|
خففوا ولا تحضروا ، لعنة الشعوب والحياة والتاريخ عليكم .
أحمد الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 1504 - 2006 / 3 / 29 - 09:04
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
القمة العربية والجامعة العربية والدبلوماسية العربية والإعلام الرسمي العربي والجيوش العربية والمخابرات العربية ، هم جميعاً أدوات التعبيرعن النظام الرسمي العربي والمؤسسة السياسية الرسمية العربية بعجرها وبجرها ، وشكلها القاسي المتجهم ، وبعجزها المزمن والتاريخي وفشلها المقيم . لقد إنهزم وسقط النظام الرسمي العربي بعد فشل جميع المحاولات الجادة والجديدة لإطلاق مشروع نهضوي في بداية القرن الماضي ، تشارك فيه شعوب المنطقة ونخبها وجامعاتها وإعلامها ، يستطيع أن ينقل هذه البلدان عبر مراحل تدريجية الى مشارف التطور العالمي العام ، ويدخلها التاريخ الفعلي للإنسانية . لكن الأنظمة العربية قطعت الطريق على هذه السيرورة التاريخية ، وإستبدلتها بنظام تابع ومشوه ، تخصص في إنتاج الإستبداد والقمع والتخلف والتخليف ، وإتقن فن الإمساك بالسلطة بكل الوسائل ، فوسع السجون والمعتقلات والمنافي ، وصادر الحريات العامة ، وقضى على كل عوامل التطور والتقدم الإجتماعي ، وصادرجميع مؤسسات المجتمع المدني ، وأوقف التنمية ، وترك المدن العربية تنمو بشكل عشوائي وبدائي ، يتكاثر فيها الصفيح والذباب ، وتنعدم فيها الخدمات الأساسية ، ودمرالنواتات الديمقراطية البسيطة ، وسحق وهمش الجماهير الشعبية ودفعها الى ميادين الفقر المدقع والساحق والهجرة الداخلية والخارجية ، وخلط بين السلطة والدولة ، ومال الى الأولى وتمسك بها ، وفشل في الدفاع عن الأرض والأوطان وسلمها على طبق من خراب الى المحتل الأجنبي الغازي ، ولم يترك الفرصة الطبيعية للناس في الدفاع عن حقوقها اليومية وتطلعاتها العادية والبسيطة ، وخلق تعارض مفتعل بين الديمقراطية والوطنية ، وإدعى تمسكه بالدين والتراث فمسخهما وإبتذلهما أيما إبتذال ، كما إبتذل السياسة والإقتصاد وتخلى عن العلوم الإجتماعية الحديثة ، ولم يسمح للمجتمعات من دخول الزمن العلمي الحديث ، وخاف وتجنب الثورة المعلوماتية ، وإمتهن المرأة وعطلها ، وتعاون مع الخارج ضد ناس الداخل ، ثم إنقلب ليخّون الداخل إذا ما رنا الى الخارج ، حتى لو كان ذلك من داخل الحدود الوطنية ، ومن باب الفضول أو الحسد أو الشعور بالإختناق والضيق المطلق أو للتعلم من تجارب الآخرين ، ولم يستجب لمطالب الداخل الطبيعية والملحة في التغيير والإصلاح وقراءة الحراك الإجتماعي الجديد ومتطلباته ، بينما خضع لتهديد وضغط الخارج وتدخلاته الفجة . لقد تركوا الشعب الفلسطيني وحيداً في مجاعته ومتاهاته ومواجهاته البطولية المفتوحة مع المشروع الصهيوني ، وتخلوا عن القدس الشريف ، بعد إن قاتلوا وخاتلوا بالشعارات والأناشيد الفارغة ، وها هم يتركون الشعب العراقي في محنته الدموية الطويلة والقاسية ، وقد إستفادوا من دعوات البعض وشعار ( العراق للعراقيين ) الذي إستبدله البعض أيضاً ( العراق للإيرانيين ) ولم يهزهم ذلك الزحف الكبير قيد أنمله !! واليوم تتلقى مؤسسة القمة العربية البائسة الأوامر الصريحة من جنرلات الجيوش المحتلة لمنطقتنا ، بعد إن كانت تصل هذه التوجيهات بواسطة القنوات السرية والدبلوماسية ، والخطوط الساخنة والباردة ، وكانت هذه القنوات تأمر وتوصي بعض الزعماء بطرح أو رفض المشروع الفلاني أو الفكرة العلانية ، أو حتى رفع كلمة معينة ، لكن يبدو إن التدخلات قد تصاعدت وتطورت الى درجة منع بعض الرؤساء من الحضور لأسباب عديدة من بينها الإستمرار في عزل النظام السوداني ، وعدم السماح بطرح مشاريع ولو كلامية عن فلسطين والعراق ولبنان وسورية ودارفور ، ولتسير المنطقة وفق المنهج العسكري الأمريكي الصهيوني المباشر ، حيث إن الجيوش الغازية أقرب لهم من حبل الوريد ، وحيث مصير صدام وهو يقاد من الحفرة الى قفص المحاكمة قائم وماثل بقوة في نفوسهم الضعيفة ومناماتهم وأحلامهم ويقظتهم . لذلك رضخ عدد من الزعماء العرب للأوامر الأمريكية ، وقرروا عدم الحضور ، رغم إن حضورهم شكلي وعقيم لايقدم ولا يؤخر . بعض الزعماء العرب لايزال يخاف من الداخل ويعادي الداخل حتى لو تطلب ذلك التنسيق مع الخارج لمواجهته وسحقه ، وتكشف بعض المعلومات المتطابقة من أن الدكتاتور صدام حسين كان يفكر ويخطط لمواجهة التحرك الداخلي المحتمل ، رغم وصول قوات الإحتلال الى مشارف القصر الجمهوري !! وتلك مفارقة صارخة للعقل السلطوي المعزول عن الناس والمعادي لهم والخائف منهم ، وآخر لايهمه غرق أكثر من ألف صعيدي فقير إلتهمهم فم اليم في حركة من حركاته الرعناء ، ولم يستجب أحد لإستغاثاتهم المكتومة ، بينما ساعد الرئيس ومكتبة في تهريب الجاني والمتسبب في الكارثة المروعة هووعائلته وأمواله الى عاصمة الضباب وبشكل علني و( مشرف ) وبأوراق رسمية ومحمية . لازلت مقتنع ببعض المفاهيم القديمة التي أنتجها الفكر السياسي في المنطقة ، حتى ولو من باب الدعابة والمشاكسة ، رغم إني لاأعتقد إن كل المفاهيم القديمة فاقدة للصلاحية والراهنية دائماً ، وأحد هذه المفاهيم أو الشعارات هو تصنيف الثالوث القذر المعادي لشعوبنا العربية ، حيث تحالف وترابط : الإمبريالية والصهيونية والرجعية العربية ، وهاهي الرجعية العربية تقوم بدورها المعادي للتطور والتقدم الى درجة إن فلان وعلان وزيد وعبيد ومن لف لفهم لايجرؤ على حضور قمة كلامية فارغة لاتقدم ولا تؤخر ، ولاتغني عن فقر وجوع وتخلف ، ولاتنشد تنمية حقيقية ، ولا تدفع جيوش غازية تضغط بكلكلها الثقيل على صدر وروح الشعوب العربية المهمشة والمغبية . يبدو للبعض أن من العبث الكتابة عن القمم العربية ، فهو موضوع يبعث على القرف والغثيان ، فقد تابعت جميع وسائل الإعلام العربية ، المقروءه والمسموعة والمرئية ، فلم أجد ما يثير الإهتمام ، غير اللغة الخشبية البائدة والمكررة منذ دهور !! خففوا ولاتحضروا فلا أحد ينتظر شيئاً مفيداً منكم ، خففوا لكي تقل المصاريف الطائلة والمفتوحة على إقاماتكم وحماياتكم ومرافقيكم وهداياكم ونزواتكم ، خففوا لكي لاتزداد أزمة المرورفي الشوارع العربية ويدوخ الناس وتتقطع بهم السبل بسبب مواكبكم الخائفة . لعنة الشعوب والحياة والتاريخ على المتخلفيين منكم وهم كثر ، وعلى كل من قطع طريق التطور الإجتماعي وخرب حياة الناس وأحلامهم اليومية البسيطة . وفي النهاية وبهذه المناسبة الدورية الفارغة من المعاني والقيم والمهام الرصينة وغير الرصينة ، حيث لايوجد غير الكلام الفارغ والبيان البائس الموجود في درج كوندليزا رايس حتى قبل توزيعه على الحضور في الخرطوم ، أهدي لكم قصيدة الشاعر مظفر النواب المشهورة : قمم .
#أحمد_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما تحت الرماد أشد إشتعالاً !!
-
.منتصر في ذكراه الخالدة ، بين جريمة القتل وجريمة الصمت
-
كلمة : أهمية كشف ملفات وإتصالات وعلاقات الجميع
-
عزة تحترق ......... بغداد تحترق .
-
رسالة من بعيد الى شهيد جميل آخر
-
كلمة : الأربعاء الدامي ، ما قيمة الكلمات والحبر أمام الدم ال
...
-
تعليقات سريعة حول بعض الأحداث الجارية اليوم
-
الدستور بإعتباره عملية إجتماعية قانونية سياسية وطنية ، والول
...
-
ماذا تبقى لنا ؟؟ قراءة للمشهد العراقي ولبعض التغيرات الدراما
...
-
تعليق : بوش الثاني وتخريجاته الهزيلة عن العراق
-
قراءة سريعة للوضع العام في ضوء النتائج والتطورات الأخيرة
-
كلمة : جورج حاوي بين الشهداء والصديقين ، وفي موضع القديسين
-
كربلاء جديدة في الكرابلة ، وتصريحات خرقاء لجورج بوش الثاني .
-
حول المبادرة الثقافية للشاعر سعدي يوسف
-
رسالة أطالب بإيصالها الى صديقي القاص المبدع محسن الخفاجي
-
مساهمة في الحوارات اليسارية
-
رسالة في الغربة والأغتراب لأبي حيان التوحيدي
-
أسئلة الماركسية الرئيسية ؟؟
-
الطائفية السياسية تحركها ومخاطرها
-
في الذكرى السنوية لمجزرة بشتآشان
المزيد.....
-
مبنى قديم تجمّد بالزمن خلال ترميمه يكشف عن تقنية البناء الرو
...
-
خبير يشرح كيف حدثت كارثة جسر بالتيمور بجهاز محاكاة من داخل س
...
-
بيان من الخارجية السعودية ردا على تدابير محكمة العدل الدولية
...
-
شاهد: الاحتفال بخميس العهد بموكب -الفيلق الإسباني- في ملقة
...
-
فيديو: مقتل شخص على الأقل في أول قصف روسي لخاركيف منذ 2022
-
شريحة بلاكويل الإلكترونية -ثورة- في الذكاء الاصطناعي
-
بايدن يرد على سخرية ترامب بفيديو
-
بعد أكثر من 10 سنوات من الغياب.. -سباق المقاهي- يعود إلى بار
...
-
بافل دوروف يعلن حظر -تلغرام- آلاف الحسابات الداعية للإرهاب و
...
-
مصر.. أنباء عن تعيين نائب أو أكثر للسيسي بعد أداء اليمين الد
...
المزيد.....
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
-
شئ ما عن ألأخلاق
/ علي عبد الواحد محمد
-
تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا
...
/ شادي الشماوي
المزيد.....
|