أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد ابداح - ضجيجُ الموتى!














المزيد.....

ضجيجُ الموتى!


محمد ابداح

الحوار المتمدن-العدد: 5941 - 2018 / 7 / 22 - 12:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا ريب بأن الأمانه لا تجتمع مع الشكوى، فالأمين يعمل بصمت دون تذمّر، لأن حُسن أداء العمل أمانة تستأهل قدرا من المشقة، لكن وبالنظر إلى واقع الوطن العربي؛ يُحسن القول بأن الموتى فيه قد باتوا يُشكلون أغلبية ساحقة مقابل الأحياء، حيث يفوزون دوما بكافة الإنتخابات الرئاسية والنيابية وحتى المجالس القروية؛ فضلا عن أن مؤامراتهم قد أثقلت كاهل أحياء العرب ممّن يحملون أمانة العادات والتقاليد دون شكوى،غير أن الحق يقال بأن الأحياء العرب لايزالوا يمتلكون أفضلية إختيار ضجيج موتاهم المفضلين! وينبغي على الشعوب العربية الرقص على إيقاع ذلك الضجيج المُختار بعناية، وربما يكون هذا (اللامنطق) هو إطار لكافة الصُّروح الدينية المقامة منذ زمن المُعلقات الشعرية على طول امتداد طريق تخلفنا العربي إلى اليوم، ولو قُدّر لسوء الحظ أن يتشكل من العادات والتقاليد والثوابت الزائفة لحمله العرب أمانة في أعناقهم دون شكوى.
ومادام صحيحا القول بأن أكثر المواضيع التي تقل معرفتنا بها يكثرُ تنظيرنا حولها، فإنع سيصعب علينا دائما التمييز بين استعارة تجارب الأمم الأخرى والتشبّه بها، وإلاّ فماذا بقي غير أن يأذن لنا الأموات بأن نحيى، وبأن نفتح الحدود الطويلة بيننا وبين المضامير التي سبقتنا فيها باقي الأمم، ورصف بعض الطرق الواصلة بيننا وبين مفاهيم تسمح بتمييز الحقيقي من الزائف.
إن مثل هذا الطموح لا يقل تطرفا عن النقد السّياسي والديني، فإن كانت الأديان قد خُلقت لتبرير فتح باب الأمل في الحياة فمن باب أولى أن نقد الأديان سببا لإغلاقه، وبعبارة أخرى من أجل عقلنة أفكارك عليك أولا البدء بما هو لا عقلاني بهدف إقصاءه، ودائما ما يتجلى الأمر في صيغة موحّدة (مُمكن عمليا أم لا..؟)، على سبيل المثال: لا يُمكن تصور مجتمعا ما يُمكن له أن يعيش في سلام حقيقي مع نفسه أولا، ومع الآخرين ثانيا وهو بلا وطن! وكيف يقبل أيّ فرد أن يتمتع بأهلية لا يحق له ممارستها وحقوقا لايجوز له المطالبة بها؟ فما بال أنظمة سياسية عربية حاكمة يُحدد لها مسبقا أي جزء من سيادتها فقط يحق لها أن تمارسه. تلك أنظمة تبيع الخيبة والفشل مع ضمان التنفيذ لمدى الحياة.
وكما أن الوهم يُخلي مكانه للحقيقة حال ظهورها؛ فإن سياسات الأنظمة العربية الحاكمة لا تهدف إلى كشف الحقائق بل إلى إثبات مشروعية كشفها، كشرط لاستمرار حُكم التجمعات البشرية، وبذلك يكون محكّ الأمور ليس الصواب أو الخطأ، وإنما في مصلحة النظام الحاكم أم لا، وعلى هذا النهج تتشكل الكيانات السياسية العربية وتتمكن من حمل الأمانة لكن مع الكثير من الشكوى الدائمة.
وكما أن المتحجرات الحيوانية تُمثل ضجيجا يُعبّر عنه اهتماما خاصا بكل عصر تاريخي تُمثله؛ فإن لموتى بعض العرب ضجيجا أعلى يُعبّر عنه اهتماما عاما طالما أنه يُحقق مصالح خاصة لبعض الأحياء، وحينها فقط يكون أفراد الشعب مُجرد أرقام في دليل الهاتف، غير أنه وبرغم ذلك كله فثمة بصيصا من نور يمكن أن يُستنبط منه فكرة تمهيدية قد تريحنا من ضجيج الأموات وتأويل مُنظّري الأديان معا؛ إن كل أمر طبيعي في الكون غير قابل للإتهام بسلوكه، وليس عليه أن يعتذر عن أي شيء، والطبيعة البشرية تميل لذات السياق.
وبما أن قوانين الأعداد (الرياضيات) هي وحدها من يُعيد ضبط الأمور ويحدد النتائج والعواقب بدقة، لذا فإن المرء في النهاية يفعل ما في وسعه فعله لا ما يُريد فعله، ومن يُحاجج بخلاف ذلك فعليه مراجعة التاريخ، ولذات السبب فثمة الآلاف من الكيانات البشرية المختلفة فكريا وأيديولوجيا وثقافيا، لكن ثمة طريقة واحدة فقط كي تتمكن تلك الكيانات من المُحافظة على استمرارها ضد المخاطر التي تهدد وجودها، وهي غريزة البقاء.
وعليه فإن النقد العقلاني لسياسة الأنظمة العربية الحاكمة إقليميا ودوليا؛ يشي بانها استبدلت فكرة الرؤية الشاملة للعالم بنظرية ( التقنية الإجتماعية الخاصة بالعائلة الحاكمة )، وقاعدتها ترقيع المُخرّق وتجميد التنمية بإصلاحات محدودة جدا، لكنها بالنهاية لن تصمد أمام إختبار المطالب الإجتماعية العامة ولن تفلت من العقاب. ربما حان الوقت للتساءل عمّن هم أشد حُمقا المُتصامُّون من الشعوب العربية، أم منظّري الأديان والقصور الرئاسية الراقصين على إيقاع ضجيج الأموات؛ الذين يجعلون من موت فرد مأساة ومن مجازر جماعية مجرد إحصاء؟
لنقل ما نريد دفعة واحدة؛ إن مكر الأيديولوجيات الأرضية والسماوية يكمن في عدم احتسابها للتكاليف البشرية المقابلة للتعصب الديني، وكما أن ملامح (الحجة بالقوة) هي دينية قبل أن تكون سياسية، فإن ملامح الفردوس والجحيم هي سياسية قبل أن تكون دينية، ومن الجائز في هذا الصدد القول بأنه لو قُدر للرُّقي الديني والفكري والأخلاقي-صعودا وهبوطا- أن يكون تبعا لارتفاع المجتمعات السكانية عن سطح البحر؛ لكان البوذي في أعالي جبال الهملايا (الفردوس) أرقى البشر، وسكان منطقة البحر الميت وسواحل جنوب القارة الأفريقية (الجحيم) أدناهم، وقد يُجيب بتردد إى عالم دين أو حتى ماورائي عمّا يجول في باله أمام هكذا مشهد: لست أدري! ربما هكذا خُلقنا! وإن لم يكن الأمر لا هذا ولا ذك؛ فحينها إذا يُعمم المُطلق ويُقيّد الخاص في بحث لانهاية له عن لانهائي، وسيكون للبعض وقتها أن يرى بأن رفض فكرة الأديان هو مُنتهى الإيمان.



#محمد_ابداح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المتغيّر والثابت في الوطن العربي!
- الصحافة الرسمية الرائجة
- المعارفُ والقناعات!
- الجمهورية العربية الثالثة!
- العودة المستحلية!
- دول المخاض العربي!
- هوّية الهيمنة الدّينية والسّياسية
- تقنين الفساد المالي والإداري في الدول العربية المعاصرة
- قواعد النّقد السياسي-8
- قواعد النّقد السياسي-7
- قواعد النّقد السياسي-6
- الشباك المثقوبة!
- قواعد النّقد السياسي-5
- قواعد النّقد السياسي-4
- إستثمار الإستعمار
- قواعد النّقد السياسي-3
- الحقيقة العارية
- لسوءِ الأمانة ثمنٌ وللجُبْنِ أثمانُ
- مُدّعي الأصالة مُقرٌ بالنّقلِ
- قواعد النّقد السياسي-2


المزيد.....




- بعيدا عن الكاميرا.. بايدن يتحدث عن السعودية والدول العربية و ...
- دراسة تحذر من خطر صحي ينجم عن تناول الإيبوبروفين بكثرة
- منعطفٌ إلى الأبد
- خبير عسكري: لندن وواشنطن تجندان إرهاببين عبر قناة -صوت خراسا ...
- -متحرش بالنساء-.. شاهدات عيان يكشفن معلومات جديدة عن أحد إره ...
- تتشاركان برأسين وقلبين.. زواج أشهر توأم ملتصق في العالم (صور ...
- حريق ضخم يلتهم مبنى شاهقا في البرازيل (فيديو)
- الدفاعات الروسية تسقط 15 صاروخا أوكرانيا استهدفت بيلغورود
- اغتيال زعيم يكره القهوة برصاصة صدئة!
- زاخاروفا: صمت مجلس أوروبا على هجوم -كروكوس- الإرهابي وصمة عا ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد ابداح - ضجيجُ الموتى!