أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعود قبيلات - هنديّ أحمر في «ملقا»!














المزيد.....

هنديّ أحمر في «ملقا»!


سعود قبيلات

الحوار المتمدن-العدد: 5938 - 2018 / 7 / 19 - 06:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




رأيتُ، بالمصادفة، أمس، أنّ ابني «ورد» قد كتبَ على صفحته في الفيسبوك، قائلاً إنَّ: «الطيران موقف».
«ورد» يدرس الطيران المدنيّ في إسبانيا؛ تحديداً في مدينة «ملقا» الأندلسيّة الاسبانيّة (مالقة، كما كان يسمّيها العرب الأندلسيّون).
«ورد» كان الطيران هو حلمه الكبير منذ طفولته، وقد حاول الدراسة في أكاديميّة الطيران الأردنيّة في ماركا (لا أذكر اسمها الرسميّ بالضبط)؛ ولكن، مع أنّه كان يدرس على حسابه الخاصّ، ومع أنّه – بخلافي – لم يعمل في السياسة، إلا أنّه طُلِبَ إلى المخابرات وتمّ التحقيق معه، أكثر مِنْ مرّة.. لا لشيء سوى أنّه ابني، وباعتبار أنّه «لا تزر وازرة وزر أخرى»!
وبالمناسبة، بسببي أيضاً، لا أحد مِنْ أشقّائي وشقيقاتي حصل على وظيفة حكوميّة، ومثلهم ابنتي وابني. وتقريباً، للسبب نفسه، كلّ واحد ينتهي اسمه بلقب «قبيلات»، طُلِبَ للتحقيق عند تعيينه في وظيفة حكوميّة.
ما علينا! على حدّ تعبير الراحل إميل حبيبيّ..
سرعان ما رأى «ورد»، بالتجربة، أنّه لا فرصة له للعمل كطيّار مدنيّ في بلاده، ما دامت لا توجد له واسطة في نطاق العصابة المهيمنة على البلد وما دام والده متّهماً أبديّاً مِنْ أرباب السلطة الذين قدموا إلى البلاد قبل عشرات السنين فقط وأصبحوا – مع ذلك – يتحكّمون بنا ويقرّرون مصائرنا مِنْ دون أنْ يأخذوا رأينا بعين الاعتبار، كما أنّه لا فرصة له أيضاً للعمل في أيّ بلد آخر؛ لأنَّه ما دامت الدولة التي توجد فيها هذه الأكاديميّة لا تشغِّل خرّيجيها، فلماذا تشغِّلهم الدول الأخرى إذاً؟
لذلك، شجّعناه على قطع دراسته في الأردن، والبحث عن فرصة للدراسة في أيّ بلدٍ آخر.
وقلتُ له (أنا الذي سبق لي أنْ رفضتُ، في سالف الزمان، تخيير المخابرات لي بأنْ أغادر البلاد إلى تشيكوسلوفاكيا أو أُسجن لسنين طويلة. ثم، بعد خروجي من السجن، رفضتُ رجاءات رفاقي وضغطهم عليّ أنْ أُغادر البلاد إلى موسكو، ممثّلاً لهم، هناك، معزَّزاً مكرّماً) قلتُ له: أي بُنيّ (على طريقة العرب القدماء)، هذه البلاد لم تعد لنا في الواقع؛ فنحن، رغم أنّ جذورنا فيها تمتدُّ إلى مئات السنين (هذا إذا تواضعنا ولم نقل: آلاف السنين)، وكنّا فيها أعزّاء كرماء، إلا أنّنا الآن لم نعد أكثر مِنْ هنود حمرٍ. يمكن لأيّ هاوي صيد أنْ يصطاد أحدنا، مثلاً، لقاء ثمنٍ بسيط يدفعه لـ«الرجل الأبيض»، ويمكن لأيّ كاوبوي طارئ أنْ يفعل بأيٍّ منّا ما يشاء.
ومِنْ حُسْنِ الحظّ أنّ «ورد» قد اختار ملقا ليدرس فيها. فملقا (أو مالقة)، بحسب الدكتور صلاح جرّار.. المتخصِّص بالدراسات الأندلسيّة، كانت موطناً للأردنيين أيّام الأندلس. بل إنّه أسماها «أردن الأندلس». وبالاستناد إلى ما جاء في كتابه «مدينة مالقة: أردنّ الأندلس - صفحة مجهولة مِنْ تاريخ الأردن»، فإنّه، ذات مرّة، في ذلك الزمن البعيد، هاجر إلى ملقا عشرة آلاف أردنيّ، دفعةً واحدةً. بل إنّ أكثر مِنْ شاعر مِنْ شعراء ملقا القدماء قد ذكر اسم الأردن في قصائده واستعاد ذكراه وتغنّى به.
تخيّلوا، أجدادنا إلى أين وصلوا، قبل مئات السنين، وأين انتهى بنا الأمر الآن؟! بل وانظروا مفارقات الزمان لتروا مَنْ أصبح ينظر إلينا الآن مِنْ علٍ.. كما لو أنّنا نحن مَنْ تسلّل إلى هذه البلاد مِنْ متاهات الصحراء وعلى غفلة من الزمان؟ ّ!
وبعد هذا كلّه، يأتينا مَنْ يقول بصفاقة وغباء: لقد كنتم مجرّد عشائر وقبائل متناحرة، وبلادكم كانت خربة كأطلال جرش، ثمّ بُنِيَتْ لكم طُرق وجامعاتٌ ومدارس وما إلى ذلك!
يا ابن الـ(...) وما إلى ذلك، هل بقي بلدٌ في العالم – مهما كان متخلّفاً – ليس فيه طُرق وجامعاتٌ ومدراس وما شابه؟!
ما علينا، مرّةً أخرى..
أُريد أنْ أقترح على «ورد» أنْ يصف الطيران بأنّه حُلم وليس بانّه موقف فقط؛ فوالده، قبله، يزعم بأنّه كان في صباه أفضل صانع طائرات ورقيّة في مليح؛ بل إنَّني – ذات مرّة – صنعت له، أعني «ورد» نفسه، في صباه، طائرة ورقيّة كبيرة وبخيطٍ طويلٍ طويل (جعلته أطول مِنْ كلّ ما حلمتُ به في صباي) وطيّرناها معاً في مليح واستمتعنا بمرآها وهي تحلّق عاليةً في الفضاء.
ثمّ، مَنْ مِنّا جميعاً مَنْ لم يحلم، مرّةً أو أكثر، بأنّه يطير؟
الإنسان منذ وُجِدَ على هذه الأرض، التي لا تني تشدّه إليها، وهو يحلم بالتغلّب على قيود جاذبيّتها والتحليق فوقها.. عالياً عالياً، وخفيفاً رشيقاً.. كما النسيم، أو كما «النورس جوناثان ليفنجستون» في تحليقه الأخير (لـ«ريتشارد باخ»).
ويخطر في بالي، الآن، مشهد مرسيدس، وهي تطير مع غسيلها المنشور في الخارج، في رواية «مائة عام من العزلة» لماركيز. فأتساءل: هل كان هذا حادثاً؟ أم حلماً؟
وفي كتابي «كهفي»، لا تلبث الشخصيّة الرئيسة، بعد مرورها بمتاهةٍ طويلة ومريرة، أنْ تصعد وتصعد وتصعد.. على درجٍ غير مرئيّ.
والآن، الأردنيّون جميعاً، لم يعد لهم ما يملكونه سوى الحلم. وربّما يكون حلمهم، هو أيضاً، حلم الطيران.. لكن ليس بالإفلات مِنْ قبضة الجاذبيّة الأرضيّة وحدها، وإنّما، أيضاً وقبل كلّ شيء، الإفلات مِنْ قبضة هذا الواقع البائس المظلم الذي يعيشونه.
كانت مقولة مارتن لوثر كنج الشهيرة، التي طالما ردَّدها قبل استشهاده، هي:
أنا أملك حلماً.
مارتن لوثر كنج؛ نحن أيضاً نملك حلماً.. كان أجدادنا يملكونه قبلنا، وقد ورثناه عنهم، وسنورِّثه لأبنائنا.



#سعود_قبيلات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اجتمَعوا بدعوى التصدّي.. والنتيجة مخيّبة
- ثورة تشرين الأوَّل/أكتوبر وانهيار الاتّحاد السوفييتيّ
- كلمة موجّهة إلى الحِراك الأردنيّ وإلى الشعب الأردنيّ
- نصفا الساعة الفارغ والملآن.. في «الشرق» و«الغرب»
- وِشْ عرَّفك بالمراجل يا رِدِيّ الحَيل؟!
- «إسرائيل» دولة ديمقراطيّة جدّاً
- خطاب التحرّر الوطنيّ ونقائضه
- بعض الذين فاهوا بآياتهم ومضوا
- لماذا يكرهوننا؟
- فجوة حضاريَّة هائلة
- ليس رغماً عن التاريخ
- عندما «اختفت» الطبقة العاملة!
- أيَة دولة إسلاميَّة تلك التي تريدون؟
- تسقط غرفة «الموك».. والعار للمتورّطين فيها
- «سيريزا» اليونانيّ والعودة إلى الجذور
- قرار مشين!
- منذ المتوكِّل وحتَّى يومنا هذا
- المسلمون أيَّام الرشيد كانوا يحتفلون بالأعياد المسيحيَّة
- «حيثما مرَّ يعقوب زيَّادين»*
- الذين يتلعثمون لدى تعريفهم للإرهاب


المزيد.....




- مادة غذائية -لذيذة- يمكن أن تساعد على درء خطر الموت المبكر
- شركة EHang تطلق مبيعات التاكسي الطائر (فيديو)
- تقارير: الأميرة كيت تظهر للعلن -سعيدة وبصحة جيدة-
- عالم روسي: الحضارة البشرية على وشك الاختفاء
- محلل يوضح أسباب فشل استخبارات الجيش الأوكراني في العمليات ال ...
- البروفيسور جدانوف يكشف اللعبة السرية الأميركية في الشرق الأو ...
- ملاذ آمن  لقادة حماس
- محور موسكو- طهران- بكين يصبح واقعيًا في البحر
- تونس تغلق معبر رأس جدير الحدودي مع ليبيا لأسباب أمنية
- ?? مباشر: تحذير أممي من وضع غذائي -كارثي- لنصف سكان غزة ومن ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعود قبيلات - هنديّ أحمر في «ملقا»!