أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لمى محمد - ثلاث عيون و أنفيَن- عليّ السوريّ الجزء الثاني 6-















المزيد.....

ثلاث عيون و أنفيَن- عليّ السوريّ الجزء الثاني 6-


لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان

(Lama Muhammad)


الحوار المتمدن-العدد: 5958 - 2018 / 8 / 9 - 00:15
المحور: الادب والفن
    


تعلمتُ أنّ الحياة تلعب معنا.. هي طفلة لا تكبر.. بينما نحن نهرم و نشيخ..

تفاصيلنا التي لا تشيخ هي:
حديثنا.. تفكيرنا.. مواقفنا.. حزننا.. فرحنا.. نجاحاتنا.. فشلنا.. و نظرات عيوننا.
أما صورنا.. تصفيفة شعرنا.. ملابسنا.. و النقشات الصغيرة التي تهمنا هي قشورنا..
كل ما سبق هو ما يرانا الناس عليه، و هو الذي يحكم على الآخرين لا علينا.. فأنت مثلاً عندما تقدم رأيك في (سفور) النساء تعلن صراحة أنك تنظر إلى المرأة بغريزتك قبل عقلك .. و هنا تعطي انطباعاً عنك لا عن السافرات...
في العالم الافتراضي كلماتنا تدلّ علينا..
أنا أعلم من أنت من خلال كلماتك.. فإن رأيتني مرة في مطعم أو حديقة عامة هل ستقول لي : شكراً على ما تكتبين، أو أنك قرأت كتاباتي عن طريق عقل آخر!
*************


-كيف لي أن أفتح الفنجان و أقرأ لكِ في قعره عن مستقبل الغربة؟ افتحي التلفاز و شاهدي المهازل بعينيك، أو يا ستّي اقرأي في الفضاء الافتراضي..
نحن نصدق فناجيننا أكثر من جرائد بلدان فررنا منها.. هل يعني لكِ ذلك شيئاً؟
-أريدك أن تستخدمي الحاسة السادسة القوية لديكِ.. نحن أصحاب البشرة السوداء نرتبط بالقهوة و نحبها.. القهوة الجميلة توحي لنا بالمساواة.. المساواة التي فقدتها في بلاد العرب و أفقدها هنا في بلاد الغرب.. العنصريّة تأكل فيّ يا عليا.. و مع حجابي ازداد الطين طيناً..

-يا نيل أنت تعلمين أن من أراد بك شراً سيجد ما يفرقك عنه.. و لو كنت شبهه تماماً..

-عنصريتهم في بلاد العرب كانت ضد لوني، هنا عنصريتهم ضد لوني و ديني.. أعلم أنك نزعت الحجاب يوماً و كانت العنصرية أحد أسبابك.. لكن أنا تعوّدت عليه.. و مع أني أعتبره عادة لا فرض و لا أعتبر وضعه دليل إيمان و لا كفر، لكن من حقي أن ألبس كما أريد…

-أنا نزعت الحجاب لأنني لست بصدد الاستمرار في عادة تتحول يوماً بعد يوم إلى عنوان خاطئ للشرف.. العنصرية في بلاد العرب كانت ضد نزعي له.. كثيرون بصقوا عليّ.. تصوري: قبلت النساء مهانة أخواتهن من أجل قماشة لا تدل بتاتاً على أخلاق رأس حاملتها…

-أعرف يا عليا.. الحجاب كتنورتي هذه لن يصبح يوماً دليلاً على أي شيء.. بالله عليك اقرأي لي الفنجان…

-طيب يا نيل.. في فنجانك طفل صغير يجلس على عتبة قلبك.. لن تحصلي عليه إلا إن فتحت قلبك…

***************


عندما سكنت في العراق، لم يخطر في بالي أنني سنيّ المولد يسكن في مناطق الشيعة.. كانت رجولتي كفيلة بعدم وضعي لحجاب يميّز بين طائفة و أخرى.. و في الحي الذي كنت فيه كان الجميع يعتقد أني شيعي..
كنت أزور مرقد الإمام علي كل أسبوع و أدعوه: - يا عليّ ألا ترى ما حلّ بنا؟ ألا ترى كيف صار الدين مجرد قشور و مظاهر خادعة؟ أين العمل و أين العمّال؟ كيف لبلد نفطة أكثر من ماءه أن يعيش في العتمة؟

قلتُ ل هبة يوماً: كان الوضع أفضل لو كان للسنة ثلاث عيون و للشيعة أنفين.. أقلها نعرف كيف يختلفون و لما يختلفون؟
ضحكت الهبة و قالت:
-أريد لسانيَن.. و أي دين يمنحهما كفيل بانضمامي إليه.
ثم صمتت قليلاً و تابعت:
-نحن نسينا معنى الدين، الطوائف مجرد مهرب لضم خيباتنا:
الأطفال الحفاة يملأون الشوارع.. اليتامى لا مكان لهم.. المشوهون من الحرب منبوذون.. بينما نحن يا نحن:
نرفع أعلام حجاب المرأة، لحية و زبيبة الرجل.. أفضلية الطائفة و أحقية ملك على ملك..
العراق.. سوريا.. الأردن.. فلسطين.. لبنان.. مصر.. المغرب.. الجزائر.. و كل بقعة من محيط الغاز و الفقر إلى خليج النفط والكبت: نفس الوباء: خلط الدين بالسياسة، ثم حكمهما لحياتنا…

الدين الذي وُجِدَ أساساً ليدافع عن البشر و يمنع الظلم.. تحوّل إلى أداة ظلم بيد الساسة و معوّل تمييز بين البشر... انتهى زمن " اقرأ" .. و بدأ زمن: قَلِّدْ...

-أفهمك، أحببت فكرتك في مقالك الأخير حول “ قراءة ما تيّسر” .. كيف لم تخطر لي قبلاً؟ أنتِ قارئة ممتازة.. فكرة الكتب على الهاتف المحمول رائعة…
-أفضل من سماع نعيق (الشيوخ) أو فحيح (المطربات).. ها..
-صديقتك التونسية غريمتي تأخذك مني كل الوقت.. كيف حالها؟
-مازالت تدعو إلى حرية المرأة في مجتمعات (الإسلام).. هل تعرف بأن أبوها أجبرها أن تضع الحجاب من سن العاشرة.. عندما فرّت من تونس.. فرّت من الظلم و القهر..

-من الممكن أن تسمي نفسك مسلماً و في ذات الوقت تكذب، تخون و تذكر اسم الله كصنم في صلواتك دون أن تتفكر فيه..
في المقابل:
تستطيع ببساطة أن تكون شريفاً، صادقاً..و شهماً و يقال عنك ( كافر) و لا تكترث لأنك حقاً تؤمن بالله...

-نحن لسنا في محكمة إلهية.. و الله ليس المدعيّ العام.. و لا هو القاضي.. بل هو الرحيم… خلق كل البشر، بالمنطق هل يعقل أن أغلب سكان العالم إلى جهنم كما يدّعي المتأسلمون؟
هل يعقل أن سيدات النساء: المخترعات.. الكاتبات.. الطبيبات.. المعلّمات.. الأمهات.. ناقصات عقل؟

-معكِ حق يصلح الله محامياً لكل منّا.. و كل ناس الأرض سواسية، لا فضل على أحد على أحد إلا بالعمل النافع للغير، لذلك للأسف ليس في بلاد المسلمين إلا قلة لها فضل على العالمين…
**************



تبحث عبير عن عمل في جديد في لبنان.. في عملها السابق حاول صاحب المكان التحرش بها.. و عندما رفضته، قال لها:
-أنتم السوريون أكلتم بعضكم بعضاً.. و تتكبرون علينا…
صرخت في وجهه أمام كل الناس و هي تغادر المكان:
-السوريون الحقيقيون أسياد من لا وطن له كأمثالك.. حرامٌ عليكَ الجنسيةُ اللبنانية، لبنان لا يتشرف بك يا فاسق، بل يحتضن سيدة شريفة مثلي…

الطريق إلى المنزل كان طويلاً.. أحست عبير أن الخسائر التي تجلبها الحدود بين الدول أهون من الخسائر التي تسببها فكرة القومية الواحدة أو الدين الواحد…

على الأرصفة يكثر الأطفال السوريون العاملون.. لكل منهم قصة و حكاية مع غصة في القلب.. يرددون دونما تفكير جملاً موبوءة تعلموها من الاتجاه السياسي الذي يعملون تحت سقفه المعتل…
في بيروت للغنى ألوان قوس قزح، بينما الفقر يكتسي بسواد الفقدان و الموت أيّاً كان الاتجاه السياسي…

ديار الذي ظهر في حياتها فجأة، يعمل في بنك.. مع أنه خريج أدب عربي: أزمات العمل هنا تلاحق حتى من يحمل الجنسية اللبنانية..
في اللقاء الثالث بينهما، قال لها أنه يحاول السفر إلى كندا، أخبرها بأن جميع رفاقه يحاولون السفر أيضاً..
-أية دول تلك التي يتسابق شبانها إلى مغادرة المكان.. لا أعتقد أن في دول العرب استثناء…
-ماذا عن دول النفط ؟
-تقصدين العراق؟
-دول الخليج…
-أظن أن سكانها يحاولون الخروج لأسباب أخرى الكبت.. التعليم.. العنصرية ضد طوائف معيّنة…
-أنت متحامل على العروبة.. هذا غير صحيح.. كثيرون يريدون الذهاب للعمل في الإمارات…
-أنا لست متحامل.. أنا حزين أحب شعوبنا كثيراً.. أعلم أن الطيبة و الكرم ليس عنواناً لغيرنا.. لكن يفجعني ما يحدث.. لماذا.. لماذا تحوّلنا من قراءة الكتب إلى قراءة الطالع؟ لماذا تحوّلنا من عنوان للحضارة إلى عنوان للإرهاب.. أنا حزين و موجوع.. وطني الكبير يؤلمني…

*************


قالت لي:
إن فرضيّة الحجاب تشبه الزواج التقليدي.. في كثير من الحالات ينجح هذا الزواج، لكن حالات فشله تصفع الدين و الإنسانية.. ما كان يحدث لو تحوّل حجاب المرأة إلى لباس تقليدي كعباءة الرجل؟ من أرادت لبسه فلتفعل.. من المحجبات سيدات النساء و أراهنّ كذلك، لكنّي لا أفهم كيف تقبل المحجبات أنفسهنّ تحويلَ الحجاب إلى فرض و بالتالي: قمع كثيرات من رافضات فكرته و إجبارهنّ عليه.. وتحويل السافرات إلى موضع شك؟

فررت من تونس من الظلم.. من قهر المرأة .. إجباري على الحجاب كان مقدمة لإجباري على الزواج و اسمعي ما حدث…


يتبع…



#لمى_محمد (هاشتاغ)       Lama_Muhammad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سأضع الحجاب- العلاج النفسي الاجتماعي- حكايتي4
- بين الأكراد و اليزيديين: ضاع الشرف العربي-عليّ السوريّ الجزء ...
- لماذا طلّقني؟-الطب النفسيّ الاجتماعيّ- حكايتي3
- تظاهرات العراق: رعب الحكومات العربية في تجدّد دائم...
- تونس وطن الله على الأرض-علي السوري الجزء الثاني4-
- سيروتونين-الطب النفسي الاجتماعي- حكايتي 2
- حكايتي - الطب النفسي الاجتماعي 1-
- القاهرة و إبريق الحلوى- علي السوري الجزء الثاني-3
- بيروت و إله الحرب - علي السوري الجزء الثاني -2-
- مُتيَّمٌ في بغداد- علي السوري الجزء الثاني- 1
- ثلاثة أزمنة و كفُّ الغول- العلاج النفسي الأدبي 30-
- حضراتكم: من لعنة الفراعنة إلى لعنات الصمت- العلاج النفسي الأ ...
- عُقَدٌ واحدة من المحيط إلى الخليج-العلاج النفسي الأدبي 28-
- هيومان ترافيكينغ-العلاج النفسي الأدبي27-
- عفرين و اغتصاب الإسلام- العلاج النفسي الأدبي 26-
- بلاد العرب و غرفة النوم الكبيرة- العلاج النفسي الأدبي 25-
- سايكوسوماتيك سابقاً-العلاج النفسي الأدبي 24-
- ربيِّني! -العلاج النفسي الأدبي 23-
- الترجمة إلى الطب النفسي- العلاج النفسي الأدبي 22-
- السبع الزرق و قرص الشمس- العلاج النفسي الأدبي 21-


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لمى محمد - ثلاث عيون و أنفيَن- عليّ السوريّ الجزء الثاني 6-