أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد ربه العنزي - بين الحل السياسي والإنساني














المزيد.....

بين الحل السياسي والإنساني


عبد ربه العنزي

الحوار المتمدن-العدد: 5956 - 2018 / 8 / 7 - 21:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يحضرني في هذا المقام -وعلى وقع سلسلة الاقتراحات والحلول الانسانية التي تعرض على قيادة الشعب الفلسطيني في هذه الآونة - العودة الى تجربة تاريخية مبهرة. وهي للأسف تجربة عدونا الصهيوني. تجربة ترصد لنا لماذا ينجحون ولماذا نفشل نحن؟ كيف يعتمدون على عقلهم ووعيهم وذاتهم؟ كيف يملكون الرؤية؟ وهو للأسف ما نفتقده.
في حزيران عام 1859 قابل زعيم الصهيونية ومؤسسها "هرتسل" البارون "موريس هيرش" واحد من أهم وأعظم الشخصيات الاقتصادية في تاريخ القرن التاسع عشر. والسخي اليهودي الذي ساعد في هجرة اليهود من روسيا وأوروبا الشرقية وأقام لهم مستعمرات ليستوطنوا بها في الارجنتين. وأنفق عليهم أموالا طائلة. وقد دار حوار بين الرجلين ذكره هرتسل في مذكراته. حوار بين رجل عملي وبين قائد سياسي صاحب رؤيا. كان "هرتسل" يأمل في اقناع البارون "هيرش" في مساعدته لدعم مشروعه الصهيوني بإنشاء وطن قومي لليهود. غير أن البارون "هيرش" كان يرغب في استكمال مهمته في خدمة اليهود بمساعدتهم والانفاق عليهم. فقال له "هرتسل" معارضاً: "إن مبدأ الاحسان هو خاطىء تماماً برأيي، فإنك تربي الناس على الاستجداء، والاحسان يفسد طباع قومنا". فقد رفض العون الانساني وهو من يهودي،لأنه لا يريد أن يقترن مصير قومه بيدٍ غير أيديهم. بل كان يريد أن يعزز المسألة اليهودية في أوروبا باعتبارها تتجاوز المعطى الانساني معها إلى قضية سياسية وجودية كبرى لليهود. وشتان بين الأمرين.
ومنذ وعد بلفور -وربما قبله- كان الأمر واضحاً أن فلسطين هي قضية سياسية بامتياز. وحاول البريطانيون بكل السبل أن يتحايلوا على المسألة ليجعلوها قضية انسانية للفلسطينيين، فقدموا حلولاً وفق هذا التصورلا تتجاوزه. وربما نجحوا –نسبياً- بسبب رجعية القيادة الوطنية الفلسطينية حينذاك أن يمرروا بعضاً من مشاريعهم التي تعالج الشأن الفلسطيني باعتباره انسانياً. في ذات الوقت الذي قدمت فيه بريطانيا حلولاً سياسية (للمهاجرين) اليهود إلى فلسطين. بمعنى أنها رؤية تخدم مصيرياً ووجودياً اليهود. وتعالج جزئياً احتياجات الفلسطيني باعتباره كياناً بيولوجياً يستوجب اشباع حاجاته الأساسية. ثم جاءت النكبة عام 1948 فتأسست وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين لتكرس المسألة الفلسطينية باعتبارها قضية انسانية وتؤكد على الحرص الدولي –المشبوه- في مساعدة الفلسطينيين لإشباع حاجاتهم الأساسية من مأوى ودواء. واستمرت هذه المؤسسة الأممية تعزز هذا المنهج. فتقدم الدواء والماء والمسكن والمأكل للفلسطينيين. دون النظر –مثلاً- إلى قرار 194 القاضي بعودة اللاجئين الفلسطينيين. ولنراجع –على سبيل المثال- حجم التركيز والفعالية في الجانب السياسي والجانب الانساني. حينها سنجد أن الانساني هو الذي ظهر وتأكد على حساب السياسي الذي غاب وتضاءل. ثم تفجرت ثورة 65 لتصحيح المسار للقضية الفلسطينية والتأكيد على جانبها السياسي.
وبعد خمسين سنة. وبعد وهم التسوية ووهم الدولة الفلسطينية ووهم مسيرة السلام. عادت بعد أكثر من نصف القرن القضية الفلسطينية إلى مربع الصفر. إلى مناخ الانتداب البريطاني. وقتما كان النظر إلى اليهود وقضيتهم على أنها قضية وجودية وسياسية لا نقاش فيها. وبعين أخرى تُرى القضية الفلسطينية كقضية انسان يحتاج الماء والدواء والمأوى. ولا داعي للوطن والأرض والهوية والحرية . فهذه المكونات الوجودية في نظر-الامبراطوريات الامبريالية القديمة والحديثة- هي حصراً للشعب اليهودي ودولة اسرائيل.
كادت بريطانيا أن تنجح في العشرينات والثلاثينات وأن تجعلها قضية انسانية. ونجحت امبريالية أوروبا وأمريكا أن تكرسها بعد النكبة عام 48. ثم جاءت الثورة الفلسطينية المعاصرة فقاتلت حتى الرمق الأخير لتعيد مسار فلسطين إلى سبيلها الوجودي والحضاري. ثم جاءت عشرية الانقسام البغيض لتعيد القضية إلى سرداب معتم اسمه المساعدة والعون الانساني. وإلى مقايضة الحرية والهوية والكرامة والاستقلال برغيف الخبز وانبوبة الغاز ولمبة كهرباء والسفر والعمل ..الخ.
هل المشكلة في تحول مسارات القضية الفلسطينية على الصعيد العالمي والاقليمي بين كونها مرة قضية انسانية ومرة أخرى سياسية هي مسألة حتمية فرضها الاخرون على الشعب الفلسطيني؟ أم أن عجزنا الاستراتيجي وفعاليتنا النضالية المحدودة وفئوية الحركة الوطنية الفلسطينية وبهتان خطابنا الحزبي وقصور الرؤية الفلسطينية هي السبب؟
لماذا انتصر المشروع الصهيوني في صيغته الهرتسيلية بعد أكثر من قرن ونصف في عشرية الانقسام الفلسطيني كما لم ينتصر طوال تاريخه. لماذا يتعاطى صانع القرار السياسي الفلسطيني على كل حواف الارض الفلسطينية ويتقبل الخضوعللإحسان الدولي والعربي. وأن يتفاعل ويتعاظم نشاطنا في انجاز عطاء المانحين والداعمين. ثم يعرض علينا الحل الانساني فنقبل. أعتقد جازماً أنها مشكلة العقل السياسي الفلسطيني الذي ربط نجاحه بهذا الاحسان وهذا الدعم وفقد الرؤية والبصيرة والحلم والعمل.



#عبد_ربه_العنزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ديمقراطية الصرف الصحي
- كيف غزة اليوم..؟
- دروس للمقاومة الفلسطينية -ذكري انطلاقة الثورة الجزائرية-
- ماكياج الشيطان
- المؤتمر السادس لحركة فتح . . . الابتسامة والدموع
- بين رفح وقلقيلية..كيف يذبح وطن؟
- حافية القدمين في باحة الاقصي
- تعاون الحركة الصهيونية مع النازيين
- أطفال :باتنة: أيا باب من الجنة
- الاعلام فى خدمة العنصرية
- رحلة الى القدس


المزيد.....




- صدمة في الولايات المتحدة.. رجل يضرم النار في جسده أمام محكمة ...
- صلاح السعدني .. رحيل -عمدة الفن المصري-
- وفاة مراسل حربي في دونيتسك متعاون مع وكالة -سبوتنيك- الروسية ...
- -بلومبيرغ-: ألمانيا تعتزم شراء 4 منظومات باتريوت إضافية مقاب ...
- قناة ABC الأمريكية تتحدث عن استهداف إسرائيل منشأة نووية إيرا ...
- بالفيديو.. مدافع -د-30- الروسية تدمر منظومة حرب إلكترونية في ...
- وزير خارجية إيران: المسيرات الإسرائيلية لم تسبب خسائر مادية ...
- هيئة رقابة بريطانية: بوريس جونسون ينتهك قواعد الحكومة
- غزيون يصفون الهجمات الإسرائيلية الإيرانية المتبادلة بأنها ضر ...
- أسطول الحرية يستعد للإبحار من تركيا إلى غزة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد ربه العنزي - بين الحل السياسي والإنساني