أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله المدني - حديث اليابان.. تعديل الدستور من عدمه














المزيد.....

حديث اليابان.. تعديل الدستور من عدمه


عبدالله المدني

الحوار المتمدن-العدد: 5941 - 2018 / 7 / 22 - 12:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المعروف أن دستور اليابان الحالي تمت صياغته على يد الأمريكيين بعد أن هزموا القوات اليابانية في عام 1945، فحرصوا على أن يتضمن ما يمنع اليابان مستقبلاً من الدخول في نزاع مسلح. ومن هنا جاءت المادة التاسعة منه صريحة لجهة ضرورة أن تتخلى اليابان إلى الأبد عن الحروب، وأن تمتنع عن بناء جيشها الخاص، وألا تلجأ إلى القوة أداة لتسوية نزاعاتها مع الآخر. وعلى الرغم من هذا، فإن اليابان تحايلت -بموافقة الحليف الأمريكي- على النص الدستوري، فشكلت ما يُعرف بـ«جيش الدفاع الذاتي» للقيام بالدفاع عن الأمة ضد أي هجوم خارجي، وللقيام أيضا بمهام أخرى مثل البحث والإنقاذ في حالات الكوارث الطبيعية. وقتها نظر الكثيرون إلى تخريجات ما بعد هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية على أنها صبت في مصلحة اليابانيين، ومنحتهم فرصة نادرة للتفوق؛ لأنها جعلتهم يوجهون كل طاقاتهم ومواردهم نحو التعليم والابتكار والبناء والتصنيع والسلام بدلاً من توجيهها نحو الحروب والتدمير. وكان من نتائج تفوقهم الصناعي والتكنولوجي معطوفًا على القيم اليابانية في الولاء والطاعة والانضباط أن أضحى «جيش الدفاع الذاتي» الياباني واحدًا من أفضل جيوش العالم تجهيزًا وتطورًا ومناقبية وانضباطًا.
الأمر الآخر المعروف عند البعض هو أن الدستور الياباني من الدساتير التي مر عليها اليوم أكثر من سبعين عامًا دون أي تعديل يتماشى مع ما حدث من تطورات سياسية وتغيرات اقتصادية وتبدلات اجتماعية وتحديات جيواستراتيجية منذ عام 1945، كما أنه ثاني أقصر دستور في العالم بعد دستور آيسلندا. فعدد كلماته لا يتجاوز 5 آلاف كلمة في مقابل 21 ألف كلمة معدلاً لبقية دساتير العالم؛ وذلك بسبب أن الدستور الياباني تطرق إلى عناوين عامة وترك التفاصيل للمشرعين.
على أن الحديث الدائر في اليابان، منذ فوز الحزب الديمقراطي الحر بزعامة رئيس الوزراء الحالي «شينزو أبي» بأغلبية ثلثي مقاعد مجلس النواب في انتخابات مبكرة في سبتمبر 2017، هو عن تعديل الدستور، خصوصا أن «أبي» من كبار دعاة تحويل «قوات الدفاع الذاتي» إلى جيش نظامي كبقية جيوش العالم، قادر على المشاركة في القتال مع الحلفاء خارج حدود البلاد «في ظروف محددة». وإذا كانت فكرة «أبي» هذه تحظى بتأييد غلاة القوميين اليابانيين (معظمهم من الشباب) ممن ظلوا يؤمنون بأن بلادهم تعرضت للمهانة يوم أن فرض الأمريكيون عليهم دستورًا تمت صياغته في واشنطون، فإن الغالبية العظمى من السكان تفضل الوضع الحالي ولا ترى في بناء جيش ياباني أمرًا ملحًا، ناهيك عن أنه سيتسبب في إثارة قلق دول الجوار، لا سيما الصين والكوريتين التي عانت كثيرًا في الماضي من النزعة العدوانية التوسعية للعسكر الياباني. وبكلام آخر، فإن المواجهة بين فريقين، أحدهما يعد الدستور الحالي مذلة وبالتالي يجب تعديله، والآخر يرى فيه سببا لما تعيشه البلاد من ديمقراطية وسلام وتقدم. وربما لهذا السبب حرص «أبي» في تصريحاته على التأكيد أنه إذا ما قبل الشعب تعديل الدستور فإنه سوف يُبقي على المواد الدستورية التي تمنع البلاد من شن حروب هجومية.
والحقيقة أن «أبي» ظل طويلاً يردد أن تغيير الدستور الياباني ليس بالأمر السهل، وكان محقًا في ذلك؛ لأن الأمر يتطلب أولاً قيام مائة عضو في مجلس النواب أو خمسين عضوًا في مجلس الشيوخ بتقديم اقتراح حول الموضوع، ويتطلب ثانيًا موافقة غالبية ثلثي الأعضاء في كل من المجلسين، ويتطلب أخيرًا طرح الموضوع في استفتاء شعبي، فإذا فاز بأغلبية بسيطة صار قانونًا نافذًا. لكن الأمر صار اليوم بالنسبة إلى الزعيم الياباني أسهل من أي وقت مضى، بعدما صار الحزب الحاكم يحظى، للمرة الأولى، بغالبية الثلثين في مجلسي البرلمان، وبالتالي لم تعد هناك صعوبة لتنفيذ ما وصفه بـ«واجبي الوطني زعيمًا للحزب الديمقراطي الحر» في مؤتمر صحفي له في يوليو 2016.
وعلى الرغم من زوال كل العقبات أمام تعديل الدستور، فإن «أبي» يواصل الظهور بمظهر رجل الدولة الذي يفضّل التريث وعدم الاندفاع من أجل خلق أكبر قدر من الإجماع الشعبي حول خطوته الدستورية الخاصة بتأسيس قوات يابانية مسلحة لأول مرة منذ نهاية الحرب الكونية الثانية، وهي خطوة رمزية -بطبيعة الحال- في ظل وجود جيش الدفاع المتطور، لكنها تبقى تاريخية.
التطور المستجد على صعيد هذه القضية الحساسة هو تعزز موقف المناوئين للتعديل الدستوري على خلفية الصفقة التي تمت مؤخرًا بين واشنطن وبيونغيانغ في «قمة سانتوزا» في سنغافورة. إذ صار هؤلاء يتحدثون عن عدم جدوى إجهاد الميزانية العامة في الإنفاق على التسلح، وضرورة التركيز بدلاً من ذلك على الشأن الاقتصادي، طالما أن شبح الخوف من اعتداءات أو مغامرات كورية شمالية ضد البلاد قد تراجع أو في طريقه إلى الزوال، وهو ما ينفيه المؤيدون لطروحات «أبي» وحزبه الديمقراطي الحر، قائلين إن نظام «آل كيم» الستاليني في بيونغيانغ لا يزال يمثل تهديدا في ظل عدم إنهاء حالة الحرب رسميا وعدم التوقيع على اتفاقية سلام شاملة في المنطقة. كما أن هؤلاء يستندون في موقفهم إلى مبرر آخر، هو الخوف من تراجع الأمريكيين عن التزاماتهم حيال ضمان أمن وسلامة اليابان، وعدم التيقن من إبقاء واشنطن لقواتها المرابطة في اليابان، البالغ تعدادها نحو 50 ألف عنصر، إلى الأبد.



#عبدالله_المدني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أبومدين.. رجل الحكاية والكدح والصدق والحداثة
- انتخابات باكستان على الأبواب.. والتوقعات صعبة
- الديكان.. ترسانة الإيقاعات الشعبية
- النفط.. مرتكز العلاقات الخليجية الهندية
- خليفة البنعلي.. زهد في السياسة من بعد حماس
- قمة «سانتوزا».. لا تزال موضوعًا للجدل
- الشعوان... حفر اسمه على جبين الخُبر
- ماذا بعد مقتل «الملا راديو» قاتل الأطفال
- صاحب مصطلح «زراعة النفط»
- غموض كوريا الشمالية يتبدد
- خسرت الهند في سيشل وربحت في إندونيسيا
- عودة الإرهاب إلى إندونيسيا.. من المسؤول؟
- البشتون يتحدون الجيش الباكستاني
- «المحبوب» و«المحبوس» يغيران المشهد الماليزي
- ارتياح في تايبيه.. وغضب في بكين
- الدفّاع.. من رعاية الغنم إلى رعاية العقول
- القمة التي سرقت منها الكوريتان الأضواء
- النجم.. نغم يسري في وريد البحرين
- درس كوري لأوطاننا العربية الممزقة
- المر.. ثقافة موسوعية واهتمامات لا حصرية


المزيد.....




- ما هي صفقة الصواريخ التي أرسلتها أمريكا لأوكرانيا سرا بعد أش ...
- الرئيس الموريتاني يترشح لولاية رئاسية ثانية وأخيرة -تلبية لن ...
- واشنطن تستأنف مساعداتها العسكرية لأوكرانيا بعد شهور من التوق ...
- شهداء بقصف إسرائيلي 3 منازل في رفح واحتدام المعارك وسط غزة
- إعلام إسرائيلي: مجلسا الحرب والكابينت يناقشان اليوم بنود صفق ...
- روسيا تعلن عن اتفاق مع أوكرانيا لتبادل أطفال
- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله المدني - حديث اليابان.. تعديل الدستور من عدمه