أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بشرى رسوان - بنت البولفار2















المزيد.....

بنت البولفار2


بشرى رسوان

الحوار المتمدن-العدد: 5938 - 2018 / 7 / 19 - 02:01
المحور: الادب والفن
    


ﺈنها السابعة صباحا
أشعلتْ عود الند ..عطر يواكب مزاجها ..ليست من هواة البخور على أية حال.. لملمت حاجياتها فوطة سروال قميص و أشياء أخرى٬ دلفت للدش صفعها الماء البارد عدلت حرارته ثم أغمضتْ عينيها٬ قطرات الماء تنساب بخفة فوق فروة رأسها٬ ثم تَزحف عابرة خصلات شعرها فتفاصيل جسدها٬ كانت تتأملها تتدحرج فوق جلدها ثم تغرق في القاع٬ تسلك طريقها نحو المجاري ثم المواسير.
مارست طقوسها المعتادة داستْ فقاقيع الصابون بباطن قدمها٬ تمايلتْ غنتْ تحت الرشاش٬ حاولت الوقوف على أطراف أصابعها ثم رفعت ذراعها للأعلى بدت سيقانها قصيرة أقصر مما ينبغي٬ قفزت ﺈلى ذهنها صورة نتاليه بورتمان في فيلم البجعة السوداء٬ أمطرتها ذاكرتها بسيل من مشاهد الفيلم ٬ مشاهد استيقظت كلها دفعة واحدة أشياء أعتقدت أنها منسية الأصابع المتورمة للبطلة .. حذائها الصغير ..شعرها ..صالة تداريب الباليه ..امتدادات الأجساد الرشيقة سيقان و أدرع.. القبل الساخنة للمدرب.. ليست تشبههاالبتة هي بطة سوداء .. بطة مكتنزة سوداءو كفى
كانت تعتقد أن الباليه فن روسي الأصل لكن سارة أخبرتها أنه ايطالي الأصل شغفت به احدى الملكات ... في صغرها كانت مفتونة بالتزحلق الفني تتابعه بشغف على الشاشة الصغيرة بينما تمضغ الخبز و الشاي الأجساد الناعمة الأجساد الفاتنة تتمختر فوق المزالج ..هي هناك تمضغ الخبز والشاي
تحت الدش تتوهم أشياء كثيرة ليست ذات معنى٬ شيء ما في الدش يحفز أفكارها الأكثر تطرفا فتحت عينيها٬مدت يدها نحو الصنبور أدارته و غارت أوهامها ﺈلى الجحيم انتهى الدش على مشهد موت البجعة.
مسحت قطرات الماء عن وجهها شعرها ثم جسدها
٬متجردة من كل شيءوقفت أمام المرﺂة تعثرت بوجهها وجه جد قديم ٬ حدقتْ في جسدها العاري إلى كل تفاصيله و تضاريسه٬ استدارت ﺈلى اليمين ثم ﺈلى اليسار لها أشياء بارزة أكثر من اللازم وأخرى ضامرة ٬بطن مدور شفاه ممتلئة عيون ضيقة ونظرة بلهاء٬ لاشيء يمت لمقاييس الجمال بصلة ٬ المرايا لا تكذبۡ أبدا أنها تفضح أسوء ما فينا ٬ خاب ظنها ﺈنها بشعة و انتهى الأمر

رغبة واحدة تستحوذ عليها باتت هاجسها الأول عمليات التجميل ٬ لو أتيحت لها الفرصة سوف تغير أنفها بأنف أخر أكثر دقة٬و عيونها بعيون أوسع و بلون فاتح٬ تحب الأزرق السماوي لا مانع لديها من الرمادي في الأيام القلائل الماضية فكرتْ جديا في تثبيت خصلات زرقاء أو أرجوانية على شعرها٬ للخروج عن الدارج و التمادي في الجنون ٬ عندما سمعتها خالتها تتحدث عن الوشوم رمقتها بنظرة حانقة أرفقتها بعبارة

- الوشوم حرام باغا ثقبي جلدك ﺈيوا الله يدينا في الضو ها د الجيل عاد يطير استغفر الله العظيم ...ﺈيوا الله يسمح ليك

-ﺈنها لا تصغي ردت سارة ..رفع عنها القلم

-راك غ تعودي كي الزعافة نشطبوا براسك السقف.. أشمن أرجواني

عَاودت التحديق في المرآة مجددا بدا لها رأسها كالزعافة معتوهة تماما٬ تمنت۫ لو كانت لها عينا قطة واحدة رمادية و الأخرى بۡنية٬ عيون واسعة جميلة براقة و مۡخيفة فكرت في ميمي قطها الأسود الذي رمت به ﺇلى الشارع

فكرة التغيير تۡعشش في مخها تسري في كل كيانها الأهم أن تتخلص من رأسها_ هذا الرأس المدرب على نهشها - ٬ ترغب برأس فارغة و قد رفيع٬ شيء معقول ومتناسب مع الموجة العالمية موجة الصدور المكتنزة و الملامح المعدلة٬ الشفاه المنفوخة والوجوه المشدودة
تتذكر أنها قرأت عن المهندس الروسي الذي يفكر باستبدال جسده العاجز بجسد أخر ٬اجتهدت كثيرًا في محاولة يائسة لتَخيۡل البلوك٬ الجسد البارد الممدد على المصطبة البيضاء ...القلب بلا نبض.. و الرأس المقذوف أعلى الطاولة جهاز التبريد ...الدم في كل مكان ....الوجه ألأزرق.. .. رائحة الموت رائحة الحياة ..العروق النافرة حاولت عدها واحد .. اثنان ..ثلاثة٬ عروق كثيرة تشجرت داخل رأسها ...اللون الأخضر الذي يغطي الدكاترة و اللون الأحمر الذي يغطي كل شيء الأحمر على الحيطان على الشراشف على الأرض ٬حاولتْ تخيل شيئا متقنا لكن بلا جدوى٬ كان خيالها قاصرا شعرت بالخيبة٬ تخيلت الجمجمة مثبتة على نخلة جدها و الجسد مغروس في الجنان ثم اليد التي تنمو في أصيص الحبق خاصتها ٬ أعادت۫ تركيب الأطراف غير ما مرة٬ وزعتها بعدالة على أۡصۡصها٬ حديقة من الأطراف البشرية
حاصرتها ذبائح العيد أيمكن أن يقطعوا رأسه كما نفعل نحن بخراف العيد ؟تعتقد أنه لن ينجو....
خراف العيد لا تنجو
موت أضاحي العيد شيءحتمي لا يمكنها شيء ﺈزاءه لا ﺈمكانية للنجاة٬ ثلاثون عاما وهي تكرر نفس المشهد٬ الخروف المعلق في السطح الرأس المحروق فوق الكانون*٬ الدم في كل مكان ورائحة الشياط
باستثناء مرة واحدة نجى خروفهم انفجرت بطنه قبل العيد بأيام ٬ قالت۫ لها أمها حينها في مواسم الأعياد يطعمون الخرفان الخميرة ينفخونهم يا بنيتي فتنفجربطونهم بدت فكرتها غريبة.
في السنة التالية مات خروف الجيران رمى بنفسه من السطح كاد أن يأخذ معه عايشة النفنافةبعد أن تمسكت بطرف ساقه الخلفية٬ كان المشهد كاريكاتوريا ثم انتهى نهاية درامية٬ فكرت أنه انتحر سلم نفسه للموت طواعية٬ كان انتحارًا مبررًا له أسبابه المقنعة جدا..لو كانت مكانه لفعلت ما فعله بالتحديد
سمِعٙت۫ يوما أن اللحم الذي نأكله هو الخوف٬ لأن الحيوانات قبل ذبحها تفرز الكثير من الأدرنالين و نتغذى على لحمها المۡشبع بالأدرنالين٬ ما نأكله اذا هو الخوف بدا التفسير منطقي ﺈلى حد ما ... عموما هي ليست مولعة باللحم تبقى السندويتشات و البطاطس المقلية طبقها المفضل
عادت للمرآة مَررت أصابعها عليها مسحت أثار البخار٬ حدقت فيها استقرت عيونها في أعمق نقطة منها كانت ترى أفعى بنفس عيونها الضيقة٬ ولسانها السام كانت أشبه بحنش بوسكة حنش الصحاري الأسود ٬حنش يحترف الشر عبئت رئتيهي بالهواء ثم نفتته كما تفعل الأفاعي بصقت۫ سمها ...
٬لبست بسرعة تجاهلت رأسها المدجج بكل شيء وخرجت في عجالة ٬ساعة لا تكفي أبدا ٬ لا تكفي امرأة لتكون في كامل فتنتها.



#بشرى_رسوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بنت البولفار1
- غرند-مى
- ذكريات ماتيلد
- الحيوات الثلاث ل أنطوان أناكرسيس
- ثرثرة المنسج
- د الجزيري بين تكريس مفهوم النخبة و الهروب الدائري
- ضحكة الأشرار
- حنا
- اساءة الورق
- بعض من...؟
- تصبحون على سلام
- أي مستقبل ينتظرنا ؟
- على خلفية الخدمة الاجبارية
- كل محفل يصنع مفكرين على مقاسه
- العابرون الى قلبي
- جدار القلب
- أنثى المطر
- اقبضوا على أحلامكم جيداً
- يوميات عادية
- مزاج المطر


المزيد.....




- روسيا.. جمهورية القرم تخطط لتدشين أكبر استوديو سينمائي في جن ...
- من معالم القدس.. تعرّف على مقام رابعة العدوية
- القضاء العراقي يوقف عرض مسلسل -عالم الست وهيبة- المثير للجدل ...
- “اعتمد رسميا”… جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024/1445 للش ...
- كونشيرتو الكَمان لمَندِلسون الذي ألهَم الرَحابِنة
- التهافت على الضلال
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في ...
- جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا ...
- مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بشرى رسوان - بنت البولفار2