أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فتحي علي رشيد - قراءة جديدة في القضية الفلسطينيية (17 ) تهافت النخب الفلسطينيية (1)















المزيد.....


قراءة جديدة في القضية الفلسطينيية (17 ) تهافت النخب الفلسطينيية (1)


فتحي علي رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 5958 - 2018 / 8 / 9 - 15:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يقصد بالنخب ( صفوة القوم , لغة ) المفكرين والفلاسفة والكتاب والشعراء والصحفيين والفنانين التشكيليين والمغنيين والمهندسين والأطباء والمحامين والقضاة وأئمة المساجد والاساتذة والمشايخ والموظفين الحكوميين ورجال الأعمال , بينما يضعهم الماركسيون كفئة اجتماعية ضمن الطبقة البرجوازية الوسطى أو الصغيرة , ويطلقون عليهم مصطلح الفئة المثقفة أو المتعلمة , وهي تتمايزقليلا عما يطلق عليه البرجوازيين مصطلح ( الانتليجيسيا ) الصفوة القائدة والموجهة للمجتمع , والذين ـ غالبا ـ يتكونون من الفئة المفكرة والواعية في المجتمع ,أو عقل المجتمع .
بما أن التعليم خاصة ـ العالي لم يكن متاحا إلالأبناء الطبقات الثرية وحماتهم من رجال الدين والكهنة الذين يعبرون ويعكسون على الأغلب مواقف الطبقات الثرية والحاكمة ( ملوك وأمراء وشيوخ قبائل ,برجوازيين ورأسماليين ) والذين غالبا ما يوصفون بأنهم رجعيين , يحرصون على بقاء كل ماهو موروث وقديم , والقائم أساسا على سيطرة الطبقات الغنية الحاكمة . وكون هؤلاء المتعلمين باتوا يتسلمون المناصب الحساسة في الدولة الحديثة , لهذا راح الفقراء والكادحين يعملون المستحيل لتعليم أبنائهم وجعلهم يتابعون أعلى درجات التحصيل العلمي . فتشكلت لدينا مجموعات كبيرة من النخب تعود في أصولها إلى العمال والفلاحين وصغار الكسبة والتجاروالباعة .ومع أنه يفترض بها بعد أن تتعلم وتترقى وتتسلم المناصب أن تحمل هموم أهلها وأبائها وأخوانها وأن تدافع عنها وتظل مرتبطة بهم وتعبر عن مصالحهم , إلا أن الوقائع تظهر أن أغلبهم عندما يتعلمون يشعرون بوجود فارق كبير بين وعيهم ووعي أهلهم , فيبدأ كثير منهم بالترفع والتعالي , فيبتعدون عن هموم الناس الذين ربوهم . ومن يتسلم منهم مهام إدارية أو تنفيذية أوتقريرية وعندما يسعون لتحسين وتطوير بلد هم يصطدمون بالواقع القائم قبلهم وبالقيادات والنخب السابقة المحافظة على هذا الواقع . ( والتي غالبا ماتكون قد فرضت من قبل قوى داخلية وخارجية مُستغِلة ) , فإما أن يرضخوا لهذا الواقع السيئ ,حفاظا على مناصبهم و مكاسبهم ومستوى معيشتهم , أو يسعون إلى تغييره والارتفاع بمستواه حيث يمكن أن يواجهوا بالطرد والحرمان والسجن والنبذ . و يظهر الواقع على المستوى العالمي أن قلة منهم فقط تنحاز للطبقات الفقيرة التي نشأت منها والتي يطلق البعض عليها مصطلح الجماهير أوالشعب .فتواجه وتعمل على التغيير .فتتحول إلى مايطلق عليها مصطلح النخب الثورية . التي يفترض استنادا للواقع الموضوعي لأغلب دول العالم الثالث والدول العربية ,أن تكون الأكثر انتشارا .إلا أن الواقع الذاتي لايشير إلى ذلك كون أنظمة التبعيةكانت قد اكتسبت الخبرات الكافية التي تمكنها من استيعابهم . من خلال إعطائهم مناصب معينة ,وفتح ابواب ضيقة لهم , غالبا غير مؤثرة على الحياة السياسية والاقتصادية , أو من خلال إشغالهم بقضايا ثانوية أوهامشية أوإلهائهم بالثقافة والأدب والشعر والمسرح والفن أو الصالونات والنوادي الأدبية والتنظير والشطح الفكري بما يجعلهم يبتعدون عن واقع جماهيرهم وشعبهم أكثر وقلة قليلة فقط تنأى بنفسها عن هذا فتعزل نفسها أو تعزل وتفقد أي تأثيرلها على الجماهير .
أزمة النخب الراهنة :
بما أن تلك النخب , تشكل صلة الوصل بين الشعوب والحكام , أو بمثابة العقل المحرك لجسم المجتمع المكون من العمال والفلاحين والمنتجين "الغلابى " الباحثين عن قوت عيالهم , لذلك فإن كثيرا من الباحثين راحوا يحملونهم مسؤولية كبيرة في ماوصلت إليه شعوبهم وبلدانهم من تردي وانحدار.
وهنا لابد من أن نشير بأن الواقع الفلسطيني ( والقضية الفلسطينية ) كونه أعقد من أي واقع عربي أوعالم ثالثي , لهذا لم تتمكن النخب الفلسطينية من تكوين رؤية شاملة ودقيقة لواقعها ولكيفية الخروج من المآزق الكثيرة التي وضعها العالم الظالم وغير العادل فيه . ولكون غالبية المثقفين الفلسطينيين هم من المحرومين والمظلومين الذين وقع ومازال يقع عليهم الضيم ,أو يمارس عليهم ظلم كبيرلم يقع على أمثالهم في الشعوب الأخرى . وكون قضيتهم ذات أبعاد عديدة فكان لابد من تواجه بكثير من التحديات التي لم تواجهها نخب أي بلد في العالم , وهذا ماكان يرغمها على تقديم التضحيات الجسام ونذكر على سبيل المثال ماتعرض له نجيب عازوري ( معاون متصرف القدس ) , من نفي وحكم بالاعدام , وماتعرض له الشيخ غز الدين القسام الذي استشهدغيلة , أو عبد القادرالحسيني الذي استشهد في القدس , أو الشاعر الفذ المرحوم الشهيد عبد الرحيم محمود الذي قال : "سأحمل روحي على راحتي وألقي بها في مهاوي الردى , فإماحياة تسر الصديق وإما ممات يغيظ العدى " وقدمها فعلا واستشهد فقدم أروع صورة عن البطولة والعظمة والتضحية الإنسانية والتي لم يشهد العالم مثيلا لها . وهنا لابد من أن نؤكد على بعض النخب الفلسطينيية ( أمثال نجيب عازوري وخليل السكاكيني وجبرا ابراهيم جبرا وابراهيم وفدوى طوقان ومي زيادة وعادل وأكرم زعيتر وروحي الخالدي ونجيب نصار ,,ومن ثم هشام شرابي وادوارد سعيد وابراهيم أبو لغد وعزمي بشارة وسلمان أبوستة وموسى المزاوي .وأعظم شخصية علمية على مستوى العالم ( في مجال التقانة والمحاسبة والمعلوماتية ) الدكتور طلال أبو غزالة ..والقائمة تطول تحتاج كل شخصية منهم إلى كتاب لتبيان عظمتها وإنجازاتها وأسبقيتها بل وريادتها على المستوى العربي بل والعالمي والإنساني .
وهنا من الواجب على الأقل أخلاقيا ـ أن نلفت النظرإلى أن النخب الثورية الفلسطينيية الجديدة كانت تواجه غالبا أخطر التحديات مثل السجن أو الاغتيال أو الموت في ظروف غامضة ( سكتات قلبية أو جلطات ,كما جرى مع عبد العزيزالوجيه ومحمد الحلبي وأسعد دبور ,و, و) أو القتل كما حصل مع غسان كنفاني وكمال عدوان وكمال ناصر ورسام الكاريكتيرالمشهور ناجي العلي ثم ماجد أبو شرار وثم فتحي الشقاقي (2) والشيخين أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي والقائمة تطول وتطول ..مما جعل غالبية النخب تتهرب من مواجهة الانحراف والفساد , وتصبح أميل إلى المهادنة خوفا من القتل والتصفية .أو كانت تتهرب من الولوج المباشر في الحياة الثقافية والسياسية فتنعزل عن الجماهير أوتعزل نفسها بنفسها لتنجو وهذا ماكانت تريده القوى المتنفذة . دون أن نغفل أو نتجاهل واقع افتقارغالبية المثقفين للأرضية الصلبة التي تمكنهم من الاستقلال اقتصاديا أولمن يمكن أن يدعمهم سياسيا أومعنويا حتى على المستوى المحلي ( وهذا شيئ مؤلم حقا ) , لذلك راحت تطفوعلى السطح ,فقاعاعات كثيرة ( شعراء وكتاب وروائيين وفلاسفة ,أصبحوا كشعراء السلاطين ) ) تداهن وتنافق وتتزاحم في تمجيد الزعيم المبجل والقائد الفذ الفرد الصمد (بدءا بعرفات مرورا بأحمدجبريل ونايف حواتمة وانتهاءا بجورج حبش ومحمد دحلان ..) وهكذا جرى شرائهم بثمن بخس أو احتوائهم من قبل حكومات أو قيادات تنظيمات فلسطينية أخرى جديدة هوائية ( لاجذور لها في الأرض ) فرضتها جهات مشبوهة أو أنظمة استبدادية ( مثل تنظيم المجلس الثوري ) ,أ و من خلال وضعهم في مناصب لايستحقونها , فسطحوا الفكر والوعي والثقافة , مما جعل كثير من الجماهيرغير الواعية تنساق وراء تنظيماتهم وقياداتهم وتدافع عنها بشكل أعمى .حيث كانت وماتزال تمجيد وتبررأفعال ومواقف قيادات رخيصة وعميلة أومأجورة لقوى طائفية غير عربية على الرغم من انكشافها الفاضح . بل راح بعضهم يبدع ويجتهد في تبرير الخيانة والعمالة والتبعية .فوصلنا إلى مانحن فيه اليوم .
ونحن هنا لن ندخل في البحث عن جذور ومعالجة أوتفسير البنية الهشه لهذه النخب الطافية على سطح حايتنا الثقافية والسياسية. بل سنتناول فقط بعض المحطات البارزة في مسار النضال الشعبي العفوي (غير الموجه ) . تاركين للقراء المجال للتأمل فيها , فربما تتوصل لسبل تمكنها من تجاوز سلبياتها في محطات قادمة .
1: لجنة الدفاع عن الثقافة الوطنية الفلسطينية :
بعد أن استطاع تنظيم فتح بقيادة عرفات اقناع (أو استعياب ) أغلب قيادات التنظيمات والنخب الفلسطينية الطافية على السطح , بعد أن أغلقت في وجههم سبل النضال , بفائدة الاعتراف بحق إسرائيل في الوجودعلى أرض فلسطين عام 1988 , على أمل (وهم) إقامة دولة في حضن الاحتلال يمكن أن تتطورإلى دولة كما فعل الصهاينة في فلسطين .
يومها أدركت كثير من النخب الفلسطينية أن ذلك ليس إلاوهماً بل ولوجا رسميا في مؤامرة تصفية القضية عمليا وعلنا , فالمقارنة غير صحيحة , كون الحركة الصهيونية كانت وماتزال تمتلك امكانيات كبيرة ودعم خارجي قوي جدا وهذا ماباتت تفتقد له حركة التحرر الوطني الفلسطينية .ولما كانت النخب الشريفة تدرك خطورة الإعلان عن تمسكهم بالثوابت الوطنية الفلسطينية , التي شطبتها قيادة المنظمة . وعدم قدرتهم على مواجهة تيار فتح عرفات الكاسح والتنظيمات الهشة التابعة له . لذلك لذلك انشأووا في الضفة الغربية عام 1989 لجنة أطلقوا عليها اسم " لجنة الدفاع عن الثقافة الوطنية الفلسطينية " . أما في سوريا فلقد نوقشت مسألة العنوان المطلوب للتمسك بالحقوق والثوابت مطولا مع كلا من الكاتب والمؤرخ "عبد القادر ياسين والمرحوم المناضل الكبير صابر محيي الدين (عضو الكتب السياسي في الجبهة الشعبية ) وعبد الهادي النشاش (عضو المكتب السياسي في جبهة التحرير ) ورافع الساعدي عضو المكتب السياسي في القيادة العامة , وأحمد ابو السعيد المنشق عن فتح , وعلي فياض السفير السابق للمنظمة في هانوي والكاتبة رضوى عاشور (من غزة ) وأنا كمستقلين مسألة : هل نسميها لجنة الدفاع عن الحقوق الثابتة وغير القابلة للتصرف للفلسطينيين , أم لجنة الدفاع عن الثوابت الوطنية أم عن الثوابت القومية أم عن الثقافة ..وكان الرأي الغالب كي نوحد الجهود ,وكيلا نستفزالقيادات المنساقة مع التيار . أن تسمى لجنة الدفاع عن الثقافة الوطنية الفلسطينيية , وبعدأن تشكلت اللجنة عام 1991 قامت بعدةنشاطات بهدف توعية الناس بخطورة الإعتراف بأي حق للعدو على أرضنا . استمرت بالعمل والنشاط وتقيم الندوات وتصدر الكتب واستطاعت ان تكسب كثيرا من الشباب الثوريين ,وبما أنه لم يكن من الجائز لنا وحدنا احتكار حق الدفاع عن الثقافة الوطنية ولأننا كنا نريد توسيع دائرة اللجنة لتشمل قطاعات واسعة من شعبنا من المستقلين , بما فيهم من ينتمون لتنظيمات معارضة أولمن يزعمون أنهم معارضين وينتمون لتظيمات موالية , مما إدى إلى توسع اللجنة, فكان لابدمن البحث عن مقر وترخيص لها .وهنا اصدمنا بعقبات أمنية , اجبرتنا على عقداللقاءات والندوات في مبنى الخالصة التابع للقيادة العامة . مما أثار حفيظة البعض مثل علي فياض وصابر محيي الدين اللذان أعلنا انسحابهما , وعبد الهادي النشاش الذي ترك سوريا واستقر في الأردن , وعبد القادر ياسين الذي عاد إلى مقره واستقر في القاهرة .وهذا ماسرع في عملية انفراط عمل اللجنة وتبخرها ..
2:لجنة إعادة إحياء القرار3379 :
بعد أن تبين الدور الخطير الذي لعبته القيادة الفلسطينية والقيادات العربية عام 1991 في الموافقة على شطب القرار 3379 (الذي يساوي ما بين الصهيونية والعنصرية , والذي اعتبرناه في بحثنا السابق , أخطر قرار على الصهيونية وإسرائيل ) . خضوعا لرغبة الولايات المتحدة وإسرائيل لتقبل وجود وفد فلسطيني تعينه منظمة التحرير ضمن الوفد الأردني ,ليساهم في مفاوضات مؤتمر مدريد . نددت سبع منظمات عربية معروفة على رأسها اتحاد الكتاب واتحادات العمال والمحامين ,,وإلخ بالغاء القرار وعلى إثر ذلك قامت مجموعة من النخب الثورية العربية والفلسطينية بتشكيل لجنة أطلقوا عليها لجنة إحياء القرار 3379 شاركت فيها شخصيات وطنية مرموقة مثل إنعام رعد(لبنان) وجورج جبور(سوريا ) وعبد الحسين شعبان العراق ) سعيد سيف ( البحرين ) وغازي حسن وناجي علوش وصابر محيي الدين وعبد الهادي النشاش وغطاس أبو عيطة وعبد الفتاح إدريس من فلسطين .لكن للأ سف ونتيجة لغياب مركزدولي مناهض للصهيونية بعد تفكك المنظومة الاشتراكية والاتحاد السوفييتي وبالتالي حركة التحرر الوطني العالمية وحركة عدم الانحياز .( مايؤكد على الصلة الوثيقة بين محلية القضية وأمميتها ) لم تتمكن اللجنة من الاستمرار ومع اتفاق اوسلو عام 1994 لم يعد هناك أي مبرر لوجودها طالماأن القيادة الفلسطينية (المعنية أكثر من غيرها بالموضوع ) اعترفت بحق اسرائيل في الوجود على أرض فلسطين , مما ينفي عنها صفة الدولة العنصرية . ومع أننا كما ذكرنا في البحث السابق شكلنا لجنة جديدة عام 2001 للمشاركة في مؤتمر دوربان الأول إلا أنها منيت بفشل ذريع لأن القيادة الفلسطينية راحت تساوم كي لاتفشل المفاوضات مع لإسرائيل والتي كانت ترعاها أمريكا .وبعد الفشل الذريع الذي منيت به اللجنة المشكلة عام 2007 كما بينا في البحث السابق . تكون الوقائع الدولية على الأرض قد سحبت البساط من تحت أيدينا . لكن بما أن قرار قومية الدولة الذي وافق الكنيست عليه (2018 ) يعيد التأكيد على عنصرية الصهيونية وإسرائيل ,فإنني أرى أن الظروف باتت مناسبة تماما بل تستدعي إعادة إحياء هذه اللجنة من جديد . وهذا مايضع النخب الفلسطينية الحالية أمام محك الصدقية والجدية .
3: لجان الدفاع عن حق العودة :
عندما تبين لنا بعد دراسة نصوص اتفاق أوسلوا أن القيادة الفلسطينية تخلت عن 78% من فلسطين مايعني تخليها ضمنا عن حق عودة تسعة ملايين لاجئ فلسطيني إليها , شكلنا كمستقلين عام 1996 في سوريا كما حصل في الضفة وغزة , لجنة أطلقنا عليها "لجنة الدفاع عن حق العودة " ضمت شخصيات وطنية من كافة الفصائل وفي مقدمتهم قيادات من القيادة العامة وفتح الانتفاضة والجبهة الشعبية الرافضة للإتفاق .استمرت في العمل عدة سنوات ,ولما توسعت نتيجة لانضمام عناصر زعمت أنها منشقة عن تنظيمات مثل الديمقراطية وفتح , بدأت التباينات تدور حول الموقف من السلطة ومن القرارات الدولية , ومن فكرة التعويض ( حيث طرحت لجنة سميت بلجنة العودة والتعويض ) ثم راحت تتفاقم .ولما دخلت منظمات "ngo " العالميةو"كافيتاس " على الخط والتفت حولها عناصر تابعة للجبهة الديمقراطية وفتح والشعبية راحت تدعوا لقبول القرار 194 (3) (ومن ثم للقبول بالتعويض كما ينص عليه القرار المذكور ,وأخرى راحت تدعوا إلى التعايش مع المحتلين الصهاينة ,(شكلتها الجبهة الديمقراطية وفتح استنادا لما ينص عليه القرار 194 ) . وهكذا انفرط عقد اللجنة الأساسية وتشكلت لجان عديدة حتى زاد عددها عن الثلاثين . وهكذا عدنا لما كنا عليه في السبعينات , حيث زاد عدد التنظيمات عن خمس وثلاثون مما يشير إلى أن أطرافا دولية وعربية دخلت على الخط (كما حصل سابقا مع التنظيمات الفلسطينية الداعية للكفاح المسلح في الاردن لتدميرالعمل الوطني من الداخل ) وهكذا راحت اللجان تتنافس على المناصب والمكاسب (المساعدات المالية المقدمة من أطراف دولية ) والسفرإلى الخارج للتحدث باسم اللاجئين زورا وبهتانا . وهكذا مع مطلع عام 2009 كانت كلا من لجان العودة ولجنة الدفاع عن الثقافة الوطنية في سوريا ولبنان والاردن قد تبخرت . أما في الخارج فلقد سعى كلا من السيدين ماجد الزير والدكتور والباحث الكبير " سلمان أبو سته " وغيرهم في عام 2005وفي لندن , إلى تشكيل لجنة تعمل على تثبيت حق العودة , وفي عام 2007 جرى اجتماع موسع في برلين , ثم تجمع أوسع ضم فلسطينيي( لاجئي) أوروبا , ثم مؤتمر أوسع لفلسطينيي ( لاجئي ) الشتات . ثم تمت الدعوة إلى مؤتمر لفلسطينيي الخارج , ثم لمؤتمر فلسطينيي أوروبا وأمريكا الشمالية في مالمو ثم المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج في اسطنبول عام 2017 وفي مالمو عام 2017 عقد مؤتمر عام للاجئين .وهنا كما جرى في اللجان السابقة , ولخطورة مثل هذه اللجان على كل من إسرائيل والسلطة (كما أوضح ذلك كثير من المفكرين والصحفيين وفي مقدمتهم فايز أبوشمالة ) لجأت المنظمة وسفراء السلطة في الخارج بالتعاون مع الدول المضيفة لتلك المؤتمرات ,إلى احتواءها من الداخل من خلال مشاركة سفراء السلطة فيها بل وفي افتتاحها وإلقاء كلمات فيها , ومن ثم العمل على توسيع أعداد المشاركين , مما فتح الباب لدخول عناصر تابعة ومؤيدة للتنظيمات الفلسطينية الساقطة وأخرى مؤيدة للسلطة والتسوية ( التصفية ) , وتهافت المثقفون وراحوا يلقون الكلمات المنمقة , مما حول اللجان إلى منابرخطابية ( ثرثرة لاطائل من ورائها ) أو لإحياء التراث الشعبي ,وهكذا عدنا من جديد إلى مسيرة الالتفاف والاحتواء والتدميروتصفية القضية وتسخيفها من الداخل .
4: لجنة المتابعة الوطنية العليا :
بعد اغتيال عرفات وتسلم محمود عباس قيادة المنظمة والسلطة أصبح واضحا أن أية إمكانية لإصلاح منظمة التحرير أو إعادة إحيائها أو تفعيلها كحركة تحرر وطني جامعة للفلسطينيين أولنصفهم باتت مستحيلة ومحكوم عليها بالفشل . فكان لابد من عمل جدي لبناء أو تشكيل كيان جديد لانقول بديل بل على الأقل موازي أو منافس للمنظمة وهذا أبسط مطالب الحركات الثورية الديمقراطية أن تكون هناك حركة معارضة فلسطينية . أما بعد الانتصار الذي حققته غزة بقيادة حماس والجهاد ومنظمات ثورية أخرى على عدوان إسرائيل عام 2006 أصبح من الممكن , بل من الضروري خلق كيان سياسي يلجم الكيان القائم في رام الله أو حتى منافس له .وهكذا جرى تشكيل ماسميت لجنة المتابعة الوطنية العليا ,ومركزها دمشق , مؤلفة من قيادات اثنتي عشر فصيلا فلسطينيا وتجمع للمستقلين(كنت أحدهم ) معارضة لخط التصفية الذي يقوده عباس والمنظمات الفلسطينيية التابعة له . ومن المؤسف أن نقول أن الغالبية وافقت أن تعطى قيادة اللجنة لحركة حماس بما فيهم وأولهم الحزب الشيوعي الفلسطيني الثوري وتنظيم الصاعقة . مما خلق في الساحة الفلسطينية حالة اصطفاف واحتراب بين خط مؤيد للمنظمة وخط باحث عن بديل وطني ـ لابد منه على الأقل للجم حالة الانهيار . ولما نأت حماس بنفسها عن الصراع الدائر في سوريا عام 2011 وأخرجت قيادتها من سوريا توقف نشاط اللجنة .
5: منبر( مجموعة ) مالمو .للانقاذ الوطني :
بعدأن تم إفشال جميع أشكال المعارضة الشعبية الوطنية الفلسطينيية , أو البنى التي يمكن أن تتيح المجال لبناء هياكل سياسية للتمسك بالحقوق الوطنية , من خلال تخريب ممنهج للساحة الفلسطينية من الداخل وخلوها تقريبا من النخب الثورية والوطنية المتمسكة بحقوق شعبها سواء من خلال التشكيلات التي ظهرت في الضفةالغربية أو غزة أودمشق أوأوروبا . "تهافت المنظرون من كل حدب وصوب في منتصف عام 2018 ( حوالي مائة من النخب الفلسطينية الطافية على السطح مستغلين سمعة السويد النظيفة ) لتشكيل منبر أو ملتقى في مالمو يسعى إلى التعبيرعن تطلعات وحقوق الشعب الفلسطيني والتمسك بها , وتوافقوا ( عن بعد من أمريكا ) على بيان أقرب مايكون لبيان إنقاذ لجبهة وطنية عريضة .
سنكتفي فقط بتسجل الملاحظتين التاليتين عليه :
أولا :على الرغم من أن الموقعين على البيان أعلنوا أنهم يسعون إلى تجديد الحركة الوطنية الفلسطينية , واستعادة طابعها كحركة تحرر وطني . وعلى الرغم من أنهم أكدوا على أن المنظمة كمعبرةعن الحركة الوطنية قد وصلت إلى حالة من الشيخوخة , والتكلس وتآكل الشرعية لم تعد تعبرعن طموحات وحقوق ... وعلى الرغم من أنهم أكدوا على أنه لايمكن تحميل رؤى وخيارات جديدة على حوامل قديمة وبنى مستهلكة . إلا أنهم في بيانهم عادوا إلى التأكيد أولا : على ضرورة بناء (م ت ف ) باعتبارها الكيان السياسي الجامع والممثل الوحيد لشعبنا ( نفس خطاب فتح .المتمسك بالهيكل القديم المهترئ ) مع إضافة جمل مثل "على أسس وطنية " ومؤسساتية وتمثيلية شاملة ( خطاب المنظمات المنضوية تحت لواء المنظمة والذي كانت وماتزال تردح منذ أن هيمنت فتح على المنظمة ) وإضافة "بعيدا عن منطق المحاصصة والكوتا , واستعادة الوحدة واللحمة الوطنية بين غزة والضفة والداخل والخارج والشتات ,, " . بما يلبي طموحات المنظمات غير المنضوية مثل حماس والجهاد وحركة المقاومة الشعبية وغيرها من الشخصيات الوطنية المستقلة فعلا .
يفهم مماسبق أن الموقعين على البيان أعادونا إلى مايشبه الصراع مع طواحين الهواء . فمنذ عام 1998 و بعد أن شطب المجلس الوطني بأوامرمن كلنتون , وبناء على طلب من إسرائيل ,الميثاق الوطني تكون المنظمة قد حلت نفسها بنفسها بعد أن قامت بالمهمة التي أوجدت من أجلها . فلم يعد أية ضرورة لبقائها إلا لتكمل مشوار تصفية القضية على الارض .وهو مايعرفه كثيرمن الموقعين على البيان ويعرفون أن من أمسك ويمسك بالمنظمة منذ عام 1968وحتى اليوم لن يسمح لابعملية إحياء أو إصلاح أو إعادة بناء أو تطويرللمنظمة ولن يسمح بعد كل ماتحقق على الأرض بظهور بديل وطني عنها يعيد الأمور إلى ماكانت عليه قبل اتفاق أوسلو .
ثانيا : على الرغم من أن البيان أكد على عدم الانحصار في رؤى سياسية محددة ,وعدم تبني أية حلول مؤقتة أو انتقالية أو مقترحات عفى عليها الزمن ( مثل الدولة الديمقراطية الذي رفضه الصهاينة وحماتهم عام 1946 ) إلا أنه عاد وأكد في رؤيته الشاملة المزعومة للحل النهائي في البيان على " أولا : أي حل نهائي يجب أن يقوم على الحقوق المتساوية للفلسطينيين باعتبارهم شعبا واحدا و,و, من جهة والاسرائيليين اليهود من جهة أخرى ."
أي أن الموقعين على البيان يقرون أولا بوجود شعب اسرائيلي يهودي (وهو غير صحيح , باعتبار أن 95% منهم هم مهاجرين من كافة أصقاع الدنيا ,وليسوا شعبا موحدا ,ويختلفون على تحديد من هو اليهودي . ولاعلاقة تربطهم بفلسطين وأغلبهم أرغموا على الهجرة إليها قسرا لأن الطرق المؤدية لأمريكا أغلقت في وجههم منذ عام 1946 , وثانيا يقرون له بحقوق مساوية لحقوق أصحاب الأرض الأصليين .وهو ماتضمنه القرار 181 .الذي رفضه الصهاينة أيضا ومازالوا يرفضونه بل ويعملون منذ البداية على نفي الوجود الفلسطيني كليا . بدلالة قانون قومية الدولة الأخير الذي كما أوضحنا سيعمل على إلغاء وشطب وجودنا كشعب .
هذا هو واقعنا وما انتهينا إليه على مستوى النخب بعيدا عن الاصطفاف حول رام الله أوغزة .هل ننتظر حلا يأتينا من السماء,أم يجب علينا أن نبدع حلا ما ؟ ما العمل ؟ تساؤلات أخرى تحتاج لوقفات طويلة وتمعن وتفكير ولبحوث ولقاءات كثيرة .لن نمل لن نتوقف وسنتابع .
فتحي رشيد
8/ 8/ 2018
(1) التهافت لغة تعني التزاحم والتدافع بهوس أعمى مما يؤدي إلى التساقط رويدا رويدا أو قطعة قطعة .ولقد وجدت أنها تعبر عن واقع النخب الفلسطينيية أكثر من كلمة بؤس اللانتجلسيا ( الناتج عن الحرمان والعوز ) , الذي استخدمه المفكر الفلسطيني الكبير هشام شرابي وألطف من كلمة تذبذب التي استخدمها كثير من الماركسيين . وأفضل من كلمة نكوص , أو تراجع أو تدني ...
(2) ثمة وثائق كثيرة تشير إلى أن التعاون الأمني بين السلطة وإسرائيل لم يبدأ عام 1994 بل كان قائما منذ البداية بين أمن المنظمة(بقيادة علي (أبو حسن ) سلامة زوج ملكة جمال الكون جورجينا رزق ,وقائد جهازال17 ) وبين الموساد والسي آي إيه وبين تنظيم أبو نضال . فهل كان من الممكن للموساد أن يقتل أو يغتال حوالي ألف من القيادات والنخب الفلسطينية المعارضة لخط التسوية الذي سارت عليه قيادة المنظمة علنا منذ عام 1974لولم يكن الموساد مخترقا لأجهزتنا الأمنية ومتعاونا معها ؟
.(3) كتبت بحثا مطولا ( بعنوان قراءة في القرار 194 ) نشر في أكثر من موقع ,بينت فيه ظروف وأبعاد وأخطار القرار المذكور ,وبأنه قرار مكمل للقرار 181 ,قرار تقسيم فلسطين .من المفيدلجميع المهتمين بالقضية قرائته .



#فتحي_علي_رشيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة جديدة في القضية الفلسطينيية (17 ) تكامل التقدم الصهيون ...
- قراءة جديدة في القضية الفلسطينية مراجعة تاريخية لقراءة واقعن ...
- قراءة جديدة في القضية الفلسطينيية (16) البنية والتركيبة الخا ...
- الماركسية والدين
- قراءة جديدة في القضية الفلسطينبة (14) التدمير الذاتي أو التآ ...
- قراءة جديدة في القضية الفلسطينيية (13 ) الثورة الفلسطينية بي ...
- قراءة جديدة في القضية الفلسطينية (12) ب إعادة إحياء خيار ال ...
- مخيم اليرموك مابين تَتَر العصر الحديث والعدالة الدولية
- قراءة جديدة في القضية الفلسطينية (11 ) أ : نهج إعادة إحيا ...
- قراءة جديدة في القضية الفلسطينية 10 مراجعة نقدية لمسيرة القض ...
- قراءة جديدة في القضية الفلسطينية (9) المجلس الوطني الفلسطيني ...
- قراءة جديدة في القضية الفلسطينية (8) فلسطين تستنهض الامة
- قراءة جديدة في القضية الفلسطينيية (7 ) الأمة العربية مابين أ ...
- قراءة جديدة في القضية الفلسطينية (6) مابين مركزية القضية الف ...
- قراءة جديدة في القضية الفلسطينية (5) مابين تهويد فلسطين وصهي ...
- السقوط الأخلاقي لما يسمى العالم الحر
- قراءة جديدة في القضية الفلسطينية (4) الفلسطينيون مابين الحكم ...
- ثقافة القتل و الهمجية
- قراءة جديدة في القضية الفلسطينية (3) المصالحة الفلسطينية -ال ...
- نداء مستعجل ....ياأحرار وشرفاء العالم أنقذوا الغوطة


المزيد.....




- أوروبا ومخاطر المواجهة المباشرة مع روسيا
- ماذا نعرف عن المحور الذي يسعى -لتدمير إسرائيل-؟
- من الساحل الشرقي وحتى الغربي موجة الاحتجاجات في الجامعات الأ ...
- إصلاح البنية التحتية في ألمانيا .. من يتحمل التكلفة؟
- -السنوار في شوارع غزة-.. عائلات الرهائن الإسرائيليين تهاجم ح ...
- شولتس يوضح الخط الأحمر الذي لا يريد -الناتو- تجاوزه في الصرا ...
- إسرائيليون يعثرون على حطام صاروخ إيراني في النقب (صورة)
- جوارب إلكترونية -تنهي- عذاب تقرحات القدم لدى مرضى السكري
- جنرال بولندي يقدر نقص العسكريين في القوات الأوكرانية بـ 200 ...
- رئيسة المفوضية الأوروبية: انتصار روسيا سيكتب تاريخا جديدا لل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فتحي علي رشيد - قراءة جديدة في القضية الفلسطينيية (17 ) تهافت النخب الفلسطينيية (1)