أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - أدهم مسعود القاق - وداعًا مي سكاف، وداعًا.. سلامًا عى موتك المشتهى














المزيد.....

وداعًا مي سكاف، وداعًا.. سلامًا عى موتك المشتهى


أدهم مسعود القاق

الحوار المتمدن-العدد: 5944 - 2018 / 7 / 25 - 14:46
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    



من واجه مي سكاف وتمكّن من التأمّل في وجهها العذب، عرف سرّ استحواذها على ذلك الفيض الوجدانيّ الذي غمرت به محيطها من صبايا الثورة السورية وشبابها؛ أينما حلّت، منذ اللحظات الأولى للثورة، في ساحات الحرية وشوارع مدنها، وفي بيوت أهل الوطن الثائرين، وبين أوساط المثقفين، في أيام اعتقالها 2013م، وحينما أطلق سراحها، وتخفّت في بيوت أهل الشام، إلى أن صادرت أجهزة المخابرات لها شقّتها الصغيرة في جرمانا، وحلّ مكانها شبيحة النهب والموت، وصولًا إلى تهجيرها القسريّ إلى عمّان؛ إذ لم تتوان مي سكاف يومًا عن خدمة الثورة وأهلها فيها، ثمّ إلى باريس؛ فكانت صرخاتها من أجل حرية وطنها تخترق حواجز السماء، وتحطّ في آذاننا نحن المهجّرين في أرجاء الأرض ونواحيها.
منذ لحظات الثورة الأولى؛ إذ كانت الصدور عاريّة بمواجهة الرصاص والبراميل و... وصدر مي سكاف عارٍ، واجهت سلطة الموت، وتشردت مع من تشرّد، ورفضت التنازل عن ثورتها، لاقت الويلات، لكنها ظلّت حاضرة في ضمير الثورة، كانت أيقونتها، جميلة جميلاتها، فنانة الحياة، خالقة الحبّ في ميادين الثورة في الداخل والخارج، تحمل ملامح مدنيّة مدينة دمشق ورقيّها وطهرانيّة قديسة مرتدية قلوب المعذبين.
مي سكاف تسارعت صرخاتها مع كلّ يوم مرّ على سوريا منذ 15 آذار 2011م؛ وحتّى مماتها، ولكنّها استشعرت العجز - كما استشعره الآخرون من السوريين - أمام طغيان شرور العالم بقيادة بؤر الفساد العالميّ الأمريكية، التي أوكلت مافيات روسيا وملالي إيران الحاقدين وأذيالها؛ فحلّا في أرضنا استعمارًا متعاونًا مع مراكز الفساد في دول المنطقة وأجهزة مخابراتها؛ بإشراف إسرائيل.
مي سكاف؛ أيتها الجميلة التي ألهمتنا الولوج بعالمها الخصب، عالمها الذي شيّدته مع كلّ ذلك التوق بالرغبة في الحياة، شيّدته بأنوثتها الخالقة للحرية، بسعيها نحو المعرفة في حياتها الشخصية، منذ كانت طالبة في قسم الأدب الفرنسي بجامعة دمشق، وفي أدوراها التمثيلية الكثيرة على المسرح وفي السينما والتلفاز، وفي مسرح تياترو لفنون الأداء المسرحي الذي أسسته في دمشق 2004م، واضطرت لنقل فاعلياته من ساحة عبد الرحمن الشهبندر، إلى جرمانا، إلى حي القنوات الدمشقيّ؛ وخرّجت منه عشرات المسرحيين؛ فأسهموا في إنتاج عشرات العروض المسرحية والأفلام طيلة فترة الثورة السورية، منتصرين فيها لطهرانية ثوارها، وللإنسان أينما تواجد.
من حدّق في سيماء وجهك يا مي سكاف منذ ولادتك في مدينة دمشق 1969م، ولحظة إعلانك الموت في مدينة باريس، يدرك أنّك ممن تحملين مآسي الناس، ويعرف - أيضًا - سرًّ نجاحك في حياتك وانتصارك في موتك، أنت يا مي، لست الأولى التي تعلن الموت على واقع سياسيّ اتسم بالعهر والكذب والجريمة، أنت محطة جديدة من محطات صرخات الإنسانية لتتجاوز عجز البشر عن نشر المحبة والخير والمعرفة، أنت يا مي؛ عنوان لكلّ ما هو جميل في هذه الحياة التي استحقّت جمالك.
كلّ من سمع أخبارك أدرك أنّك لا تعرفين أن تطأطئي، أو تستكيني للظلم، أنت إحدى نساء ثورة شعب سوريا العظيم؛ اللواتي ألهمن شبابها التمرّد على سلطة النظام الفاسدة والقهريّة.
كانت مي سكاف معروفة بتطويعها لأدوار التمثيل المركّبة، التي تحتاج طاقات إبداعية خارقة، وبقيت وفيّة لفنّها - تمامًا - كما كان وفاؤها لثورتها، وقد أنجزت في أثناء إقامتها بباريس أعمالًا لافتة، كان آخرها فيلم سراب في 2017م؛ إذ أدّت دور "ريما مرشيليان" وهي مهجّرة سوريّة في أثناء الثورة السوريّة، كان يراودها حلم أن تتولى حكم بلد عربيٍّ في خضم الانتخابات الفرنسيّة الأخيرة.
أخيرًا ترجّلت مي سكاف، وأعلنت موتها المشتهى في زمن خؤون، وذلك يوم الإثنين 23 يوليو/ تموز 2018 م عن عمر ناهز 49 عامًا.
عهدًا لك، أيتها الشهيدة الجميلة، شهيدة الغربة القسريّة، شهيدة ثورة شعب سوريا العظيم، عهدًا أمام روحك الطهورة، أن نبقى على عهد بناء سوريا حرّة مدنيّة ديمقراطية، كما حلمت بها؛ إذ لم يعرف التاريخ هزيمة ثورة، بل لا يزال التاريخ الإنسانيّ يهزم الأوغاد والفاسدين والقتلة والمحتلّين.



#أدهم_مسعود_القاق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقدمة في علم المخطوطات
- وداعًا نبيل فهد العباس، شهيد التهجير والغربة القسريّة
- النقد التاريخي وقراءة الحاضر
- في ذكرى 5 يونيه / حزيران، 1967: صبرًا شعب سوريا على مأساتكم ...
- أوهام عبد الإله بلقزيز في استعادة الممانعة بمواجهة الثورة ال ...
- الدراسات الثقافية والتغيير المجتمعيّ
- في الذكرى السادسة لانطلاقة ثورة شعب سوريا العظيم
- أين رياض الترك ومنتهى الأطرش الآن؟
- العيوب النسقية الثقافية
- المقاومة الثقافية وشباب الربيع العربي
- الثوّار السوريون يكذّبون رؤية نوال السعداوي في الحاكم بأمر ا ...
- مؤتمر مراكز البحوث العربية والتنميّة والتحديث بالقاهرة: -نحو ...
- الثورة السورية بؤرة ثورات الربيع العربي، ومؤتمر الرياض
- وفاة الأستاذ منذر الشمعة، في غربته القسرية
- التنوخيون الدروز وسط التنوع الجغرافي والمجتمعي في بلاد الشام
- اقتراب ثوّار سوريا من الوثبة الأخيرة
- التناص والمناص، قراءة تطبيقية جبران، مريم المجدلية، ودرويش، ...
- شهيدة ميادين الحرية شيماء الصباغ في القاهرة
- المذهب الرومانسي، جبران خليل جبران لايزال حيّاً
- عن الثورة السورية، بيان معاذ الخطيب، وكيلو وكيلة وعبد العزيز ...


المزيد.....




- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...
- للمرة الخامسة.. تجديد حبس عاملي غزل المحلة لمدة 15 يوما


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - أدهم مسعود القاق - وداعًا مي سكاف، وداعًا.. سلامًا عى موتك المشتهى