أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - كاظم الواسطي - أي مذاق لبلاد العدم /مع ( الوجه المسروق) للإفغانيةلطيفة














المزيد.....

أي مذاق لبلاد العدم /مع ( الوجه المسروق) للإفغانيةلطيفة


كاظم الواسطي

الحوار المتمدن-العدد: 1504 - 2006 / 3 / 29 - 08:59
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


" إذا كان الخضوع شرط حياتي فلا حاجة لي بهذه الحياة " في زمان ، تجتاح فيه زمر الظلام ، المدججة بالجهل والأحقاد ، مساحات الحياة الخضراء .. وتحيلها إلى رماد اسود ، يغطي الحقول والمدارس والبيوت ، ويمحو كل صورة وشكل للفرح .. ويوقف عقارب الساعة ،مثلما حدث في فجر يوم 27/أيلول 1996 ، اليوم الذي غرست فيه غربان أفغانستان " العلم الأبيض " ! فوق مساجد ومدارس كابول .. لتعلن بداية عهد الدم ، وفرض الحظر على كل شيء ينبض بالحركة في شوارع كابول . في زمان كهذا ، يكون لصوت الحرية الخارج من بين مخالبه الدامية ، معان خالدة لقوة الإرادة الكامنة فيه .. وشجاعة لا تضاهى لموقف المدافعين عن حقهم في الحياة . والذين ينتزعون الفرصة انتزاعا ، لكي يسلطوا الضوء على الجريمة المتخفية برداء " الشريعة " وبشاعة الكائن في نوازعه الشريرة المتسترة بمراسيم الوهم . وكانت الكاتبة الأفغانية الشابة لطيفة هي واحدة من تلك الأصوات الشجاعة … والضوء الذي تسلل عبر لغة متميزة ببساطتها جسدت بها إيقاع الحياة اليومية ونغماتها المتنوعة بما هو سار ومؤلم ، وبأدوات من يمتلك التجربة الناضجة والشعور بالمسؤولية الأكثر نضوجا .
قدمت لنا ذلك عبر قصة حياة أسرة " متدينة وليبرالية " ، تعيش في منطقة مكرورايان ، في كابول .
الأب تاجر متوسط .. ألام حاصلة على شهادة التمريض .. الابنة الكبرى متزوجة وتنتظر في باكستان ـ الانتقال مع زوجها إلى أمريكا .
الابنة الوسطى مضيّفة في الخطوط الجوية .
الابن الأكبر عسكري .
الابن الأصغر طالب غي الاقتصاد أما الابنة الصغرى ، ابنة السادسة عشرة ، لطيفة ـ أسم الروائية ـ مما يدلك على إن الرواية هي سيرتها الذاتية الخالية من الفنتازيا والمشاهد المتخيلة .
وهي طالبة في كلية الصحافة ، استطاعت أن تلتقط مشاهد القتل والدمار ، بذهنية متوقدة وعادلة ، في زمن ابتعد كثيرا عن العقل والعدالة ، ودخل في دهاليز الغيب الأعمى .
زمن يعطلون فيه الكهرباء ، ويرمون أجهزة التلفاز " محطمة كقاذروات " في القمامة ، واشرطة التسجيل مقطعة على الأسلاك .
زمن فيه الكتاب من مخلفات عهود مضت ، واندثرت ، وعلى أصحاب الكتب أن يحرقوها أو يرزموها ويخفوها بعيدا عن أعين طالبان . أما المرأة فهي العدو رقم واحد بالنسبة لهم :-
" لا يحق لطبيب أن يلمس جسد امرأة " " ليس للبنات والنساء الحق في العمل خارج المنزل " ويمتد الظلام وينتشر في المدينة .. وتطلى النوافذ ـ من قبل البعض ـ بالأصباغ لكي لا ينتشر ضوء لمصباح زيتي أو شاشة لم تحطم بعد .
والصور مشمولة بالعقاب أيضا " يمنع تعليق صور الكائنات البشرية والحيوانات " كما هي الأصوات التي توفر الراحة والبهجة للنفوس " لا يحق للأسر الاستماع للموسيقى ، حتى لدى الاحتفال بزواج " .
وليس لأحد الحق في الإبقاء على ذكرى والاحتفاظ بذاكرة للأشياء أو الأشخاص :-
" تمنع الأسرة من اخذ صور فوتوغرافية " أما من غير المسلمين فيجب أن يميزوا أو يكون لهم لونهم الخاص " على غير المسلمين ارتداء ثياب صفراء وان يعلنوا عن بيوتهم بعلم اصفر " .
تلك هي تعاليم طالبان ومراسيم شريعتهم .
" الطالبان جرثومة قذرة ، فتاكة .. تنتشر وهي تزرع مرضا خطيرا " .
وبدافع الخوف عليها من مخالب طالبان ، تطلق لطيفة كناري الأسرة المغرد من قفصه … ليأخذ معه حريتها ، كما قاموا بترحيل الكلب بينغو " المنشق ذو الأربع قوائم " إلى بيت عمهم الملائم لإخفائه .
لان الدعاية الظلامية تنص على تطبيق ذلك : " يمنع الكلاب والطيور " وحتى المعادن ولوازم الطبخ لم تكن بمنأى عن تلك الأحكام : " ممنوع الصفير وامتلاك غلايات تصدر صفيرا ".
وتبقى النساء صيدا مفضلا لتفريغ غرائز الحقد والكبت : تقوم مجموعة مسلحة بالأسلاك المعدنية بضرب نساء في الساحة العامة حتى يقطر دمهن على أقدامهن بسبب ارتدائهن أحذية بيضاء .. مماثلة للون علم طالبان .
كما تآمرت مجموعة من " البوليس الديني " بقطع أصابع امرأة لأنها استعملت طلاء الأظافر .
وتقوم مجموعة أخرى ، مكونة من خمسة عشر رجلا باغتصاب ثلاث فتيات صغيرات ومن ثم تشويه وتمزيق أعضائهن التناسلية .
وفي قسم النقليات تتعرض الموظفة رزمينا للاغتصاب من قبل مدير الشركة أمام زوجها وحلق شعرها أمام أطفالها .. الذين تم رميهم . فيما بعد ، في النهر .. ليس لشيء سوى لأنها كشفت حقيقة تلاعب إدارة الشركة في بيع المحركات وقطع التبديل .
ولم يكن الأطفال أوفر حظا .. حيث لم تبق طائرة ورقية في سماء كابول .. التي كانت ـ قبل مجيء زمر طالبان ـ تزدحم بتلك " الطيور الورقية المتعددة الألوان " .. واعتبرت نوعا من الطيران المعادي .!
والملاعب الرياضية لم تسلم هي الأخرى .. حيث حول ملعب كرة قدم في كابول إلى ساحة قتل يقومون فيها بشنق المتهمين على عارضتي المرميين وقطع الأيدي وإعدام النساء المدانات .. ويرغمون المشاهدين على النظر إلى كل ذلك " اللعب " الطالباني بضربات السياط .
وبين طلقات المدافع والصواريخ وأسعار الرز والسكر والدقيق المرتفعة .. توترت أعصاب الناس ، واخذوا يتقاتلون فيما بينهم لأتفه الأسباب ، بينما الملا عمر يتحرك دائما ومعه حقائب الدولارات والروبيات ، ويأمر بإطلاق النار على كل شيء بما في ذلك إطلاق نار الرشاشات والمدافع على تمثالي بوذا العملاقين المخبأين في مغامرتيهما منذ خمسة عشر قرناً .. في الوقت الذي يتزوج فيه من إحدى بنات ابن لادن ويقيم حفلاً بذخا بهذه المناسبة .
فأي مذاق لبلاد لا ينتظر فيها الناس غير العدم .
ولكن يبقى هناك دائماً من يرفضون هذا المذاق كما تبقى أيضا فسحة من الأمل يوفرها الجهد الشجاع ، فالمعلمة فوزية تؤسس مدرسة سرية لتعليم الأطفال .. وبعد ضبطها وتعذيبها وانتزاع تعهد منها بعدم مزاولة مثل هذا العمل .. تحل محلها لطيفة وزميلاتها ويقمن بتأسيس مدرسة أخرى ، لكي تستمر الحياة على غير هوى الخارجين من كهوف الظلام .
• الكتاب: الوجه المسروق
• الكاتبة:لطيفة
• الناشر:دار المدى 2002



#كاظم_الواسطي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من ينتزع رمانة الياقوت من غصنها الذهبي/قراءة في رواية (كان ه ...
- الشاعر فوزي كريم في عودته إلى قبوالأسرار على دجلة
- حكاية الطفولة الباحثة عن لغة القلب -قراءة في رواية الأمير ال ...
- الشاعر شيركو بيكه س : وطن واحد لايكفي لرقصته الكونية
- عندما يكون الموت مقدّرا في ذاكرة اللغة/قراءة في رواية( الاره ...
- متى يصل مغني القيثارة إلى مسرحه؟.
- ثقافة الإعلامي العربي: بين واقع الصورة وسلطة الفكرة
- إشكاليات المثقف النخبوي


المزيد.....




- بعد جملة -بلّغ حتى محمد بن سلمان- المزعومة.. القبض على يمني ...
- تقارير عبرية ترجح أن تكر سبحة الاستقالات بالجيش الإسرائيلي
- عراقي يبدأ معركة قانونية ضد شركة -بريتيش بتروليوم- بسبب وفاة ...
- خليفة باثيلي..مهمة ثقيلة لإنهاء الوضع الراهن الخطير في ليبيا ...
- كيف تؤثر الحروب على نمو الأطفال
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط 4 صواريخ أوكرانية فوق مقاطعة بيلغو ...
- مراسلتنا: مقتل شخص بغارة إسرائيلية استهدفت سيارة في منطقة ال ...
- تحالف Victorie يفيد بأنه تم استجواب ممثليه بعد عودتهم من موس ...
- مادورو: قرار الكونغرس الأمريكي بتقديم مساعدات عسكرية لأوكران ...
- تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - كاظم الواسطي - أي مذاق لبلاد العدم /مع ( الوجه المسروق) للإفغانيةلطيفة