أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الحضارة المصرية فى رسالة من توفيق الحكيم إلى طه حسين















المزيد.....

الحضارة المصرية فى رسالة من توفيق الحكيم إلى طه حسين


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 5955 - 2018 / 8 / 6 - 13:41
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


فى سنة1932تبادل طه حسين وتوفيق الحكيم الرسائل، حول الكثيرمن قضايا الأدب والفكر..وقد اختارالحكيم بعض هذه الرسائل وضمها لكتابه {تحت شمس الفكرـ الذى صدرتْ طبعته الثالثة عام1945عن دارسعد مصرللطباعة والنشر} فى إحدى هذه الرسائل قال الحكيم: الفن الحديث كله من تصويرونحت وعمارة، انطلق يبحث عن وسائل جديدة للتعبيرفوجدها فى مصرالقديمة {ص79}
وفى فقرة أخرى ذكرأنّ مسيو دريوتون {مديرمصلحة الآثارالمصرية} أرسل إليه بحثــًـا عن التراجيديا فى مصرالقديمة..مع ترجمة دقيقة لأجزاء من قصة مقدسة وكيف أنّ المصرى من آلاف السنين وظــّـف {الكورس} لخدمة النص..وذكرأنه وجد فى بعض أوراق البردى حوارًا {أدهشنى جماله} كما أثبت دريوتون وغيره من علماء الآثارأنّ أصل المسرح الإغريقى واستخدام الكورس، تعود جذوره إلى التراجيديا المصرية القديمة..وليس إلى الإغريق كما قال البعض مثل نيتشة.
وكان تعقيب الحكيم على رسالة دريوتون أنه اختلف مع الكاتب المسرحى العظيم راسين عندما حذف الكورس من بعض مسرحياته، بينما وجدتُ الجمال فى الكورس المحذوف..وأنا سأحاول أنْ أعيد إليه اعتباره..وبروح مستمدة من كتاب الموتى وأوراق البردى {ص80}
وفى رسالة أخرى قال: إنّ عقل المرأة إذا ذبل ومات..فقد ذبل عقل الأمة كلها ومات {ص150}
وفى سنة1932سأل الحكيم صديقه طه حسين..والأدق تساءل:
" لابد لنا أنْ نعرف من المصرى ومن العربى؟ العرب أمة نشأتْ فى فقرلم تعرفه أمة غيرها. صحراء فقراء. قليل من الماء يثيرالحرب والدماء. أمة لاقت الحرمان وجهًا لوجه..وما عرفت طيب الثماروجرى الأنهار ورغد العيش إلاّ فى السير والأخبار..كل تفكيرالعرب وكل فن العرب فى لذة الحس والمادة، لذة سريعة منهومة مختطفة اختطافــّـا، لأنّ كل شىء عند العرب سرعة ونهب واختطاف. لم تفتح أمة العالم بأسرع مما فعلت العرب..ومرّ العرب بحضارات مختلفة، فاختطفوا من أطايبها اختطافــًـا ركضًا على ظهورالجياد. كل شىء قد يحسونه إلاّعاطفة الاستقرار..
وكيف يعرفون الاستقرار وليس لهم عمران..وحيث لا استقرارفلا تأمل..وحيث لاتأمل فلا ميثولوجيا ولاخيال واسع ولاتفكيرعميق ولا إحساس بالبناء، لهذا السبب لم تعرف العرب البناء، سواء فى العمارة أوفى الأدب أوفى النقد..كل شىء عند العرب زخرف: الأدب (نثر وشعر) لايقوم (عند العرب) على البناء، فلا ملاحم ولاقصص ولا تماثيل. أما النحت والتصويرفليس فى طبيعتهم، لأنّ تلك الفنون تتطلب فيمن يزاولها إحساسًا عميقــًـا بالتناسق العام، مبناه التأمل الطويل والوعى الداخلى للكل فى الجزء، وللجزء فى الكل..وليس هذا عند العرب، فهم لايرون إلاّ الجزء المنفصل، لأنهم لايحتاجون إلاّ للذة الجزء واللحظة..وحتى إذْ يـُـترجمون عن غيرهم يُسقطون كل أدب قائم على البناء..فلم ينقلوا ملحمة واحدة ولاتراجيديا واحدة ولاقصة واحدة. العقلية العربية لاتشعربالوحدة الفنية فى العمل الفنى لأنها تتعجل اللذة، لهذا كله قصرالعرب وظيفة الفن على ما ترى من الترف الدنيوى وإشباع لذّات الحس..من المستحيل أنْ ترى عند العرب ميلا لشئون الروح والفكربالمعنى الذى تفهمه مصروالهند من كلمتىْ الروح والفكر.
وأضاف توفيق الحكيم : إنّ العرب أمة عجيبة، تحقق حلمها فى هذه الحياة.. فتشبثت به تشبث المحروم..وأبتْ إلاّ أنْ تروى ظمأها من الحياة..وأنْ تعب من لذاتها عبًا قبل أنْ يزول الحلم وتعود إلى شقاء الصحراء".
أعترف أنّ كلمات توفيق الحكيم قد تمثل صدمة للبعض..وقد يختلف كثيرون معه، إنما هدفى من إثبات هذه الكلمات التى كتبها عام1932هوإحساس الحكيم العميق بمصريته، أى أنه كان يُـدرك الفارق الحضارى بين الثقافتيْن المصرية والعربية، بغض النظرعن الإتفاق أو الاختلاف حول مضمون كلماته.
يؤكد ما أذهب إليه أنّ الحكيم فى رسالة أخرى منه إلى طه حسين أيضًا كتب "إنّ المنطق الذى شيـّـد الأهرام لهو صورة مُـحكمة للمنطق الذى شيّد الكون..وأنّ القاعدة التى بُـنى عليها الوجود..هى التى بُـنيت عليها الأهرام..هى قاعدة كل بناء: التماسك بين الأجزاء فى كل واحد متسق، أىُ جمال للأهرام غيرذلك التناسق الهندسى الخفى؟ وتلك القوانين المستترة التى قامتْ عليها تلك الكتلة من الأحجار: جمال عقلى داخلى..هذا الإدراك للجمال الخفى فطن إليه المصريون القدماء يوم صنعوا الأهرام. أتستطيع أنْ تتخيل العرب تبنى الأهرام؟ أوتُـقـدّرفيها جمالا؟ لقد جاء العرب مصر وتحدثوا بجمال نيلها وأرضها وسمائها.. ولم يروا فى الأهرام إلاّشيئــًـا قد يحوى نقودًا مخبوءة.
وعن تأثيرالحضارة المصرية كتب"مصراكتشفتْ البساطة فى التخطيط..وطريقة تركيب الأشكال المختلفة على قواعد هندسية (الكوبزم) وأساليب الحركة والإضاءة فى التماثيل والأعمدة مما لانظيرله فى قوة الأداء وبساطته..كل ذلك وجده الغرب وشيّد على أساسه فنــًـا جديدًا.
والحكيم عندما انتهى من كتابة روايته (عودة الروح)عام1927فإنه صدّرالجزء الثانى بأبيات من كتاب (الخروج إلى النهار) الشهيربالاسم الخاطىء (كتاب الموتى) ولأنّ تلك الفترة التى أعقبت ثورة برمهات/ مارس1919كانت فترة انبعاث قومى، فإنه خصّص فصلا فى كتابه (تحت شمس الفكر) الذى صدرتْ طبعته الأولى عام1938بعنوان (البعث) ويبدأ هذا الفصل بنداء (حورس) إلى أبيه (أوزيريس):

حورس: إنهض.. انهض يا أوزيريس..
أنا ولدك حورس..
جئتُ أعيد اليك الحياة..
جئتُ أجمع عظامك..
وأربط عضلاتك..وأصل أعضاءك..
أنا حورس الذى يُـكوّن أباه..
حورس يُعطيك عيونــًـا لترى..
وأذنــًـا لتسمع..وأقدامًا لتسير..
وسواعد لتعمل..
ها هى ذى أعضاؤك صحيحة..
وجسدك ينمو..
ودماؤك تدب فى عروقك..
إنّ لك دائمًا قلبك الحقيقى..
قلبك الماضى..
الميت : إنى حى.. إنى حى..
(من كتاب الخروج إلى النهار)
بعد هذا الاقتباس من الكتاب الذى تركه لنا أجدادنا المصريون القدماء، فإنّ الحكيم يُعلّق قائلا " وحورس ليس إلاّ الشباب، يـُـعيد الحياة إلى ماضيه الميت..نعم هوالشباب الذى يُـكوّن أباه الوطن".
وإذا كان قانون (المصادفة) قد لعب دورًا فى اكتشاف حجر رشيد، وبالتالى فك رموزاللغة المصرية القديمة، فإنّ هذا الاكتشاف كان فتحـًـا أتاح التعرف على الحضارة المصرية على أسس علمية، لذلك شهدتْ تلك المرحلة الليبرالية من تاريخ مصرالعديد من الكتاب المصريين الذين إهتموا بذلك العلم الجديد (علم المصريات) إذْ انتقل الأمرمن قانون (المصادفة) إلى قانون (الحتمية) فإذا كان العلماء الأوروبيون أمثال: جاردنر، برستد، أدولف إيرمان وغيرهم، تخصّصوا فى إبرازالدورالرائد للحضارة المصرية وفضلها على الحضارة الإنسانية، فمن العار ألاّيكون من بين المثقفين المصريين من يهتم بحضارة جدوده، حتى يُدرك كل مصرى أنه حفيد أصيل لهؤلاء الجدود العظام، لذلك برزتْ أسماء مصرية، إهتم أصحابها بالكتابة عن الحضارة المصرية أمثال: أحمد باشا كمال (1849– 1923) وإسكندرسعد الذى كتب عدة مقالات من بينها مقال فى مجلة الكاتب المصرى (يناير 1946) بعنوان (تمثال الكاتب المصرى) قدّم فيه تحليلا نقديًا للقيم الجمالية فى ذلك التمثال الذى جمع فيه الفنان الذى أبدعه بين الثقة بالنفس وقوة الفتوة وجمال السماحة، ناهيك عن رمزالكتابة بالنسبة للبشرية وتقدمها.
أما (رياض شمس) فكتب عدة مقالات فى مجلة الكاتب المصرى منها على سبيل المثال مقال بعنوان: العناصرالثلاثة للقومية المصرية (أغسطس 46) ذكرفيه الخصائص التى ميّزتْ المصريين منذ آلاف السنين وحتى العصرالحديث.. وأنّ من أهم عناصرالقومية المصرية: الوجود المستمرللجماعة المصرية، والشعوربالجماعة..وفى هذا المقال يرى صاحبه أنّ الوطنية أصبحت (قبلة الجميع) وأنّ "القومية المصرية شعارالجميع".
وفى هذه الفترة يظهرالباحث الجاد (محرم كمال) فيكتب فى مجلة الكاتب المصرى (على سبيل المثال– عدد يوليو 46 ـ مقالابعنوان (آثارحضارة الفراعنة فى حياتنا الحالية) والعنوان غنى عن التعريف بمضمون المقال الذى تطوربعد ذلك وصدرفى كتاب بنفس العنوان. ثم كتاب آخر بعنوان (الحكم والأمثال عند المصريين القدماء) بالإضافة إلى ترجمته للعديد من الكتب عن الحضارة المصرية كتبها علماء أوروبيون..والأسماء كثيرة جدًا سواء الذين نشروا دراساتهم فى مجلة الكاتب المصرى، أوفى مجلات أخرى..وكان أشهرهم عالم المصريات الكبيرسليم حسن..ولكن المُـفاجأة كانت ـ من وجهة نظرى ـ فيما كتبه توفيق الحكيم فى رسالته لطه حسين سنة1932.



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإخوان المسلمون وعقوبة الإعدام
- لماذا لم يكن لليسارالمصرى جماهيرية شعبية؟
- تجديد الخطاب الدينى والتعليم الجامعى
- هل صدفة الميلاد مبررلسجن الإنسان فى عقيدة والديه؟
- نداء لكل منظمات حقوق الإنسان العالمية
- توحد لغة أنظمة الاستبداد
- إهدار المال العام وخطورة مناهج التعليم
- هل يهتم نظام الحكم بترسيخ الفضيلة أم الرذيلة
- الأدب الأوروبى والدفاع عن الشعوب الإفريقية
- آثارمصر بين الاعتزاز بالتراث والدونية القومية
- دور الصهيونية والتخويف بالعداء للسامية
- انعكاس الثقافة القومية على الموقف من المرأة
- عودة القتيل للحياة ورومانسية الوهم المريض
- الزراعة المصرية والتضييق على الفلاحين
- مغزى تجديد الإسلام كل مائة سنة؟
- الحياة السياسية المصرية قبل وبعد يوليو1952
- هل أخطأ الزعيم الفلسطينى فى حق اليهود؟
- لماذا كانت ظاهرة التكرار فى القرآن؟
- لماذا غير حزب الله موقفه من إسرائيل؟
- درس التحالف السعودى الأمريكى الإسرائيلى


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الحضارة المصرية فى رسالة من توفيق الحكيم إلى طه حسين