أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد رمضان على - أدب الفانتازيا وأدب الخيال العلمي















المزيد.....

أدب الفانتازيا وأدب الخيال العلمي


سعيد رمضان على

الحوار المتمدن-العدد: 5947 - 2018 / 7 / 29 - 04:10
المحور: الادب والفن
    


مدخل القراءة (1)

هناك خلط بين أدب الفانتازيا وأدب الخيال العلمي، ، حقا توجد أنماط كثيرة من الأدب عبر الزمان ، تصنف على كونها أدب خيال علمي ، لكن عندما يوجد سحر ومخلوقات خرافية وجن ، فيكون أدبا يصنف تحت مصطلح الفانتازيا .
أحيانا يوجد اشتراك بين الاثنين – فانتازيا وخيال علمي – لكن كثرة العناصر الفانتازيا فيها تخرجها من كونها أدب علمي .. لان التركيز فيها يكون على مخلوقات غريبة وقوى خارقة والهة متعددة كما نراها الآن في بعض الأفلام الأمريكية .
سبق الجميع الشرق، فكان الحكى الشعبي، وألف ليلة وليلة، يعتمدان على السحر والجن، ويركزان على النبوءة والحلم .. وتحقيق المعجزات عبر كائنات خرافية .
لكن أدب الخيال العلمي، يصنف تحت اسمه بشكل حاسم وقاطع، فهو يوظف ما يطرحه العلم من آفاق جديدة للإنسان، وبينما ألف ليلة والحكى الشعبي يعتمدان الغرائبى والعجائبى ، فان أدب الخيال العلمي يحتوى العلم ولاشيء أخر، أي انه نوع أدبي يستخدم نظريات علمية ، أو يتنبأ بنظريات أو تقنيات علمية يمكن أن تتحقق في المستقبل ، أو أسلوب حياة مختلف مستقبلا ، لكن الإبداع الحقيقي فيه انه لايغفل قيمة الحياة... كما فعل جول فيرن وأفضل رواية له في نظري "عشرون ألف فرسخ تحت الماء" وظفت العلم بشكل قطعي، حقا كانت هناك في البداية مرويات عن وحش خرافي يغرق السفن، ومن هنا يمكن أن يتسرب التفكير الفانتازى في أدب الخيال العلمي، أو يحدث الخلط، لكن الظاهرة فسرت بشكل علمي حاسم.
في مصر كتب توفيق الحكيم مسرحيته رحلة الغد في الخمسينات، وكذلك يوسف عز الدين ببعض التمثيليات الإذاعية، تبعهما مصطفى محمود بروايته العنكبوت،ونهاد شريف بروايته قاهر الزمن غير الدراسات عن هذا النوع من الأدب، أما صلاح معاطى فكتب مجموعته القصصية " أنقذوا هذا الكوكب" عام 1986 ثم العمر خمس دقائق 1992 ، كما ساهم صلاح عبد الغنى ، وأميمة خفاجي، وعمر كامل وآخرين ، وهاهي الدكتورة عطيات أبو العينين تدخل المنطقة الصعبة ، بروايتها" مهسوري" .
.
2 مهسورى التاريح" :

تعود بنا " مهسوري"عبر صمتها الأسطوري المعبر أبدا.. والصارخ أبدا.. إلى شاطئ المجهول.. للبحث عن حقيقتنا الأصلية.. إلى البداية الحقيقية لحياتنا ومصدر طبيعتنا، ومطلبنا في الحب والجمال ،والخلاص من عذابنا الأبدي بسبب الشكوك، تلك الشكوك التي صنعت من نفس الإنسان قاضيا ومجرما ضعيفا ووحشيا، إنسان يعيش في زاوية مظلمة، يغذى الظلام بالظلام ، قاضيا على الحياة النقية بالموت.
وفى" مهسوري" التي تضم طائفة من التعاملات عن الموت وصراعات الحياة ، والتاريخ المحمل بالحكايات ، نسير مع محمود القباني وماهيتا ، وقلوبنا تخفق بالأمل المعذب أبدا، والحب الظامئ للحياة، حتى يتضح أن الوجود الإنساني في الواقع والمصير، لا تتحقق مواجهته إلا من خلال مقاومة جدلية، والصراع الأبدي بين الإنسان وأعماقه المعذبة بشكوكه ورغباته المولدة للشر .
لا تقدم لنا الدكتورة عطيات رواية، بل تقدم لنا مأساة، تطل علينا في كل عصر، مازجة الحاضر بالتاريخي ، والحلم بالواقع، والاجتماعي بالعلمي .
لنقرأ أولا حكاية "الجميلة الشابة مهسورى وابنها وزوجها التاجر البسيط الذي امتهن السفر كثيرا متخذاً من تجارة القماش وسيلة لكسب قوته وقوت عائلته، وكانت زوجته الجميلة المسكينة تنتظر بالشهور حتى تراه لمدة أيام ،وعندما سافر الزوج أخر مرة بقيت الزوجة وابنها كعادتهم في انتظار عائلهم.
لكن ثلاث شباب ذهبوا إلى مهسورى وطلبوا أن تمكنهم من نفسها، رفضت هذه الشريفة فهددوها فلم تزد إلى إصرارا على الشرف ولو كلفها حياتها، وفي الصباح وخوفاً من أن تفضح أمرهم شاعوا بالجزيرة أن مهسورى بغى وزانية تمكن الرجال منها مقابل المال ، ساندهم في الإشاعة فتيات الجزيرة غيرة وحسدا من جمال مهسورى وتمنين موتها ، فداهم الرجال بيتها وسحبوها ، وربطوها إلى شجرة وطعنوها بالخناجر، لكنها لم تمت لمدة ثلاثة أيام ولم تنزف ، وأخيرا قالت لوالدها : يا أبي دعهم يطعنون قلبي المتعلق بالله فأن به موتي وبه يستريحون مني .. فجاء احدهم بخنجره وطعنها في قلبها من اعلي رقبتها ونزفت دماً ابيض وماتت، ولكنها قبل أن تموت ألقت لعنتها فاستجاب الله لدعائها ولعنت الجزيرة "
فيما بعد اكتشفوا براءتها فصنعوا لها تمثالا ومزارا.
نسير الآن مع القصة الموازية .. قصة حب محمود القباني وماهيتا ويعنى اسمها ضوء القمر..الفتاة صاحبة العيون الزرق، العاشقة للأزرق الذي يعنى الحب والهدوء وامتلاك الضمير ،ومساحات لانهائية في العالم تتمثل في السماء والبحر .
قصة بدأت بتعارف على الطائرة تطورت لحب ، ثم الشكوك المعذبة في ماهيتا التي أنقذته من الموت وفضلت الشرف على الخيانة .. وضاع وقت كثير حتى اكتشف محمود القباني الحقيقة .. وقت لايمكن تعويضه ، وعندما حاول تعويضه خسرها ..
نلاحظ اسم ماهيتا يعنى ضوء القمر الفضي ، ونقرنه بالدم الأبيض لمهسورى .. كتجسيد للجمال والبراءة والقيم .. و الشك الذي طال الاثنتين ،ووقفتا معا أمام شر قاس عصف بهما ، وهى ملاحظات تجعلنا نصل لرؤية أن ماهيتا هي امتداد لمهسورى، أو قرينتها، التي تستكمل مسيرتها الحياتية، مسيرة تنتهي هي أيضا بالموت .
والواقع القاسي الذي حول" مهسورى " من كيان إنساني فريد يمنح الحياة ، ويحافظ على قيم الفضيلة، إلى جسد تتابع عليه لواحق الواقع المعاش بما فيه من تنافر، فأفرغه من القيم بالشك والاتهامات ليمرغه في الأوحال، هو نفس الواقع الذي لاحق ماهيتا .

3. قراء"مهسورى الخيال العلمي"

أثر التماعة برق " تندلع بالقرب من الطائرة وقد احاطت بالركاب " لتصبح كرة متوهجة لونها أبيض يميل إلي الزرقة لتختفي في مؤخرة الطائرة تاركة رائحة نفاذة أشبه برائحة الكبريت ومخلفة بعض الرماد الأبيض.. "وهكذا يبدأ الخيال العلمي في الرواية، ويظهر الدكتور بسام الشندويلي أستاذ الفيزياء بجامعة فلوريدا، حاملا نظرية عن الاحتراق الداخلي، ومعه فكرته عن صناعة قنبلة من رماد عظام البشر ..وتطارده عصابة لمنعه من تحقيق تجاربه وصناعة القنبلة، ثم تظهر مساعدته الشابة سوزى ومعها أيضا فكرتها التي تدعم أفكار الدكتور ... ثم يثور الجدل الدائم أبدا بين الأخلاق والعلم .. بين الصحفي محمود القباني والدكتور بسام الشندويلي .. وهو جدل لايرسى عل اتفاق، وان استمر محمود القباني معهم بحثا عن حقيقة الوهج الذي يحرق البشر بعظامهم .
أن التجارب والبحوث حول الوهج ونظرية الاحتراق الداخلي ، تقودنا إلى لغز من الغاز الكون، والى كوننا نعيش في العراء ضعفاء عاجزين، رغم امتلاكنا كل أدوات التدمير.. لكننا نلاحظ
أن الموت أو الاحتراق يصيب شخصيات فاضلة ونبيلة ، مهسورى، جانيت ، الطفلة ، الرجل ذو الساق الخشبية ، وأخيرا ماهيتا .. شخصيات أخرى احترقت لم يتابعها السرد، حتى لايسقط في التكرار والرتابة المملة ، لكن الشخصيات التي تابعها السرد، ظهرت كآمال وأحلام جميلة حاملة قيمها النبيلة المهددة بالضياع، عندما احترقت وتركت الفراغ ...وتصاب الشخصيات المقترنة بها بالأسى .. ولم يتبق أمامها سوى الانكسار والضياع في العدم ، أو المقاومة والحياة.
أن الحركة هنا تنطلق كالسهم ، لتضع القارئ في موضع مفارق ، وتصبح علاقته مع الرواية علاقة أنتاج، كما يمكنه أيضا من خلال الحكايات الإبحار في الزمنية، ليبحث عن الحاضر في الماضي، وعن المستقبل في بذور الحاضر،والغرض الأساسي من محو بذرة الحياة من الكائن البشرى، هو أن الفراغ الناتج عن محوه يجعلنا نفتش في أعماقنا أثناء بحثنا عن أسرار والغاز الطبيعة والكون.
وهو أمر يقربنا من فهم حقيقة الضوء أو الكرة المتوهجة بلون ابيض، فهي إيحاء لنور يفسح المجال لرؤية الحقيقية في دروب غير واضحة وغير يقينية يسيطر عليها الضياع و الظلام، وهو ما تحقق فعلا في مهسورى باكتشاف براءتها، وهو ماتحقق أيضا في ماهيتا.. عندما اكتشف محمود القبانى براءتها .. وتحقيقه على أرض الواقع يعنى تجاوزا لهذا الواقع، وليس الوقوف عنده.. فالصراع ضد الظلام المسيطر على أعماقنا والشكوك التي تغزونا ككوابيس تقتل كل ماهو إنساني فينا ، هو البداية دائما والضرورة، للقضاء على الحياة المحاصرة أبدا بعقم فريد من نوعه.. من اجل حياة مستقبلية أكثر ايجابية ورخاء.
4-عتبة خروج :
أن جمال الرواية يظهر مع الحكايات النقية بسحرها، التي تمنح الطاقة المحركة للوجود،وهنا تتحقق إرادة أخرى،أرادوا قهرها فلم تقهر، إرادة خارقة توّحد الروح النبيلة التي يمكنها أن تقف ضد الشكوك المولدة للشر، هكذا تظهر " مهسورى " النقية من أعماق الحكايات، وهكذا تظهر " ماهيتا " كأننا أمام نسيج متداخل من الخيالي والواقعي.. من القديم والحاضر .. ومن الحاضر لمستقبل يسوده الجمال.
=======
هوامش وإحالات :
رواية " مهسورى "- د. عطيات أبو العينين - الهيئة العامة لقصور الثقافة - 2013



#سعيد_رمضان_على (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجسور
- قراءة في قصة - مرتفعات الحياة .. منخفضات الوقت -
- قراءة في قصة ( بيت العنكبوت )
- قراءة في قصة ( رانيا )
- قراءة في رواية -على قيد الموت-
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية -الجزءالثالث عشر
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية -الجزء الأخير-
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية -الجزء الحادى عشر-
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية -الجزء الثانى عشر-
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية - الجزء االتاسع-
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية - الجزء العاشر-
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية - الجزء االسابع-
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية -الجزء الثامن-
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية - الجزء االخامس-
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية - الجزء االسادس-
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية - الجزء الثالث-
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية - الجزء االرابع-
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية - الجزء الثاني-
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية -الجزء الأول
- تخريفات مفلس للخروج من الخرابة


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد رمضان على - أدب الفانتازيا وأدب الخيال العلمي