|
انعكاسات قضية الصحراء على دول الشمال الافريقي ( 4 )
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 5946 - 2018 / 7 / 28 - 10:17
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بالرجوع الى مخلفات قضية الصحراء ، على منطقة شمال افريقيا ، وبالضبط منذ سنة 1975 ، سنجد ان السياسية التي مارسها النظام المغربي في الصحراء مرت بثلاث مراحل متواصلة : --- مرحلة أولى دولية ، وضعت فيها أسس المشكلة بالاتفاق بين النظام وبين القوى الخارجية ، خاصة الاسبانية والفرنسية . --- مرحلة ثانية داخلية ، فرضت فيها الاستراتيجية الخارجية – الداخلية ، أي النظام على القوى السياسية الداخلية ، واستخدمت لترتيب أوضاع الحكم الذي كان مهددا بالسقوط . --- مرحلة ثالثة لا نزال فيها ، تعود المشكلة من جديد لتبرز في اطار الصراع الدولي ، والاستراتيجيات الخارجية ، ولكن على أرضية داخلية المبادرة فيها بيد النظام . في المرحلة الثانية ، كان النظام يتحدث طوال الوقت ، عن مشكلة وطنية لا يمكن ان يقبل حلا لها الاّ في اطار الاندماج الوطني المغربي . والآن وفي المرحلة الجديدة ، تطرح القضية مجددا كقضية لا بد ان تتضمن تسويات و حلولا وسطى ، بحجة المتغيرات الدولية ، وموازين القوى الجديدة ، وبرغم ان الدول الكبرى دخلت الى ساحة الصراع من باب الصحراء الذي يرى النظام الآن ، انه باب لا ولن يغلق الاّ بموافقة الخارج ، أي ان الجانب الوطني من المشكلة صار محلاً للعب السياسي ، وللأخذ والعطاء ( الاعتراف بالجمهورية الصحراوية من خلال الاعتراف بالقانون الأساسي للاتحاد الافريقي ) ، والجلوس الى جانب الجمهورية في لقاء الاتحادين الأوربي – الافريقي ، والجلوس معها جوارا بالاتحاد الافريقي . يقتضي الانصاف والإخلاص للحقيقة ان نقول هنا ، ان هذه السياسة ، ما كانت قابلة للتنفيذ بالطريقة التي نفذت بها ، لولا الدور السلبي الذي لعبه الطرح الانفصالي بمختلف مكوناته ، الذي شكل خدمة كبيرة لمصالح النظام والاقطاع . لقد كان على ما يسمى بجبهة البوليساريو ، ان تعتبر نفسها جزءا من حركة الشعب المغربي المعارضة ، وان تطالب بالتالي بمغرب ديمقراطي ، بدل ان تتلاعب بأخطار دولة كاركوزية " اشتراكية – ديمقراطية " ، تفتقر لسائر المقومات التي تجعل من كيان سياسي كيانا سياسيا بالأصل . ان الجزائر دفعت ثمنا كبيرا لسياستها المغلوطة ، وستدفع ثمنا اكثر ان هي واصلتها ، لان التهديد بالتقسيم ، يهددها كذلك اكثر من تقسيم المغرب الذي يتهدده التقسيم . واعتقد ان الفرصة لا تزال متاحة لصالح مغرب الشعوب ، لا لصالح مغرب الأنظمة . وان كانت تتناقص بمرور كل يوم ، ليقلب المشكلة الى مشكلة نضالية مغربية عامة ، ذات بعد عربي امازيغي واضح ، لا تربح منه الامبريالية الدولية او الاقطاعية المغربية ، بل تعيد طرح الأوراق من جديد ، لتصبح أساسا لفرز داخلي على نطاق كل شمال افريقيا ، ولاسترداد نقل الاستراتيجية الثورية التي وضع المقاومون الثوريون اللبنات الأولى لحرية الشعوب وطرد المستعمر ، والتي ستمكننا من طرد بقاياه والقوى التي حلت محله . ، وعلى راسها البرجوازية الكمبرادورية والاقطاع ، وتوحيد شعوبنا على أسس تحررية وتقدمية ، تشكل مركزا من مرتكزات نهضة شعوبنا العربية الامازيغية .، وردا على الانهيار الحاصل في مختلف الأقطار . لقد آن لنا ان ندرك ان خطط الامبريالية متشعبة ومتعددة ، وان تمزيق الوطن العربي وبعده تمزيق شمال افريقيا ، واثارة النعرات والتناقضات المحلية والوطنية ، وتدبير الحروب بين اقطاره ، هو الهدف الثابت للقوى الامبريالية وصنائعها ، وان الرد لا يكون بالانجرار الى هذه الحروب والتمزقات من موقف إقليمي " تقدمي " ، بل هو في وضع استراتيجية مضادة شاملة ، تحشد من حولها الطاقات الشعبية في كل الأقطار ، وتخوض معركتها موحدة على صعيد المغرب كله ، كما تعرف متى تخوض هذه المعركة ومتى تتفاداها ، متى تتقدم ومتى تتراجع ، متى تقبل التحدي ومتى تتحاشاه . وغني عن القول ، ان موقفا كهذا ، يتجاوز الانحياز لهذه القوة او تلك ، لأنه قائم على الانحياز للشعب الواحد في الأقطار المختلفة ، ويهرب من المكاسب الإقليمية الصغيرة والتافهة ، لأنه ينتظر في النهاية الحصاد الوافر الكبير ، ولأنه مؤسس على نموذج للعلاقة مع الشعب ، ويختلف جذريا عن النموذج السائد في البلدان الرجعية . نموذج يستطيع في نفس الوقت اقناع الجماهير والشعب ، بتفوقه وتقدمه ، ولا يعمل بنفس آليات الأنظمة الرجعية ، لكنه يتستر بحملة من الشعارات " التقدمية " التي لا يرى احد أي انعكاس لها في الواقع الحي واليومي . اننا نلح على ضرورة بداية كهذه ، لان الاحداث تفتح عيوننا على اتساع دائرة التردي ، وعلى تفجير الامبريالية بما تبقّى من علاقات بين بلدان المنطقة ، وليس على عصر الصراعات وتحجيمها . وإذا كان هناك من يظن انه يستطيع بمجرد مرور الوقت التخلص من مشكلة كان موقفه فيها مؤسسا على الغلط ، فانه سيجابه بعد حين مشكلة أخرى موقفه فيها مؤسس على غلط مماثل ، وهكذا دواليك حتى نصل الى وضع لا يعرف حقيقته الاّ الله . ان ما حدث لمشكل الصحراء ، يعطي صورة جد واضحة عن مستوى القوى التي انخرطت فيها : الامبريالية ، والرجعية ، والحركات الوطنية ، مع العلم اننا لا نريد ان نضيع الوقت طويلا في الحديث عن مستوى الحركات الوطنية ( الاتحاد الوطني للقوات الشعبية )( الاختيار الثوري ) ، وطريقتها في إدارة هذه المسألة ، لان ذلك واضح للعيان ولكل عين بصير . وعلى كل حال ، فان ما يهمنا من هذا التحليل ، هو دراسة الجوانب الخفية التي طرحت فيها قضية الصحراء المغربية ، والاطار العام الذي وضعت فيه ، وعن نمط الدولة بخصوصياته المتباينة من بلد الى آخر . وإذا كانت الدولة المغربية ، قد اضفت على نفسها طابعا ( قوميا ) من خلال حرب أكتوبر في سنة 1973 ، فإنها حاولت ان تضفي على نفسها طابعا ( وطنيا ) من خلال مشكلة الصحراء ، ومع ان الاحداث اثبتت ان عينها لم تكن على وحدة الوطن ( سبتة ومليلية والجزر الجعفرية ) ، بل على ترسيخ وضعها الداخلي بإثارة قضية كانت تجمدها عن قصد ، لان الأخطاء الخطيرة التي ارتكبتها أحزاب الحركة الوطنيية قد ساعدتها على تحقيق هدفها الأساسي هذا . ومهما يكن من امر ، فان المخرج من الازمة الراهنة مرتبط بوعي الحركة التقدمية الوطنية لسياستها المغلوطة ، وبإيجاد بدائل لها ، لان النظام لا يعقل ان يبدل سياسة استفاد منها . ( يتبع ) .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حين توظف الدولة البوليسية القضايا الوطنية ضد مصالح الشعب --
...
-
الدولة البوليسية دولة تخريب ( 2 )
-
تحليل بنية النظام السياسي المغربي -- على هامش رسالة مستشار ا
...
-
موقف - حركة لنخدم الشعب - و - منظمة الى الامام - من نزاع الص
...
-
- منظمة 23 مارس - وقضية الصحراء ( 3 )
-
الحركة الماركسية اللينينية المغربية وقضية الصحراء ( 2 )
-
كيف فعل صراع الصحراء بالمشتغلين بالشأن العام ؟ ( 1 )
-
لا منطق الدولة الجزائرية في تعاملها مع الاستفتاء وتقرير المص
...
-
لا بذيل عن دمقرطة الدولة الجزائرية ( 6 )
-
النزعة التوسيعة الفاشلة للنظام العسكريتاري التوتاليتاري الجز
...
-
الحل كان في اصله فاشلا -- علامات انهيار الدولة الجزائرية ( 4
...
-
تناقضات النموذج ( التنموي ) الجزائري -- ازمة زراعة ، فشل صنا
...
-
التنمية الجزائرية المعاقة ( 2 )
-
الانقلاب البومديني ( بودين ) ، وفشل اختيارات الدولة الجزائري
...
-
وثيقة نادرة : بلاغ حول الاراضي المغربية المغتصبة . - الاتحاد
...
-
الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية
-
الحاكمية
-
سيناريوهات الحرب القادمة والخطة المحكمة لمواجهتها ( تابع )
-
الخطة المحكمة لمواجهة اية حرب طارئة بالمنطقة ( تابع )
-
حتى لا تداهمنا بغثة الحرب القادمة ( تابع )
المزيد.....
-
ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف
...
-
صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
-
-الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت
...
-
روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم
...
-
-بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر
...
-
-حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م
...
-
تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
-
البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ
...
-
-بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض
...
-
علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|