أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبدالرحمن مطر - سوريا: التعذيب حتى الموت















المزيد.....

سوريا: التعذيب حتى الموت


عبدالرحمن مطر
كاتب وروائي، شاعر من سوريا

(Abdulrahman Matar)


الحوار المتمدن-العدد: 5941 - 2018 / 7 / 22 - 01:55
المحور: حقوق الانسان
    


يقتل النظام الأسدي وحلفاؤه السوريين كل يوم، بكل الوسائل والسبل المتاحة، والمجترحة، المئات من المدنيين بوجه خاص. وكأن قضيته بالأساس مع هؤلاء الذين تمسكوا بالانحياز الى الحق، والحرية، والى التزام المنهج السلمي في مواجهة الطغيان. قتلٌ عبر القصف والقنص، بتدمير المنازل فوقهم، بالتجويع والحصار، بالتهجير والحرمان، والاغتصاب. وأيضاً عبر الاعتقال والتعذيب حتى الموت. يومياً ثمة ضحايا في كل مكان مستهدف من سوريا، وفي كل وقت، منذ ثماني سنوات، لدينا خبرعن شهيد جديد.
تبدو جرائم القتل الجماعي والفردي التي يرتكبها نظام الأسدية، غير قابلة للمحاسبة في المدى المنظور، بدليل الصمت الدولي الذي يستمد منه الجلاد قوة وقدرة، على المضي في جرائمه، مدركاً عدم التعرض للمحاسبة، مع حيازته لدعم سياسي غير محدود، يمنع مجلس الأمن من إحالة ملف الانتهاكات الى المحاكم والمنظمات المختصة. كما أن القوى المعنية بمراقبة التزام الدول بالقانون الدولي والاتفاقيات الموقعة في سياقه، لا تقوم بواجبها ( منظمات وحكومات ) في مراقبة أفعال النظام السوري، وفي تقييم انتهاكاته، وبالطبع عدم اتخاذ اي إجراءات تنظيمية وسياسية، بسبب انتهاك اتفاقية مناهضة التعذيب.
وقعت سوريا على الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب عام 2004، بعد قرابة عقدين من المراوغة، والتملص من انضمامها إليها، لأنها تدرك جيداً حجم افعالها في مجال التعذيب، الذي يتجاوز حدود الانتهاكات العابرة، الى سلوك همجي منظم، كأسلوب حكم وقهر كارثي يمارسه النظام ضد الضحايا السوريين. وجاء التوقيع ملاحظاً الاعتراض وعدم الالتزام بالمادة 20 من الاتفاقية، وهي التي تمنح لجنة مناهضة التعذيب، الحق بتنفيذ زيارات تفتيش طارئة، الى السجون والمعتقلات السورية. وبذلك يمتنع عن الالتزام بجوهر الاتفاقية، ويستمر بممارسة التعذيب، في ظل عدم تمكّن المنظمات الدولية من الاتصال بالضحايا، وأخذ أقوالهم إن أمكن، والاطلاع مباشرة على أحوالهم .
في سوريا، يستخدم النظام مقرات سرية للتحقيق، إضافة الى الأفرع الأمنية المعروفة، ويجري فيها تعريض المعتقل بشكل منظم وممنهج لشتى صنوف التعذيب، إما لإرغامه على الإدلاء بأقوال أو شهادات حول آخرين، أو معلومات تحاول أجهزة الأمن الوصول إليها. المعتقل وحده، هو من يعرف صنوف التعذيب التي يمارسها السجان بوحشية مطلقة بحقه. ليست هناك أية ضوابط، في القيام بها، كما انه ليست هناك أية مسؤوليات قانونية عن النتائج المترتبة عن التعذيب، التشريعات القانونية السورية تحمي الجلاد.
في صلب مسلكياته ووظائفه اليومية، يمارس النظام التعذيب ضد المعتقلين والسجناء دون أسباب مباشرة. الهدف منها النيل من كرامة المعتقل، وممارسة العسف والجور بحقه. وليس هناك أي استثناء لمريض أو جريح، ويجري التعذيب داخل المهاجع والزنازين، وفي الممرات والساحات، إضافة لغرف التحقيق والتعذيب الخاصة. وما يجري في المعتقلات السورية، خارج عن حدود المتخيل، بالنظر الى بشاعة التعذيب، واللجوء الى أساليب بدائية بهيمية، هي مزيج من الحقد، والعنف الأعمى ضد أشخاص مقيدين، معزولين، محرومين، لا اتصال لهم مع ذويهم، ولا محامين، ولا يملكون أية قدرة في الدفاع عن أنفسهم.
يعمد النظام الأسدي الى الإخفاء القسري للضحايا، لاتُعرف أماكن اعتقالهم، ولا أسماؤهم، ولا ترشح أية معلومات عنهم طوال فترة التغييب. وخلال هذه الفترة، يتعرضون لأهوال شتى تهدد حياتهم، ومن يصمد ويُكتب له البقاء حيّاً، فهو مولود جديد، وإن كان مصاباً في جسده وروحه، فهي جروح لا تندمل، ولا يُمكن نسيانها. وفي جميع أمكنة الاعتقال، دون استثناء، يحدث التعذيب، ويتعرض فيها المعتقل لمحاولات القتل العمد. غير أن أشد الأمكنة قسوة وبشاعة في الإجرام هي المعتقلات التي تديرها المخابرات الجوية أولاً، والعسكرية، وميليشيات ماهر الأسد، وأمن الدولة. يضاف إليها التعذيب في السجون السورية الموصوفة كأخطر أمكنة الاحتجاز في العالم.
التعذيب حتى الموت، واحدة من اكثر جرائم العصر بشاعة وفظاعة، كونه انتهاك لحق الحياة، وهو لا يستند الى أية شرعة قانونية، ولا يتعرض فيها القاتل الى مساءلة. وكونها جريمة تستهدف أفراداً لم تشكل حياتهم أو حريتهم خطراً على المجتمع. في سوريا يتعمد النظام قتل النشطاء المدنيين تحت التعذيب، لأنهم يحملون الأفكار والقيم، يرى فيهم مصدر خطر على طغيانه واستبداده وهمجيته، بدل أن يشكلوا مصدر فخر لمستقبل آمن في سوريا.
بين صفوف الشهداء تحت التعذيب، مبرزون في مجالات العلوم والمعارف. متميزون في مهنهم ودراستهم، حيث تمتلئ سجون ومعتقلات النظام الأسدي بآلاف المثقفين السوريين: نخب تنمية المجتمع وتطويره. طلبة واساتذة جامعيون، كتاب ومسرحيون، أطباء وعمّال، معلمون ومهندسون..وغيرهم.
ملف المعتقلين والمغيبين قسراً في سجون النظام الأسدي، والذي تشرف فيها المخابرات الإيرانية، على أداء الأجهزة الأمنية، يشكل عبئاً حقيقياً على النظام وعلى حلفائه، ولايزال يرفض فتح النقاش حوله في جميع مراحل التفاوض التي جرت في جنيف وغيرها، ولم يستطع أي طرف دولي حتى اليوم إجبار النظام على فتح هذا الملف، كبادرة لبناء الثقة، وظل يعتم على مصير ما يقرب من ربع مليون مواطن سوري مُختف قسرياً ومغيب.
وإن كان قد بدأ اليوم بإبلاغ ذوي المعتقلين، عن وفاة أبنائهم في المعتقلات والسجون، فإن ذلك لن يقود الى طيّ هذا الملف، كما يريد النظام الأسدي، بل يدفع باتجاه القيام بتحرك قانوني وشعبي واسع، وعلى مستوى المنظمات والمؤسسات المعنية ، وحيثما تواجد السوري، الى ثورة جديدة من أجل المعتقلينن، وإلى ورفع الدعاوى القضائية، من كل ذوي معتقل وشهيد.
يُذكرني ذلك، بما فعله نظام الطاغية القذافي، حينما بدأ- تحت إلحاح دولي وأهلي – بإبلاغ ذوي ضحايا مجزرة سجن ابي سليم ( 1996) الشهيرة، التي قتل فيها أمن القذافي 1260 معتقلاً سياسياً داخل مهاجعهم وزنازينهم، ظناً منه بإقفال الملف بالتعويض المالي، لكن ذلك في الحقيقة قاد الى ثورة الليبيين ضده، وكانت المجزرة أحد أهم أسباب الانتفاضة الليبية، ولم يكن مقتله بتلك الطريقة التي حدثت، سوى نتيجة لأفعاله ونظامه الأمني.
إن قتل المعتقلين السوريين تحت التعذيب، هو سبب كافٍ لإسقاط الأسد ونظامه، ومحاسبته، ولو بعد حين.
لقد أضحت سوريا تعبير مرادفٌ للتعذيب حتى الموت، وعلى كل ناجٍ أن يكتب شهادته، وأن يقاضي نظام الجلادين الأسدي.



#عبدالرحمن_مطر (هاشتاغ)       Abdulrahman_Matar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرب العالمين ضد حوران
- المعتقلون في السجون الأسدية .. ناجون الى حين !
- النظام الأسدي و النموذج الإسرائيلي
- الإبادة الجماعية المنظمة في سوريا: المحرقة الأسدية
- الدور الايراني في سوريا والصراع مع اسرائيل
- الحرب التي لا تنتهي !
- سوريا: المغيبون والمصير المجهول
- تجليات وأوهام سوتشي
- عفرين والمصير المرير
- سوتشي: الهروب من استحقاق جنيف
- تبخّر داعش .. وتمكين الاحتلال في الرقة
- حلم كردستان بين الحصار والخذلان
- الرقة على مذبح روما
- جرائم الحرب والإفلات من العقاب
- واشنطن وسياسات الاحتواء
- تغيرات الموقف الفرنسي إزاء القضية السورية
- الرقة بين التحرير والتفريغ
- خطوط متقاطعة في معركة الرقة
- نظام المحرقة الأسدية المدلل
- الرقة: سجال حول المجالس المحلية وحرية الصحافة


المزيد.....




- اعتقال أكثر من 100 متظاهر مؤيد للفلسطينيين من حرم جامعة كولو ...
- بمنتهى الوحشية.. فيديو يوثق استخدام كلب بوليسي لاعتقال شاب ب ...
- البرلمان العربي يستنكر عجز مجلس الأمن عن تمكين فلسطين من الح ...
- الكويت: موقف مجلس الأمن بشأن عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ي ...
- قائمة الدول التي صوتت مع أو ضد قبول الطلب الفلسطيني كدولة كا ...
- لافروف يعلق على اعتقال شخصين في ألمانيا بشبهة -التجسس- لصالح ...
- اعتقال عشرات الطلاب الداعمين لفلسطين من جامعة كولومبيا الأمي ...
- استياء عربي من رفض أميركا عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- فيديو يوثق استخدام كلب بوليسي أثناء اعتقال شاب في الضفة الغر ...
- فيتو أميركي يفشل مشروع قرار منح فلسطين العضوية في الأمم المت ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبدالرحمن مطر - سوريا: التعذيب حتى الموت