أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الغني سهاد - فوق المسمار...(1)















المزيد.....


فوق المسمار...(1)


عبد الغني سهاد

الحوار المتمدن-العدد: 5929 - 2018 / 7 / 10 - 08:52
المحور: الادب والفن
    




بعد البحث المتعب لم يعثر(س)على عنوان مقبول حتى لا اقول مناسب .،وموجز في كلمة واحدة يعبر به عن مضامين قصته هذه غير هذه الكلمة...(المسمار.).. ولانه ليس مجبرا على تفسيرها اوتعريفها.. لانه يظن ان ذلك سيكون تطفلا على جمالية القصة اوعلى ردائتها ان كانت تمتلك قليلا من الرونق او الرداءة.وترك في النهاية العنوان هكذا هكذا المسمار وهو لايقصد به ذلك المسمار ألذي تلاحقه المطرقة لتثبته على حائط او خشبة او على الارض....لكنه يقصد به امرا اخر..ستكتشفونه بالتفسكم في سياقات القصة. ..من الامورالجدية و الجد عادية عند /س/ انه يعد نفسه من اولئك البشر الذين يتجنبون الخوض في المشاكل..والذين يمشيون بعيدين عنها .دائما جنب الحيط..ويحفظون عن ظهر قلب الشعار الذي يقول الباب اللي يجيه منو الريح اغلقه واستترح....الا ان /س/ .. لسوء حظيه او لحسنه وضدا على رغباته المكبوتة وهي كثيرة ..تتكالب عليه تلك المشاكل وترافقنه في حياته وتسير هي جنبا الى جنبه...منذ الصغرو/س/يعشق اللف والدوران على ظهر المسمار تلك الدابة الالية ...وكان من ركوب عود الريح لا يستريح....تعرفون ان عود الريح اي الدراجة الهوائية..اجدادنا كانوا يسمونها البيكالا...والفرنسيين في لغتهم الجميلة يسمونها بيسيكليت..وعي.لاتتحرك الا بعد نفخ الريح في عجلاته المطاطية.النحيفة .ولا يركبونها الا ومعهم عصا من حديد صممت خصيصا للنفخ.البومبة..المنفخة احيانا ينفخ بها الانسان اضحيته.ويحتفظ بها لاضقة على مسماره المبجل من الجميع..كما كانت قبائل الهوتو في افريقيا الوسطى تثدس البندقية وتسميها .. (عصا النار)وهي عندهم تشبه عصا النفخ عند اهالي/ س/...لما ترك الناس الحمارة وركبوا المسمار....وكان جد /س/ اولهم ..هذا الجد الطويل النحيف ذي اللحية البيضاء المتدلية ..يركن امام باب المنزل الكبير..و /س/كان يساغل الفرصة ويرتمي عليها يتعلق بها ..يدفعها.وسط الدرب..ولو انه كان لايستطيع امتطائها..لعلوها وقصر قامته..تهجا المكتوب عليها وادرك انها من الصنع الالماني تحمل اسم هراقل..ولم يكن عندها يدرك معنى كلمة هراقل ....لم يكن لوحده من ينهزم في امتطاء هراقل الاسطوري المقدس...و الرفاق يتزاحمون ويتدافعون على هراقل لعل احدهم يتمكن من ركوبه للحظة واحدة.تم يسقط ..حتى فراملها لم تكن مصنوعة من الاسلاك العادية بل كانت قوية مصنوعة من معدن الاليمنيوم.. .هيراقلس..كان حب ركوب الهركيل يسقطه في الكثيرمن العراقيل والمشاكل في الحي كانت تنتهي كلها بعلقات مؤلمة بعصا الجد وحزام الاب...وقرصات ملتهبة باصابع الام ..في الابتدائي اشترى الاب لاخيه الكبير مسمار ضغيرة زرقاء بهية من نوع روفيكس من صنع فرنسا وليس الالمان ..كلما دفع مرجلها الى الوراء. توقفت عن السير ..وقدفت به الى الارض.كانت دابة الية بلا حصارات اي فرامل..وفراملها في مرجلها..ومقودها مستقيما.بلا قرون كما هو شان هراقل....توقفها واحتباسها المفاجئ.كانه مقلبا منصوبا له وحده ..ولا يزال المقلب يوشم بوشماته ناحرته و اطرافه السفلية...من اجلها..دخل في حروب طويلة مع اخيه الكبير لاجل ركوبها والاستمتاع بها في نهاية كل اسبوع.... والاب كان ينظم الهدنة في هذه الحرب بقفل الروفيكس كلما عاد الاخ الكبير من المدرسة..وفي ايام نهاية الاسبوع والعطل...وكبرت /س/دون تحقيق امنيته في امتلاك مسمار يمتلكه وحده..
والدته وحدها كانت تحس بالغبن الذي يطاله..
- اشتري له مسمار صغير ..كما فعلت مع .....
- ان شاء الله ....ان شاء الله ...ساشاري له واحدا...عندما يحصل على الشهادة...
- ان شاء الله ...قالت الوالدة بصوت مهزوم .. وبقي /س/ صامتا ..
- انهض لتنام ...قالت والدته.. يا المسخوط ..وقل ان شاء الله
لم ينطق /س/ بهذه الجملة . .كان الحوار بينهما تؤلمه..بمجهوداته ذلك العام الدراسي ماقبل الشهادة حصل على الرتب الاولى في العربية ..وحضر الوالد الى صفه ذات مساء مساء يحمل في يده صورة كبيرة لها اطار من الخشب المدهون ..رحب به المعلم المعلم .واشار الي في اخر الصفوف..وعندما علق الصورة على الجدار رايت فيها عليها صورة محمد الخامس تحف بصورته صور ملوك العلويين ..وكانت صورة صورة اسماعيل تشدني اليها بحدة نظراتها والسيف المسلول بيده..في ذلك الصيف مات الوالد في خلال العمل في فيضان واد كبير في الجبال المحيطة بالمدينة ..ولم احصل على هديتي منه ...وكرعت الايام عليه بعد الايام...تخرج من الجامعة..معلما .واشتري سيارة..باعها ثم اشترى اخرى.افضل من الاولى..الا انه لا يزال يفضل امتطاء شرج البيكالات...مرت به اكثر من اربعة انواع من المسامير .جلها من صنع الطليان..وكانت الرابعة التي لا تزال تتحمل معاشرته من نوع هولندي..ماركة ومشهورة عالميا.. . مريحة في ركوبها ورؤيتها منظرها احلى من رؤية الغزالة..من رؤية كل تلك المساميرالسابقة التي سرقت منه في ظروف غامضة و..وجد غريبة ..حتى كان يشعر في بعض الاحيان انه مستهدف في حبه لامتلاك المسامير وان المؤامرة تتطاله من جهة مجهولة تراقبه ...وهو يداوم الركوب عليها متجها الى عمله..او متجها الى السوق للتبضع عليها..او حتى متجولا في الساحات العمومية..يقطع عليها المسافات الطوال..وعليها.اثناء السير في الطريق..تحدثه..نفسه ليس بالشر ولكن بالهامه بقصص وخواطر..واشعار.عديدة..تتبخر عند الهبوط من على المسمار..يتوقف احيانا..لتسجيل جملة او كلمة. حتى لو كان ذلك على وجه علبة سجائره..او على هامش من هوامش جداداته الصفراء ..ويدور المرجل بخفة وهو يكرر ماجادت به تفسيه من احاسيس..واشواق. واشعار.على هذا المسمار يداوم الحديث ليس معها بل مع..نفسه. كان يبدو غريبا وغبيا وهو يسير عليها..تراوده الامال والاحلام الممزوجة بالوعود والمتمنيات التي يعجز القدر على تحقيقها على ارضية الواقع..مهما سارت تلك العجلات الهوائية..على الارض فهي لن تستطيع السير بسرعة القدر..لن تهزم الوقت ولا الزمن ..ولاجل دلك كان يخفف السير عليها ويختار محطات فيها يزدحم البشر..ليزدحم مهم برفقتها ..وكان ماعلى المرء سوى ان يرافق الصمت ويدلي باذنية للسمع والتمعن في الكلام الحديث الذي تتناثر حروفه في الطريق..كان المرء غبيا الى حدود الغباء القصوى..يردد مع نفسه كلاما لا يستوعب معناه..ينحرف في طريقة على نملة تقطع عليه الطريق..يتامل عصفورا يئن عطشا قرب مرجة ماء وحل..او جثة قط اليف من مظهره يبدو انه ابن الدارداسته عجلات سيارة او شاحنة..كانت تلك الاحاسيس والسلوكات تحلق في السماء ليسجل منها الرب مايجوز التسامح فيه في كتابه الابيض..تطارده تلك الومضة من حياته ..ومضة جميلة يعجزالنسيان ان يطالها بمخالبه لفتاكة..حين دخل الاب الذي لا يتنازل عن عناده وصرامته ..الى الفصل محملا بهدية المعلم بعد النتائج السارة التي حققها في الدورة الاولى..كانت هديته في الطريق اليه لولا عبث الموت المفاجئ بمصير كل شيء..في محيطه وفي مسرح اسرته..وكان اجمل شيء عنده يتمثل في امتلاكه الهدية..المسمار..والساعة اليدوية..!!
تلك الومضة كان يعدها دليله الوحيد على وفاء الاب بكل التزاماته..وعهوده له فقط كان ينتظر حصيلة جهوده وحصوله على الشهادة...الهدايا لا تقدم للهباء..ولكنها تقدم للبهاء..وبهائي حينها كان العمل والجد لقطف الشهادات التعليمية..بعد فاجعة موت الاب توقفت احلامه ولم يعد يفكر في امتلاك المسمار..ان كان الله لايشاء..والانساء يشاء..فلاشيء يحدث في النهاية لانها هي الهباء..والموت صفة لهذا الهباء..كان الاب يردد ان الاخ الكبير يستحق الهدايا..بعمله وطيبوبته..اما هذا /س/..يتامله جيدا ويحدق في عيونه التي لا ترمش جفونها في وجهه..ان هو اصبح مثل اخيه..سامنحه هدية تناسبه..اني لا اميز بين ابنائي..ولكن الهداية من الله ..وينهي كلامه (انك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء..)..
كان القدر وارادة الله تعاكسني وتقف لي في الطريق..ففي الوقت الذي التزمت فيه طريق الهداية غيب الموت الاب..عندها قرر /س/ان يعمل للحصول على الشواهد ولا يهمه ان كان سيكرم بعدها ام لا..بعد ان انتزع القدر من الاسرة ربها..انتزعت منها كل المسامير..باعت الام مسمار الاخ الكبير والكثير من اواني الاسرة ..وتوقفت عنا الماهية لثلاث سنوات عشناها في القرض والقهر..لم تعد سعادته مختزلة في امتلاك مسمار..ولكنها تحولت الى نزع كسرة خبز..وولباس يقيه البرد والحر..ولوازم مدرسية عند بداية كل عام دراسي..فخرج الى العمل في عطلة الصيف..كانت الدار لا تخلو من الضيوف والزوار وامست خالية الا من الحاجة والفقر..حصير وحيد طويل..وكنبة من الحلفاء؟...وام لا تعمر الدار تقضي النهار كله في العمل في منازل اثرياء الحي..تصبن وتنظف وتحرس الاطفال..و/س/..يتسكع في الطرقات عند خروجه من المدرسة يتامل الوجوه الواجمة التي تمر بالقرب منه وتلك القادمة من بعيد..يتصفحها واحدا واحدا..يبحث فيها عن وجه والده..الذي التهمته مياه النهر الجارف..ذات صيف..لا تزال صورته وهو يغادر المنزل يحمل على ظهره كيسا جلديا فيه كل ما يلزمه..وهو يلتفت الى الوراء..ليرى من يودعه على عتبة الدار...وكان /س/..يشد بيده جلباب امه وهو يحلق فيها...هل تراه ...سيعود..! كل الوجوه تتشابه لكنها بعيدة الشبة بوجه ابيه..فهي لا ترتدي تلك القبعة البيضاء بخطوط سوداء وخضراء..خطوط متوازية ..ولم يكن حينها ليقطع امله في عودة ذلك الوجه..وتناول هديته..بعد اجتيازه الشهادة بامتياز...ليعود طيف الذكرى..وصدى الحوارات مابين الام والاب..حول موضوع المسمار..كان الوالد يكرر ..قولي انشاء الله...تردد معه ان شاء...الله...وتحدج /س/..بعيونها الواسعة ..وهي تنهره...قل انت ايضا ان شاء الله ..فيصمت ..!!جرب العمل في الصيف في مختلف المهن..وكان لا يحرز الا على للقليل من النقود..يشتري بعا كنزتين وسروالين من الدجينز..وكتب قديمة مقررة للمستوى التالي...واحيانا يتسوق علبا من السكر..واكياس من الدقيق لمساعدة امه على صوائر..البيت...كانت تقضي كل النهار تعمل..وفي العشي..تحضر الييت لتقوم بمتطلباته..وتنصح الابناء بمتابعة الدراسة ...فالوالد ..كان يتطلب منها ان تسهر على تعليم الاولاد...!!!...
حصل على شواهده كلها .الابتدائية..والاعدادية..والثانوية ..والجامعية ...وووتخرج /س/من الجامعة /العاصمة/...بعد مرور الكثير من السنين الطويلة في العمل في ظل العوز والفقر..و الحرمان ..فاصبح استاذا..من الطبقة الفقيرة ..كصعلوك..له ايمان ضعيف بقدر القدر..الذي يعاكسه ويتحداه..بكثير من الجد والمعاناة وفر بعض المال..ووظفه في شراء سيارة ..بمحرك انفجاري قوي يضاهي خمسة من الخيول..الجامحة..وباعها ثم اشترى اخرى..افضل واقوى من الاولى..لكن المرء تسكنه متنمنيات الطفولة واشواق ومشاعر الصبى التي تظل توشم مخيلة الصبى..تلك الاشواق الطفولية الاولى..وبوعي منه او بدون وعي..منه..اشترى مسماره الخاص..من صنع الطليان...يركبها الى العمل ويفضلها على السيارة...يركن هذه الاخيرة في مرآب السيارات اسفل العمارة ويغطيها بقماش من البلاستيك..ويلازم على تنظيفها كل اسبوع...ولايركبها الا عند الضرورة ..عاد الطفل /الرجل الغشيم الى حلمه القديم..وامتلك المسمار..في واقع حياته امتلك اربع مسامير...الثلاثة من صنع الطليان ..سرقت منه بطرق غريبة ..وبقيت له الرابعة من صنع هولاندا..واسمها الغزالة ..لا غازيل ..تذكره كثيرا بمسمار الجد هركيل..هراقل..لونها اسود.داكن.سريعة وخفيفة..اشياء كثيرة نستوردها من الاراضي الهابطة هولاندا ..منها الجبن والحليب غيغوز..والابقار المبرقشة..والمسمار..الغزالة...!!وتستعمل الامهات والجدات علب الغيغوز..الطويلة والمحدبة انية مواتية لطبخ الحلوى...حلوى الغراف..كان يشتهي ابتلاع تلك الحلوى وهو يمتطي مسمار اخيه الازرق..الروفيكس..الذي تخلصت منه الام بعد وفاة الاب...!في السينما الفتح شاهد فيلم هراكل..وعلى شاشة التلفاز بالابيض والاسود..شاهد وزير مالية هولندا يمتطي دراحجته الهوائية ..لا بيسيكلت..وهو في طريقة الى مكتبه بالوزارة..يسير كمواطن عادي بين الناس..ويلتف..او يراوغ السيارات الفارهة ...!
فوق المسمار يشعر /س/ كانه مشدود بخيوط عنكبوثية واهية كمجنون يجري ويسرع في الجري..للسبق والوصول الى عمله ..من الاولين..وكان يصل الى فصله قبل بداية الحصص الدراسية بساعة او نصفها ..وكان..يسكنه الاعتزاز بالنفس والاغترار بها..يكلم نفسه ..هاهو الطفل الصغير اصبح معلما..ويقطع على مسماره الذي اهداه لنفسه..المسافات الطويلة كل يوم..ليعلم الصغار كيف يصبحون افيد للمجتمع وانفسهم في الغد الافضل ..وخلال الطريق يستغرق في التامل والحلم ..يسبح في بحر من الافكار امواجه عاتية ..يرى العالم من فوق مسماره بهيا وجميلا...احيانا..واحيانا اخرى يراها جحيما نيرانه تلهب الاشجار الجافة و الندية ...معظم من كان يعرفه كان يحترمه علانية وفي الخفاء مع نفسه يحتقره..بل يسخر منه ومن مسماره الاسود التي ناذرا ما تتلقى الاعطاب في الطريق..فهو يتشبه ببعض الحرفيين الذين يكسبون رزقهم على المسمار..كبائع النعناع الرجل البدوي الكهل الذي يجوب دروب الحي لبيع حزمات النعناع بدرهم للواحد...ويصيح بين الناس..هذا النعناع طري ومشروبه لذيذ...او كبائع السردين الذي تطارده القطط الجائعة..او حتى بائع القزبري..فكل هؤلاء..تطوروا..وتخلصوا من البهائم كالحمير والبغال..والعربات الصغيرة المجرورة..وامتلكوا مساميرهم يسترزقون عليها كل صباح...ولولا تلك السلة السوداء المعدنية التي تنتصب في مقدمة مسماره ...والتي يرمي فيها محفظته الجلدية السوداء..لكان الناس يحسبونه من هؤلاء الباعة المتجولين..
في صباح يوم ما كان حملة لمراقبة الطرق..واوقفه الشرطي على الطريق وتوقف بقوة ادت الى سقوط محفظته من السلة الامامية..كان حينها منزعجا من هذا التوقيف لاصحاب المسمار..وتبسم للشرطة الذي قال...تفضل بالمرور ..سيدي الموثق العدلي..على الاقل لم يعتبره الشرطي من اؤلائك الباعة المتجولين والفضل في ذلك بروز بضاعته المختلفة ..المحفظة السوداء وتكومها على الجدادات البيضاء المملة في عملية الالقاء في الفصل..وكان يلازم تغييرها كل سنة شكلا ومضمونا..اصلا وتفصيلا..لدواعي تجنب التكرار...شعر امام الشرطي بقليل من الغرورلتقديره الجميل لشخصيته..فقد عده من خدام القضاء..والعدالة ..الا انه في قرارة نفسه لا يعير اهتماما لسخرية الناس منه..وهو على مسماره المحبوب..لكون ذي ثقة عالية بشخصه..ويؤمن اشد الايمان بدوره ومكانته السامية داخل المجتمع..ولو ان معظم الناس الذين يتكون منهم المجتمع والذين يسكنون قاعه المظلم بالجهل وقلة ذات اليد..يرمونه بنظرات شرزاء..ومنهم ابنته..الصغيرة ..كانت تتوسل اليه ان لايزورها في الفصل وهو على مسمارة..كان يواظب على زيارتها..مقلدا والده في اهتمامه بدراسة الابناء..وتشجيعهم على التحصيل...وهي تترجاه ان يحضر وهو يركب السيارة....تفتخر به وتخبرزميلا تها ان والدها يشتغل ..حارسا عام واستاذ...وتنتكس لما يردون عليها...الاستاذ..مول المسمار...تخجل حينها وتود لو ان الارض تحولت اسفل قدميها الى اودية وانهار عاتية..وانغمرت فيها...فهي لا ترضى لنفسها ان تتذوق مرارة الاستهزاء..والاستصغار لاصحاب الدراجات الهوائية...اعواد الريح...فكل الاسر من الطبقة المتوسطة اصبحت تمتلك سيارة او سيارتين..وهذا الوالد الغشيم..يملك السيارة..ويعتقلها في المراب..يفضل عليها المسمار...وهي تفضل ان تتعرض الى سخرية الناس منه..ومنها..وما عليه الا ان يتحنب زيارتها كلما كان على المسمار...وكانت تشعر بالسعادة كلما سرق منه المسمار..وقد سرقوه ثلاث مراث..ورفعت اكفها الى السماء..ان يتوقف هذا الاب الغشيم..عن عادته المقلقة لها في شراء مسمار اخر...لا يهتم /س/..بما يلوكه الاخرون من اقوال ساخرة عنه..وهو يركب المسمار ينسى كل شيء عن السخرية والاهانة ..ينصت الى الحوارات..وينسى الاهانات..على الطريق..وهو يتسكع على مسماره مسرعا ومرحا يتملى الوجوه..التي تسير قي اتجاهه والتي تعاكس الثيار...يسمع بعض الاصوات تناديه وتلح عليه ان يتوقف عن تعذيب نفسه على المسمار..تترجاه ان يتوقف ..وتنبهه ان زمن المسمار انقضى وفات..الا انه لا يفهمما تقوله تلك الاصوات..من حوله..ولا يوافق على ما تردده على مسامعه..ويمضي..في الطريق متاملا..كل شيء..تلك الحجارة والحصوات..والجدران..والاشحار..والمستنقعات..والازبال ..والقطط والكلاب العابرة للطريق...وحيوانات الجر..على راس العربات..التي لا تحترم قوانين السير..ولا تتوقف في الاضواء..الحمراء..والبرتقالية..وتتوقف عند الضوء الاخضر...ومنبهات السيارات الفارهة..التي تنوح وتغوت وراءه...افسح لنا الطريق..ياهذا المغفل...وسع..وسع ..الطريق..ايها المعتوه..ويتجنب /س/..كما يفعل الحكماء..الدخول في حوارات سقراطية مع عامة الناس..لمعرفته ان الجهل يسكن انخعتهم الشوكية..وانه ليس في اثينا العقل والذكاء..ولكنه في مراكش..الجهل والكبرياء..في الغالب من الوقت ..يتوقف بمسماره على جنب الطرقات..في الخلاء..تحت ظل شحرة..او حائط لبستان..او فيلا..ليستمع الى الصمت..ويستريح من التعب..وضجيج حركة السير على الطريق..ثم يعود لدحرجة مسماره على الطريق..ينحرف على اليمين اة على اليسار..كلنا ابصر نملة حمراء..او قطة تعبر الطريق امامه...همه قطع الطريق في سلام الى عمله او منزله..دون اصطدامات او حوادث تذكر...كل ماعليه ان يقطع طريقه..ويتامل مدى النباهة التي كان يتصرف بها لكي يتابع النظرات السخيفة التي تتقادفه على الكريق وكان عليه ان يتجرعها متكلفا شان العارف الخبير الذي كان تعبير وجهه كانه يقول ...:انظروا ...لا اريد ان اكثر من القول ..ولكن هذا المسمار نبيل تماما..اقدس مما تطأه مؤخرة اخر نبيل مزيف منكم ..وفي تلك اللحظة بالذات برز بين الوجوه الراجلة وحه يعرفه جيد المعرفة..انه /ص/ استاذ العربية القديم ..الا انه لايمتطي مسماره الاحمر الرياضي..وعاد الى /س/ انطباعه ابسيء حول هذا المعلم الذي لا تتماشى سلوكاته المتهورة مع نهمته في التربية والتكوين ..كان يطغى على سلوكه طابع الصعلكة والخواء الفكري..لم يكن يعرف عندها كيف يبدا بما هو صحيح..كثيرا الاخطاء مع تلاميذه..وحكايتع ستاتي فيما بعد...!وما على المرء الا الحديث عنه ومسماره بلغة قطلع الطرق والغوغاء..في تلك الايام...وماعلينا سنعود اليه..
وجعل المسمار /س/ يتذوق طعم الريح..وروائح نخيل الواحات والفلل التي تحف بمؤسسته التعليمية .التي تذكره انه وصل الى قاعة الدرس...اخد لفافة واشعلها وجلس ينظم الخرائط ويرتبها بحسب مراحل الدرس..خرائط العالم كلها ما بين يديه..ولو استطاع ان يمر عليها بمسماره ..سيكون قد حقق دورة افتراضية على العالم وليس حوله...!..
ضحك على نفسه ..وفكرهل سيكون ذلك بمثابة نكثة..ثقيلة..ان هو صرح لابنته انه استطاع بمسماره ان يلف حول العالم..دولة ..دولة..ومدينة ..مدينة...وعاد من خلال ثقب في الخريطة اسفل المفتاح...قريبا من السلم ..بالطبع سيحاول /س/تجمسع صور الذكرى ونزعها مت دوامة النسيان..ويواصل التفكير في بدايات تعلقه بالمسمار..واستشعار عشقه والاحساس بع في كل الاوقات..كل خين بحسب مزاجه..اما قي ابصبا ففي صورة شعةر واضح بعدن اليقين في صدق والده..ون اياه الغامضة في تحقيق الوعد..الا ان المرء لا يجب ان يحكم على الاشخاص الاشد قربا له بواسطة النوايا..وان كا ولابد له ان يحكم فماعليه الا..ان يحسن الظن بالناس..واما فش الشيخوخة.وتقدم العمر..تبدو له حكاية المسمار..كصورة احتداد مشاعر قديمة من قلة ما صنع المرء مما كان ينويه في الحقيقة في صورة عزاء مؤداه انه لم بكن سوى امرؤ ملعون..او معلم بارع في الكذب..طيب في مجال الاخلاق..يتمثل ان العالم من حوله ليس على الصورة المطلوبة ..وهو يسعى الى تحسينها ووضعها في جيبه..لهذا وذاك من الااستدلالات المنطقية توصل اخيرا الى ان وقع سلوك الوالد على حياته كان قويا..لم يكن ظالما ولا عنصريا في تربية ابنائه..بل كان بطرقه الخاصة يحثهم على اكتساب العلم والمعرفة ونزع الشهادات..وهذا ما لم يستوعبه الغبي /س/ في ابانه..لم يسبق للوالد ان وضح افكاره ..ولكنه يوما قال وكان /س/ حاضرا يسمع...( انظروا..للكراب عمر وحمارته التي يحمل عليها قراب الماء...يوما ما سياتي .. تصبح فيه حرفة السقاء ..و بيع الماء..بالديبلوم..اي بالشهادة..)..وحقا حصل..انقرض السقاء..او الكراب..وحلت بالمدينة وكالة الماء وابكهرباء..والعمل فيها يستلزم الديبلوم مع الوساطات...تنبأ والد /س/ بالمستقبل وهو لا يقدر على فك حروف رسالة ..اتى بها ساعي البريد على مسماره الخاص..يخبئها في جيبه..وفي المساء..يختفي مع الاخ الكبر في الصالون.يقرؤها له بصوت عال........يتبع..

عبد الغني سهاد




#عبد_الغني_سهاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل سيعود للشمس وهجها الاول..!
- مجنون...من يثق بها..!
- بويكوطاج الى ان تزول...
- ربطة عنق سوداء...
- اليهودية وتهمة معاداة السامية...
- تحت شجرة فلوبير...
- القوميديا والطراغوديا العربية ..
- محاورة قملة ...(شاربوراس )
- يوم مات علال ولد عيشة...
- حمام ....(السعادة ..)
- مع جرادة ...
- صياد الليل...يلقاها..يلقاها..!
- مذلة ..مابعدها ..مذلة.
- يكون ....خير ...2
- يكون....خير.....!
- لابد ..ان يعود.
- سقوط من السماء.
- اوجاع قريتي ...ف 22
- على الطروطوار....
- خلف النوافذ...9


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الغني سهاد - فوق المسمار...(1)