|
اللعبة السردية في متخيلة المتلقي والنص
أسامة غانم
ناقد
(Osama Ghanim)
الحوار المتمدن-العدد: 5949 - 2018 / 7 / 31 - 23:59
المحور:
الادب والفن
تتلاعب رواية حميد الربيعي " احمر حانة " بالمتلقي ، عندما يقوم بدمج قراءات متعددة معا : " الحدث " التاريخي و " المتخيل " و " الحاضر " ، ومن ثم تلجا إلى المتلقي بوضعيته الآنية ، ليس فقط كمتلقٍ ، ولكن أيضا كمنتج مشارك في إعادة سرد التاريخ وسرد الحاضر ، وان يكون المتلقي " واعياً بدوره كمشارك في تحديد أي " معنى " من النص . ولا يعني هذا أن يعمل الراوي – المؤلف والقارئ معاً لاكتشاف معنى موجودا داخل النص ، وإنما يطالب كاتب الميتا رواية من القارئ أن يقرر المعنى " 1 . إن رواية " احمر حانة " ، رواية فضاء مكاني بالأساس ، رواية تتداخل الأزمنة فيها وتتقاطع ، بل أحيانا لا يشعر المتلقي بالزمان ، فقط يحس بالمكان الذي هو مدينة بغداد / المدينة المدورة ، في أزقتها وحواريها ، ناسها وبيوتها ، شوارعها و أسواقها ، وحماماتها ، جوامعها ومساجدها ، كنائسها وأديرتها ومزاراتها ، جسورها وقناطرها ، حدائقها وبساتينها ....في ليلها تنبعث حكايات " ألف ليلة وليلة " لتكون جذور متشعبة في السرد العربي قديما وحديثا ، إنها كما قال عنها ياقوت الحموي في كتابه " معجم البلدان " : أم الدنيا وسيدة البلاد . حتى الإهداء في الرواية كان إليها ، إلى بغداد " إن لم تدخلها ، كأنك لم تر الدنيا " ، بل لقد جعلها الروائي الشخصية الرئيسة بدون منازع ، ولكن منذ الأسطر الأولى وللنهاية نشاهد ما يلي : " كأن هذه المدينة تعود القهقرى – ص 4 الرواية ". " ليلتي الأولى في المدينة المدورة مليئة بالأشباح والخرافة – ص33 الرواية " . " المدينة المدورة ، بدت له موحشة من كثرة الأطلال ، التي تمثل حضارة منقرضة – ص18 الرواية " . وفي الأخير ستكون هكذا : " وعندما يرون دخان احتراقها سيصيحون : أي المدن كانت مثل هذه المدينة العظيمة ؟!- ص 119 الرواية " . هكذا تحولت بغداد الأزل بين الجدّ والهزل إلى مقفرة جرداء صلعاء هي اقرب إلى مستودع نفايات يرتع فيها الدود الأسود بلا حساب ، فيها منطقة خضراء ، محصّنة ، تقطنها الحكومة بسلطاتها المتعددة ، لا تتجاوز آلاف الأمتار المربعة ، وما تبقى من بغداد مناطق شاسعة لا حصر لها ، لا خضرة فيها ولا ماء ولا كهرباء ولا حياة ولا أمل ولا نجاة ، اختصرها فرسان الحكومة ونوابها بمنطقة خضراء فيها عشرات الوزراء ومئات النواب وآلاف الوكلاء والمستشارين والمديرين العامين ، بحمايتهم وامتيازاتهم وإصرارهم العجيب على الظهور اللافت في الفضائيات ، تلك الامتيازات الخرافية التي لا مثيل لها في ايّ بلد في العالم ومنذ أقدم العصور 2 . توزعت الرواية على 24 عنواناً فرعياً وهي كما يلي : مدخل – مخرج – المدينة المدورة – خاراكس – كرخ – رصافة – سوق الجيف – القاع – الحمامات – أسطح مثلومة – لقاء – العاب نارية .وهذه العناوين مرتبطة في اشتغال آليات العملية السردية في داخل النص ، وفي داخل ذهنية الروائي . تبدأ الرواية معلنة إن الراوي إما أن يكون ساحراً أو عرافاً أو نبيا ، عندما يعلن في مدخل رقم واحد في الصفحة 3 بداية الرواية ، وفي مخرج رقم ثلاثة في الصفحة 119 نهاية الرواية ، نبوءته ، عن المدينة المدورة / العراق ، الغارقة في الحلم والخرافة والأسطورة : " هذه الأرض ملأى بالطلاسم ، أنا من يفك رموزها ، فلا تدعوا الطرق يتوغل أكثر ، أعطوني برهة لأقرأ ما تبقى من أسرارها اللاهبة ، اللاهثة في التيه ، دعوني أروي بقية النبوءات -ص 3 ،119 ، الرواية " ، ولكن الأدارسة وأخوة الكهف الخمسة وكلبهم سيكونوا حجر عثرة إلى الأخير ، فان أسماء الأدارسة جميعا هي " إدريس " ، وهم خمس : إدريس العاشق وهو الفتى الذي دخل بغداد قادما من أهوار العمارة ، بعد انتهاء حرب الخليج الثانية " أي حرب الكويت " باحثا عن المعشوق الذي من أجله شد الرحال إلى المدينة المدورة " معشوقي صدمني حال الوصول إلى المدينة ، رأيت تواريه عن الأنظار واختباءه في الخزائن ، مما حدا بي إدارة بعض الألعاب البهلوانية بغية الوصول إليه – ص 67 الرواية " ويكون وصوله مواكب للحصار ، ثم تأتيه الفرصة عام 2003 ، عند احتلال العراق ، ليتوج مجده في سرقة مصرف الزوية عام 2013 " أخبار اليوم التالي قالت أن احد عشر طناً من الذهب قد سرق - ص 108 الرواية "، والعريف إدريس زوج العرجاء ، وإدريس الخراز صانع المسابح، وإدريس العجوز الموظف في دائرة التسجيل العقاري ، و إدريس الطاهي ، هذا التشابه في الأسماء وضع من قبل الروائي بتعمد من اجل توضيح غاية وجودهم في ثنايا النص ، ولكي يسلط " الضوء على تفاعل الذات هذه في اشتغالها لمنح " معنى " للنصْ ، وغالباً ما يتم ، بالفعل ، إدراج العلاقة بين وضع المنتج والمتلقي ، أو توضع داخل النصْ ذاته " 3 ، وهم أمراء حروب : - جمعت لك جيشا جرارا ، لم أجد في جند الأولين ولا الآخرين من يماثله .. الطرارون ، النطافون ، المحتالون ، السلابون والسفلة والغوغاء . – العريف .ص 104 الرواية " . - جحافل من السواطين ، المأبونين الفساق ، الزناة ، الفجار ، الداعرين ، وشذاذ الآفاق –الخراز. ص105 الرواية ". - الأفاكون ، الخراصون ، المفترون ، المنتحلون ، المقامرون ، الأوباش ، وآكلو السحت ، جيش كالعثة يجعل الدنيا كورقة متهرئة – العجوز . ص 105 الرواية " . إنهم ليس أمراء حرب فقط بل إنهم زعماء ميلشيات ، كما قام بتصويرهم الروائي ، وهم ينتمون في نفس الوقت إلى الأحزاب الدينية – الإسلامية الوافدة من الخارج ،تحت شعار لا بقاء لنا إلا بنشر الخرافة والأمية ومحاربة الثقافة ، بعد حرب سنة 2003 ، ثم يدخل " العراق " حروبا أخرى ، حرب الطوائف ، حرب المذهبية ، حرب المليشيات ، وهذه تعمل على تفكك النسيج الاجتماعي وخراب المدن ، أما أخوة الكهف فهم وجه العملة الأخرى للأدارسة ، وهم " احدهم قواد ، الأوسط مذيع فوضى ، الأصغر رادود ، وآخر يعتلف الحشيشة – ص75 الرواية " ، فهم يمثلون القوى السلفية الغارقة في الرجعية المتخلفة الغائصة في الجمود والخرافة والجهل والأمية . من المفارقات التي تمتلك دلالات – رمزية ، تقودنا إلى تأويل سياسي / ديني / اجتماعي ، إن الأدارسة وأخوة الكهف يلتقون في إنهم معاقين ، جسدياً،وهذا في الواقع مجاز عن العوق الفكري والإيديولوجي والأخلاقي ، ف إدريس العاشق ، قضيبه معوج ، عجزت ثلاث زنجيات على استقامته ، إلا عن طريق الصدفة يستقيم على يد رجل تدليك شاذ في حمام مهدي في الكرادة داخل : " طرحني أرضا، قلبني على بطني وراحت كفاه تنزل كالمجاذيف فوق جسدي ، آلمني ثم صرت أقهقه بحركاته المتقنة ، مر على أنحاء جسمي وهو يقلبني ، مثل بيضة في مقلاة ، كيفما يشاء ، ما إن دنا من أفخاذي حتى صرخت ، كان قد قبض على العضو . - ما هذا ؟ لم يكن يسأل ، كان يعلن اشمئزازه من رخاوته واعوجاجه ، أنا انكمش من العيب ، مسد قليلا ثم حرف ميلانه إلى الجهة الأخرى . - صرت رجلاً ، الآن أيها الفار .ص 78 الرواية " . أما دانيال الأصغر ، عضوه مقصوص ، مجزوز من الجذر : - الأول أراد لطميات ، بدلا عن الغناء ، الثاني اخرج مديته ..، هل هنا قطعوا قضيبك – ص 101 الرواية " . إن النصّ الروائي هو بالأساس انعكاس للعالم والحياة اليومية في وعي الروائي ، وسوف يقوم بترسيخ المعنى الذي يقصده الروائي وقت الكتابة ، وهذا ما نلمسه عند تناولنا لعنوان الرواية " احمر حانة " ، ففي لقاء تلفزيوني أشار الروائي إلى إن عنوان الرواية مستعار من اسم حانة كانت موجودة في شارع أبي نواس ، اسمها " بار الحانة الحمراء " ، حيث جعل العنوان يرتبط بشكل غير مباشر بالشاعر العباسي الكبير " أبو نؤاس " الذي قال في الخمرة عشرات الأبيات سميت بالخمريات في الأدب العربي ، وليس كما أول بعض الكتّاب العراقيين ، الأحمر هو رمز دم الشهداء ، يسفح في زمن الفوضى ، وان رمز الحانة هو العبث والسكر واللاعقلانية ، رمز التحلل وبيع الجسد . حقيقة هذا طرح بعيد كل البعد عن قصدية الروائي ، وإلا لكان الروائي يفك ارتباط الحانة / البار عن شارع " أبي نواس " ، هذا تطرف في التأويل ، والشارع كله كان عبارة عن بارات متراصة الواحد مجاور للآخر ، وأحيانا بينهم محلات تبيع السمك المْسّكوف ، ولكن منذ الحملة الايمانية في أواسط التسعينيات بدأت تخبو أضواء البارات ، ويقل عددها ، وعليه جعل حميد الربيعي ازدهار وعنفوان الشارع من ازدهار وتقدم وتمدن مدينة بغداد ، بحيث وصل الأمر بان يكون " الشارع ، أصلا ، كان رجلاً ، في زمن غابر ، ألكاس والنساء سلواه ، قيل انه لم يصح لحظة في حضرة الخليفة ، ينشد الشعر مترنحاً ، - ص 5 الرواية " . وبعد عام 2003 لم تعد حانات متواجدة في الشارع ، بقى مكانها حصى ورمل وأنقاض ، وعمائم منشورة . استحضر الروائي ، المؤرخ الإسلامي ابن الأثير، من قبره في الموصل ، ليدخله بغداد كي يكون شاهدا على العصر ، بعدما شعر ابن الأثير بأنه " احد المزورين الكبار للتاريخ – ص 10 الرواية " ، بينما في الواقع إن من يكون الشاهد الفعلي هو الراوي " فانه يقوم طوال السرد التاريخي بدور الشاهد على الوقائع المنبثقة عن الحدث الروائي "4 ، وليس المؤرخ ابن الأثير الذي اتهمه بشهادة الزور بسبب كتابته لكتاب " الكامل في التاريخ " ،بعد أن سحبه الراوي – المؤلف عنوة من مدينته ليجعله يطلع على أحوال بغداد من جامع الخلفاء على حروبها الحديثة : حرب القادسية ، وحرب الكويت ، وحرب الحواسم ، وانتشار الفرهود حالما دخلت القوات الغازية / الأمريكية العراق عام 2003 . جعل ابن الأثير ينوي تأليف كتاب بخصوصه يسميه " الفرهود في يوم صيهود " ، بينما في النصّ – الروائي نشاهد ابن الأثير يبحث عن الفتى الذي يشبه الشيطان ، وقد " هدر الكثير من الوقت جراء السعي وراء لغز الفتى ، فليس من المعقول هروب شاب ، يرتدي ملابس ضيقة ، من قبضة عزرائيل ذي الرداء الأسود- ص 51 الرواية " ، إلى أن يصل " إن كتابة تاريخ المدينة انفع وأجدى من السعي خلف حكاية ، تشبه الخرافة – ص 52 الرواية " بل يصل إلى حد انه يظن بأن " المطاردة ما كانت إلا وهما – ص 52 الرواية " . لذا " إن إصرار نزعة ما بعد الحداثة على أن النصّ- سواء أكان أدبا أو تاريخاً – يجب أن " يتحدد موقعه " أولا داخل فعل التلفظ نفسه ، وثانياً ، داخل اللحظات التاريخية ، والاجتماعية ، والثقافية للإنتاج والتلقي " 5 ، عليه يجعل ابن الأثير في نهاية الرواية ، يلتقي بطريق الصدفة خطفاً " في احد أركان ساحة الطيران ... وكأنه محتم أن يتباعدا قبل أن يتنافرا – ص 112 الرواية " ، برفقة العثة الملعونة المنتشرة على كل حيطان المدينة المدورة ، دون أن يذكر أو يشير الروائي إلى اسم الشخص الذي يلتقي به ابن الأثير ، وهذا تلاعب ب " فهم " المتلقي ، حيث يقوم بتشتيت ذهنيته للوصول إلى المعنى ، ويتركه محتاراً إمام قراءات متعددة في الاختيار ، وهذه إحدى الألعاب السردية للروائي . مثلما يفعل مع النبوءة في بداية الرواية ونهايتها ، فمن الذي يطلق النبوءة ، هل هو الروائي، أم الراوي ، إدريس العاشق الذي يشبه الشيطان ؟! الروائي حميد الربيعي هنا ، يجعل المتلقي رغم انه قد " فهم " المعنى الأولي السردي ، بان الذي يطلق النبوءة هو إدريس العاشق ، ولكن هذا يناقض مع ما يذهب إليه الروائي ، حينما نقرأ : " امتلك عصا موسى وسأشق النهر ، أنقذ شعبي من عبودية المستشارين ، أولئك القابعين في الطرف الآخر من النهر – ص 5 الرواية " . علينا التوقف هنا أمام هكذا نص ، لأن إدريس العاشق تعرفنا عليه من خلال الرواية ، بأنه هو الخارج من بطن الحوت " ص 25 " ، وهو الذي دفن أباه حيا " ص 27 " ، وهو الذي يجيد كل الأعمال ( مؤامرت – اغتيالات – موازنة – وتسيير أعمال الوزارات ، ص 36 ) ، فهل هكذا شخصية تعمل على إنقاذ شعبها من نهب وسلب وقتل القابعين في المنطقة الخضراء ، المتلقي يقع في حيرة وتشتت في هكذا نصوص ، وهو الذي يتلفع بالتقية من اجل تحقيق مآربه ، والقائل " لا يعنيني انفلات الحياة – ص 67 الرواية " . إذا لم يكن هو ؟ فمن سيكون ؟! انه متواجد داخل الرواية ، وسنعثر عليه بعدما نتجاوز التناقضات الظاهرية المبثوثة بين سطور الرواية ، وبعدما يتم التلاعب بالتاريخ ، " أولا، من قبل الراوي ، ثم ، من قبل القارئ ، وبالأهمية نفسها، نفكر في إي التواريخ تروى داخل سياقات زمنية وفضائية محددة ، بالإضافة إلى عامل الصدفة ، ستبقى هنالك علامات استفهام كثيرة ، مادامت التداخلات السردية منتشرة ، وضبابية أدراك الفهم الجاهز . إن هذا التداخل وسوء الفهم يحتاج إلى وعي متزايد من قبل المؤول ، لان " النص سواء أكان أدبا أو تاريخا . لا يتعين إدراكه وفهمه في استقلال عن المنتج أو المتلقي " 7 ، ودلالة على ذلك " شخصية الجنرال " فقد استعرضها الروائي مرتين ، مرة في بدايات الرواية ، والمرة الثانية في نهايتها ، فيكون المتلقي في هذا الاستعراض مشتتاً ، أمام معرفة هوية الجنرال ، هل هو جنرال عراقي أم أمريكي ، وفي أي فقرة منهما : "ضحكت ملء فؤادي وأنا أعيد على الجنرال حكاية المرأة، لم يفقه شيئا مما رويته ، كان الخوف يكتنفه ، أشفق على اضطرابه – ص 7 الرواية " . " يخرج من قاع الأرض عجل من ذهب ، يجره حمار نهاق ، خلفه الجموع ، تسير ، يقودهم جنرال صوب جسر الجمهورية – ص 119 الرواية ". ولو تجاوزنا الجنرال الذي يكتنفه الخوف وهاجس الترقب والحسابات غير الصحيحة ، وعدم استطاعته السيطرة على أوضاع البلاد ، والعد التنازلي بدأ ينفد ، وبدأ الضياع ، والصحوة مفجعة ، ثم اختفى ، وساد الفرهود الحقيقي ، ليس فرهود الفقراء ، بل فرهود المنطقة الخضراء ، فرهود (ايدك ألك وما عليك) ، من الزمرة التي أطلقت على نفسها " سياسيي الخارج " أو المعارضة " ع " . البلاد دخلت اخطر المراحل ، مرحلة العنف والفساد ، لذا الآخر المراقب الذي استولى على منابع الطاقة ، لا يسمح لآخر أن يزاحمه على الثروات التي استولى عليها ، وعليه سوف يقلب عليهم الطاولة ويجر البلاد إلى الصوب الآخر ، بقيادة جنرال جديد ، وعصر جديد ، وتوقعات جديدة ، ثم عهد مختلف للجماهير ...
لقد تحققت لذة النص في " أسطح مثلومة " ، بحيث كان الحوار الداخلي للذات المحرومة ، تحت غطاء حلم اليقظة ، يصل إلى جمالية سحرية عالية جدا ، في رسم أدق الخلجات لجسد امرأة عاشقة ، ومدى حجم عطشه لكي يرتوي ، وعمق هيجان حلمه ، وحجم تشظيه وانفلاق رغباته ، أذا كنت " أقرأ هذه الجملة بلذة ، وهذه القصة ، أو تلك الكلمة ، فلأنها كتبت ضمن اللذة ( فهذه اللذة لا تتعارض مع عذابات الكاتب ). هل الكتابة ، ضمن اللذة ، تضمن لي أنا ، الكاتب لذة قارئي ؟ أبدآ ، ويقع على عاتقي إذن ، أن ابحث عن هذا القارئ ( أن " أغازله " ) . من غير أن اعرف أين هو " 8 ، وهذا يدفع بالكاتب الانحراف " ليضاعف مرتين أو ثلاثا والى ما لا نهاية انحراف الناقد وقارئه " 9 : " اخرج إلى الشوارع وكلي إصرار على اصطياد أي رجل ، أول من يصادفني اطلب منه أرواء عطشي . تحت ظل أي شجرة افتح له محارة فخذي أو أعلقهما في الهواء ، هو سيدنو بالتأكيد ، لا يمكن أن يكون غبياً ، امرأة تفتح ساقيها ، وقد قادته مسافة إلى الظل ، دون أن يركبها . اشعر بثقله أولا فأصير أنثى ، ثم يحط صدره فوق ثديي فاشتعل نارا ، الحلمة ستستيقظ من رقادها ، تفز رافعة رأسها الوردي ومن بعد ستسعى إلى الالتصاق بصدره ، بتلك اللحظة سأسوى رقدتي بما يلائم الولوج السريع ، لا أريده أن يتيه في دغل ، ولا أريده أن يتوانى ، بل باشقا ينقض ، متوغلاً إلى الأعماق – ص 87 الرواية " . إن حميد الربيعي لا يقبل أن يمنح نصه للمتلقي بسهولة ، بل يجعله يدور ، باحثا عما يجده في موقفه ، حميد الربيعي يفرض على المتلقي أن يغوص في نصه إلى الأعماق ، لكي يغسل جسده بأضواء نصه ، حتى تندمج تراتيل المتلقي مع كلمات الروائي في عملية فهم النصْ .
الهوامش والإحالات : 1- برندا مارشال – تعليم ما بعد الحداثة / المتخيل والنظرية ، ترجمة وتقديم : السيد امام ، المركز القومي للترجمة ،ص 196، القاهرة ، 2010 . 2- د . محمد صابر عبيد ، ملحق صحيفة النهار في 15/ 1 / 2015 . 3- تعليم ما بعد الحداثة – ص 195 . 4- جيرار جينيت - الانتقال المجازي / من الصورة إلى التخييل ، ت . د زبيدة بشار القاضي ، الهيئة العامة السورية للكتاب ، ص 38 ، دمشق 2009 . 5- تعليم ما بعد الحداثة – ص 202 . 6- م . ن ص 197 . 7- م. ن ص 193 . 8- رولان بارت – لذة النص ، ت . د . منذر عياشي ، مركز الإنماء الحضاري ، حلب – سوريا ، ط2 ، ص 25 ، 2002 . 9- م. ن ص 43 .
#أسامة_غانم (هاشتاغ)
Osama_Ghanim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شعرية الحياة في شفرات استعارة اللحظة
-
قرائية الواقع بين الوهم والمتخيل
-
عراب المتاهات وخْيَال الهاوية
-
حوارية عين العنقاء : قراءة في المجموعة الشعرية - اغنية الغبا
...
-
الدلالة اليومية في الصورة الشعرية
-
تأريخية السيرة الذاتية في سردية المتخييل المؤول
-
المثقف بين حلم التغيير والواقع المحبط
-
قراءة التحولات في الرواية العراقية مابعد التغيير ؟
-
هذيانات المخيلة في اكتشاف الجسد
-
هوية الجسد خارج حكاية زهرة / الانثى
-
جدلية الرمز المحتجب والواقع المكشوف
-
جدلية الذاكرة والوعي في مجموعة - اقاليم قصية - ل غازي العباد
...
-
المثقف بين الانتماء والاغتراب
-
القصةوالرواية : ايديولوجيا وجمالية
-
جدلية الذاكرة في سرد السيرة
-
حوار - في الملحق الثقافي لطريق الشعب
-
النصْ المتشظي في السرد المتجانس
-
سلطة الواقع في تحولات الانا / الضوء
-
سردية الرمز الغرائبي في جدلية الأنثى والذكر
-
رمزية الصورة الشعرية في تجربة معد الجبوري
المزيد.....
-
“أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على
...
-
افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
-
بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح
...
-
سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا
...
-
جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
-
“العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024
...
-
مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
-
المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب
...
-
نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط
...
-
تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|