أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - محمود رجب فتح الله - الجهود الدولية لمكافحة ظاهرة غسل الاموال ...















المزيد.....



الجهود الدولية لمكافحة ظاهرة غسل الاموال ...


محمود رجب فتح الله

الحوار المتمدن-العدد: 5966 - 2018 / 8 / 17 - 10:00
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


الجهود الدولية لمكافحة ظاهرة غسل الاموال

د/ محمود رجب فتح الله
دكتور القانون العام
والمحام بالنقض والادارية والدستورية العليا

تمهيد:
رغم الاهتمام البالغ الذي توليها الأسرة الدولية لخطورة تفاقم مشكلة غسل الأموال بغية الحد منها بشتى الوسائل العلمية والعملية والقانونية، إلا أنها ما تزال في تفاقم مستمر، لأنه كلما تم التضييق على هذه العصابات لجأت إلى أماكن أخرى وميكانيزمات أخرى كملاذآ من التضييق المضروب عليها.
ويتزايد النفوذ السياسي والاقتصادي والإعلامي لعصابات المخدرات والرشوة والفساد السياسي وعصابات الجريمة المنظمة في الدول التي تشهد تناميا لجريمة غسل الأموال، والتي تعاني من الفساد والضعف في أنظمة الحكم، فقد وجدت هذه العصابات الجو الملائم لتطوير وسائلها الإجرامية وغسل الأموال الناتجة عن نشاطاتها الجرمية.
ثم أن العديد من دول العالم الثالث ذات البنية الاقتصادية الهشة وبسبب حاجتها إلى استقطاب رؤوس الأموال لدعم برامجها التنموية، لجأت إلى اتباع أسلوب أكثر انفتاحا، لضمان تدفق رؤوس الأموال إلى الداخل
وعلى ذلك بات التعاون الدولي في مجال مكافحة جرائم غسل الأموال امرا حتميا لابديل عنه، واتجهت الدول تباعا إلى إصدار تشريعات خاصة بمكافحة جرائم غسل الأموال مستهدية في ذلك بالإتفاقيات الدولية التي عقدت في هذا الشان.
وتُعتبر جريمة غسل الأموال من المسائل الجديدة التي اهتم بها المجتمع الدولي، وخاصة منظمة الأمم المتحدة ومجلس المجموعة الأوروبية، ولعل اكثر طرق المكافحة الدولية لجرائم غسل الأموال فعالية تتمثل في بناء قواعد للتعاون الدولي بهذا الشأن، ومن الضرورة استعراضا الجهود الدولية الأكثر بروزا.
ويمكن القول أن عام 1988 يمثل سنة الارتكاز بالنسبة للجهود الدولية في حقل غسل الأموال على أن يكون الفهم واضحا أن الاهتمام الدولي والإقليمي والوطني في هذا المجال قد بدأ قبيل هذا التاريخ بسنوات ولكنه بقي ضمن أطار البحث العلمي ورسم الخطط وبناء الاستراتيجيات دون أن يصل إلى أطار دولي لتوحيد جهود المكافحة.
ففي عام 1988 وتحديداً في 19/12/1988 صدرت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة أنشطة ترويج المخدرات (اتفاقية فينا 1988) وتعد أهم اتفاقيات الأمم المتحدة باعتبارها قد جذبت الانظار على مخاطر انشطة غسل الأموال المتحصلة من المخدرات وآثرها المدمر على النظم الاقتصادية والاجتماعية للدول، وهذه الاتفاقية لاتعد من حيث محتواها اتفاقية خاصة بغسل الأموال. ( )
إلى جانب جهد الأمم المتحدة، وبعد عام واحد تقريباً تأسس أطار دولي لمكافحة جرائم غسل الأموال(financial action task force on maoney Laundering –fatf) نشأ عن اجتماع الدول الصناعية السبعة الكبرى، وقد عكفت هذه المنظمة على تحديد انشطة غسل الأموال وفتحت عضويتها للدول الراغبة، وشئ فشئ وعبر خبرائها ولجان الرقابة أخذت تكشف عن أوضاع غسل الأموال في دول العالم كل ذلك عبر آلية التقارير السنوية التي تصدرها. ( )
أما من حيث الجهد القانوني فيظهر بشكل بارز في اطار الاتحاد الأوربي، حيث صدر عام 1990 الأتفاقية الأوربية المتعلقة بأجراءات التفتيش والضبط الجرمي لغسل الأموال وحددت الاطار الدولي للتعاون في حقل مكافحة الأنشطة الجرمية لغسل الأموال ومثلت الاطار القانوني الارشادي للبرلمانات الأوربية في معرض اتخاذه التدابير وسن التشريعات للتعاون من أجل مكافحة جرائم غسل الأموال.
كما صدر عن اللجنة الأوروبية / الاتحاد الأوربي دليل الحماية من استخدام النظام المالي في انشطة غسل الأموال لعام 1991 وقد هدف إلى وضع اطار قانوني لجهات مكافحة غسل الأموال في دول الاعضاء وقد جرى تطبيق محتواه في العديد من التشريعات الأوربية منها قانون العدالة الجنائية البريطاني لعام 1993.
ومن حيث الجهد المالي وعلى صعيد الهيئات المتخصصة فأن اللجنة الدولية للنظام البنكي والممارسات الإشرافية اصدرت مبادئ أرشادية للحماية من جرائم غسل الأموال في ديسمبر عام 1988عرفت بإسم (BASLE STATEMENT OF PRINCIPLES).
مثل هيئة سويفت التي عكفت على إجراء دراسات وإصدار سياسات وتوجيهات ارشادية في ميدان الدفع النقدي الإلكتروني والأموال الإلكترونية وسائل وآليات غسل الأموال باستخدام شبكات المعلومات وفي مقدمتها الأنترنت واستخدام التقنيات الحديثة لتبادل البيانات المالية، ويتقاطع مع هذا الجهد الجهود المبذولة في حقل البنوك الإلكترونية وبنوك الانترنت المتخذة من قبل الهيئات المتخصصة والخبراء في البنك الدولي وبنك التسويات ومختلف منظمات النظام الاقتصادي والتجاري الدولي وكذلك منظمات وهيئات وشبكات النشاط المصرفي سواء غير الربحية أو التجارية.
وعلى ذلك يلزم ان نعرض الى الأسس التي قامت عليها المواجهة الدولية فى مطلب اول، ثم لبيان آليات تفعيل الجهود الدولية لمكافحة غسل الاموال فى مطلب ثان، على ان يختتم ذلك المبحث بالجانب التطبيقى بتناول التجربة الفرنسية فى مكافحة غسل الاموال فى مطلب ثالث

 المطلب الاول: الأسس التي قامت عليها المواجهة الدولية.
 المطلب الثانى: آليات تفعيل الجهود الدولية لمكافحة غسل الاموال.
 المطلب الثالث: التجربة الفرنسية فى مكافحة غسل الاموال.


المطلب الاول
الأسس التي قامت عليها المواجهة الدولية

قامت المبادرة الدولية لمكافحة ظاهرة غسل الاموال على عدة اسس جوهرية، تعاونت فى ارساء دعائم فاعلة تجاه تحجيم تلك الظاهرة، تفعيلا لاهداف الاتفاقات الدولية ومواجهة الجرائم الالكترونية، وصولا الى القضاء عليها، من اهمها ما يلى:

الفرع الاول
إرساء أهداف الاتفاقات الدولية

حيث اتجهت الإتفاقيات الدولية إلى مكافحة غسل الأموال من خلال عدة محاور لعل أهمها ما يلي:
 أولا: محاصرة مناطق غسل الأموال، وهي مناطق مفتوحه لحركة الأموال دون رقابة تذكر ويتوافر لها سرية الأعمال المالية في البنوك والمصارف، وهو مناخ مناسب تماما لغسل الأموال، ومن المناطق التقليدية لعمليات غسل الأموال سويسرا وموناكو وجبل طارق على حدود أسبانيا ولوكسمبورج، وسنغافورا وهونج كونج وتايوان وبرمودا وبنما وجزر البهاما، وفي التسعينات ظهرت مناطق أخرى مستحدثة في اليونان ودول الاتحاد السوفيتي المنحل وجزيرة كيمانز وجزر القنال الإنجليزي وجزر ماتواتو في المحيط الهندي.
 ثانيا: وضع سياسة صارمة للنظام المصرفي يمنع إستخدامه في عمليات غسل الأموال تحت شعار (اعرف عميلك) وذلك بحصول المؤسسات المالية على بيانات دقيقة عن صاحب الحساب ومعرفة مصادر دخله ونشاطه المالي الذي يمارسه، وتكليف البنوك والمؤسسات المالية المختلفة عن كل عملية مصرفية تزيد قيمتها عن حد معين لتتخذ الإجراءات الكفيلة في البحث والتحري عن مصدر هذه الأموال.
 ثالثا: توافر التعاون بين الجهات الرقابية المختصة بملاحقة غسل الأموال وبين المؤسسات المالية في كشف اي عملية يشتبه انها تجري لغسل الأموال وهذا التعاون يحمل في طياته نوعا من الرقابة على المؤسسات المالية وذلك من خلال مجموعة من الالتزامات عليها تنفيذها، ووضعها امام الجهات الرقابية بصفة دورية حتى يمكن أن تتبع الأموال التي قد تشتبه في مصدرها.
 رابعا: التعاون الدولي سواء في تبادل المعلومات أو ضبط الجرائم أو تسليم المجرمين أو تنفيذ الأحكام أو مصادرة الأموال المغسولة، وهذا كله يتوقف على الاتفاقيات الدولية الثنائية أو متعددة الأطراف التي تتيح كل أوجه التعاون في مختلف المجالات طبقا لقواعد وإجراءات تتفق عليها الدول الاطراف في الاتفاقيات وتتعهد بتضمينها في تشريعاته الداخلية. ( )

الفرع الثانى
الجهود الدولية للتصدى لظاهرة غسل الاموال

قامت الهيئات الدولية بالعديد من الجهود التي تهدف إلى مجابهة ظاهرة غسل الأموال من خلال إبرام العديد من الاتفاقيات والوثائق وبرامج العمل والنَّـدَوات والمؤتمرات، وتنوعت هذه الجهود إلى جهود عالمية تنتظم كافَّة الهيئات الدَّولية بمختلف أقطارها وأقاليمها والمحددة - رأسا- تحت قبَّة هيئة الأمم المتحدة، وجهود إقليمية تشمل الكيانات المنتمية إلى هذا الإقليم أو ذاك، وسنعرض في طيَّات هذا الفرع لأبرز الجهود المبذولة في هذا الصدد، وسيتم التركيز على النشاطات الدُّولية والإقليمية التي انضم إليها المشرع المصرى، من خلال التعرض للعديد من الاتفاقات الدّولية للتصدي لظاهرة غسل الأموال، ومن أمثلة ذلك:

1- الاتفاقيات الصادرة عن الأمم المتحدة: كثفت الأمم المتحدة جهودها على صعيد محاربة غسل الأموال بمجموعة من الاتفاقيات، بدأت في المرحلة الأولى بمكافحة أنشطة المواد المخدرة، ثمَّ في مرحلة أخرى بمكافحة المخدرات عبر عمليات غسل الأموال المتحصلة عن هذه الجرائم، ومن هذه الإتفاقيات:

أ ) اتفاقية فييّنا: وهي اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجارغير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية الموافق عليها بتاريخ 20 ديسمبر سنة 1988، وكان مقر انعقادها في فييّنا بالنمسا
وتعتبر هذه الاتفاقية أبرز الوثائق الدولية التي جسدت قناعة المجتمع الدولي بضرورة مكافحة غسل الأموال، وقد بلغ عدد الدُّول الأطراف التي انضمت إلى الاتفاقية رسمياً وإلى غاية عام 2000، بلغ مائة وسبعة وخمسين (157) دولة بنسبة 83% من مجموع دول العالم.
وتقع هذه الاتفاقية في ديباجة وأربع وثلاثين (34) مادة، وقد ورد في ديباجتها النصُّ على بالغ القلق الذي يساورأطراف الاتفاقية من جسامة المخدرات وخطورتها على صحة البشر، وكذا الاتجار غير المشروع في المخدرات مما يُدرُّ أرباحاً هائلة على العصابات الإجرامية، هذه التجارة غير المشروعة والتي ترتبط ارتباطا وثيقا بمختلف الأنشطة الإجرامية الأخرى التي تقوّض الاقتصاد المشروع وتلوث مؤسسات المجتمع بمختلف مستوياته، الأمر الذي يستوجب تعزيز التعاون الدّولي باتخاذ التدابير والوسائل القانونية الفعالة لحرمان العصابات الإجرامية ممّا يجنونه من أنشطتهم الإجرامية.( )
ومن العيوب التي تتلبس بهذه الاتفاقية أنّها لم تستخدم مصطلح غسل الأموال صراحة في أيّ من موادها وإنما اكتفت ببيان السلوكات المادية المشكلة لهذه الجريمة كتحويل الأموال أو نقلها مع العلم بأنها عائدات إجرامية والاشتراك والمساعدة والتحريض والإخفاء والتمويه كما في المادة 3.
ويؤخذ عليها أيضا أنّها أخذت بالتعريف الضيق لجريمة غسل الأموال، وهذا قصور منها لأنّها حصرت عائدات الجريمة في جريمة المخدرات فقط.

ب) اتفاقية باليرمو: وترجع هذه التسمية إلى مكان انعقاد هذه الاتفاقية وهي مدينة "باليرمو" الإيطالية، وهذه الاتفاقية هي اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية المعتمدة من طرف الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة يوم 15 نوفمبر سنة 2000.
وتتكون هذه الاتفاقية من إحدى وأربعين (41) مادة وقد بينت الغرض منها وهو المتمثل في تعزيز التعاون لمنع الجريمة المنظمة عبر الوطنية ومكافحتها كما تنص المادة10 منها وقد أشارت هذه الاتفاقية صراحة إلى عمليات غسل الأموال كما في المادة 6 والمادة 7 منها. ( )
جـ) اتفاقية قمع الإرهاب: وهي الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب المعتمدة من طرف الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة يوم 9 ديسمبر سنة 1999، وتقع هذه الاتفاقية في ديباجة وثمان وعشرين مادة.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الاتفاقية نصت على التدابير المتخذة لمكافحة تمويل الإرهاب وهي شبيهة بتلك المتخذة لمكافحة غسل الأموال.
د ) اتفاقية مكافحة الفساد: وهي اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد المعتمدة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك يوم 31 اكتوبر2003.
وتقع هذه الاتفاقية في ديباجة وإحدى وسبعين (71) مادة، وتهدف هذه الاتفاقية إلى تعزيز التدابير والوسائل الدولية الرامية إلى مكافحة جرائم الفساد والتي من بينها جريمة غسل الأموال
2 - الاتفاقيات ذات الطابع الدولي : صدر في هذا الشأن مجموعة من الاتفاقيات تحمل طابعا دوليا لدخول مجموعة من الدول المختلفة الأقاليم تحت لوائها، ولأنها تخاطب أيضا المجتمع الدولي في عمومه، غير أنها تسمى ذات طابع دولي لأنها غير صادرة عن هيئة الأمم المتحدة، وأبرز الاتفاقيات المعروفة في هذا الصدد هي:

أ) بيان بازل: ويسمى بيان "بازل" نسبة إلى المدينة السويسرية المعروفة "بازل" حيث اجتمعت لجنة بازل عام 1988 وأصدرت تصريحا يحتوي على عدد من المبادئ التي ينبغي أن تتجاوب معها البنوك والمصارف الدولية لقمع عمليات غسل الأموال كالتأكد من شخصية الزبائن وتجنب التحويلات المشبوهة، والتعاون مع الجهات التنفيذية ونحوها وتجدر الإشارة إلى أن مبادئ هذا البيان لا تحمل أي سلطة رسمية للإشراف الدولي ولا تتمتع بأي إلزام، بل هي مجرد توجيهات وإرشادات.
وقد وقع على هذه الاتفاقية كل من ألمانيا وايطاليا وفرنسا وبريطانيا وهولندا وكندا واليابان والولايات المتحدة الأمريكية، هذا ولم توقع عليها الجزائر ولا أية دولة عربية.
ب) التوصيات الأربعون: تعتبر هذه التوصيات من أشهر المبادئ في مكافحة غسل الأموال حتى إنها يمكن أن تكون ميثاقا يحكم أساليب مكافحة غسل الأموال في مختلف دول العالم.
وقد صدرت هذه التوصيات عن مجموعة العمل المالى التي أنشأتها الدول الصناعية السبع الأكثر تقدما وهي الولايات المتحدة الأمريكية وكندا واليابان وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا إثر القمة التي عقدوها في باريس سنة 1989 ثم انضمت إليها روسيا فصارت تعرف بمجموعة الدول الثمانية، وتوسعت هذه المجموعة لتشمل إحدى وثلاثين (31) دولة ومنظمتين إقليميتين هما : الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي وقد أصدرت هذه المجموعة سنة 1990 أربعين توصية تكمل اتفاقية فيينا، وتتسم هذه التوصيات بالمرونة بحيث يترك لكل دولة الحرية في طريقة التنفيذ وفقا لسيادتها ونظمها ودساتيرها، ثم تمت مراجعة هذه التوصيات سنة 1996 ، وأصدرت قرار لجنة المخدرات والذي أوضح المعايير التي تقاس على أساسها التدابير والدول المتعاونة من غير المتعاونة وتشمل هذه التوصيات ما يلي:
- الإطار العام للجهود الدولية لمكافحة غسل الأموال ضمن التوصيات 1 إلى 3.
- تطوير النظم القانونية الوطنية لمكافحة غسل الأموال ضمن التوصيات من 4 إلى 8.
- تعزيز النظم المالية لمكافحة غسل الأموال ضمن التوصيات من 9 إلى 29.
تعزيز التعاون الدولي من خلال الاتفاقيات الثنائية أو المتعددة الأطراف، ضمن التوصيات من 30 إلى ( )
- 40.

الجدول رقم (44)
يشير الى مستوى انضمام الدول الى الاتفاقات الدولية ذات الصلة (اتفاقية فيينا،
واتفاقية باليرمو، واتفاقية قمع تمويل الارهاب، واتفاقية مكافحة الفساد والمصادقة عليها

ويلاحظ على الجدول السابق انه يمكن القول بأن جميع دول المجموعة (18 دولة) قد صادقت على اتفاقية فيينا وكل الدول (باستثناء دولة وحيدة) صادقت على اتفاقية باليرمو فيما بلغت نسبة المصادقة على اتفاقية قمع تمويل الارهاب أكثر من 70% ومن الملاحظ أن جميع دول المنطقة قد قطعت شوطاً كبيراً فى تطبيق هذه الاتفاقيات من خلال تجريم غسل الأموال وأن التقدم المتعلق بوضع الاطار التشريعى اللازم لفعل تمويل الارهاب هو أمر ملحوظ وخاصة خلال السنوات الأخيرة وبعد انضمام هذه الدول للمجموعة ومساعدة المجموعة لها.

المطلب الثاني
آليات التعاون الدولي لمكافحة ظاهرة
غسل الأموال
بعد أن أدركت دول العالم خطورة جريمة غسل الأموال والأضرار البالغة التى تنتج عنها بدأ التفكير فى وضع سياسات تكفل مكافحتها وبسبب الطبيعة الخاصة لهذه الجريمة من حيث التعقيد والتعتيم ودوليتها تضافرت جهود الكثير من الدول لإحداث العديد من السياسات المالية والاقتصادية والاجتماعية والجنائية لكفالة نجاح مكافحة غسل الأموال، وكانت السياسة الدولية الجنائية ابرز آليات المكافحة حيث تم عقد العديد من الاتفاقيات الدولية الثنائية والجماعية لمكافحة عمليات غسل الأموال، وصدرت العديد من الدراسات والتوجهات فى هذا الصدد ومن ذلك الاتفاقيات الثنائية الاتفاقيات التى عقدتها انجلترا مع 27 دولة أخرى لمكافحة الأموال المستمدة من المخدرات وما عقدته مع تسع دول لإعادة الأموال والعمل على مصادرتها إذا كانت مستمدة من جرائم غسل الاموال .
ويعتبر التعاون الدولي ضرورة لمكافحة ظاهرة غسل الاموال وذلك للطبيعة الخاصة لهذه الجريمة التي لا تقتصر آثارها على دولة واحدة، بل تمتد الى عدة دول ويصعب أو يستحيل على بعض الدول مكافحتها لوحدها، وهذا ما يظهر لنا أهمية التعاون الدولي لمكافحة تلك الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية .
وقد تعاونت السلطات القضائية في مختلف الدول لمكافحة تلك الجريمة، ويهدف هذا التعاون إلى التقريب من الإجراءات الجنائية من حيث إجراءات التحقيق والمحاكمة إلى حين صدور الحكم على المحكوم وضمان عدم إفلاته من العقاب نتيجة لارتكابه جريمته في عدة دول والتنسيق بين السلطات القضائية في هذا الشأن للاتفاق على معايير موحدة .
ويعتبر التعاون القضائي ضرورة في مكافحة تلك الجريمة المنظمة عبر الوطنية ويأخذ هذا التعاون عدة أشكال : مثل تبادل الخبرات والمعلومات القضائية والمساعدة التقنية أو الإنابة القضائية أو المصادرة أو تسليم المجرمين الهاربين أو الاعتراف بالأحكام الجنائية، أو نقل الإجراءات الجنائية وغير ذلك من صور التعاون القضائي .
وقد نصت على هذا النوع من التعاون المادة (18) من اتفاقية مكافحة الجريمة المنظمة، حيث قضت هذه المادة بأن على الدول الأطراف تقديم أكبر قدر ممكن من المساعدة القضائية في التحقيقات أو المحاكمات فيما يتعلق بالجرائم المشمولة بهذه الاتفاقية .
وسوف نتناول في هذا المبحث أبرز صور التعاون القضائي الدولي على النحو الآتي:
الفرع الأول: تسليم المجرمين
الفرع الثاني: مصادرة الأموال المتحصلة من الجريمة المنظمة

الفرع الأول
تسليم المجرمين
ويقصد بتسليم المجرمين أن تقوم دولة ما بالتخلي عن شخص مقيم على أراضيها وتقوم بتسليمه إلى دولة أخرى لتتولى بمقتضى قوانينها محاكمته عن جريمة منسوبة إليه، أو لتنفيذ حكم صادر عليه من محاكمها ( )
.
ويعتبر قرار التسليم قراراً سيادياً وليس قرار من السلطة القضائية ويتم عادة بالطريق الدبلوماسي، ولكن تقوم الدولة بإحالة الطلب إلى محاكمها الوطنية لتفصل في مدى صحة هذا الطلب
وقد تستند الدول في تسليمها للمجرمين إلى اتفاقيات دولية سواء كانت متعددة الأطراف أو اتفاقيات ثنائية، كما قد تستند إلى مبدأ المعاملة بالمثل وهو قبول الدولة تسليم المجرمين إلى دولة أخرى شريطة أن تتعهد الدولة الطالبة بالموافقة على طلبات التسليم .
وتشترط الدول لتسليم المجرمين إلى الدول الأخرى أن يكون الفعل الذي ارتكبه هذا الشخص مجرما في قانونها الداخلي وهو مايعبر عنه بازدواج التجريم، وجاءت اتفاقية مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لتأكد على هذا المبدأ في المادة (18) فقرة (9) ولكن بسبب طبيعة جريمة غسل الاموال والتجدد المستمر لاساليبها أعطت نفس المادة الدول الموقعة - متى ما رأت ذلك مناسبا حسب تقديرها - الحق في تسليم المجرم إلى دولة أخرى وإن كان الفعل الذي ارتكبه غير مجرم في القانون الداخلي لهذه الدولة .
إذاً يعتبر تسليم المجرمين من التدابير والوسائل الفعالة في مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، نظرا لامتداد أنشطتها الإجرامية بين الدول، فضلا عن استغلالها لسهولة التنقل بين دول العالم.
الفرع الثاني
مصادرة الأموال المتحصلة في جريمة غسل الاموال

تعتبر مصادرة الأموال المتحصلة من الجريمة من أكثر الوسائل فاعلية في مكافحة الجريمة لأن المصادرة تقضي على الهدف الرئيسى لغاسلى الاموال غير المشروعة وهو الربح وهو ما يؤدي إلى شلل هذه التنظيمات .
وقد قضت اتفاقيه مكافحة الجريمة المنظمة بهذا التعاون في المادة (12) فقرة (1) بأنه على الدول الموقعة تقديم أقصى ما يمكن من مساعدة في حدود القوانين الداخلية، كما أعطت الفقرة (6) من المادة نفسها السلطات القضائية في الدول الموقعة أن تأمر بتقديم السجلات المصرفية أو المالية أو التجارية أو التحفظ عليها ولا يجوز لها الاحتجاج بالسرية المصرفية للامتناع عن القيام بهذا الأمر .
كذلك على كل دولة طرف في هذه الاتفاقية، تتلقى طلبا من دولة أخرى بمصادرة أموال أو معدات أو أشياء أخرى متعلقة بالجريمة على إقليمها عليها أن تقوم بإحالة الطلب إلى سلطاتها المختصة لاصدار حكم مصادرة أو تنفيذ أمر مصادرة صادر بالفعل أو تنفيذ حكم مصادرة صادر من الدولة الطالبة بالقدر المطلوب وفي حدود الطلب مادة (13) فقرة (1) بالإضافة إلى مواد أخرى من الاتفاقية اهتمت بالتعاون القضائي في مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية .
كما دعت الاتفاقية الدول إلى أن تقوم بإبرام اتفاقيات متعددة الأطراف أو ثنائية في سبيل المزيد من التعاون الدولي لتسهيل إجراءات مصادرة الأموال المتحصلة من الجريمة
لذلك تأتي أهمية عقد المزيد من الدورات التدريبية المشتركة بهدف التعاون القضائي بشكل عام والتعاون في مكافحة الجريمة المنظمة بشكل خاص، إضافة إلى إبرام الاتفاقيات الدولية لتعزيز التعاون القضائي، لتسهيل إجراءات التحقيق والمحاكمة وتبسيطها ولمزيد من التعاون القضائي في مكافحة الجريمة عبر الوطنية فضلا عن استخدام التكنولوجيا الحديثة في تعزيز هذا التعاون.
وقد استطاعت بعض الدول تحقيق نتائج لا بأس بها على صعيد مكافحة عمليات غسل الأموال، وموجهتها بشكل فعال، ولعل أهم هذه الدول الولايات المتحدة الأمريكية
وتعتبر الولايات المتحدة الامريكية من الدول الأكثر حماسا واهتماما بمكافحة عمليات غسل الأموال غير المشروعة وخاصة الناتجة عن الاتجار غير المشروع بالمخدرات، وذلك بسبب الكوارث الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي حلت بالمجتمع الأمريكي، حيث سنت جملة من القوانين تفرض على المؤسسات المالية إرسال تقارير عن المعاملات النقدية إلى إدارة خدمة الدخول الداخلية، وذلك في مدة أقصاها 15 يوما من تاريخ كل معاملة مشبوهة تزيد قيمتها عن 10آلاف دولار. ( )
كما أصدر سنة 1997 قانون قاعدة حركة المال، والمقصود به إذا انتقلت الأموال بين أكثر من مؤسسة مالية واحدة يجب أن يتضمن التحويل بعض البيانات، ويجب على جميع المؤسسات المالية الالتزام بأحكام هذه القاعدة وتعليماتها الصادرة عن وزارة المالية الأميركية.



المطلب الثالث
التجربة الفرنسية لمكافحة غسل الاموال

كانت جريمة غسل الأموال في فرنسا تقترن بجنحة المخدرات، وتوسعت لتشمل كافة الجرائم حيث صدر بتاريخ 31/ 12/1987 قانون خاص لتنظيم مكافحة غسل الأموال الناتجة عن الاتجار بالمخدرات، كما صدر القانون الفرنسي رقم 90-614 بتاريخ 12/07/1990 والمرسوم التطبيقي الصادر في 13/02/1991 ليفرض على المؤسسات المالية التصريح لهيئة تراكفين المكلفة بدراسة وتحليل المعلومات عن العمليات المشبوهة والتأكد من قواعد مكافحة غسل الأموال بالمبالغ المسجلة في دفاترها والتي متأتية من الاتجار بالمخدرات، ويلتزم موظفو المؤسسات المالية بإبلاغ هيئة تراكفين عن أية عمليات مصرفية تثير الشكوك حول انطوائها على عمليات غسل الأموال( )
كما يعاقب البنك كل من يثبت تورطه في عمليات غسل الأموال من طرف لجنة البنوك بوزارة الاقتصاد الفرنسية، وسنتعرف على التجربة الفرنسية في مكافحة غسل الأموال من خلال تعرضنا لنصوص القانون التي تجرم وتعاقب على هذا النشاط، ومن خلال التعاون الدولي الفرنسي في مكافحة هذه الجريمة. ( )
أولا: التجريم:
نظرا لانتشار ظاهرة تعاطي المخدرات، فقد قام المشرع الفرنسي بتجريم صور شتى ومتنوعة لهذه الظاهرة، ويعد قانون 24/12/1953، وقانون 31/12/1970 حجر الأساس في التشريع الفرنسي لمكافحة انتاج وتعاطي والاتجار بالمخدرات، ثم جاء بعد ذلك قانون 31/12/1978 ليعدل في بعض أحكام القانونيين السابقين، وليشدد الجزاءات الواردة فيهما، وقد اهتم المشرع الفرنسي في قانون 1987 بملاحقة عائدات المخدرات والحيلولة دون فوز الجناة بها، لذلك أصبح من الضروري تعقب صفقات المخدرات، ومصادرتها، وملاحقة الذمة المالية لتجار المخدرات، وما يمتلكونه من أصول وأموال نجحوا في غسلها وإضفاء صفة المشروعية عليها، ولكن هذه الملاحقة لم تكن بالأمر السهل، نظرا لاستخدام تجار المخدرات لأساليب التحايل والخداع وتهريب الأموال إلى خارج فرنسا، وإخفاء كافة العلاقات والاتصالات المباشرة بين القائمين على صفقات المخدرات ومنفذيها، ولهذا حرص المشرع الفرنسي على توسيع نطاق البحث عن الأموال والثروات غير المشروعة المتحصلة عن الاتجار بالمخدرات حتى ولو شمل ذلك بعض المؤسسات المالية التي ترتبط بالتعامل في هذه الأموال والثروات، وهذا ما دفع المشرع الفرنسي إلى الإسراع بإصدار قانون 12/يوليو/1990، الذي اهتم بدور المؤسسات المالية في مكافحة غسل الأموال المتحصلة من الاتجار في المخدرات، والحد من إطلاق مبدأ سرية المعاملات المصرفية، دون المساس بما يفرضه هذا المبدأ على المؤسسات المصرفية من قيود، وهذا واضح من نص المادة (3) من هذا القانون التي أوجبت الإخطار عن الأموال والعمليات المصرفية التي تبدو أنها متحصلة عن إحدى جرائم المخدرات، والمادة (14) التي تلزم المؤسسات المصرفية بإجراء فحص لكل عملية مصرفية تزيد عن مبلغ معين حيث يشك في مشروعية مصدرها، حتى ولو لم تكن متعلقة بجرائم المخدرات، وفي مثل هذه الأحوال فإن على البنك أن يستعلم من العميل عن حقيقة مصدر هذه الأموال، والجهة المحولة إليها هذه الأموال، وعن الشخص المستفيد منها.
وكذلك فقد أوجبت المادة (15) من قانون 12/يوليو/1990 على البنك ان يظل محتفظا بالمستندات الخاصة بكافة عملائه لمدة خمس سنوات بعد قفل حساباتهم وانتهاء علاقتهم به(42) ولكن المشرع الفرنسي لم يتوقف عند هذا الحد، بل خطى خطوات كبيرة في مكافحته لغسل الأموال واستخدام الأموال المتحصلة من مصادر غير مشروعة، وذلك بالقانون رقم (96-392) الصادر في 13/مايو/1996، الذي تضمن الباب الأول منه النصوص المتعلقة بمكافحة غسل الأموال، والتعاون الدولي في ضبط ومصادرة عائدات الجرائم، في حين كرس الباب الثاني منه للنصوص الهادفة إلى تعزيز مكافحة الاتجار في المخدرات.
ومما يلاحظ على هذا القانون ما يلي:
أ- قيام المشرع الفرنسي بتجريم ومعاقبة مختلف صور غسل الأموال:
المتحصلة عن جناية أو جنحة، أيا كانت هذه الجناية والجنحة، وسواء كان ذلك بصورة مباشرة أو غير مباشرة وهذا ما يؤكده نص المادة (1+2 - 324).
وهذا ما قام به المشرع الامريكي من قبل حين أصدر قانونا عام 1970، يتعلق بسرية الحسابات المصرفية، والذي هدف إلى تعقب العمليات النقدية لمنع عمليات غسل الأموال سواء كانت ناتجة عن تجارة المخدرات، أو الناتجة عن التهريب، أو عن القمار، أو عن الاختلاس، أو عن التهرب الضريبي، أو التجارة في الممنوعات.

‌ب- الحرص على تجريم غسل الأموال الناتجة تحديدا عن إحدى جرائم المخدرات:
حرص المشرع رغم عمومية نص المادة (1+2 - 324) على تجريم وعقاب غسل الأموال الناتجة عن إحدى جرائم المخدرات، وهذا واضح من إدراج المادة (38-222) في صلب قانون العقوبات الجديد، والتي تعاقب على تسهيل التبرير الكاذب لمصدر الأموال أو الدخول أو صنعها أو بيعها أو تصديرها أو نقلها أو حيازتها أو عرضها أو النزول عنها أو اكتسابها أو استعمالها، وكذلك الأموال المتحصلة عن جريمة إنتاج أو صناعة المواد المخدرة أو جلبها أو تصديرها بطريق غير مشروع، أو المساعدة في عمليات ايداع أو إخفاء أو تحويل العوائد المتحصلة عن إحدى هذه الجرائم.
بناء على ذلك يمكن القول بأن قانون العقوبات الفرنسي الجديد يحتوي على جريمة غسل الأموال بوصفها تكييفا عاما أو أصليا يسري على جميع الأموال الناتجة عن أي مصدر غير مشروع، ويحتوي أيضا على جريمة غسل الأموال بوصفها تكييفا خاصا في مجال مكافحة المخدرات.
وقد يرجع السبب في ذلك إلى ان المشرع الفرنسي قد أراد أفراد نص خاص لغسل الأموال الناتجة عن إحدى جرائم المخدرات لمزيد من الردع في مجال مكافحة المخدرات، رغم أن التكييف العام لغسل الأموال يسمح بذلك، هذا من ناحية، ولكي يزيد العقوبة المقررة من ناحية أخرى، وهذا واضح من رفع عقوبة غسل الأموال المتحصلة عن إحدى جرائم المخدرات إلى السجن لمدة عشر سنوات والغرامة. ( )
ويعاقب القانون الفرنسي على جريمة غسل الأموال في صورتها البسيطة بالسجن لمدة خمس سنوات وبغرامة مقدارها مليونان ونصف مليون يورو . ولكن هذه العقوبة تشدد لكي تصبح السجن لمدة عشر سنوات، وتضاعف الغرامة، اذا توافر أحد الظرفين التاليين:
‌أ- الاعتياد أو استخدام الوسائل التي ييسرها مزاولة نشاط مهني.
‌ب- وقوع الجريمة بصورة جريمة منظمة.
وكذلك يعاقب القانون الفرنسي على الشروع في جرائم غسل الأموال، وبنفس العقوبة المقررة للجريمة التامة.
وهناك العديد من العقوبات التكميلية التي توقع على مرتكبي جرائم غسل الأموال التي ترتكب من الأشخاص الطبيعيين، كالمنع من تولي الوظائف العامة، وحظر إصدار الشيكات، والمنع من مزاولة النشاط المهني أو الاجتماعي الذي وقعت الجريمة اثناءه أو بمناسبته، ووقف رخصة القيادة لمدة معينة، أو إلغاؤها، ومصادرة سيارات فاعل الجريمة، وأسلحته، والأشياء المستخدمة في ارتكاب الجريمة أو التي كانت معدة لذلك، أو الأشياء المتحصلة عن الجريمة، والمنع من ممارسة الحقوق السياسية، والمدنية، وحقوق الأسرة، والمنع من مغادرة إقليم الدولة، ومنع الأجنبي مرتكب الجريمة من دخول إقليم الدولة.
وكذلك فقد قرر المشرع الفرنسي مسؤولية الشخص المعنوي جنائيا عن جرائم غسل الأموال، وعدد الجزاءات التي يمكن أن يحكم بها عليه.

ثالثا : تفعيل التعاون الدولي لمكافحة جريمة غسل الأموال:
من أجل تعزيز التعاون الدولي في مكافحة غسل الأموال فإن القانون الفرنسي يعاقب كل من قام بطريق التصدير أو الجلب أو النقل أو المقاصة بعملية مالية بين فرنسا والخارج أو شرع في القيام بذلك اذا انصبت هذه العملية على أصول مالية يعلم الشخص بأنها ناتجة بطريق مباشر أو غير مباشر عن إحدى الجرائم المنصوص عليها في قانون الجمارك أو إحدى جرائم المخدرات، وقد هدف المشرع من ذلك التغلب على حيل التمويه المصرفي التي يلجأ إليها في غسل الأموال، ومواجهة الصعوبات الناشئة عن تطبيق قواعد الإختصاص في حال وقوع أركان الجريمة على إقليم أكثر من دولة، وكذلك يعاقب القانون الفرنسي على القيام بالمقاصة المصرفية أو الشروع فيها.
وقد هدف المشرع الفرنسي على القيام بالمقاصة المصرفية أو الشروع فيها، وقد هدف المشرع الفرنسي من ذلك منع إفلات المحترفين في غسل الأموال من الملاحقة القانونية، وكذلك فقد ساوى المشرع بين غسل الأموال المتحصلة بطريق مباشر أو غير مباشر عن إحدى الجرائم التي سبق الإشارة إليها، وقد هدف المشرع من ذلك تفعيل ملاحقة تدوير الأموال في صورها المختلفة، وتعقب عمليات غسل الأموال بغض النظرعن تغير طبيعة هذه الأصول أو الأموال.
ويضاف إلى ذلك أن المشرع الفرنسي قد جرّم غسل الأموال على الرغم من أن العملية المالية لم تقع بأكملها على الإقليم الفرنسي، وقد هدف من ذلك مكافحة غسل الأموال الذي يقع في صورة جريمة منظمة.
ومن مظاهر تعزيز التعاون الدولي الفرنسي في مكافحة غسل الأموال تقدمت فرنسا بمشروع لمكافحة غسل الأموال إلى الدول الصناعية السبع، ويرتكز هذا المشروع على المبادىء التالية:
‌أ- أن يقوم البنك المركزي بمراقبة تدفقات رؤوس الأموال إليها، وذلك بهدف التعرف على مصادر الأموال والغاية من دخولها إلى الدولة.
‌ب- على العميل في حال ايداع أموال ذات قيمة كبيرة تقديم مستندات تفيد عدم اعتراض الحكومة التابع لها المودع على عملية الإيداع.
‌جـ- تأمين سرية العملاء، بحيث لا يكشف عن العملاء الذين رفضت طلباتهم من اجل الحرص على بقاء العلاقات الودية بين العميل والبنك الذي يتعامل معه.
‌د- التدقيق الشديد في تحرير الفواتير والاعتمادات التي تحدث عبر الدول الاوروبية، حتى لا يمكن استغلال هذه الفواتير والمستندات في تضخيم القيمة وزيادة التكاليف وتهريب راس المال بواسطتها.
وقد أعتبر المحللون هذا المشروع لا غبار عليه إلا فيما يتعلق بالشرط الذي يلزم المودع بتقديم مستندات تفيد عدم اعتراض الحكومة التابع لها على عملية الايداع، لان ذلك يؤدي إلى تعقيدات ادارية لا تلائم الحرية الاقتصادية ومناخ الاستثمار، هذا من ناحية، ومن ناحية اخرى عدم ملاءمة هذا الشرط لجذب الودائع إلى البنوك المحلية.

رابعا : الإعتراف بحجية الأحكام الجنائية الاجنبية:
من اجل تعزيز التعاون الدولي في مكافحة غسل الأموال فقد افصح المشرع الفرنسي عن اعترافه بحجية الأحكام الجنائية الاجنبية، التي تقضي بالمصادرة، على الاقليم الفرنسي، ولكن وفق شروط وضوابط معينة وهي:


1) شروط الاعتراف الفرنسي بحجية الحكم الجنائي الاجنبي:
‌أ- ان يقضي الحكم بمصادرة اموال متحصلة عن نشاط غسل الأموال.
‌ب- ان يكون الحكم نهائيا، ومكتسبا قوته التنفيذية وفقا لقانون الدولة الطالبة.
‌ج- أن تكون الأموال المطلوب مصادرتها بموجب الحكم الأجنبي مما يجوز مصادرته طبقا للقانون الفرنسي.
‌د- أن ينصب الحكم على مصادرة مال معين أو غير معين يمثل العائد المتحصل عن جريمة وقعت على الإقليم الفرنسي، أو أن ينصب الحكم على الإلزام بدفع مبلغ معين من النقود يماثل قيمة هذا المال.
‌هـ- ان يصدر الترخيص اللازم لتنفيذ الحكم الأجنبي القاضي بالمصادرة عن محكمة الجنح التي تختص بذلك بناء على طلب النيابة العامة.
2- ضوابط تنفيذ الحكم الجنائي الأجنبي: ( )
‌أ- أن لا يكون تنفيذ الحكم الأجنبي مضرا بالحقوق المشروعة المقررة للغير على الأموال محل المصادرة.
‌ب- أن تتبع قواعد قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي أمام محكمة الجنح الفرنسية التي تنظر إصدار الترخيص لتنفيذ الحكم الأجنبي.
ج- يحق لمحكمة الجنح الفرنسية أن تستمع بطريق الإنابة القضائية عند الحاجة للشخص المحكوم عليه وكل الأشخاص الذين تتعلق حقوقهم بالأموال محل المصادرة في الحكم الجنائي الأجنبي، إذا كان هذا الاستماع ضروريا، ويجوز لهؤلاء الأشخاص أن يستعينوا بمحام أمام القضاء الفرنسي. ( )
‌د- تملك المحكمة الفرنسية في حال عدم كفاية الأوراق أو الأدلة أن تأمر بإجراء تحقيق تكميلي على الرغم من كونها مقيدة من حيث المبدأ بأوراق الحكم الأجنبي القاضي بالمصادرة.
وخلاصة القول فإن الأحكام التي استحدثها قانون 13/5/1996 والمتعلقة بمكافحة غسل الأموال تعد خطوة غير مسبوقة في مجال التعاون الدولي لمكافحة غسل الأموال، وخاصة في مجالي الإختصاص الجنائي الدولي، ومجال الاعتراف بحجية الأحكام الجنائية الأجنبية، ولكنها في الوقت نفسه لا تشكل انتقاصا من هيمنة القانون الفرنسي اذا كان هناك حاجة لإظهار هذه الهيمنة.( )

** لمزيد من التفصيل : الرجوع الى د/ محمود رجب فتح الله، ظاهرة غسل الاموال خارج الحدود
واثرها على فعالية المصارف، دار الجامعة الجديدة، مصر، الاسكندرية، الطبعة الاولى ، سنة 2016.



#محمود_رجب_فتح_الله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جرائم تقنية المعلومات فى القانون المصري الجديد
- آليات الحماية القانونية للبيئة
- الضوابط القانونية والاخلاقية للاعلام
- دور الشريعة والقانون فى استقرار المجتمعات
- ظاهرة غسل الأموال خارج الحدود وأثرها على المصارف العاملة في ...


المزيد.....




- تباين في أداء أسواق المنطقة.. وبورصة قطر باللون الأخضر
- نشاط الأعمال الأميركي عند أدنى مستوى في 4 أشهر خلال أبريل
- -تسلا- تعتزم تسريح نحو 2700 موظف من مصنعها.. بهذه الدولة
- وزير ليبي: نستهدف زيادة إنتاج النفط إلى مليوني برميل يوميا
- غدا.. تدشين مكتب إقليمي لصندوق النقد الدولي بالرياض
- شركة كورية جنوبية عملاقة تتخلف عن دفع ضريبة الشركات لأول مرة ...
- تقرير : نصف سكان العالم يغرقون في الديون
- مصر تزيد مخصصات الأجور إلى 12 مليار دولار العام المالي المقب ...
- وزير اقتصاد إيران يزور الرياض الأسبوع المقبل
- رويترز: توقع انخفاض النمو الاقتصادي للسعودية في 2024


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - محمود رجب فتح الله - الجهود الدولية لمكافحة ظاهرة غسل الاموال ...