أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جهاد صالح - جمانة حداد ليليت المتمردة على قوانين الوجود والحياة















المزيد.....

جمانة حداد ليليت المتمردة على قوانين الوجود والحياة


جهاد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 1499 - 2006 / 3 / 24 - 10:00
المحور: الادب والفن
    


في عودة ليليت تعود جمانة حداد الكاتبة اللبنانية كضوء فجر يعود من رحلة في غياهب الظلمة…تبحث عن كينونة المرأة الأنثى بكل عوالمها الفتانة ومجونها الساحر في لغة نرجسية…عذبة…سلسة…إنسيابية وكأنه شلال مياه عذبة يخترق إخدود الحياة بأفراحه وأحزانه…يمشي ويسير حنوناً…رومنسياً…ليسطر في ذاكرتنا…ذاكرة التاريخ وثقافتنا المصلوبة بوحشية في كل لحظة تحت نعال الزمن الغادر وآمية المتحكمين بآجراس مجتمعاتنا المقبورة في قواميس السياسيين الذين إغتالوا حرية التعبير وذبحوا عصفور الحرية الأبيض تحت سطوة الإستبداد وقربانا" لأجل الدكتاتورية العفنة..
تحاكينا جمانة في جرأة إمرأة تخلق كل شيئ (الجمال…الزمن …الجنس…الشهوة…الوميض…التحرر…الحرية…الأمل…الفرح…الحزن مع البداية…)

فترفض سجون الكون وتتمرد على نظام السماء الغامض والمجرد من الحقيقة… تخبرنا الحكاية…حكاية ليليت التي سكنت وإستوطنت كنجم ناري هبط من الفضاء وإستقر في أعماق شاعرتنا الجميلة في كل كلماتها وآحرفها وسطورها الوردية وكأنها الكتابة الأولى والأزلية فهي الخليقة والوجود والحقيقة ما بعد الحقيقة. إنهاإمرأة نادرة الوجود >

بعودة جمانة مع ليليت.. عادت معها مفاهيم التاريخ الماضي الذي أغبّر بتراب الإسطورة والملحمة وحكايا الذين صنعوا التاريخ… فجاءت لتصنع الحرية في عيون الأمل, غير راضخة لملائكة الله في وجع إنثوي…هو أن المرأة خُلقتْ بآجنحة الفراشات لتحلق مع المدى وفي أحضان الشمس, لا شيئ يثنيها أن تتراجع… فحلّقت بكلماتها وسطورها وأفكارها الحزينة والمتفائلة معاً..حلقّت كفراشة ناعمة ولكن بأجنحة ملّونة تحمل على جبناتها كل ما تحلم بها المرأة دون حدود.. فنجحت وأبدعت وتذوقنا نكهة الحرية وآلم الأنثى مع خلق الوجود حينما تمردت ليليت.. حواء على مملكة الله وآدم الرجل وسطوة العبودية الآولى.. >
لقد استطاعت جمانة ان تعود الى الوراء ... الماضي بكل احزانه ونشوته فتقمصت عدة نساء في جسد واحد وقلب واحد فجاءت الينا "عشتار و أرتيميس والرياح السومرية و دليلة و سالومي و نفرتيتي و بلقيس و هيلانة طروادة و مريم المجدلية ...

إن السطور تخفي تحت ورق الكلمات و شعاع الحروف ملحمة لإمرأة تعشق الحرية من النخاع و أصيبت بنشوة الخمر و النبيذ لإرتشافها من كؤوس الأسطورة حينما ولد التاريخ و الكينونة ... هي لم ترضى أن تكون ظلمة أو سواد ... لكن أرادت للأنثى أن تكون العتمة الانثى لا الأنثى الضوء فهي إكتمال الأنوثة الناقصة ... تصنع من العتمة و السواد نوراً الاهيا" لكل إمرأة تريد أن تكون ... إنها كما قالت <<صولجان المعرفة و خاتم الحب و الحرية >>.. لقد حملت ليليت في حقائبها أكثر أشياء ممتعة فجاءت تحمل إلينا قصة لزمن مضى وولدت ليليت من جديد في عصور العولمة فمزجت ما بين القديم و الحديث ... ما بين قوة المرأة و عبوديتها و ما بين صناعة المراة للتاريخ و الحداثة ... جاءت كحصان طروادة المعتق بغبار الزمن و التاريخ لتدك ليليت حصون العبودية و سطوة الجلادين و إغتراب النساء عن حياكة نسيج الحياة ... لتخرجها بكلماتها من كهوف العناكب و سجون الزوجية و المطبخ و تربية الأولاد ... فكتبت من خلال <<عودة ليليت >> الحكاية و القصيدة والأسطورة و الملحمة الخالدة و أدخلتنا في جواً مسرحي فتقمصنا معها أدوارنا ,كل على مسرح الحياة ... فخلقنا معها بعيدا" في فضاءاتها السحرية و كأننا نصنع الوجود و ندون التاريخ و نرتشف من زهور الانثى دون حدود ... لقد ظهرت جمانة <<ليليت >> أيضاً سطوة دينية فقرعت اجراس الكنائس قبل عهد يسوع المسيح عليه السلام وادخلتنا في طقوس صلاتية وكانها احدى الملائكة او الهة من الهات الازمان الغابرة <<لا اخاف ابليس لان ابليس يحلمني ...سوف ارقص فوق رماد هيرودوس الاحمر .. سوف اشرب النبيذ من يد الأبكار ..قلبي يناديك؟
تعال يا يوحنا ... انا القلادة المخطوبة لعنقك المقطوع ... تعال عمدني بالشمس التي لوّحتك من اجلك وحدك انا عدت ... انا ليليت الهة الليلين العائدة من منفاها..انا ليليت العائدة من منفاها ... انا ليليت شيطانة الخلوات ... ليليت >>

والاجمل ما في ليليت ان جمانة كسرت جميع المرايا وازالت ورقة التوت عن جسد الانثى بكل مفاتنه وشهواته واطلقت حمامات الحياء والخجل في ربيع الحياة
فاعطت وصفا" سرمديا" لجسد المراة عكست ما تحمله في اعماقها من نرجسية نرسيس لتتحول لاجل وجود الانثى وسطوتها على عقول الرجال لنرجسة تنمو بسرعة في بحيرات الزمن ولتصبح الحياة شهية لاجل الوجود ...وجود الانثى <<ليلت >>بجسدها الفتان الذي يحرق القلوب << انا ليليت المراة الغابة ...القح جميع انحائي لاصع الحكاية...اجمع الاصوات في رحمي ليكتمل عدد العبيد...
ضفائري طويلة من اجل الشتاء وحقائبي غير مسقوفة.. لا يرويني شئ ولا يشبعني شئ واعود لاكون لبوءة الضائعين في الارض>> <<طويلة ضفائري ..بعيدة وطويلة كابتسامة تضيع في المطر..
كغيبوبة لذّة بعد التحقق ...رعشاتي ندوب ظلالٍ حيناً ودوماً بروق سكَّين >>
<<حارسة البئًر أنا و ملتقى الأضداد. القبلات على جسدي ندوب الذين حاولوا ... من ناي الفخدين يطلع غنائي ومن غنائي تذهب اللعنة مياهاً في الأرض .) <<جئت كي أوقظ الدغل وبحارة الدغل... أتى على ينابيعكم لأندلع ...انا نجمة بنات اوى رذاذ عشتار ..اسطع من دموع التبدد ..كثيرة ووحيدة لتناموا معي صحبتي الجموح والهزائم... لا أرض لينابيعي ولا رسوّ يتحمّل جنوحي>>...

جاءت جمانة حاملة في عيونها دموع ليليت التي لم تمت فهي الخلود... دموع على نساء تاهوا الطريق ... حاملة في أعماقها وجع الأنثى و آهات لا تسمع... جاءت لتحطم سلاسل الحديد و أقفاص الحريم الملكي ولتعلن للوجود... لله... للحياة... للزمن... لعالم الرجال والذكورة أنني هنا فهي كل شيء والمستحيل والإبداع و حقول القمح الذهبية ... الجوع و الخبز ... وجعلتنا نقرأها رغم شكواها و كأنها تدعونا لأن نغترف ونتقمصها من خلال القراءة << أنا ليليت قدر العارفين ... الدفاقة الشقية المعلومة ... الخفية ... كتبتني الكتب ولم تقرأوني هذي رؤاي ... على صهوة اليوم السابع ... أنا اللبوءة المغوية أعود لأهتك الأسرى و أملك الارض... أعود لأصحح ضلوع آدم و أحرّر الرجال من حوّاءاتهم >>

لكن في نهاية المطاف و بعد الرحلة الأسطورية التي حلقت بها جمانة مع ليليت ولتتحول لملحمة عشق وألم لضياع ليليت و كأن كل النساء في غياهب النسيان تعود ليليت من جديد فالشاعرة هي التي أحيتها ونفخت في جسد وروح ليليت الحياة و كل نساء الأرض و لتدعونا أنهاالنسيان واللانسيان وانها تظل موجودة لا تموت فهي أخلدت ليليت وأخلدت القصيدة والحكاية و الرواية والنص والدراما و لتبقى في ذاكرتنا جمانة حداد إمرأة فوق العادة ... فراشة بألوان قوس قزح لا تخاف أعاصير الشتاء ورذاذ المطر ... لا تعرف الموت لأنها تصنع نفسها من النسيان ... قد تنام و لكن ستستيقظ لتنتقم من كل شيء من آدم ومن الوجود فهي خلقت لتكون حرّة وتصنع الحرية لأن الرحلة لا تنتهي فهي البداية و كل النساء هن ليليت و منها يأتي الرجال ... هنا نشعر بالحزن مع الكتابة فالكلمات تبكي و الزمن فتح عيناه و سيول من الدموع تبلل الأوراق والكلمات فنبكي مع جمانة ليليت المنسية والعائدة ونبكي حال الإناث في مجتمعاتنا الشرقية وغبار السطوة الذي يلفح حياتهم و لكن تعود من جديد تحمل في قلبها الأمل والتفاؤول وشهوة الإنتظارليوم جديد وعودة جديدة مع ليليت ولكن بأجنحة الحرية المنشودة ونساء يصنعن الحياة فهن الوجود ورمز الحياة واستمرارية الفرح و الحزن و الأمل و المستقبل وفصول السنة القادمة <<أحد الأيام سوف أستيقظ و قد نسيت أنني هو ... أعرف أن الرحلة ليست السر بل السر البداية وأني كي أنتهي بدأت وأني لم انه ما بداته وان الرحلة هي البداية واني سأرحل لأبدا وأن المرأة هي ليليت وأنها قريباً سوف تعود كي يرزق منها جميع الرجال بنتاً يسمونها ليليت وكي ترزق إبنة الرجال بنتاً تسميها ليليت ...
في أحد الأيام سوق أستيقظ و قد نسيت أني الإله ال هو سوف أجل في أحد الأيام سوف مظفرة >>
وتعود ليليت و ستعود ذات يوم ... هذه كانت جمانة حداد الفراشة الحياتية التي تظل تطير في وهج الحياة بأجنحة ملونة لا تخاف برد الشتاء و إحتراقات الشمس و ظلم الليل و كبرياء النهار ... تظل محلقة في فضاءات النفس البشرية لتعود لنا بكل جديد وفي كل رحلة طيران هي البداية والنهاية ... هي الموت والولادة...
إنها البحر بمده و جزره و جماله الأزرق والمخيف وهدوء النفس وسكون الكلمات ... فلنفتح الأشرعة فالرحلة لا تنتهي مع أحلام أماني جمانة حداد التي تسطر التاريخ و الذاكرة بكتاباتها برومانسية الأنثى و لكنها تظل قوية ... قوية ... تنساب إلى أعماقنا كشعاع شمس صباحي فننعم بشهوة الحرية و إستيقاظ الأوطان وصناعة الحياة مع إيقاعات أناملها و موسيقا أفكارها و لتعود جمانة من جديد و يحلو الأنتظار لأجل الحياة و دفء الحرية و ذاكرة إمرأة هي البداية و النهاية و خلود الأنثى هي <<ليليت التي لا ترحل .>>




#جهاد_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشاركة المراة في العملية السياسية ودورها في صناعة القرار
- حوار مع الشاعر إبراهيم اليوسف
- إبراهيم اليوسف رسول الكلمة الحرة ......الجريئة


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جهاد صالح - جمانة حداد ليليت المتمردة على قوانين الوجود والحياة