أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - خجي وسيامند: الفصل السادس 1














المزيد.....

خجي وسيامند: الفصل السادس 1


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5968 - 2018 / 8 / 19 - 21:15
المحور: الادب والفن
    


" النهارُ ينبثق من رحم الليل، ولكن الخيالَ ليسَ بوسعه أبداً إنجاب الواقع "
ملاحظة، تتركها السيّدة السويدية في سمع " سيامند "، قبل أن ينزلقا مجدداً إلى حمأة التلاحم الجسديّ بأنفاسٍ متقطعةٍ أشلاءً.. ملاحظة، ستنزلق بدَورها عبرَ نافذة حجرة النوم لتهويَ إلى أرضية الدرب، مثل ورقة خضراء أسقطتها شجرةُ ليمون، نَضِرة وعَطِرة.. مثل عطر امرأة، مترنحة سُكراً، ما ينفكّ يفوح في المكان مع أغنية تَعِسة عن ماضٍ سعيد. ولكي يكتمل المجازُ، ملهاةً ومأساة في آنٍ معاً، فإنّ خطى المرأة ذات الثوب الأحمر، المترنحة، عليها كانَ أن تنسابَ في الشارع ذي الاسم الملكيّ، المتصل بين المدينة الحمراء، القديمة الأصيلة، وشقيقتها الحديثة المزيفة. ولكن أيّ سعادةٍ، في آخر المطاف، يُمكن أن يكون قد وهبها هذا المكانُ لامرأة شبيهة بمراكش نفسها؛ مشبوهة السيرة، ومُلتبَسَة الانتماء، يدّعي انتسابها لصلبهم رجالٌ مقتدرون أو أشباهُ رجالٍ، سُقُطُ مَتاعٍ؟
وهيَ ذي نظراتُ عينيّ " تينا "، الخضراوين المشوبتين بلسعة عسلية، تنسابُ أيضاً في الدرب المفضي لذلك الشارع، متداخلة في لونين مماثلين لثمار ليمونه ونخيله. بعُريها الطائش، وقفت على حدّ النافذة، المُشرعة المصراعين لنهارٍ يقف على حدّ ظهيرةٍ من ربيع متأخرٍ، مشحون عزيمة، يعد بمزيد من الحر والخمول والهوام.. بمزيد من الشبق لأجسادٍ فتية، ملتهبة تحت ملابس رقيقة أو متجردة مثلها سواءً بسواء. وقفت إذاً بعريها، المجرد من رهافة القماش، وعلى مرمى نظرات مَن تدعوه، " صغيري "، نظرات مسددة إلى كفلها ( وهل ثمة إثارة في مكان آخر غيره؟ )، المنحني متكوّراً مورَّداً ـ كما يقطين الأسواق، المجلوب مبكراً من السهول المسفوحة بشمس أفريقيا.
" لم تدَعيني أعود إلى البار، وكان من المحتمل أنها موجودة فيه بعدُ "، ردّ على ملاحظتها تلك وهوَ في مكانه على السرير. ابتسمت لانفعاله الطريف فيما كانت لا تبرح موقفها، وكادت أن تقول له ساخرةً: " أخشى أن وفاءك لأخيك الراحل، يُفضي بك إلى فراشها أيضاً! ". على أنها استدركت فكرتها حالاً، مُدركة ولا شك ضعفَ موقفها بنفسه. ولا بد أن المرحومَ، لو قدّر له الشعور بحَسَب اعتقاد المؤمنين، سيهزأ في قبره من تمثيليتيهما كليهما: اقتحامها فراشَ الشاب فجراً، بعدما سبقَ وأبدت حاجتها للشراب في بار كيلا ترافقه لشقته؛ وخمود عزمه على العودة إلى البار على أثر إغرائها له بحركة مشيها إلى الحمّام، الموكلة للكفل الرعبل.

***
ذلك اللقاء بالمرأة ذات الثوب الأحمر، وكانت دلالته لا تعدو عن كونها وهماً على مرجوح التأويل، قُدّرَ له أن يُشغل الأيامَ القليلة، المتبقية للسيّدة السويدية في هذا البلد. الأكثر خراقة، كانَ انتشارُ خبر اللقاء في الفيللا عن طريق صغرى الابنتين والتي عرفت به بالطبع على لسان " سيامند ". في أوان زيارة السيّدة لمسكنهم مساء اليوم نفسه، راحَ الجميع ينفخون في الخبر، فعلُ الحدّاد مع الكير المشتعل، هناك في رحبات المدينة القديمة. بدأ الجو احتفالياً مثيراً، كأنه عيد ميلاد أحدهم، لم يبخلوا فيه حتى بالموسيقى. بكلمة أخرى، كان جو مسرحية فيه ما فيه من تكلّف واصطناع.
لدى دخولها صالة الفيللا، لاح لها الصخبُ على مثال البار. ولكن بدا أنّ القومَ أسكرهم الشايُ المطيّب بالنعناع، الذي يُقدّم مساء مع الحلوى بحَسَب العرف المحليّ. ثم سرعان ما تبيّن للضيفة جليّة أمر المرح، المحتدم لدى وصولها. إنها " غزلان "، مَن تعهدت المحاكاة المضحكة لكلام رجل عجوز، يَدعونه بالطبيب، يعيش في جوارهم، وكان قد غادرَ تواً مجلسهم. طلبت " خدّوج " منها أن تعيدَ تقليد الرجل، وذلك بهدف إمتاع الضيفة. ضحكت كنّة الدار حتى احمر وجهها، ثم لم تلبث أن لبت الطلبَ.
" المرحوم الفيلالي، عُرف بغيرته على نساء بيته حتى الصغيرات منهن. عجباً، كيفَ لرجل موسوس أن يترك امرأته الشابة ليسافر إلى باريس كي يعمل في شركة فرنسية؟ ولكنني لم أجرؤ على قولها أمامه، وإلا لكان ضربني بقبضته الماحقة وجعلني عصيدة هاهاها. الشيخ مناع، تعرفنه يا سيّدات؟ لقد عرضَ عليه العمل في الخليج، وكان من الممكن لو وافق أن يغدوَ مليوناً.. مليونيراً! وأنا بنفسي، كان في وسعي البروزَ كشاعر مجيد لو أنّ الطبَ لم يجذبني بوصفه رسالة إنسانية، وفوق ذلك، ما يدرّه على صاحبه من المال الوفير. ذات مرة، هممتُ بحقن خدّوج في وركها، فانتزعها المرحوم من يديّ غاضباً هاهاها.. فذكرتُ له حديثاً شريفاً.. ذلك الحديث.. أعني عن الحياء في الدين.. "
" وهوَ بقيَ مصراً أن يحقن لي في ذلك الموضع، إنما في غياب المرحوم "، قاطعتها الأخرى مقهقهةً. التفتت من ثم إلى " سيامند "، وكان في خلال التمثيلية المعادة يبدو شاردَ الذهن، لتقول له بنبرة تستدعي الموجدة: " الطبيب عبد المؤمن، بلغ من طرافته أنه عشقَ شيرين بكل جوارحه لدرجة حضوره يومياً للفيللا أثناء إقامتها هنا مع شقيقها "
" بلى، وكانت تحاكي حركاته خيراً مني "، أيدتها الكنّة واستمرت متدفقة في حماسة: " كذلك عُرفت بقراءتها للطالع، مستخدمة دفتراً يحتوي على رموز فلكية مرسومة بمهارة. وكانت تقترح عليّ أحياناً فكرة لوحة، مستلهمة من تلك الرموز "
" لو أنها بيننا الآن، لكانت طلبت القهوة. لأنها اعتادت قراءة الطالع في الفنجان، مثلما يفعل أهل بلاد الشام. آه، رحم الله أمواتنا! "، خاطبت سيّدةُ الدار أخَ المعنية في رقة، هيَ من كانت نادراً ما تشارك في هكذا أحاديث.
من ناحيتها، لم تنخدع " تينا " بالحديث المراوح بين المرح والحزن، فتساءلت في سرها أكثر من مرة عما وراء الأكمة. ولقد كانت محقة في حدسها، كما ثبتَ لاحقاً: " بعضهم وجدَ في خبر تلك المرأة الغامضة مخرجاً لمأزقٍ شخصيّ مقيمٍ، ولو مؤقتاً على الأقل "، ذكرت انطباعها حينذاك لصديقها.

> مستهل الجزء الأول/ الفصل السادس، من رواية " الصراطُ متساقطاً "





#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خجي وسيامند: الفصل الخامس 5
- خجي وسيامند: الفصل الخامس 4
- خجي وسيامند: الفصل الخامس 3
- خجي وسيامند: الفصل الخامس 2
- خجي وسيامند: الفصل الخامس 1
- خجي وسيامند: بقية الفصل الرابع
- خجي وسيامند: الفصل الرابع 3
- خجي وسيامند: الفصل الرابع 2
- خجي وسيامند: الفصل الرابع 1
- خجي وسيامند: الفصل الثالث 5
- خجي وسيامند: الفصل الثالث 4
- خجي وسيامند: الفصل الثالث 3
- خجي وسيامند: الفصل الثالث 2
- خجي وسيامند: الفصل الثالث 1
- خجي وسيامند: الفصل الثاني 5
- خجي وسيامند: الفصل الثاني 4
- خجي وسيامند: الفصل الثاني 3
- خجي وسيامند: الفصل الثاني 2
- خجي وسيامند: الفصل الثاني 1
- خجي وسيامند: بقية الفصل الأول


المزيد.....




- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - خجي وسيامند: الفصل السادس 1