أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي قرة - أشواك البراري:رحلة مع الذات














المزيد.....

أشواك البراري:رحلة مع الذات


سامي قرة

الحوار المتمدن-العدد: 5932 - 2018 / 7 / 13 - 18:32
المحور: الادب والفن
    


أشواك البراري: رحلة مع الذات
أ. سامي قرّة
قرأت السيرة الذاتية بعنوان أشواك البراري-طفولتي، لمؤلفه الكاتب جميل السلحوت. من ناحية فإن جذور أدب السيرة الذاتية كما يقول سليم تماري وآخرون في كتاب دراسات في التاريخ الاجتماعي لبلاد الشام (2007) ضاربة في التراث الفلسطيني والعربي، ومن ناحية أخرى تحقق السيرة الذاتية غاية تاريخية لأنها بحسب الأستاذ إحسان عباس في كتابه فن السيرة (1956) تقدّم الشخصية الرئيسية في سياقها الاجتماعي والسياسي، وتكون أعماله متصلة بالأحداث العامة، أو منعكسة منها، أو متأثرة بها. وهذا ما نجده في كتاب أشواك البراري إذ لا ينقل المؤلف جميل السلحوت معاناته الشخصية فقط بل يكتب أيضًا كما يقول في تقديمه للكتاب "عن واقع اجتماعي عاشه الملايين من أبناء شعبي وأمتي" (ص 6).
لكن اثناء قراءتي للكتاب أثار اهتمامي بشكل خاص وصف الكتاب كونه سيرة ذاتية وليس مذكرات. ومن الفروقات الهامة بين هذين الجنسين أو النوعين من الأدب أنه في حين أن السيرة الذاتية هي رواية يكتبها الفرد عن نفسه بنفسه مع التركيز على البعد الذاتي والشخصي، فإن المذكرات أوسع من ذلك لأنها تعنى بما هو خارجي أو واقعي أو موضوعي من أحداث ووقائع والحرص على إيضاحها وتفسيرها. وعلى الرغم من الجوانب الذاتية للمؤلف التي تظهر مبعثرة ضمن الرواية، نجد أن الجوانب الموضوعية والأحداث والوقائع التي عايشها وشارك بها ما هي سوى محاور تُبعد الرواية عن نوع السيرة الذاتية، وتقربها أكثر إلى المذكرات. ودون إغفال الجوانب الذاتية في الرواية، فالجوانب الموضوعية هي الأكثر حضورا حتى أنه يمكننا اعتبار الرواية وصفا اجتماعيا وسياسيا لحياة المجتمع الفلسطيني في القرن العشرين. ففي الرواية قلما يصف المؤلف ذاته؛ فالوصف الخارجي للأحداث والوقائع يسود الرواية. وإذا نظرنا إلى عناوين بعض فصول الرواية وما تتحدث عنه تلك الفصول سنجد أنها لا تمت بصلة إلى شخصية المؤلف، كما أن المؤلف لا يبيّن كيف أن تلك الأحداث أثرت على نموّه وفكره، مثل "التهريب بين الأردن وفلسطين"، "المرأة"، "زواج البدل"، زواج الأقارب"، "مظاهرة ضد حلف بغداد"، "صيد الحيوانات لأكل لحومها"، "حائط البراق"، "أغاني الأطفال" وغيرها. لكن من جهة أخرى، هنالك بعض الفصول التي تتحدث عن شخصية المؤلف والأحداث التي يمّر بها وتأثره بها مثل الفصول التي تحمل العناوين التالية "كيف فقدت عيني؟"، "يوم كُسرت يدي اليسرى"، "رعي الأغنام في مطار قلنديا"، و"إلى المعهد العلمي الإسلامي".
ما الهدف من كتابة السيرة الذاتية؟ فيما يلي سأحاول أن أبيّن الأهداف أو الأسباب التي تدفع الفرد إلى كتابة السيرة الذاتية مع تقديم الحجة عن مدى تحقيق الكاتب جميل السلحوت هذه الأهداف.
يسعى الكاتب من وراء كتابة سيرته الذاتية أن يسرد قصة نموّه وتكوّنه حتى أصبح ما هو عليه الآن. يركز الكاتب جميل السلحوت على سرد صفحات من تاريخ حياته منذ ولادته حتى بلوغه سن الثامنة عشر فقط، أي وبالتحديد منذ عام 1949 حتى عام 1967 عندما تقدم لامتحان التوجيهي الحكومي. فلذلك لا يتتبع كتاب اشواك البراري مسيرة حياة الكاتب برمتها ولا يقدّم للقارئ الكثير عن تجارب الكاتب التي ساهمت في صقل شخصيته وفكره حتى أصبح من أبرز الأدباء الفلسطينيين.
تسمح السيرة الذاتية للقارئ بأن يشارك كاتبها انتصاراته وإخفاقاته وأفراحه وأحزانه وتجاربه، وهذا ما ينجح كاتبنا جميل السلحوت في تحقيقه، إذ يعرّف القارئ المعاصر على حقبة تاريخية لم يعهدها، لكنه يشعر بأنه يحياها، ولذلك وخاصة في اشواك البراري تمكن الكاتب جميل السلحوت من بناء جسور بين الماضي والحاضر. يتعرف القارئ الفلسطيني على تاريخه وعادات مجتمعه التي سادت في النصف الأول من القرن الماضي، لكنه في نفس الوقت لا يتوانى أن يتعاطف مع التجارب الشخصية التي يمر بها الكاتب لا سيما في الفقرة التي يتحدث فيها الكاتب عن فقدانه لبصره في عينه اليسرى، أو في الفقرة التي تعبر عن خوفه وقلقه من أن يجبره أبوه على ترك المدرسة والتعليم.
يختار الفرد أن يكتب سيرته الذاتية لأنه يريد أن يشارك القارئ حكمة أو درسا ما كان قد تعلمه في حياته من خلال التجربة والخطأ؛ كي لا تقع الأجيال الصغيرة في نفس الخطأ. يرغب الكثير من المؤلفين في كتابة سيرتهم الذاتية لأنهم يعتقدون أنه بحوزتهم قصصا تفيد غيرهم، ويطمحون إلى مشاركتهم إياها. يتساءل الكاتب في تقديمه للكتاب عن الفائدة المرجوّة من نشر سيرته ويجيب: "في النهاية قررت الكتابة والنشر، لعل في ذلك ما يمكن أن يستفيد منه جيل أبنائنا المحرومين أيضا من طفولتهم؛ بسبب الاحتلال الذي أهلك البشر والشجر والحجر" (6).
وأخيرا يجتهد بعض المؤلفين لكتابة سيرتهم الذاتية كي يتركوا وراءهم إرثا أدبيا وذكرى تدوم. وفي هذا لا يمكنني إلا القول بأن الكاتب جميل السلحوت وكتاباته جميعها أصبحت جزءا هامّا من الأدب الفلسطيني، وهي صديقة للقارئ لما تعالجه من مواضيع بأسلوب شيّق بليغ يخلو من التصنع. وقد صنع الكاتب جميل السلحوت له اسما واكتسب شهرة يستحقها.
على المرء أن يختار إمّا أن يعيش على هامش التاريخ أو أن يجد لنفسه الفرصة أن يصبح جزءا من التاريخ ويخترق حدود المكان والزمان. فكتابة السيرة الذاتية والمذكرات توفر فرصة لترك بصماتنا على جدران الوجود الإنساني، وهي إحدى الوسائل التي نصرخ من خلالها ونقول للعالم أننا هنا وأننا موجودون. فالأديب جميل السلحوت يقدم نفسه ومجتمعه وتاريخه للقارئ وللعالم بأسلوب سهل ممتع بسيط يشجع على القراءة. والصدق فيما يرويه من أهم ما يميّز أسلوب المؤلف.



#سامي_قرة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علي رجل المبادئ والنضال
- نسيم الشوق: أحبها لكنها من دين مختلف
- البحث عن فدوى
- ماذا نتعلم من طلال بن أديبة؟
- الكتابة بالجسد .. وليس بالكلمات
- بعض الأفكار حول قصة -دعسوقة وشموسة في القدس- للكاتب طارق الم ...


المزيد.....




- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي قرة - أشواك البراري:رحلة مع الذات