أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مظهر محمد صالح - تأملات في البداوة السياسية: من قطع اللسان الى واقعة الجمال/الجزء الثاني














المزيد.....

تأملات في البداوة السياسية: من قطع اللسان الى واقعة الجمال/الجزء الثاني


مظهر محمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 5950 - 2018 / 8 / 1 - 22:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


7/01/2013
تأملات في البداوة السياسية:

من قطع اللسان الى واقعة الجمال/الجزء الثاني

د.مظهر محمد صالح

اخذتني التأملات الى تذكر رواية سياسية رمزية جرت على مائدة البداوة السياسية ، عندما حضر ابن ملك العرب وقت تنصيبه ملكاً لمملكته اقامها على شرفه احد امراء البدو في مضارب البدو في جنوب بلاده .اذ كانت مائدة الطعام مشهد او سيناريو للبداوة السياسية اشرتها رمزية تلك المائدة والتصرف للبدء في الطعام .

تقول الرواية : انه على منسف الرز كان هنالك خروف مشوي ( السياسي الرمزي الضحية!) فتوجه امير البدو ،الذي كان جالسا قبالة الملك ،الى رأس الخروف وتحديدا وجهه ، فقلع عينيه بأصابعه في اشارة سياسية حادة لبدء الطعام وهي جزء من متطلبات كرم الضيافة البدوية ، الا ان قلع عيني الخروف السياسي كانت اشارة رمزية في التعبير عن الانتقام من منافسيه السياسيين على كرسي الحكم. وتقول الرواية ان الملك الذكي ،ابن ملك ملوك العرب، قد رد عليه بالمثل ففتح فم الخروف ( الضحية السياسية الرمزية!) ومزق فكيه بحثا عن لسانه ليقطعه في فمه اربا اربا !!! … وقد علت الابتسامة وجه مضيفه امير البدو التي بادلها الملك الشجاع بأبتسامة مماثلة معلناً انتهاء السيناريو السياسي ولينصرف الجميع الى الاكل وانتهى الامر ببناء تلك المملكة الصغيرة القوية الشديدة التنظيم التي تواصل ميادينها في بناء مؤسسات الحقوق السياسية .

لا اريد ان ابحث عن تاريخ الديمقراطية في بلاد وادي الرافدين التي جفت انهارها منذ ازمان بعيدة في صحاري البداوة السياسية ولكن ابحث عن مراحل تاريخية او مادية تاريخية توكد لي كيف تتحول فيها مضارب البدو السياسية الى حواضر سياسة وبناء مؤسسات الحقوق على رافدين بلادي ليترك اللسان يعمل حراً ويمارس وظيفته في التعبير دون ان تقطعه سكاكين البداوة وتترك الاعين دون ان يسملها احد لترى حاضر البلاد ومستقبلها دون ان تفقدها عواصف الصحراء بصيرتها.

انتهى حديثنا في القاهرة نحن الاثنان على مائدة الطعام في حدائق الازهر ، اذ اخبرني محدثي ان هذه الحدائق لم تكن قبل ست سنوات سوى مزبلة تاريخية تراكمت فيها نفايات مدينة القاهرة على مدى اكثر من ستة قرون وكونت تلال مرتفعة تنتهي في طريق اسمه الساقية الحمراء حيث يعشعش اللصوص والسراق وتجار المخدرات في مداخله وممراته انتهاءً بالمزبلة الكبرى . فقد تحولت اكوام النفايات من تلال عملاقة معادية للبيئة الى واحات خضراء وحدائق غناء ومطاعم فارهة صديقة للبيئة يؤمها اليوم المئات من المصريين بعيدا عن تلوث مدينة القاهرة حيث كنا نتطلع من خلالها على دخان عوادم السيارات وهو شيء مذهل مازال يلف سماء القاهرة بهذه الكارثة البيئية . كما تحول الرعاع من اللصوص والسراق في الساقية الحمراء الى عمال نجباء للعمل في تلك الحدائق، وجرى نقلهم من حالة العداء للانسانية الى اصدقاء لها . ولكن هذه الاعمال الجيدة، في التحول من العداء المشترك للطبيعة والانسان الى اعمال وتصرفات لمصلحة الانسان عبر حدائق الازهر، لم تمنع حاكم مصر من ممارسة البداوة السياسية ضد ابناء جلدته المتطلعين للحرية في ميدان التحرير وان تلك الحدائق لم تعوض سكان القاهرة ماجرى لاحرارها في واقعة الجمل الهمجية ومجزرة ميدان التحرير ابان ثورة 25 يناير 2011 .

لقد عاد الرئيس ليخلع مدنيته السياسية المصطنعة في ذلك اليوم الدامي وهو مازال يحتمي بنخبة ضيقة وفرت له سبعين مليار دولار من اموال مصر لتضعها تحت تصرفه الشخصي ، وتمكنه ليلبس لبوس بداوته السياسية الجائرة في حملة قمع ضد شعبه اطلقت فيها الجمال التي كان يرتادها رجالاته من ميليشيا البداوة السياسية لتفتك برؤوس المتظاهرين في ميدان التحرير دون اعتبار للعين او اللسان او القلب او العقل وهو القتل وسفك الدماء مرة واحدة .

انه رئيس مصر المخلوع الذي تنازل عن نفسه وقتها من زعيم ديمقراطي مدني الى امير بدوي في لحظة الخطر على كرسيه لينقض على جماهيره بالجمال وهي الواسطة التي يستخدمها البدو الرحل في كسب رزقهم وفي قيادة غزواتهم .

انه الجمل … انها واقعة الجمل في ميدان التحرير في مصر … انها البداوة السياسية في مستهل العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، قرن الديمقراطيات البدوية السائبة !

انتهى



#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأملات في البداوة السياسية: من قطع اللسان الى واقعة الجمال/ا ...
- تأملات في البداوة السياسية: ثرثرة فوق النيل/الجزء ١
- تأملات في البداوة السياسية: ثرثرة فوق النيل/الجزء ٢
- تأملات في البداوة السياسية: الكعكة المنقوصة
- نساء على سقوف من زجاج.
- الإغتراب الصناعي والتقسيم الدولي الجديد للعمل
- علم الاقتصاد الطبيعي :بين دارون و آدم سمث
- تاريخ الكلام: بين دارون وتشومسكي
- التاريخ والمستقبل الغامض للكتابة الخطية
- أسماك ساحل الذهب
- الثورة التكنولوجية الثالثة
- الثورة التكنولوجية الثانية والعصر الفكتوري
- الثورة التكنولوجية الأولى ... بداية التحول!
- الطرق الناعم على الجدران الرقمية .
- نساء في مشاغل العمل
- ركود الاجور في العصر الرقمي/الجزء(٣)
- ركود الاجور في العصر الرقمي /الجزء(٢)
- ركود الاجور في العصر الرقمي/الجزء(١)
- عصر الماركنتالية المالية
- الانسان والآلة


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مظهر محمد صالح - تأملات في البداوة السياسية: من قطع اللسان الى واقعة الجمال/الجزء الثاني