زهرة شبابهم بالسجن.
نحن البسطاء اليوم تغيّرنا بعض الشّيء، لكن هذا لا يسمح لنا باستلام سلطة، وليس مهماً من يستلم السّلطة، ومن يعتقد أن السلطة سوف تكون لروسيا فهو مخطئ، ففي أحداث البلقان أتت أمريكا في النهاية لتفرض سلطتها، وهناك تمثال للرئيس الأمريكي بيل كلنتون في كوسفو. لو خرجت القواعد العسكرية الأممية من البلقان لعادت الحرب.
نحن أيضاً في سورية نشبههم ، لكن بشكل أكثر عنفاً، فلو طالب كلّ سوري بحقّه، وطولبت الجامعات بإلغاء شهادات من دخلوا إليها بعلامات شبيبة، ولو ترك المجال لحلّت الكارثة بمن هم على رأس السّلطة من الأفراد، والعوائل والطّائفة، فمن فقد عائلته لن يلومه أحد على فعلته، أو بالأحرى لن يهتم لمصيره، ولا أعتقد أن الحياة سوف تكون طبيعيّة دون دعم من الأمم المتّحدة بقرار ، ونحن نعرف أن أمريكا هي صاحبة القرار.
وتعقيباً على الموضوع لو أن اليهود في أوروبا لم يستطيعوا النّضال بالمال كي يصدروا قراراً حول معاداة السّامية التي تعتبر جريمة في كلّ الغرب، وهي تعني اليهود حصراً لرأيناهم يقتلون حتى الآن.
على السّوريين أن يسعوا لقرار مشابه يضعونه في دستورهم الجديد يمنع فيه وصول الشّبيحة وعوائلهم إلى سدة الحكم لمئة جيل. عزيزي السّوري. تحتاج كي تصدر ذلك القرار أن تجد سوريين يملكون المال، فالموت والشّهادة لن تغيّر الأمر.



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول وجود الله
- - أهرف بما لا أعرف-
- واقع أم خيال
- Pyrrhusseger
- لا أمل
- -كل شيء مؤامرة-
- أزمة الليرة التّركيّة
- هوية أنثى
- حورية الفرات
- حول النّشأة العائليّة
- عنّي ، وعنك
- الطلاق في إنكلترا
- عن تغيّر المناخ
- الخيار بين الموت والحياة
- حنين إلى المقبرة
- ترنيمة عزاء
- في وداع أخي
- ضوء على منطقة إدلب السّورية
- كراهية النّساء
- ماذا لو كان الرئيس كرّاً-أي ابن جحشة-


المزيد.....




- الأمم المتحدة: 800 ألف نسمة بمدينة الفاشر السودانية في خطر ش ...
- -خطر شديد ومباشر-.. الأمم المتحدة تحذر من خطر ظهور -جبهة جدي ...
- إيران تصف الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ب ...
- إسرائيل: 276 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة وصلت إلى قطاع غزة ...
- مفوضية اللاجئين تطالب قبرص بالالتزام بالقانون في تعاملها مع ...
- لإغاثة السكان.. الإمارات أول دولة تنجح في الوصول لخان يونس
- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نادية خلوف - التنمّر السّوري