أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أيوب المزين - ظاهرة الحِجاج اللغوي ونشأة منطق اللغة














المزيد.....

ظاهرة الحِجاج اللغوي ونشأة منطق اللغة


أيوب المزين

الحوار المتمدن-العدد: 1504 - 2006 / 3 / 29 - 00:28
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يسلم المناطقة وعلماء اللغة بأن الاختلاف الحاصل بين اللغات الطبيعية واللغات الاصطناعية يصل أوجه في التباين على مستوى ظواهر منطقية ولغوية عدة، هذه الأخيرة تشكل أنساقاً من الأولى لكنها تبقى بعيدة كل البعد عن مشابهتها وظيفياً على الأقل، الشيء الذي سنعمل على إبرازه في الفرق الحاصل بين الحجاج كمجال شاسع للجدل داخل اللغات الطبيعية والبرهنة وغيرها من اصطلاحات البت الحتمي في المواضيع المناقشة على مستوى اللغات الاصطناعية.
كان أرسطو من أوائل الذين أشاروا إلى مسألة ارتباط الحجاج بأطروحة معينة يدافع عنها صاحبها بأفكار قد تكون مقبولة لا أكثر، وحسب تسلسل استدلالي جدلي تكون نتيجته "محتملة" بـ"شرط كاف".
أما البرهنة في بعدها المنطقي فهي عبارة عن استدلال حُسم أمر نتيجته بوصفها "حتمية" أخذاً بعين الاعتبار المادة العلمية الثابتة. بمعنى آخر، الحجاج اللغوي يكون أكثر مثانة مع حضور حجج قوية ومع ذلك فإنه لا يؤدي إلى الحقيقة في النهاية. في حين، البرهنة والاستدلال الرياضي الذين غالبا ما يكونا في إطار لغات رمزية/اصطناعية تكون العلاقة بين السبب وما يخلص إليه، فيهما، شرطية تستلزم تحقق شيء بدون أي جدال. وكمثال على هذا التبيان نقدم ما يلي:
على مستوى الحجاج اللغوي: الأمطار غزيرة، ستفيض الوديان (الفيضان ليس حتمياً وإنما مرتقب).
على مستوى البرهنة بالمنطق الأفلاطوني: كل إنسان فان، فلان إنسان إذن فهو فان (الموت حتمية ما دام هذا الشخص إنسانا وكل إنسان ميت).
مر الحِجاج بمرحلة نشأة في حضن نظرية الأفعال اللغوية لـ"أوستن"، وأعطاها علم اللسانيات تعريفاً يختلف فيما بين كبار اللغويين لكنه يسوق إلى مفاد أوحد هو أن الحجاج اطراد جملي وتعبيري تتخلله حجج قولية أو سلوكيات غير كلامية، هدفه إيصال فكرة معينة وإقناع الطرف المتحاور معه بها.
...ثم أتت اللسانيات الحديثة متجسدة في نظرية النحو التوليدي (=لنعوم شومسكي)
(la grammaire générative transformationnelle) لتدعم منطق اللغة وتزيد من المادة اللغوية للظاهرة الحجاجية:
فالنحوي التوليدي يقوم على أساس "اللاحصر" للصيغ اللغوية بل ويذهب إلى توليدها على أساس رياضي بحت، تستخرج عن طريقه كل صيغ الجملة السليمة في لسان/لغة ما، بشرط احترام مكونات البنية اللغوية التركيبية والتحويلية: ما تفسره مراعاة تركيب الفعل، الفاعل، المفعول به، زمن الفعل. وبعد ذلك، القيام بعمليات تحويلية قد تشمل حذف الفاعل مثلاً بصياغة الفعل للمجهول أو بتقديم المفعول به/فيه على الفاعل،... . والملاحظ أن نعوم شومسكي حاول صرف النظر عن الخاصية الصرفية لكي لا تكون النظرية التوليدية مقيدة بمعجم معين، وذلك راجع إلى عجز الرياضيات (التي هي أساس هذه النظرية)، باعتبارها لغة اصطناعية، عن التكيف مع حركية الصرف واستشكالات المعجم اللغوي.
يمكننا القول إذن أن الحجاج استفاد من ثراء تحويلية شومسكي الكمية للجمل والعبارات وكذا من اعتباره اللغة ملكة فطرية يبدعها الفرد في كل حين; لكنه يفقد معها (مع النظرية الشومسكية) الانسياب المنطقي اللازم لإقناع الآخر ما دام الهدف هو الجدال، ولا نقول أنه يفقد معها المنطق في حد ذاته. ويعلل "نعوم" نظريته تلك داخل ثنائية القدرة اللغوية المرتبطة بالفهم من جهة، والأداء المرتبط بالاستعمال البنائي لهذه القدرة داخل نسق معين من جهة أخرى، مع لزوم كون الكفاءة اللغوية هي محرك الأداء وليس العكس، وهذا بمثابة نقد صريح للنحو التقليدي وما يضمره من بنيوية لغوية، استعمل فيه شومسكي الصورية المنطقية والرمز الرياضي للتشكيك في الفرضيات العلمية ذات الصياغات العامة وبالتالي اعتبر إدخالها في قوالب صورية/منطقية ورمزية/رياضية مستلزماً للتيقن من صحتها أو فسادها.
إن علاقة المنطق، رياضياً كان أم فلسفيا، باللغة عانت من عدة تعقيدات أهمها تقييد هذه اللغة داخل منطق رياضي يقوم باختزالها في شكل نظريات. كما طُرح تعقيد آخر هو نقيض لهذا الأخير، فهو يدعو إلى بناء الأوصاف المنطقية والرياضية على أساس ملاحظة الظواهر اللغوية. لكن الحل لم يكن إلا المزاوجة بين التعقيدين السابقين بالخروج من المقاربة الضدية إلى مقاربة تكاملية قائمة على الملاحظة المتبادلة، الشيء الذي منح للغة استقلالية نوعية بمنطقها فظهر التمييز بين الظواهر البلاغية والمنطقية/الفلسفية وأسس الحجاج باعتباره أهم أركان منطق اللغة والضامن المنهجي للتدرج الاستدلالي للأفكار والأقوال. فالحجاج إذن هو التمظهر المنطقي للغة دون أي فقدان لخاصيتها التركيبية من حروف وكلمات وجمل وجدت بشكل طبيعي لعرض أطروحات حجاجية.


مراجع:

1- Une brève introduction aux concepts de la syntaxe générative, Développée par Prof Yves Roberge de l Université de Toronto.

2- Universalité et Diversité des langues, La grammaire universelle d après Noam Chomsky (http://membres.lycos.fr/rouahcompere/).

3- موسوعة ويكيبديا في قسمها العربي ( http://www. ar.wikipedia.org).

4- حوار مع اللغوي المغربي الأستاذ أبوبكر العزاوي في مجلة فكر ونقد http://www.fikrwanakd.aljabriabed



#أيوب_المزين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوحدة المغاربية ومشروع النهضة في الوطن العربي
- قراءة نقدية في تراتيل عبد الحميد العوني الشعرية مدرسة الصورة ...
- الحسناء التي... -إلى كوثر
- قراءة في مقال (*)-إعلان العاصفة على المؤسسات الدولية-
- أهذه مبادرتك الوطنية لتنمية البشر يا ملك؟
- الدخول المدرسي على الطريقة المغربية !!!
- من -كفاية- في مصر إلى -باراكا- في المغرب: على طريق تأسيس وعي ...
- حجاب المرأة بين ستر المفاتن وإخفاء القذارات
- قراءة في كتاب البطن العالمى بين الولائم والوضائم
- لاجئ طبيعي
- الرجل المثمر- المهدي المنجرة
- مجلس النوام _ عن كتابي: صرخات حق يحتضر
- فاس العتيقة بعد مجيء القمر وبعد هروبه
- حبيبة القلب
- حوار مع خبير المستقبليات المغربي الدكتور المهدي المنجرة
- العالم الإسلامي : الوضع الراهن والمستقبل
- عرب بلا نظم سياسية ولا تنمية حقيقية(**)
- الحرب العالمية الأولى الحقيقية - الإستعمار الجديد


المزيد.....




- من أجل صورة -سيلفي-.. فيديو يظهر تصرفا خطيرا لأشخاص قرب مجمو ...
- من بينها الإمارات ومصر والأردن.. بيانات من 4 دول عربية وتركي ...
- لافروف: روسيا والصين تعملان على إنشاء طائرات حديثة
- بيسكوف حول هجوم إسرائيل على إيران: ندعو الجميع إلى ضبط النفس ...
- بوتين يمنح يلينا غاغارينا وسام الاستحقاق من الدرجة الثالثة
- ماذا نعرف عن هجوم أصفهان المنسوب لإسرائيل؟
- إزالة الحواجز.. الاتحاد الأوروبي يقترح اتفاقية لتنقل الشباب ...
- الرد والرد المضاد ـ كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟
- -بيلد-: إسرائيل نسقت هجومها على إيران مع الولايات المتحدة
- لحظة تحطم طائرة -تو-22- الحربية في إقليم ستافروبول الروسي


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أيوب المزين - ظاهرة الحِجاج اللغوي ونشأة منطق اللغة