أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود سعيد كعوش - في ذكرى جريمة حرق الأقصى المبارك















المزيد.....

في ذكرى جريمة حرق الأقصى المبارك


محمود سعيد كعوش

الحوار المتمدن-العدد: 5969 - 2018 / 8 / 20 - 13:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في ذكرى جريمة حرق الأقصى المبارك
الأقصى يستغيث ولا مِن مغيث!!

بقلم: محمود كعوش
(أحرقوه في 21 آب/أغسطس 1969، ومن وقت لآخر يحاولون إخضاعه للسيادة الصهيونية
هل من معتصم ينتصر لاستغاثة الأقصى والمرابطين في أرض الرباط؟
هل ينجح الصهاينة بعد مضي كل هذا الوقت على حدوث النكبة في عام 1948 واحتلال الشطر الشرقي لمدينة القدس المباركة في عام 1967 في تحقيق حلم إقامة هيكلهم المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى المبارك!!)

ما من أحد إلا ويعرف أن المسجد الأقصى المبارك هو قبلة معظم الأنبياء قبل خاتمهم "ص"، والقبلة الأولى للنبي الخاتم "ص" لمدة 14 عاما تقريبا منذ بعثته وحتى الشهر السادس أو السابع عشر للهجرة. روى الإمام أحمد في مسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كان رسول الله يصلي وهو بمكة نحو بيت المقدس والكعبة بين يديه، وبعدما هاجر إلى المدينة ستة عشر شهراً ثم صرف إلى الكعبة".
والأقصى هو مسرى رسول الله "ص"، كما ورد في الآية الكريمة من سورة الإسراء باسمه الصريح: "سُبْحَانَ الذي أسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاَ مِنَ الْمَسْجِدِ الحَرَامِ إلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيهِ مِنْ آياتِنَا إِنَّهُ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ". وفيه صلى جميع الأنبياء جماعة خلف إمامهم محمد "ص" خلال رحلته هذه، مما يدل على كثرة بركاته حتى إنها لتفيض على ما حوله، ولا تقتصر عليه فقط، حسبما تشير الآية "بَارَكْنَا حَوْلَهُ" وليس فيه.
والأقصى هو مبدأ معراج محمد "ص" إلى السماء. فقد كان الله تعالى قادرا على أن يبدأ رحلة المعراج برسوله من المسجد الحرام بمكة، ولكنه سبحانه اختار الأقصى لذلك ليثبت مكانته في قلوب المسلمين، كبوابة الأرض إلى السماء، "أرض المنشر والمحشر". قالت ميمونة رضي الله عنها مولاة النبي "ص"": يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَفْتِنَا فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَقَالَ: أرضُ الْمَنْشَرِ والْمَحْشَر".ِ
والأقصى هو ثالث المساجد التي لا تشد الرحال إلا إليها، روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي "ص" قال: "لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلا إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَسْجِدِ الأَقْصَى"، إلا أنه ليس بحرم، لأنه لا يحرم فيه الصيد، وتلتقط لقطته، بخلاف حرمي مكة والمدينة. وتسميته بالحرم الشـريف ليست صحيحة، وإنما الاسـم الصحيح هو "المسجد الأقصى المبارك"، وهو الاسم الذي ظل يطلق عليه طوال العهد الإسلامي حتى عصر المماليك، حين سمى حرما، تشريفا، رغم أنها تسمية غير صحيحة، ولا جائزة.
والأقصى هو حق المسلمين، لأنهم ورثة الرسالات السماوية السابقة، وهو رمز اصطفاء الله تعالى لرسالة الإسلام خاتمة الرسالات السابقة تصدقها وتهيمن عليها، كما قال تعالى في سورة المائدة: "وأنْزَلْنَا إلَيْكَ الكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدَّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ". فالمسلمون يؤمنون بجميع الأنبياء السابقين، ويعتبرون تبجيلهم وتوقيرهم ركناً من أركان دينهم، ومن ثم، فإنهم - وليس من يدعون كذبا أنهم أتباع هؤلاء الأنبياء - الأقدر على حماية هذا المكان المقدس، ولن يسود السلام إلا بعودة الحق لأهله.
وبرغم هذه الحقائق إلا أن الصهاينة دأبوا على مدى قرون على الادعاء بأن المسجد الأقصى المبارك بني في موضع ما يسمى زوراً وبهتاناً بالمعبد "الهيكل اليهودي" أو "هيكل سليمان". ومنذ أن استولى الصهاينة الأنذال على المدينة المقدسة من ضمن ما استولوا عليه بنتيجة عدوانهم الإجرامي على العرب في 5 حزيران/يونيو 1967، والمسجد الأقصى المبارك يعاني من سطوة وقسوة الاحتلال الذي، اعتدى على حرمة المصلين داخله واستباح دماءهم في عدة مذابح داخل ساحاته الآمنة، وأحرق جزءاً كبيراً منه وحاول تفجيره وتخريبه مراتِ عديدة كان أبلغها في حريق عام 1969، واستولى على أجزاء منه مثل باب المغاربة وحائط البراق الذي حوله إلى حائط مبكى يدنسه اليهود ومنع المسلمين من الاقتراب منه، وحاصر أبوابه الأخرى ومنع المصلين من حرية الوصول إليه والصلاة والرباط فيه بينما أتاح لليهود دخوله، وشق الحفريات والأنفاق تحت أساساته ما أدى إلى تصدع أجزاء منه، ومنع محاولات ترميمه، وإعادة بناء ما تصدع منه.
طوال عقود من احتلال الشطر الشرقي لمدينة القدس ظل المسجد الأقصى المبارك بشكل متواصل من أولويات أهداف التغيير عند سلطة الاحتلال الصهيونية الغاشمة، بزعم "وجود جبل الهيكل اليهودي تحت أرضه"!! وقد اتخذت عمليات تغييره أشكالاً مختلفة منها العبث بمحيطه وباطن أرضه وجدرانه وكل شيء فيه، والتحدي السافر لرواده وعمليات الاقتحام المتتالية له، التي قام بها الصهاينة وما زالوا يقومون بها بشكل أحمق ومجنون حتى اللحظة الراهنة.
فمنذ وقوع الشطر الشرقي لمدينة القدس في قبضة الاحتلال في اليوم الثاني لعدوان 5 حزيران/يونيو 1967، دأب المتطرفون الصهاينة على اقتحام ساحة المسجد بين الحين والآخر وتدنيسها من خلال إقامة حفلات الغناء والرقص والمجون والخلاعة بداخلها. ولربما أن اقتحام الإرهابي الصهيوني الأرعن آرئيل شارون مع نفر من أعوانه الأشرار في 28 أيلول/سبتمبر 2000 ساحة المسجد تحت سمع وبصر حكومة حزب العمل التي كان يرأسها آنذاك الإرهابي الصهيوني الآخر أيهود باراك كان الأسوأ من نوعه والأكثر استفزازاً وتحدياً لمشاعر العرب والمسلمين وفي طليعتهم الفلسطينيين طبعاً، إذ شكل الشرارة التي أشعلت فتيل الانتفاضة الشعبية الفلسطينية الثانية التي حملت اسم المسجد المبارك "انتفاضة الأقصى".
لقد بدأ المتطرفون الصهاينة حملاتهم التغييرية والتهويدية للمدينة المقدسة مع لحظة وقوع الشطر الشرقي لمدينة القدس في قبضة الاحتلال في 6 حزيران/يونيو 1967، وتواصلت هذه الحملات في ظل "اتفاقية أوسلو" اللعينة وخلال ما أعقبها من مفاوضات وتفاهمات عقيمة بين الفلسطينيين والصهاينة، تارة برعاية رباعية منحازة، وطوراً برعاية أمريكية أكثر انحيازاً، وتصاعدت وتيرتها في ظل حرب الإبادة الجماعية المستمرة التي يواصل الجنود الصهاينة شنها ضد الفلسطينيين الآمنين بطريقة عدوانية وعنصرية سافرة.
وقد سبقت الحملات المسعورة بناء جدار الفصل العنصري، واستمرت في ذروة بنائه وبعد الانتهاء منه، ولا يبدو أن لها نهاية أو مستقراً في ظل استمرار المطامع الصهيونية التوسعية وفي ظل الانحياز الأمريكي والتواطؤ الأوروبي والخضوع الرسمي العربي والإسلامي الكامل والمهين للإملاءات الأمريكية ـ الصهيونية المشتركة.
واكتست الحملات ولم تزل وجوهاً وأقنعة عديدة ومتنوعة، وتم التعبير عنها بوسائل وطرق شريرة وشيطانية مختلفة ومتباينة، ومن خلال العديد من الحلقات والمحطات التي تركت آثارها المؤلمة والموجعة على العرب والمسلمين، وبالخصوص على الفلسطينيين وبأخص الخصوص على المقدسيين، بحيث بات من الصعب التكهن باحتمال محوها من ذاكرة أجيالهم المتعاقبة.
لا ريب في أن محاولة الإجهاز على المسجد الأقصى المبارك عن طريق الحرق في 21 آب/أغسطس 1969، قد كانت من أبرز محطات حملات التغيير والتهويد الصهيونية الإجرامية. فتلك المحاولة التي وقف وراءها نفر من المتطرفين الصهاينة الذين ما أضمروا ولا أظهروا إلا الحقد والكراهية للفلسطينيين والعرب عامة والمسلمين، قد جرت بإيعاز وتشجيع من الدوائر السياسية والأمنية الرسمية لكيان العدو الصهيوني اللقيط.
في إطار تلك المحاولة الإجرامية قام المتطرفون الصهاينة بحرق المسجد بطريقة لا يمكن لسلطات الاحتلال أن تكون بمنأى أو بمعزل عنها، إذ أنها قامت بقطع المياه عن منطقة الحرم فور ظهور الحريق، وحاولت منع أخيار القدس وسيارات الإطفاء التي هرعت من البلديات العربية من الوصول إلى المنطقة للقيام بعملية الإطفاء. ولولا استماتة هؤلاء الأخيار في عملية الإطفاء لكان الحريق قد التهم قبة المسجد المبارك، إذ أنهم اندفعوا بقوة وإصرار عبر النطاق الذي ضربته قوات الاحتلال الصهيونية وتمكنوا من إكمال مهمتهم. لكن وبرغم تلك الاندفاعة البطلة إلا أن الحريق أتى وللأسف على منبر المسجد وسقوف ثلاثة من أروقته وجزءٍ كبير من سطحه الجنوبي.
وفي محاولة يائسة لطمس معالم الجريمة عملت دولة العصابات الصهيونية على التعمية عليها من خلال الادعاء بأن "تماساً كهربائياً تسبب في الحريق"، لكن تقارير المهندسين الفلسطينيين دحضت ذلك الادعاء، وأكدت أنه تم بفعل أيد مجرمة أقدمت على تلك الفعلة الشنيعة عن سابق إصرار وتصميم وترصد، الأمر الذي أجبرها على التراجع عن ادعائها وتحويل الشبهة إلى شاب أسترالي يدعى دينيس مايكل وليام روهان.
وفي عملية احتيالية كان القصد من ورائها امتصاص غضبة الفلسطينيين وسيل الإدانات العربية والإسلامية والالتفاف على المنظمة الدولية، قامت الدولة المسخ باعتقال ذلك الشاب المسيحي المتصهين الذي قيل في حينه أنه قدم إليها لغرض السياحة، لكنها ما لبثت أن تذرعت بانه كان "معتوهاً" ومن ثم اطلقت سراحه وسلمته إلى بلاده!! وهكذا كعادتها بعد كل جريمة إرهابية يرتكبها جنودها ومواطنوها بحق الفلسطينيين وأملاكهم وأوقافهم، قيدت دولة العصابات جريمتها الإرهابية النكراء تلك ضد معتوه!!
وعُرِفَ دينيس مايكل وليام روهان بانتمائه لكنيسة الرب التي تقبل بحرفية التوراة وتنبؤاتها. وأتباع هذه الطائفة يولون أهمية كبرى لرجوع اليهود إلى "أرض الميعاد" المزعومة وخاصة إلى القدس، ويعتقدون أنهم يستطيعون التعجيل بهدم المسجد الأقصى. ويومها نفت كنيسة الرب أي علاقة لها بالحرق وسلمت عبر مندوبها مذكرة من المسؤول عن شؤون الشرق الأوسط في الدائرة الأوروبية بسويسرا مؤرخة في 17 أيلول/سبتمبر 1969 إلى الهيئة العلمية الإسلامية في القدس وجاء فيها:"…. ونرغب في أن ننقل إليكم بأن مرتكب جريمة الإحراق لا علاقة له البتة بكنيسة الله".
قيام المتطرفين الصهاينة بارتكاب جريمة حرق المسجد الأقصى وإقدام حكومتهم على معالجتها بطريقة استفزازية أثارت في حينه هياجاً كبيراً في الأوساط العربية والإسلامية لما يمثله المسجد من قيمة كبرى على الصعد الدينية والحضارية والإنسانية، استوجبا قيام مجلس الأمن الدولي بإصدار قراره الشهير الذي حمل الرقم 271. وفي ذلك القرار أدان المجلس دولة العصابات الصهيونية لتدنيسها المسجد، ودعاها إلى إلغاء جميع التدابير التي من شأنها المساس بوضعية المدينة المقدسة. وعبر القرار عن حزن المجلس للضرر الفادح الذي ألحقه الحريق بالمسجد في ظل الاحتلال العسكري الصهيوني الغاشم. وبعد أن استذكر القرار جميع القرارات الدولية السابقة التي أكدت بطلان إجراءات الدولة الصهيونية التي استهدفت التغيير في القدس المحتلة، دعاها من جديد إلى التقيد بنصوص اتفاقيات جنيف والقانون الدولي الذي ينظم الاحتلال العسكري. كما دعاها إلى الامتناع عن إعاقة عمل المجلس الإسلامي في المدينة، المعني بصيانة وإصلاح وترميم الأماكن المقدسة الإسلامية. ويذكر أن القرار الدولي صدر بأغلبية 11 دولة وامتناع أربع دول عن التصويت من ضمنها الولايات المتحدة.
أجمع المحللون السياسيون المهتمون بقضية فلسطين على أن حريق المسجد الأقصى المتعمد مثل محطة رئيسية من محطات الإرهاب الصهيوني المتواصل، وشكل حلقة بارزة من حلقات المسلسل الصهيوني للممارسات اللاأخلاقية واللاإنسانية بحق الفلسطينيين وأملاكهم وأوقافهم وأماكن عباداتهم الإسلامية والمسيحية تحت سمع وبصر العالم أجمع، بما في ذلك النظامين الرسميين العربي والإسلامي.
فمنذ احتلال القدس وحتى الآن، لم يكف المتطرفون الصهاينة عن ارتكاب المجازر الإجرامية بحق المصلين في المسجد الأقصى الشريف ولم يكفوا عن محاولة اقتحامه والتهديد بهدمه ونسفه بالمتفجرات وضربه بالصواريخ لإقامة هيكلهم المزعوم فوق أنقاضه. ويذكر أن مجزرة عام 1990 كانت واحدة من المجازر البربرية التي ارتكبها هؤلاء الأشرار بحق من اعتادوا على التواصل مع الله من خلال الصلوات في المسجد الأقصى من منطلق إيماني وحرص أمين ومخلص على تأكيد هوية الأقصى العربية والإسلامية. في تلك المجزرة الرهيبة هدر الصهاينة دم 22 فلسطينياً غيلة وغدراً وهم في لحظات الخشوع بين يدي رب العالمين.
ولم يوقف الصهاينة المجرمون الحفريات حول المسجد المبارك وفي باطن أرضه وجدرانه وفي الأماكن المحيطة به لحظة واحدة. فقد تواصلت الحفريات بشكل مسعور ومحموم بذريعة البحث والتنقيب عن آثار "هيكل سليمان" المزعوم وذرائع أخرى واهية. ولم تستثنٍ الحفريات بيتاً عربياً أو مدرسة أو دار علم يملكها عربي. وبموازاة ذلك، دأبوا منذ عام 1968 على حفر الأنفاق تحت الحرم القدسي الشريف. وفي العام المذكور شرعوا بحفر نفق عميق وطويل أدخلوا إليه "سفر التوراة" وشيدوا في داخله كنيساً يهودياً. وبلغت عملية حفر الأنفاق ذروتها في أيلول/سبتمبر 1996، عندما أقدموا على حفر نفق يمر أسفل السور العربي للمسجد ويربط بين حائط البراق وطريق الآلام، الأمر الذي أثار في حينه حفيظة المقدسيين وأشعل موجة من المواجهات المسلحة التي اتسعت رقعتها لتشمل جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة. وأسفرت تلك المواجهات عن استشهاد 65 فلسطينياً ومقتل 15 جندياً صهيونياً. وقد حصل كل ذلك في ظل تنامي الحديث عن السلام الكاذب الذي تواتر على خلفية مؤتمر مدريد المشؤوم واتفاقية أوسلو اللعينة.
ويُذكر أنه في ظل احتفال الفلسطينيين بتحرير قطاع غزة في عام 2005، تعالت أصوات صهيونية منكرة من هنا وهناك دعت إلى قصف المسجد الأقصى بالصواريخ من الجو والبر أو اقتحامه وتدميره. ففي السادس من حزيران ذلك العام، حيث توافقت الذكرى ألـثامنة والثلاثون لاحتلال مدينة القدس، فشلت مجموعات من الصاينة المتطرفين رافقهم حاخامات ونواب يمينيون في الكنيست الصهيوني وشخصيات عامة صهيونية في اقتحام المسجد بشكل جماعي عبر باب الأسباط، بعدما تصدى لهم حراسه والمرابطون بداخله ومن حوله. وفي ليلة التاسع من آب في ذات العام تكررت المحاولة عبر بابي حطة والسلسلة، إلا أنها منيت أيضاً بالفشل. ومنذ الرابع عشر من ذات الشهر والعام الذي توافق مع ذكرى ما يسمونه "خراب الهيكل الثاني"، استأنف المتطرفون الصهاينة محاولات اقتحام المسجد جماعياً وفردياً.
وفي الأعوام التي تلت عام 2005، تكررت المحاولات التي ترافقت مع تهديدات مباشرة وغير مباشرة من قِبَلِ أعضاء في الكنيست الصهيوني ووزراء في الحكومات الصهيونية المتعاقبة وقادة عسكريين وحزبيين بتدمير المسجد المبارك!!
وأتذكر أنه بينما كانت انتفاضة الأقصى المجيدة لم تزل في أوج توقدها في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، تمحورت المخاوف الفلسطينية بشكل خاص حول القدس والمخاطر المحدقة بها والمستقبل المظلم الذي يتهدد عروبتها لأن الصهاينة كانوا يعملون على إعادة رسم جغرافية المدينة بالكيفية التي تلائم طموحاتهم التهويدية والاستيطانية - التوسعية. هذا وتزايدت المخاوف على المسجد الأقصى بشكل خاص ومدينة القدس بشكل عام أكثر فأكثر لتبلغ مستوى خطراً لم تبلغه من قبل مع قيام سلطات تل أبيب في مطلع عام 2010 بافتتاح ما أسمته الحكومة فيها "كنيس الخراب"، على بعد بضعة أمتار من المسجد الأقصى.
وفي عام 2012، وبعدما اتخذت بلدية الاحتلال الصهيوني في مدينة القدس قراراً قضى بتحويل باحات المسجد الأقصى إلى حدائق وساحات عامة وفتحها أمام دخول اليهود إليها وقت ما يرغبون تحولت تبعية تلك الباحات إلى البلدية، الأمر الذي ضاعف من مخاوف الفلسطينيين على المسجد الأقصى حد بلوغ الذروة، باعتبار أن ذلك الأجراء التعسفي وما سبقه وما تبعه من إجراءات تعسفية مماثلة بعد ذلك العام، جاءت جميعها في إطار الإعداد لتحقيق الحلم الصهيوني في إقامة الهيكل المزعوم على أنقاض أولى القبلتين وثالث الحرمين.
ومن الطبيعي أن لا يغيب عن البال ما قامت به سلطة الاحتلال في 14 تموز/يوليو 2017، عندما اتخذت قراراً بنصب بوابات إلكترونية وحواجز حديدية عند مداخل المسجد الأقصى، وأجبرت على إزالتها بعد بضعة أيام، تحت ضغط الهبة الشعبية الفلسطينية العارمة، التي كان للمقدسيين وأبناء الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1948 دور الريادة.
إنه لمن دواعي الأسف والأسى أن يحدث كل ذلك في ظل خلاف فلسطيني - فلسطيني، وفي ظل حالة انقسام وتشرذم سادت أوساط من يفترض أن يكونوا إخوة ورفاق النضال ضد المحتل الصهيوني في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، وفي ظل طروحات تسووية أمريكية تصفوية، وهرولة أنظمة التطبيع العربية إلى تل أبيب لنسج علاقات "صداقة وأخوة" مع الصهاينة "تغنيهم عن روابط أخوة المصير المشترك" في الوطن العربي، الأمر الذي يستدعي طرح السؤال التالي:
ترى هل ينجح الصهاينة هذه المرة بعد مضي عقود على نكبة 1948 واحتلال الشطر الشرقي لمدينة القدس عام 1967 في تحقيق حلم إقامة هيكلهم المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى المبارك في ظل الصمت العربي والإسلامي والتآمر والتواطؤ والتماهي الأمريكي والغربي والعالمي؟ أم أن ثمة معتصم سينبري من بين جموع الحكام العرب والمسلمين، ليكسر هذا الصمت وينتصر لاستغاثة الأقصى والمرابطين في أكنافه؟

محمود كعوش
كاتب وباحث فلسطيني مقيم بالدنمارك
[email protected]



#محمود_سعيد_كعوش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خالدٌ أبَدَّ الدَهْر
- القائد الذي عاش لفلسطين وقضى شهيداً من أجلها
- أضواء على قانون -يهودية الدولة- الصهيوني العنصري
- قانون أساس القومية...أقصى درجات الأبرتهايد في كيان العدو
- لَكِ شَغَفُ الوُد
- خاطرةُ الوَداع: كلماتٌ خجلى ومتقاطعة
- هل ينوب عرب أمريكا عن السلطة في قبول صفقة القرن؟
- حدث في 16 حزيران/يونيو 1956
- صدر قرار حماية الشعب الفلسطيني والمطلوب تفعيله!!
- لعل الذكرى تنفع المنبطحين!!
- دراسة: التوطين، ومشاريع توطين اللاجئين الفلسطينيين
- عام على قمة الرياض -العتيدة-!!
- لماذا سمح السيسي للصهاينة بالاحتفال وسط القاهرة!!
- لالا، هذه ليست مصر التي عرفناها!!
- النكبة - العودة بقلم: محمود سعيد كعوش
- لا يا ابن سلمان ما هكذا تورد الإبل
- دراسة توثيقية بقلم: محمود كعوش
- قمة الظهران...قمة القدس أم طهران!!
- انتفاضة يوم الأرض
- هل يكون ولفويتز مفاجأة ترمب القادمة!!


المزيد.....




- مقتل فلسطينية برصاص الجيش الإسرائيلي بعد مزاعم محاولتها طعن ...
- الدفاع المدني في غزة: العثور على أكثر من 300 جثة في مقبرة جم ...
- الأردن: إرادة ملكية بإجراء الانتخابات النيابية هذا العام
- التقرير السنوي لـ-لعفو الدولية-: نشهد شبه انهيار للقانون الد ...
- حملة -شريط جاورجيوس- تشمل 35 دولة هذا العام
- الصين ترسل دفعة من الرواد إلى محطتها المدارية
- ما الذي يفعله السفر جوا برئتيك؟
- بالفيديو .. اندلاع 4 توهجات شمسية في حدث نادر للغاية
- هيئات بحرية: حادث بحري جنوب غربي عدن
- وزارة الصحة في غزة تكشف عن حصيلة جديدة للقتلى والجرحى نتيجة ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود سعيد كعوش - في ذكرى جريمة حرق الأقصى المبارك