أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عايد سعيد السراج - مدائح الموت















المزيد.....

مدائح الموت


عايد سعيد السراج

الحوار المتمدن-العدد: 1500 - 2006 / 3 / 25 - 04:37
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


كثيرا ً ما تنتابك الهواجس 00 إ ذ تحاول إدراكها في لحظة الحس 000 فتراك تتوزع وإياها عوالم شتى 00 أو تتواز ع معها هواجسها التي هي أنت 000 فترتاب منك نواتج المعرفة ويشك فيك ناتج العقل 000 وأنت تحاول أ ن تقبض على ديوان شعر 000 ليس كباقي المألوف والجاهز 000 فتجهز ذاتك هكذا 000 تلم نفسك بصلادة كي تكون أكثر ابتعادا ً عن طلق هذا العمل 000 وتركز المنظور في المكان المناسب لكي لا تكون خلبي التصويب 000 لأن الحروف هنا ليست دائما ً من لحم ودم 00 بل هي نتاج ناتج لحم ودم 000 ووتريات أعصاب 000 تعزف سونتيات الفجائع 000 في لحظة غموض المعرفة 000 التي تباهت بعرفانيتها حد التيه 000 فتراني الجم فيضانات الروح كي اشتعل مع هسيس الأعصاب في مدائح الموت 000 وأمد المدد لكي أتواصل مع المتواصل التوحيدي للحظة فضاءات الكاتب التي مركزت الأحاسيس والمشاعر واللغة 000 عند لحظة التقائها مع الساكن 0 كي يصدح الهم منه 000 من هسيس ناره 000 لحظة نوره أن كان كائنا ً 000 ليكون لحظة تكوينه 000 مرتدا ً إلى عوالم الآخر 000 فلا نــَوْحَ إلا من شفرات الكلمات التي تحز شرايين المعرفة ممثلة بموصلها الحرف 0
[صوت معبوب ٌ بالرغبة
من سقط في عشق المعنى
صار دموعا ً في الإنسان ]
{ الغبار اندس في دمي }
كان الأول 000 فأولناه 000 وتأولنا به 000 وتهنا في تأويل ذواتنا فاندس في دمنا الغبار 000 وبدأت اللوثة الكبرى 000 حيث الطين يجري في عروق الكائن 000 عفن 000 أحلام أتربة 000 خوار مطر 000 إذ نبحث عن الصيرورة 000 فتفر من أيدينا الأصابع والأفكار والجنائز 000 والموت 000 و كذلك الأشجار 000 آن أن تقبض على سواحل الروح 000 ونهصر لذة الجسد 000 حليبا ً له رائحة البن والتبغ والخمر المعتق 000 فنلــم ّ جراحنا على عرائس الوحدة والاغتراب الموحد 000 فالشكل دائري 000 والأحاسيس كذلك (( الجدران ترتفع نحو الأرض )) (( والطين المجروف من الطرقات الممتدة عبر العتمة 000 صار رمادا ً محروقا ً بالظلمة )) وتتهامى الأشياء 000 تتهامى الروح 000 فتهمي إلى القاع 000 وتتشرد في ملكوت الوجد 000 فتفيض أشجان الدم 000 وأغصان الكائن، بمكونه و (( يتكالل الكل )) في الأنوات 000 فتصير 000 أنا الشاعر أناهُ لأنه هكذا صيرها 000 أو شا ء أن تصير 000 معتمدا ً هذا بجراحه بنزفه الروحي 000 آ ن يعضّـد دمه 000 ويحز الأوردة 000 فتشيله لحظة الذهاب إلى الذهاب 000 ولا يغير وجهته لأنه سيف وليس سيافا ً 000 فالمتجاسر على الدخول إلى عوالم ديوان مدائح الموت للشاعر خالد آغا القلعة 000 يجب أ ن يكون تاما ً ومتمما ً شروط المعرفة داخلا ً في عمق الرؤيا 000 مفردا ً في غابات الوعي 000 مبتعدا ً عن الشكلانيات 0 داخلا ً في إشكالية النص 000 لا غارقا ً في شبر ما ء , لا فاتحا ً فمه متشردقا ً في ذرة هواء 0
متجانسا ً وجالسا ً على كرسي غباء 000 مصدرا ً الأحكام التي أسبقت صنعها معارف البلهاء 000 متصيداً في عكر غبائه لابسا ً عباءة المعرفة على الصبيان وسذج النساء 0
فالذي ليس كذلك فليتقرب إذا ً من هكذا نصوص 000 لأن المسألة ما عادت ادعاء ً وتسويد صفحات ورذاذا ُ على الذقون 0 إنني أثق أن هكذا نصوص تسبق زمانها 000 وأجزم أن الذين اعتادوا أن يفهموا كل مفهوم 000 لن يكونوا مع مدائح الموت لأنهم ليسوا مع مدائح الحياة 000 بل هم مداحو ْ كل ما هو جاهز وآني وكل ما يتناسب ومفاهيمهم 0 تعالوا نقرأ من قصيدة مدائح الرعب 000
{ 1 }
(( شُد إلى أطراف الوقت
وميد به حتى استقام
{ 2 }
أتي 000
مختبئا ً في ولادة الصوت 000
أوّلَ كلماتي 000
واستباح بوحي به
{ 3 }
أمسك شفاهي 000
وبغير أصوات كلماتي
اهتزت
{ 4 }
أودعني في نفسي 000
حلم بي آهاتي 000
لم يبق إ لا 000
أنني إياه ))

إذاً ترى الأحرف 000 تتوه منك لتلتقي بك 000 والصور تسهم إلى عمقك 000 والأصوات 000 لاصوت لها 000 رغم أنها تنطق 000 فالوقت كائن بأطراف 000 ويتشيأ بالاستقامة والصوت بدء 00 ومن البدء 000 صار التكوين 000 فكوننا --- لنكون حرفا ً ولغة 000 لنحس بوجودنا 000 ونتماهى مع العدم 000
هم اعتادوا أن يمتدحوا الملوك والخلفاء والأمراء والدينار والدولار أما أن يمتدح شاعر ٌ – السيد المطلق في الوجود 000 حقيقة الأبد – الفلق المبين 000 فذاك ما لم يعتده أحد 000 سوى الدود النهم لمعزوفة الجمجمة 000 تلك هي أرضية المعرفة وسقفها الذاهب أفقيا ً وتعامديا ً إلى اللانهاية 0
(( امتد 000 ولم يكن يعلم أنه يتراءى في ذوبان الدمعة الوحيدة )) هذا الذي يعلم الهياكل انتظار أجسادها 000 حيث الشفاه تلعق غبار مولدها المتوالي 000
(( رماحٌ من الأحرف تكدست في مدائن الظهور
العظام مقاعد الخيال 000
من يسمع صوت لعق الديدان 00
لدموع الموتى ))
(( يخرج من ملالة المجيء 000
ليدخل في ملالة الذهاب
يمتطي تثاؤب الغبار ))
هذا الأسلوب من الكتابة عن الموت 000 عن الضدية في الحياة 000 عن العمق الأكثر تجذرا ً فينا 000 همنا الأزلي 00 الذي نتناساه 000 لكننا لن ننساه 00 لم نعتده في كتاباتنا العربية 000 الكتابة التي تدخلنا 000 وتدخل معنا إلى البعد الآخر 000 البعد النفسي الذي ينهشنا من الداخل 000 يحرض إشكالياتنا علينا 000 يهزنا بعنف 000 ليضعنا أمام حقيقة وجودنا 00 لم نعتده 0 هل الشعر خلق فقط ليصف لنا الأشجار والأنهار والورود الجميلة 000 والفتيات الحسناوات 000 ومفاتنهن ؟ أ م أنه ممكن أن يقلب الصورة ليرينا أي رعب نعيش 00 ويتركنا وجها ً لوجه ٍ أمام عظام الأجساد 000 والنهم الدودي للجماجم ؟ 00 هذا هو العالم الآخر الذي وضعنا وبكل العنفوان والرعب والجبروت واقفين عرايا بلا حول ٍ أمامه الشاعر 000 (( خالد آغا القلعة )) أن تقف أمام الورود لتفرح وتبتسم فتلك حقيقة بديهية وأن تقف أمام الموت لتهزأ فتلك أم الحقائق 000
ومن هنا تكمن الصعوبة ليس فقط في مواجهة هذه الإشكالية المتجذرة في العمق 000 بل الكتابة عنها لأنها كتابة من نوع آخر 00 كتابة تكون فيها مواجها ً للحروف التي لم تعتدها 00 الحروف المشارط 00 التي تجرح جسدك وتستفزك 00 تضعك عاريا ً أمام حقائق جديدة 00 وصور ٍ غير مألوفة 00 وإبداع شعري يد خل فيه الخيال عمق الفلسفة 00 والصور تمتطي تثاؤبها 00 والغبار 00 يشكل الدم 00 للحظة الخلق الأولى 00 والإرهاصات النفسية رماح ٌ من أحرف فتحتار أتدخل إلى عوالم النفس في النص ؟ أم عوالم الرؤى ؟ أم إشكالية الكتابة ؟ أتصور أننت ندخل الجميع معا ً 00 لأن الجمال والقبح الذي يصوره الشاعر 000 وقذفت به الحياة بوجوهنا 000 هما شكلان لعملة ٍ واحدة ٍ أما إذا كنا ل/ نتطرق بعد لجماليات القبح فتلك هي عقدتنا التي نهرب منها دائما ً 00 في نصوصنا الإبداعية 00 0
لذا يضعنا الشاعر في مواجهتها تماما ً 000 ويقول لنا ليست الحياة دائما ً 000 بسمة ووردة ورسائل غرام 0
لذا فهو يتفرد بديوان شعر ٍ من نوع ٍ آ خر 000 يحاكي عوالم صميمية تخصنا جميعا ً 000 بلغة شعرية فيها الكثير من التصادمية , التي تقض قض هواجسنا وتشلحنا إلى النهايات الأكثر بؤساً 00 علنا نعرف كيف نبدأ الحياة مع الجمال 00 لأن " الشعر أصعب الفنون " كما يقول : الشاعر: بول فاليري 000 فهنا اللغة فضاءاتها لا متناهية , فلا يقيدها سوى الحرية المطلقة للفكرة المجنحة 000 وهاكم مثال ذلك , من قصيدة " الزائر الكريم "
- الجدران المرتفعة نحو الأرض
والنوم اللين كالأعناق الملوية
كاد يعض 00 حنجرة الحزن المثقوبة 00
والطين المجروف من الطرقات الممتدة 00
عبر العتمة صار رمادا ً محروقا ً بالظلمة 00
كوجه سواقي النور المنطفئة 00
بريح الصمت النازف في الأفواه 00
في الريح المعصورة من الآهات 00
دم ُ أنقى من روح الصفعات 00
( يا زائري الكريم 000 أعطني عينيك كي أمشي على وجهي )
- ان فرح المجد يمشي على عكازات الشعور أمسكني التاريخ مرة ً عند حوافي الدموع وأخذ يصرخ : ليس ثمة منقذ
فلنهاجره من داخلنا الخارجي 00
تعالي سيدة الأنياب الحادة 00
أيتها الأسئلة 000 إن لحمي طري جدا ً
فلقد تربى على موائد الاستفهام الأبدي
شهية السؤال 0000 لا تعادل أبدا ً شهية الجواب
- لنبدأ العروج 00 على دماء الريح المغسولة بدموعي 00
الزمن فـمٌ مرسوم ٌ على الجدار 00
وإن الجدار قائم ٌ في الداخل
الداخل هو الكون
وإنا صاعدون إليه 00
( يا زائري الكريم 000 لماذا فتحت فمي )
" تتساقط الدهشة فيهم كالثلج "
الموت – إشكاليتنا الكبرى 00 الحياة سرنا اللحظي 000 الديمومة سر البقاء الفاني 00 لحظة سيتحول العالم إلى خراب 000 وتبقى الكلمات والأحاسيس معلقة على صدر الفراغ الأبدي 0
- لقد دأبت الديانات البدائية , وما بعدها لتحديد دائرة ٍ تحيط بنا 00 من حيث تفكيرنا 00 همومنا 00 أحاسيسنا 00 حتى لون دموعنا 000 وسلمنا بهذه الدائرة 000 وصار ينبغي تحطيم هذه الدوائر وينبغي ولادات جديدة 00 ويجب الإشارة إلى هذا التحطيم مما يسمح بإعادة ترتيب الكون الفكري 00
وهذا ما نشتم رائحته في الديوان المذكور 0
* ملاحظة : مدائح الموت – شعر خالد آغا القلعة – الناشر دار الحوار – 1993 – والغريب إن ثلاث أخوة للشاعر توفوا خلال ستة اشهر بعد صدور هذا العمل – وله مجموعة كتب صادرة عن دار كنعان للنشر [ آخرها – السيرة المفتوحة للنصوص المغلقة ] وهي في علم النفس والحرية وتكتاتورية العقائد 0



#عايد_سعيد_السراج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحاديث السجون - 1 -
- ?هل الخطيئة امرأة أم رجل
- هل الجهل و اللا موضوعية سمة عربية ؟
- في رثاء سمير قصير


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عايد سعيد السراج - مدائح الموت