أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبعوب - ابتسامة معاوي..














المزيد.....

ابتسامة معاوي..


محمد عبعوب

الحوار المتمدن-العدد: 5931 - 2018 / 7 / 12 - 21:40
المحور: الادب والفن
    


تمر شاريت المجندة في جيش ما يسمى ب "اسرائيل" والعاملة في مركز لحجز الاطفال القصر بمدينة القدس المحتلة في جولة تفقدية على مجموعة الصبية الفلسطينيين الذين قبض عليهم جيش الاحتلال بشكل عشوائي في سياق حملات الارهاب التي يمارسها بشكل دوري ضد المواطنين العرب.. تقرأ شاريت المتخصصة في الدراسات النفسية في عيون هؤلاء الأطفال مشاعر براءة طفولة مربكة بحالة ظلم أوجدتهم في هذا المحشر بدون أي ذنب يستوجب وجودهم فيه.. تشعر بوخزة ضمير إزاء هذه الحالة التي تجرمها كل شرائع الارض وترفضها قيم البشرية، لكنها سرعان ما تلجأ هاربة من نداء ضميرها الانساني الى ظلام الكهنوت و وعود صهيون التي تعدهم بجنة اسمها "اسرائيل" تعوضهم عما فقدوه في مواطنهم الأصلية بدول اوربا التي أقامت لهم المحارق وشردتهم ..

يرمقها معاوي الذي كان يحاول عبثا تبديد حالة القلق و الرعب التي تلازمه منذ ان أودعه جنود الاحتلال هذا المركز الكريه، يرمقها بنظرة تفيض بأسئلة لا تجرؤ هي على الإجابة عليها.. يرميها بابتسامة ساخرة لم تتوقعها من طفل يعاني رعب الأسر والبعد عن أهله وأترابه.. ترتبك شاريت وتغزوها حالة خوف ورعب.. تتساءل : كيف يمكنني تفسير ابتسامة هذا الطفل وهو في هذا المحشر الكريه؟ .. لابد أن في الأمر سر خطير!!.. تضطرب عواصف رعب وخوف في عقلها ، تستدعي كل النظريات النفسية التي درستها في محاولة لفهم هذه الابتسامة، لكنها لم تجد التفسير المقنع لها ..

على وقع تلك الابتسامة الساخرة والمرعبة لطفل في بدايات العقد الثاني من عمره، تذهب المجندة شاريت بعيدا فيتقصي خلفيات ومنطلقات أسفار تاريخ قيام دولتها "اسرائيل".. و تستعيد ذاكرتها تواريخ مشروع أوجدها وأسرتها قبل عقود على هذه الأرض لتواجه هذا الطفل ويقصفها بابتسامة تفوق فاعليتها كل ما تملكه دولتها من سلاح وتحوله الى خردة لا قيمة لها.. تنهار كل أحلامها التي روجت لها الدعاية الصهيونية منذ أزيد من قرن أمام اشراقة تلك الابتسامة الساخرة لطفل تجاوزت فاعليتها كل سلاح جيشها المدعوم بترسانة تسلح أمريكية مفتوحة أمامه بلا حدود..

تسارع شاريت لتبلغ رئيسها بتلك الحادثة المرعبة .. يعقد مسؤول مركز التوقيف اجتماعا طارئا مع مساعديه يتدارسون دوافع تلك الابتسامة، يستدعي المجتمعون الطفل معاوي لمعاينة ذلك السلاح الجديد بأنفسهم.. يتم إحضار الطفل معاوي ليقف قبالة المجتمعين يرمقهم وفي عقله عواصف من الأسئلة عن سبب جلبه أمامهم .. يحاول المجتمعون استفزازه بأسئلة لإثارة مخاوفه.. يدرك معاوي أن استدعاءهم له وطرح تلك الاسئلة المستفزة إنما يستهدف تحطيم معنوياته .. يواجههم بصمت تعجز عقولهم عن استيعابه ، يرمقهم بنظرة تحدي ويلحقها بابتسامة ساخرة بعثت في قلوبهم رعبا يتجاوز ما أشارت له المجندة شاريت..

يأمر رئيس المركز بإعادة معاوي الى زنزانة الاعتقال .. ينفض الاجتماع بمشاعر هزيمة مكتومة تسيطر على عقل رئيس المركز ومساعديه.. يحيل مذكرة بخصوص هذه الواقعة المرعبة الى وزارة الداخلية.. يجتمع خبراء الارهاب النفسي في الوزارة للبحث عن تفسير يهدئ رعب جنودهم ويبدد كل مشاعر الخوف والهزيمة التي سببتها ابتسامة معاوي .. ينفض الاجتماع دون التوصل الى حل.. يتفرق جمع خبراء الارهاب الصهيوني معترفين بعجزهم أمام هذا السلاح الخطير "ابتسامة معاوي الساخرة من قوتهم" .. يبقى السر الوحيد الذي لا يمتلك هؤلاء الخبراء البوح به فيما بينهم او حتى لأنفسهم هو أن "اسرائيل" المشروع الذي ينهار أمام ابتسامة طفل برئ؛ هو مشروع عبثي وفاشل و غير قابل للبقاء لأنه يعادي اقوي وأصدق حق إنساني في الوجود وهو حق الفرح والابتسام الذي لا يتعايش مع العدوان ونهب حقوق الآخرين..



#محمد_عبعوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وقائع من ارض الصمود.. ابتسامة الطفل علقم تهز سجون صهيون(*)!!
- مجزة غزة، شاربفيل صهيوني يدشن لزوال -اسرائيل-
- الكتاب والقراءة في ظل الحرب.. وجهة نظر(*)..
- مشاعل لا تنسى.. في يومهم العالمي
- ألَمْ نَقُلْ لَكُمْ؟!!!!
- خدعة الأرقام.. حبة قمح تغرق عرش ملكي..
- قراءة في كتاب.. الدولة مغامرة غير أكيدة..
- سيناريو رعب نووي على الأبواب..
- منابر مخطوفة
- منابر في خدمة تهويد القدس
- سطوة الكلاب (2/2)
- سطوة الكلاب (1/2)
- شحرور يحيي القرآن في العقول..
- -لعبة الشيطان.. دور الولايات المتحدة في نشأة التطرف الاسلامي ...
- جمهورية ابناء العم.. عرض مدهشة لتاريخ المرأة على حوض المتوسط
- الجلاء رؤية واقعية
- ثلاثية توفلر.. الفرصة الضائعة (3 / 3 )
- ثلاثية توفلر.. الفرصة الضائعة (2 / 3 )
- هل أصبحت القواعد العسكرية في متحف التاريخ؟..
- ثلاثية توفلر.. الفرصة الضائعة (1 / 3 )


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبعوب - ابتسامة معاوي..